زيارة «أدونيس» للقاهرة… ملاحقة الأدباء في ساحات القضاء ورحيل عبد الرحمن الأبنودي… جمال الغيطاني… وإدوار الخراط

القاهرة ـ «القدس العربي»: أيام وينقضي عام 2015، وقد حمل معه العديد من الأحداث الثقافية، من أعمال أدبية لاقت من الانتشار ما لاقت، إضافة إلى العديد من الأسماء والندوات الاحتفائية للشخصيات الثقافية المؤثرة في الثقافة المصرية والعربية، كذلك رحيل العديد من الشخصيات الأدبية التي تعتبر من أعمدة الثقافة في مصر والعالم العربي، كالشاعر عبد الرحمن الأبنودي، الكاتب والروائي جمال الغيطاني، الكاتب والناقد إدوار الخراط.

زيارة «أدونيس» للقاهرة… ملاحقة الأدباء في ساحات القضاء ورحيل عبد الرحمن الأبنودي… جمال الغيطاني… وإدوار الخراط

[wpcc-script type=”8c993b763b2b7a4ca1b3dc44-text/javascript”]

القاهرة ـ «القدس العربي»: أيام وينقضي عام 2015، وقد حمل معه العديد من الأحداث الثقافية، من أعمال أدبية لاقت من الانتشار ما لاقت، إضافة إلى العديد من الأسماء والندوات الاحتفائية للشخصيات الثقافية المؤثرة في الثقافة المصرية والعربية، كذلك رحيل العديد من الشخصيات الأدبية التي تعتبر من أعمدة الثقافة في مصر والعالم العربي، كالشاعر عبد الرحمن الأبنودي، الكاتب والروائي جمال الغيطاني، الكاتب والناقد إدوار الخراط.
إلا أن أكثر ما يلفت الاهتمام في هذا العام، هو العودة مرّة أخرى للتعرّض للأدباء وتهديدهم بالمثول أمام القضاء، في ظِل مناخ أمني بالأساس، وبالكلمات والتُهم المتواترة، التي أصبحت كالكليشيهات، التي لم تزل تعتبر الأدب وفق عبارات وقواعد قانونية ليست بذات معيار مُحدد. الأمر ينصرف أيضاً إلى بعض الكتابات الفكرية، التي حتى الآن يُنظر إليها من خلال أنها تهدد السِلم العام! سمة أخرى من سمات هذا العام وهي المفارقة بين الكم والكيف والتفاعل في الوسط الثقافي، والتساؤل عن جدوى دور وزارة الثقافة التي تهتم بصناعة الصخب أكثر من اهتمامها بصناعة الثقافة، ما أهل العديد من الجمعيات الثقافية الأهلية لأن تقوم بدور أكثر جدوى من وزارة ومؤسسة من مؤسسات الدولة الراسخة. بالفعل هناك بعض الوجوه القيادية الجديدة، إلا أن ذلك لم يمنع ظهور وجوه خرجت مرّة أخرى إلى النور، بعدما اختفت بقيام ثورة 25 يناير/كانون الثاني. وسنستعرض في لمحات سريعة بعضا من هذه الأحداث.

أدونيس ومواقفه

من أهم أحداث العام الندوة التي أقامها أدونيس، ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته السادسة والأربعين، التي أثارت الكثير من الجدل، كعادة أدونيس أينما حل. جاءت ندوة أدونيس من خلال محاور أربعة، أولها أن الإسلام «رسالة»، وأنه في حال تحوله إلى «دولة» فإنه سيتورط في دائرة لا تنتهي من العنف والدموية، وهي الدائرة التي ترتبط دائما بمفهوم «الدولة» أو «السلطة»، لتتحول «الرسالة» إلى «نظام قمعي» وتبتعد عن هدفها «الروحي والمعرفي»، الذي من المفترض أن تقوم به. أما المحور الثاني فيتلخص في إنشاء «جبهة علمانية» للمجتمع العربي، تقوم على إعادة قراءة كل ما هو «موروث»، مشدداً على أن تغيير المجتمع أكثر أهمية من تغيير السلطة أو النظام الحاكم، حيث يأتي تغيير السلطة ضمناً مع تغير المجتمع كمفهوم أكثر شمولية، يحتوي بداخله تغيير السلطة الحاكمة. وثالث هذه المحاور هو تحرير الثقافة العربية من حالتها «الوظيفية» إلى «الموضوعية»، وتحويلها إلى ثقافة «البحث والابتكار»، كي تقوم بدورها المُفتَرَض تجاه المجتمع الإنساني. وآخرها هو «الديمقراطية»، التي لا مفر منها ولا بديل عنها، فبدونها لن توجد الحرية ولا المساواة.

الأدب وساحات القضاء

«الاتهام ثابت على المتّهمين وكافٍ لتقديمهما إلى المحكمة الجنائية بسبب ما قام به المتهم، ونشره مادة كتابية نفث فيها شهوة فانية ولذة زائلة، وأجَّر عقله وقلمه لتوجّه خبيث حمل انتهاكاً لحرمة الآداب العامة وحسن الأخلاق والإغراء بالعهر خروجاً على عاطفة الحياء». هذا هو نص اتهام النيابة العامة للكاتب أحمد ناجي المحرر في جريدة «أخبار الأدب»، الذي نشر فصلاً من روايته «استخدام الحياة» في الجريدة نفسها، فتم تقديمه إلى المُحاكمة، وكذلك رئيس تحرير الجريدة. الأمر هنا لا يتعلق بمستوى العمل الأدبي، ولا يتعرّض له ناقد أو حتى متذوق للأدب، ولكن تتم قراءة العمل من خلال وجهة نظر قانونية، وهو أمر يتنافى تماماً وطبيعة مثل هذه الأعمال. عمل ناجي لن يكون الأخير، وهناك سوابق في هذا المجال، تعرّضت للأعمال الأدبية والفكرية، التي ترى الدولة ونظامها أنها قادرة على زعزعة الاستقرار والنظام العام.

مؤسسات الثقافة الأهلية والمعارض التشكيلية

تنوعت أنشطة المؤسسات الثقافية الخاصة ما بين العروض السينمائية والمسرحية، وإقامة الندوات الفكرية ومناقشة الكتب والأعمال الأدبية الجديدة، فلا يمر أسبوع إلا وتقام الفعاليات والأنشطة، بل يتزايد عدد الحضور من الجمهور العادي. وهي ظاهرة لافتة، توحي وتؤكد أن حركة تغيير تحدث في المجتمع، وإن كانت لم تزل تخطو خطواتها الأولى. هذا التزايد الكمّي والكيفي في الأنشطة الثقافية وتبعاتها لها بكل تأكيد ثمارها المرجوة، وهي وإن كانت بدون مقابل كحضور عروض الأفلام مثلاً وتنظيم معارض للكتب بأسعار مناسبة، أو بمقابل ما في مجالات التدريب على الكتابة الأدبية والصحافية وفنون المسرح والسينما، تضع مؤسسات الدولة الرسمية في مأزق، خاصة وزارة الثقافة، التي لم تزل تعمل بعقلية بعيدة تماماً عن وعي اللحظة الراهنة، اللهم إلا بعض الإصدارات والترجمات التي تقوم بها الهيئة العامة لقصور الثقافة، ولكن ما يتم إنتاجه مقارنة بإمكانات هيئة قصور الثقافة لا يفي بالغرض، ورغم تفاني الكثير من مسؤوليها ومحاربتهم لاتخاذ خطوات تصحيحية على الطريق السليم، إلا أن البيروقراطية المتأصلة تعرقل هذه الخطوات، وتبعدها عن أهدافها مسافات. فإحدى الدوريات على سبيل المثال يتأخر إصدارها بحجة عدم وجود ورق طباعة! الأمر لا يخص دور نشر خاصة صغيرة، بل فرعا مهما من مؤسسة مهمة اسمها (وزارة الثقافة). وفي ما يخص المعارض التشكيلية تبدو ظاهرة المعارض الجماعية في تزايد، وهي فرصة لاستعراض أعمال متنوعة ومتباينة للمدارس والأساليب الفنية المختلفة، كما أقيم العديد من المعارض التي جمعت بين جيل من الشباب وآخر من شيوخ الفن، إضافة إلى معارض استعادية لكبار فناني مصر.

مسرح الدولة

شهد هذا العام طفرة في مسرح الدولة، على مستوى الكم والكيف، وتم بالفعل تقديم العديد من الأعمال المسرحية التي لاقت نجاحاً وإقبالاً جماهيرياً على العروض المسرحية، وهو أمر يُحسب للقائمين على إدارة هذه الفرق، وإعطاء الفرصة لجيل جديد من شباب المسرحيين، بداية من الممثلين ووصولاً إلى المخرجين، وقد أثبت هؤلاء أن جمهور المسرح في مصر لم يزل على قيد الحياة، فقط تكمن المعادلة في احترام عقله، وما يُقدّم له من فن. ونذكر من هذه المسرحيات، التي يستمر تقديمها حتى الآن … «هنا أنتيجون»، «روح»، «رئيس جمهورية نفسي»، وغيرها من العروض. من ناحية أخرى نلمح استناد العديد من الفرق إلى النصوص المسرحية الأجنبية والعربية، وهي نصوص شهيرة يتم التعامل معها وإعادة إنتاجها مسرحياً، من خلال رؤية الجيل الجديد من شباب المسرحيين، لمناقشة أوضاع يمر بها المجتمع في لحظته الحالية، يأتي هذا من خلال اختيار النص وكيفية التعامل معه وفق هذه الرؤية، ومن هذه النصوص … «القرد كثيف الشعر»، «في انتظار جودو»، «روح»، «ليلة القتلة»، «حلم ليلة صيف»، «ماراصاد»، «بلا مَخرَج». وفي المسرح العربي جاءت نصوص «طقوس الإشارات والتحولات» لسعد الله ونوس، و«الدخان» لميخائيل رومان.

الجوائز

بالنسبة إلى جوائز الدولة لهذا العام، يمكن حصرها في التالي… جائزة النيل فى الفنون للفنانة سميحة أيوب، وفى الآداب لجمال الغيطانى، وفى العلوم الاجتماعية لحسن حنفي. أما عن جوائز الدولة التقديرية، ففاز بها في مجال الفنون كل من المخرج سعيد مرزوق وناجى شاكر أنطون وحسن شرارة، وفى مجال الآداب: فوزية مهران وحسن طلب وأحمد الشيخ، وفي العلوم الاجتماعية: فتحي أبو عيانة ومحمد سكران وسميح شعلان وعلي بركات. فيما فاز بجائزة الدولة في التفوق في مجال الفنون: حسين العزبي، والموسيقار هاني شنودة، وفي مجال الآداب: عبد الناصر شعبان، وجائزة العلوم الاجتماعية لمحبات محمود حافظ ومجدي عبد الحافظ. ومن ناحية أخرى، حصل الكاتب والروائي اللبناني حسن داود على جائزة نجيب محفوظ في دورتها العشرين، عن روايته «لا طريق إلى الجنة». كما فازت الكاتبة المصرية سعاد سليمان بجائزة الملك خوان كارلوس في المسابقة الدولية التي ترعاها مؤسسة «متحف الكلمة» في القصة القصيرة جداً.

محمد عبد الرحيم

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *