30 فنانا يعرضون أعمالهم في معرض «شتاء 2015» بأتيليه القاهرة: محاولات التجديد والسكون إلى التكرار
[wpcc-script type=”5b485f75382c98f08704d8b8-text/javascript”]
القاهرة ـ «القدس العربي»: يٌقام حالياً في أتيليه القاهرة معرض جماعي يضم أعمالاً لثلاثين فنانا تشكيليا مصريا. جاء المعرض تحت عنوان «شتاء 2015»، وجاءت الأعمال على تنوعها لتوحي بتباين كبير في المستوى، سواء تقنياً أو فكرياً. إضافة إلى تباين الأجيال والمدارس الفنية، وبالتالي الخبرات الجمالية.
ويبدو أن هذه المعارض المُجمّعة، التي تتواتر صيفاً وشتاءً أصبحت بمثابة حدث روتيني بالنسبة لفناني الأجيال القديمة نسبياً، فأعمالهم سبق أن عُرضت في العديد من المعارض الجماعية والخاصة طوال العام، أو لأعوام سابقة. ولكن دوماً ما يكون الجيل الجديد هو الذي يحاول عرض ما لديه من أفكار ورؤى تسعى إلى الابتكار، بينما السكون إلى التكرار كان سِمة الأسماء المعروفة، وكأن مثل هذه المعارض أصبحت لا تعنيهم إلى حدٍ كبير. فلماذا المشاركة إذن؟ فالأعمال لا الأسماء هي التي سيتشكل منها قيمة الحدث الفني. من ناحية أخرى يبدو أن بعض الأماكن الخاصة بالمعارض أصبحت تشبه نظام القطاع العام ــ بمعناه السيئ ــ من حيث كيفية العرض وعدم الاهتمام، والإضاءة السيئة، وكأن الحدث من قبيل تأدية الواجب. على النقيض من المعارض المُقامة في القاعات والغاليريهات الخاصة، التي يشترك فيها بعض الأسماء التي كبرت مع الزمن!. ونذكر اسماء بعض المشاركين، ومنهم، أحمد الصعيدي، عبد الفتاح العوضي، عقيلة رياض، ماجدة جبر، أسامة ناشد، ثريا حامد، داليا وفيق، عزة مصطفى، مرفت الغمري، السيد جادو، شريف عبد القادر، سامح صادق، طارق زايد، كرم سعد، لمياء المهدي وآخرون.
الأفكار والرؤى التشكيلية
أن تتجسد الفكرة في العمل الفني، وأن يستطيع الفنان أن يطوّع الخامة التي يعمل من خلالها، وبالتالي من أجل نقل هذه الرؤية إلى المتلقي، سواء اتفق أو اختلف معها، هي منتهى ما يطلبه الفنان في عمله. ولكن يبدو أن الاستسهال والتقليد كان السمة الغالبة على الأعمال، اللهم إلا القِلة منها، التي حاولت أن تخلص لعملية الفن والابتكار. أعمال تنوء تحت الرؤية الكلاسيكية، من حيث اللون والتصميم، وصولاً إلى معالجة الموضوع المُعاد بدوره في أعمال كثيرة أخرى. الأمر أشبه بتمرينات أكثر منها أعمالاً احترافية.
أعمال النحت والحفر
العديد من أعمال النحت والحفر تم استعراضها، ونتوقف أمام عدة أعمال لكل من الفنانين .. داليا وفيق، جيمي حشمت، السيد جادو، والأخير حاول بالفعل أن يخرج عن الأطر التقليدية في فن الحفر، وأن يُنتج عملاً تشكيلياً يوحي بموهبة ووعي كبيرين، من خلال تجسيده لحالات إنسانية حاول أن يجعل منها أيقونات، وقد جمع الفنان ما بين التكوين الشكلي القديم وحداثة الفكرة والأسلوب، وأن تصبح الخامة ــ الخشب في هذه الحالة ــ أحد أهم الوسائل التي لا تنفصم عن طبيعة موضوع العمل نفسه. من ناحية أخرى نجد أعمال الفنانة داليا توفيق، التي تنم عن حرفية كبيرة في التعامل مع مادة الخشب، وتطويعها في خلق زخارف وتكرارات تشكل الإيقاع العام للشكل الفني. أما جيمي حشمت فيحاول أن يخلق من الكتل الصمّاء ــ لا تحتوي أعماله النحتية على أي فراغات أو مساحات ــ شكلاً يوحي بحالة الكائن المُتجسد، ما بين الخوف والسكينة مثلاً، وعلى المتلقي أن يؤول هذه الحالة وفق هواه، وحالته هو.
الطبيعة والحِس التأثيري
وتأتي أعمال الطبيعة الصامتة في عدة لوحات مُبتكرة، من حيث الرؤية والمنظور وزاوية النظر، كما في أعمال كل من الفنانين أسامة ناشد ومنى عبد الرحمن، وإن تميزت أعمال ناشد بلمحة تجريدية وتحوير في الشكل المتعارف عليه في الطبيعة، بينما انتهجت عبد الرحمن الأسلوب التأثيري عند معالجتها لإحدى لقطات مصر الإسلامية، في حرفية ظاهرة، جاعلة للمباني الأثرية في اللوحة اليد العليا، والسيطرة الكاملة على أرواح وسلوك المخاليق، الذين يبدون في اللوحة كلطشات لونية، حيث تكاد تختفي أجسادهم وهم بين هذه المباني الطقسية بالأساس.
المرأة وعالمها
ما بين استلهام روح المرأة ومحاولات تجسيدها جاءت أعمال الفنانين ماجدة جبر، عزة مصطفى وشريف عبد القادر. وكل من الفنانتين جسدتا المرأة في حالتين مختلفتين، الحزن كما في عمل ماجدة جبر، والبهجة عند عزة مصطفى. حاولت جبر أن تطالعنا بامرأة تحمل وجه المهرّج، ملامح مُتأسية، رغم الماكياج الصارخ الذي يرسم ابتسامتها، وهو رمز شائع أصبح يمثله وجه (البلياتشو) وجه ضاحك وحزن مُقيم. بينما عزة مصطفى تجسد المرأة وهي في ملابس ذات ألوان مُبهجة ومُبتسمة وتعزف الموسيقى، وإن كانت وضعت لمحة ساخرة بأن جعلتها ترتدي (طربوشاً) للعودة بها إلى زمن التخت الشرقي، وهو ما يتناقض مع ملابسها التي على الموضة، وآلة الجيتار الحديثة إلى حدٍ ما. ربما ــ وهذا على سبيل التأويل ــ أن تصبح ملابسها الحديثة في تناقض مع عقلها الراسخة فيه أفكار وتقاليد قديمة، وربما يريدها الآخرون كذلك، وربما لم تقصد الفنانة سوى الحِس الساخر، لا أكثر ولا أقل. ورغم حالة التجسيد في كل من التجربتين، إلا أن عمل الفنان شريف عبد القادر جاء أكثر تعبيراً وإثارة للدهشة، حيث أصبح الجسد الأنثوي يتمثل في مقاعد مكان خالٍ، ومزدحم بالعديد من المقاعد البديلة عن التجسيد، سواء الأنثوي أو الذكوري. لتصبح حالة تجسيد المؤنث هذه تحتل صدارة اللوحة، إضافة إلى إشغالها الحيز الأكبر منها، بينما المقاعد المتداخلة توحي بمعركة مُشتعلة لن تهدأ. وهي فكرة في غاية الابتكار، وتوحي بوعي شديد في معالجة الموضوع.
محمد عبد الرحيم