«روزنامة 4»… فنون بصرية من مصر تجسد خيال السرد البصري

القاهرة ـ «القدس العربي»: يُقام حالياً في القاهرة من خلال مؤسسة «مدرار» للفنون، و«مركز الصورة المعاصر» معرض بعنوان «فنون بصرية من مصر»، وهو ضمن إطار مسابقة للفنانين المعروضة أعمالهم، تحت اسم «روزنامة 4». تتنوع الأعمال الفنية ما بين التصوير، الفوتوغرافيا، أعمال الفيديو آرت، التصميم، الغرافيك، النحت، الخزف، الفنون الرقمية، والوسائط المتعددة.

«روزنامة 4»… فنون بصرية من مصر تجسد خيال السرد البصري

[wpcc-script type=”94076cdde65e3bc52d57f4ef-text/javascript”]

القاهرة ـ «القدس العربي»: يُقام حالياً في القاهرة من خلال مؤسسة «مدرار» للفنون، و«مركز الصورة المعاصر» معرض بعنوان «فنون بصرية من مصر»، وهو ضمن إطار مسابقة للفنانين المعروضة أعمالهم، تحت اسم «روزنامة 4». تتنوع الأعمال الفنية ما بين التصوير، الفوتوغرافيا، أعمال الفيديو آرت، التصميم، الغرافيك، النحت، الخزف، الفنون الرقمية، والوسائط المتعددة.
وبمشاركة ما يُقارب الـ27 فنانا من مختلفي الاتجاهات والمدارس الفنية، يرسم المعرض في مُجمله مشهداً صاخباً وجريئاً لما حاول الفنانون تقديمه من خلال أعمالهم، سواء من حيث الأفكار أو التقنية، والمادة المُستخدمة. ومن ناحية أخرى نجد الحِس السردي في معظم الأعمال، مما يُعد الطابع المميز للأعمال الفنية. هناك حالة من الحَكي، سواء عن شخصيات أو أماكن، وصولاً إلى الجمادات التي تحمل آثار الزمن، وآثار أصحابها في المقام الأول. هذا الملمح أيضاً يكشف عن الأساليب ما بعد الحداثية في الفن، حيث لا يقتصر الأمر على أداة أو خامة بعينها، إضافة إلى تداخل الفنون البصرية والنصوص الأدبية، إلى جانب الأداء التمثيلي، الموسيقى، والصوت البشري.
وسنحاول التعرّض إلى بعض هذه الأعمال التي تجمع بين الخيال السردي، والأفكار المُبتكَرة إلى حدٍ كبير.

منسيّات

وبواسطة الأشياء المُهمَلة، التي كانت في ما مضى تمثل حالة من وجود أصحابها، تتصدر هذه الأشياء المشهد، كما أراد لها الفنان إيهاب بحيري، الذي أطلق على عمله اسم «منسيّة». أشياء في غاية البساطة، وتوجد في معظم البيوت، تستدعيها لقطات فوتوغرافية، لتوحي للمُتلقي بحياة حافلة كانت، كما أن وجودها أصبح بديلاً عن أصحابها. هذه الحالة تولد العديد من التساؤلات عن حيوات الأشخاص وغيابهم، الذي يتأكد من خلال نسيانهم هذه الأشياء.
ورغم بساطة الفكرة، إلا أنها تمثل عمقاً سردياً ملحوظاً، الأمر يتعدى اللقطة الثابتة، فلهذه الأشياء أيضاً حيواتها وتفاصيلها، حتى لو أصبحت مهملة في ركن مُظلم، عاجزة أو أصابتها الشيخوخة والعجز. نتحدث عما توحي به اللقطات، ولعل هذا الأمر هو أهم ما يميز العمل الفني، الفعل هنا يتجاوز وهلة الحنين الأولى لأشياء كنا نستخدمها، لتصبح حالة من التماهي بين الشيء وصاحبه، فأي منهما تأنسن وأيهما أصابه التشيؤ؟

مقتنيات

سامية عبد الحميد 35 سنة، سبب الوفاة: انفجار في الرحم أثناء الولادة، نتيجة خطأ طبي. أول واحدة تحكي لي حكاية سنووايت/محمد سماحة 72 سنة، سبب الوفاة: فيروس سي. كان بيشتري لي عسليّة وشيكو بون كل يوم جمعة/نادية الفيران 53 سنة، سبب الوفاة: سرطان في الغدد الليمفاوية. كنت بعرف إنها صحيت من صوت شخللة الغوايش في إيدها/محمود حمودة 87 سنة، سبب الوفاة: فشل كلوي. وشّه كان جَد قوي، بس لما كان بيشوفنا كان بينوّر، كان بيضحك بعينه».
هؤلاء هم أبطال الحكايات التي تسردها لقطات الفنانة آية السيد، التي جاءت تحت عنوان «مقتنيات». الذي يُعد مُبتكراً ورومانتيكياً إلى حدٍ بعيد، فعبر أشياء تخص أشخاصاً عرفتهم، تجمع هذه الأشياء أو المقتنيات وتقوم بالتقاط صور فوتوغرافية لها، مجرّد أشياء عادية خاصة جداً بالشخص، تمس تفاصيله اليومية، وتوحي بشخصيته وبيئته وفئته الاجتماعية، أشياء في غاية البساطة… «زجاجة عطر، جريدة، مسبحة، حذاء، ساعة يد، نظارات طبية، راديو قديم، خطابات، معجون وفرشاة أسنان، وحقيبة جلدية». وهنا تتعدى هذه المتعلقات الشخصية حيز وجودها، ليصبح صاحبها في أقصى مراحل التجريد له ولحياته، يبدو فقط في استعماله لهذه الأشياء، من الممكن اختصاره في أبسط الأشياء.
لم تكتف الفنانة بعرض الأشياء، بل أضافت أسفل كل صورة عبارة تدل على علاقتها وتأثير صاحب أو صاحبة الصورة عليها، لتضيف ملمحاً آخر عن سلوك وتصرفات مَن كان يمتلك هذه الأشياء في يوم ما. وحتى تصل الحالة لأقصى حدودها يتضح أن أصحاب هذه الأشياء هم أموات الآن بالفعل، وليس بالخيال، وأمامنا أجزاء من حياتهم التي اكتملت بالانتهاء، أصبحت تذكارات تؤكد وتخلد أصاحبها ولو للحظات. ليتم حكي سيرتهم من خلال خيال المتلقي، فكيف كانوا وكانت حياتهم، هنا يحاول المتلقي أن يقوم برسم حكاية كل شخصية وفق هواه، وربما جمعهم في مكان أو زمن، وتوقف معهم في لحظات سعادة أو ضجر، منهم مَن بكى وحيداً، وآخر توجّس وطلب من ربّه أن ينتهي اليوم بخير من شدة الضحكات، حتى هدأت أجسادهم في النهاية، من دون أن تكف أشياؤهم عن سرد الحكايات.

محمد عبد الرحيم

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *