ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الـ 37: ندوة حول الإنتاج المشترك… السينما الفلسطينية نموذجاً

القاهرة ـ «القدس العربي»: لم تزل فكرة الإنتاج المُشترك في السينما العربية يطولها الكثير من الشكوك، ودائماً ما يُنظر إليها بعين الريبة، للشروط المسبقة التي سيتم فرضها على صانع الفيلم، وبالتالي سيمتثل لبعض الأفكار أو المقولات التي يُراد ترويجها. هذا في حال الدول العربية والتجارب السينمائية التي تحاول أن تجد لنفسها مكاناً أمام مَد السينما التجارية من جهة، أو التعثرات الإنتاجية بوجه عام. ولكن ما الموقف مع السينما الفلسطينية؟ بداية من طبيعة موضوعاتها ووضعيتها الشائكة، من خلال تقديم نماذج تمثل أفكاراً ومعتقدات وتوجهات سياسية لن يرضى عنها الجميع في الغالب، فتبدأ قائمة التُهم، ويتم تناول الفيلم السينمائي ومحاكمته سياسياً قبل كل شيء!

ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الـ 37: ندوة حول الإنتاج المشترك… السينما الفلسطينية نموذجاً

[wpcc-script type=”81333750c513395e951c856c-text/javascript”]

القاهرة ـ «القدس العربي»: لم تزل فكرة الإنتاج المُشترك في السينما العربية يطولها الكثير من الشكوك، ودائماً ما يُنظر إليها بعين الريبة، للشروط المسبقة التي سيتم فرضها على صانع الفيلم، وبالتالي سيمتثل لبعض الأفكار أو المقولات التي يُراد ترويجها. هذا في حال الدول العربية والتجارب السينمائية التي تحاول أن تجد لنفسها مكاناً أمام مَد السينما التجارية من جهة، أو التعثرات الإنتاجية بوجه عام. ولكن ما الموقف مع السينما الفلسطينية؟ بداية من طبيعة موضوعاتها ووضعيتها الشائكة، من خلال تقديم نماذج تمثل أفكاراً ومعتقدات وتوجهات سياسية لن يرضى عنها الجميع في الغالب، فتبدأ قائمة التُهم، ويتم تناول الفيلم السينمائي ومحاكمته سياسياً قبل كل شيء!
ومن خلال أنشطة وفعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي السابع والثلاثين، وضمن برنامج «آفاق السينما العربية» عُقدت ندوة تحت عنوان «الإنتاج المشترك/السينما الفلسطينية نموذجاً»، شارك فيها المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، المنتج المصري محمد حفظي والمشرف على مُلتقى القاهرة السينمائي، ونقيب السينمائيين المصريين مُسعد فودة، وأدارها كاتب السيناريو سيد فؤاد مدير مسابقة آفاق السينما العربية. ذلك في المجلس الأعلى للثقافة، في دار الأوبرا المصرية، كمحاولة لبحث هذه المسألة، من خلال وجهة نظر فلسطينية ومصرية.

عن طبيعة الإنتاج المُشترك ونتائجه

بدأ المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي الحديث، محاولاً تلخيص الأمر قدر الإمكان، بداية من حداثة السينما الفلسطينية، فهو يرى أن إنتاج الأفلام في الماضي كان يتم خارج فلسطين، إضافة إلى أن جهة الإنتاج كانت من خلال أحزاب سياسية، تتبنى رؤى مختلفة للقضية الفلسطينية، وبالتالي تفرض المقولات السياسية التي تسبق في الغالب الشكل السينمائي الفني، فالمحتوى مُسيّس بالأساس. من ناحية أخرى كان يتم التعامل مع السينما الفلسطينية بمعيار غير فني، نابع من التعاطف أو الوقوف ضد القضية وتبعاتها. وأضاف مشهراوي أن اغتراب أغلبية الفنانين الفلسطينيين، جعلهم يبحثون عن جهات إنتاج خارجية، ورغم الحرص على تقديم الشخصية الفلسطينية من خلال حياتها وعاداتها اليومية، من دون وجوب تقديمها كضحية أو تقديم تبريرات بأن الفلسطيني ليس إرهابياً، إلا أننا ــ حسب قول مشهراوي ــ وجدنا أنفسنا مجندين بشكل أوتوماتيكي لنقل القضية إلى العالم. كما أن فلسطين لم يكن لديها أي أجهزة إعلامية توصل صورة فلسطين وتحكي الحكايات الفلسطينية للعالم، وبالتالي السينما هي من حملت على عاتقها هذا الدور الإعلامي لتعرف العالم بعادات وتقاليد فلسطين وفنونه من خلال السينما. ويرى مشهراوي أن مميزات الإنتاج المشترك تتمثل في انتشار الفليم الفلسطيني في الدول والمهرجانات المختلفة، لضمان وجود موزع، كذلك الوصول إلى مهرجانات عالمية، وتحقيق الفوز بعدة جوائز مهمة. الأمر الآخر أن الإنتاج المشترك أتاح تدريب وإعداد كوادر سينمائية فلسطينية، ويستشهد في ذلك بأن أول أفلامه كان فيه 4 فلسطينيين وحوالي 20 أجنبياً من الفنيين، وتطور الأمر في الفيلم الثاني، بحيث اقتصر على 6 أجانب مقابل 20 فلسطينياً.
وبالنسبة لأفلام «عرب 48» فيرفضها مشهراوي، لأنها تُدعَم من إسرائيل، ففي هذا اعتراف بشرعيتهم، حتى لو تضامن ودافع الفيلم عن الفلسطينيين ــ الأمر أيضاً يدور حول الوقوف مع أو ضد القضية ــ إلا أن مشهراوي لا يتهم المخرج الفلسطيني الذي يحصل على تمويل من إسرائيل بالخيانة، لأن الموقف في النهاية يمثل وجهة نظره وقناعاته الشخصية، لكن مشهراوي ــ بغض النظر عن تقديم أفلام دعائية ومباشرة عن الواقع الفلسطيني تحت الاحتلال ــ لا يستطيع الهرب من تمثل هذا الواقع واستعراضه، في مسحة باحثة عن تعاطف، وبالتالي ففكرة الضحية هذه لم تزل تطارد السينما الفلسطينية، وهو أمر محتوم إلى حدٍ كبير، ونابع من لاوعي جمعي.
من ناحية أخرى نجد افتعالاً درامياً في حكايات العديد من الأفلام، لعرض القضية بشكل إعلامي أكثر منه فنياً، وليصبح اللعب هنا على كيفية تسويق الفيلم في الغرب، هذا في المقام الأول، أو إثارة الحجج المتباهية بالظروف الإنتاجية الصعبة، كصعوبة الحصول على تصاريح للتصوير أو ما شابه من الصعوبات التي تواجه الفيلم السينمائي. وهو ما يدخل في إطار الدعاية وخلق الأساطير والخوارق حول صُناع هذه الأفلام مُتباينة المستوى.

في سبيل الإنتاج المشترك

من جهته يفرّق المنتج المصري محمد حفظي ما بين الإنتاج المشترك الرسمي والمادي. فالأول يعني اتفاقية بين جهة رسمية في الدولة وجهة خارجية، مما يعطي الفيلم جنسية الدولتين، ويُعطي الفرصة الأكبر لتوزيعه كذلك، إضافة إلى حصوله على دعم عدد كبير من التلفزيونات الرسمية، وحكومات الدول المشاركة في الإنتاج، بخلاف الدعم المادي، من خلال مُشاركة مُنتج من أي دولة، ويقتصر ذلك على الميزانية العامة للفيلم. ولا ينسى حفظي في النهاية الترويج لأفلام، سواء شارك أو سيشارك في إنتاجها، نظراً للدور المهم الذي يلعبه في صناعة السينما، ويكفي أن اتفاقية إنتاج مشترك بين فرنسا ومصر، قام مشكوراً بتفعيلها، عند زيارته إلى المعهد القومي للسينما في باريس، حتى يستفيد منها في دعم فيلمه الجديد!

البحث عن إنتاج عربي ـ عربي مُشترك

وفي الختام أوضح نقيب السينمائيين مُسعد فودة أنه يرفض الاتهامات التي تطول كل صانع فيلم يحصل على دعم أجنبي، خاصة بالحجة القديمة والواهية نفسها بأن الفيلم ضد الدولة التي ينتمي إليها صانعه. ونادى بضرورة إطلاق مبادرة لإنتاج أفلام عربية ـ عربية، إلى جانب الأفلام العربية العالمية.
ولكن حلم النقيب مشروع وضروري بالفعل، إلا أن الإنتاج العربي/العربي، ومن خلال الدول العربية التي تمتلك رؤوس الأموال، تتباعد حضارياً وفكرياً مع العديد من فناني وأفكار الدول العربية الأخرى، فإما أن تدور هذه الأفكار والرؤى في إطار رؤية هذه الدول الداعمة، وإما ستظل تبحث وتتعاون مع فنانين مضمونة عواقب أفلامهم إلى حدٍ كبير. فلا فارق إذن بين إنتاج عربي ـ عربي أو عربي ـ أجنبي، وإن كانت الفرصة في الشكل الأول أكثر جدوى، نظراً للأموال الطائلة التي تتمتع بها الدول الداعمة، والتي للمفارقة لا توجد فيها صناعة سينما بالأساس.

محمد عبد الرحيم

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *