ندوة «الحرية والأدب» ضمن فعاليات مهرجان القاهرة الأدبي الثاني: صنع الله إبراهيم ومايكل مارش… الأدب والسُلطة في صراع لن ينتهي
[wpcc-script type=”3f3406569850e8ac15015543-text/javascript”]
القاهرة ـ «القدس العربي»: ضمن فعاليات مهرجان القاهرة الأدبي في دورته الثانية، أقيمت ندوة تحت عنوان «الحرية والأدب» في مكتبة القاهرة في الزمالك، وكان ضيفاها كلا من الروائي المصري صنع الله إبراهيم، والشاعر الأمريكي مايكل مارش. أدار الندوة محمد البعلي منسق المهرجان، وشارك فيها الشاعر محمد متولي، مُترجم بعض أعمال مارش إلى العربية. قرأ مارش مقاطع من ديوانه «طريق العودة»، واقترح صنع الله إبراهيم أن تكون الندوة عبارة عن حوار مع الحضور. وسنوجز أهم النقاط التي أثيرت ودار النقاش حولها.
الوعي وروح النص
في ما يخص الترجمة، وكيفية نقل نص إلى لغة أخرى ــ وهو تساؤل يتجدد دوماً ــ أجاب محمد متولي أنه يبحث عن روح النص، وله أن يخلق نصاً موازياً للنص الأصلي في اللغة الجديدة المنقول إليها، ويزداد الأمر صعوبة في حالة ترجمة الشعر، لأنه ــ حسب قوله ــ يريد أن يُنطق القصيدة المُترجَمة لتحيا في اللغة العربية. وأشار صنع الله إبراهيم إلى أن العملية تحاول أن تجعل النص مفهوماً في اللغة الجديدة، وأن يكون هناك تآلف قدر الإمكان ما بين دلالات النص في لغته الأصلية واللغة المنقول إليها، واستشهد إبراهيم بتجربته في الترجمة، من خلال كتاب «التجربة الأنثوية» ــ بعض النصوص النثرية المُختارة ــ وأنه عندما عاد إلى الكتاب بعد ثلاثين عاما، وهو بشأن إصدار طبعة جديدة، وجد العديد من الأخطاء في الترجمة التي قام بها، وبالفعل قام بتعديلها، وقد اختلفت التجربة والوعي، وبالتالي تم اكتشاف الأخطاء.
الأدب والسلطة
وعن مدى الحرية التي يتمتع بها الكاتب، واختلافها من وقت لآخر يرى صنع الله إبراهيم، متفقاً مع مايكل مارش، أنه لا توجد حرية مطلقة، هذا بداية، حتى الغرب له آلياته في الحد من حرية الكاتب، فهناك التعتيم، وعدم الالتفات المقصود، وبالتالي عدم تحويل الكاتب إلى بطل في نظر البعض، واستشهد إبراهيم بكتاب صدر حديثاً في الولايات المتحدة، وهو يوثق بالأدلة مدى تورّط جهاز المخابرات الأمريكية في أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، إلا أن الأمر يزداد فداحة في العالم العربي، ومصر خاصة، رغم ما يموج به المشهد الثقافي من كثرة الإصدارات، وأن الصورة تبدو في الحرية المُتاحة للقول والكتابة. وأشار مايكل مارش بدوره إلى حدود هذه الحرية في الغرب، قائلاً: «السيّد يُحدد المعنى»، أياً كان شكل هذا السيّد، فالرقابة أصبحت لا تمثلها السلطة السياسية كطرف مضاد في الحد منها، ولكن آليات سوق النشر والناشر، وقبلها الرقابة الذاتية للكاتب نفسه، فالرقابة تخضع لما يمكن أن يُسمى بالنشاط الاقتصادي. وهنا ينبغي الإشارة إلى تطور المجتمعات من قمعية ديكتاتورية كما في عالم العرب، وديمقراطية كما في الغرب. وفي كل من النظامين توجد حدود، فالحرية وأشكال السلطة في صراع مستمر لم ولن ينتهي. وبالنسبة لتجربة صنع الله إبراهيم، يرى مارش أنها تعتمد على الكاتب نفسه في المقام الأول، على شجاعته في الاختيار، ثم الخبرة والوعي.
الظرف السياسي والاجتماعي
وبسؤال إبراهيم عن كيفية الإفلات من الرقابة، أجاب بأن الظرف السياسي كان له دور كبير، فبعد تولي مبارك السُلطة، ومحاولته تغيير المناخ القائم وقت السادات، كان هناك هامش من الحرية، الذي انتهى بعدما استتب له الأمر. ومن ناحية أخرى هناك اللجوء إلى بيروت ومطابعها، للهرب من الرقابة في مصر. وأخيراً يرى إبراهيم أنه ــ حسب تجربته الخاصة ــ بعد ترجمة أعماله إلى العديد من اللغات، وإجراء بعض الحوارات في صحف عربية وأجنبية، منحه هذا ــ منح أعماله ــ بعض الأمان بعدم اقتراب السلطة السياسية منها وتجنبه بالتبعية، والأهم هم عدم اهتمام السلطة بما يُكتب في العموم، فالأمر يقتصر على عدد محدود من القرّاء، والسلطة لا تريد أبطالاً يُشاركونها الظهور على المسرح. وتطرق إبراهيم للمناخ الخانق في اللحظة الراهنة، كسجن الكتاب وأصحاب الرأي، وأرجع ذلك ليس للسلطة وحدها ولكن للمجتمع وعدم قدرته على احتمال أفكار مختلفة عما عهده. فالكارثة تنتج عن المجتمع الذي يخلق سلطة على شاكلته.
محمد عبد الرحيم