العرض المسرحي «عَرَقي»… وباء السُلطة وضحاياها

القاهرة ـ «القدس العربي»:s0 أقيم على مسرح مركز الهناجر للفنون/قاعة هدى وصفي، في دار الأوبرا المصرية العرض المسرحي «عَرَقي»، المستوحى من سيناريو فيلم عرق البلح، الذي أخرجه رضوان الكاشف، وكتب السيناريو له بمشاركة الكاتب والمترجم الراحل سيد عبد الخالق.

العرض المسرحي «عَرَقي»… وباء السُلطة وضحاياها

[wpcc-script type=”7fb4d2f3f2275d119bc6a9fd-text/javascript”]

القاهرة ـ «القدس العربي»:s0 أقيم على مسرح مركز الهناجر للفنون/قاعة هدى وصفي، في دار الأوبرا المصرية العرض المسرحي «عَرَقي»، المستوحى من سيناريو فيلم عرق البلح، الذي أخرجه رضوان الكاشف، وكتب السيناريو له بمشاركة الكاتب والمترجم الراحل سيد عبد الخالق.
أعد العرض درامياً الكاتب ياسر بدوي، وأخرجه أحمد سيف. وأداه كل من … هبة سليمان، ندى ماهر، هاميس الجابري، خلود جلال، هند سهيل، عبد المنعم هشام، ومصطفى حسن. ملابس وماكياج هاميس الجابري، ديكور محمد عبد المنعم، ودعاء محمد، إضاءة محمد عبد المحسن، إعداد موسيقي سعد ممدوح. والعرض وإن كان استوحى الحالة العامة من الفيلم، إلا أنه ابتعد تماماً عن الخط الدرامي لسيناريو الفيلم، وناقش قضية تتعدى خطورتها وأهميتها ما جاء في الفيلم.
فأصحاب الفيلم وهم من جيل السبعينيات، وتلمّسوا التغيرات الاقتصادية وبالتبعية الاجتماعية التي غيّرت المجتمع المصري، ووصلت به حد التشويه. لكن الفيلم حاول خلق أسطورة واهية وبلاغة حوارية مُتكلفة، يُقارنها ويتفوق عليها مقال رصين في جريدة عن تبعات السبعينيات ومآل حال المسافرين خارج مصر سعياً للرزق، من دون كل هذا الصخب المُتكلف الذي جاء في الفيلم. النص المسرحي ناقش المسألة الأهم والأبقى، وهي تبعات السُلطة، وعدم الوقوف في وجهها، وبالتالي تدمير أرواح وأجساد مَن يستظلون بظلها.

الإله العاجز

قرية صغيرة فيها عدة نساء وشاب في عمر المراهقة، هجرها الرجال سعياً للرزق، والرجل الكبير (الجد) العاجز عن الحركة، هو المُتحكم في مصير الجميع، وينتظر أن يشفيه عرق البلح من هذا العجز، ويجعله يسير مرّة أخرى. يقرر العجوز تزويج المراهق من إحدى الفتيات، لكنه يهوى أخرى، وهي كذلك. لكن أوامر الجد لا ترد، وبالفعل يتزوج المراهق من الفتاة المرصودة له، لكنه يقيم علاقة مع الأخرى التي أحبها وأحبته.
هناك امرأة أخرى تنتظر زوجها الغائب، حتى أنها أصبحت تسير على صراط الجنون، تولول وتتغنى بموعد مجيء الغائب، وتضحك من دون مناسبة. تحدث الكارثة عندما تظهر ثمار العلاقة بين المراهق وحبيبته، وقد أصبحت حاملاً، وكأنها بحملها هذا تتحدى الجميع، ولا تخشى سُلطة الجد.

المؤامرة

يحاول الجد إنقاذ سُمعة ما يُسيطر عليه/مجتمع النسوة والشاب المراهق، ويكشف لزوجته تكرار فعلة قديمة، فالمهاجر زوج المهجورة التي قاربت على فقد عقلها، فعل الفعل نفسه بأن تزوجها وضاجع مَن يحبها، وكان لابد من التخلص منه، فأوهمه الجد بالرحيل خشية اكتشاف أمره، وأرسل زوجته/الجدة لقتل الشاب، وكذلك إجهاضها لثمرة حبه. هنا يتم الإيعاز للجدة بتكرار الفعلة، لتتحول زوجة المراهق الآن إلى مهجورة أخرى تنتظر عودة وهمية. كل هذا بهدف الحفاظ على سُلطة الرجل العاجز، يريد فقط ان يُنفذ أوامره الجميع، من دون رحمة، ومهما يقاسون، حتى مع التخلص من آخر رجل في القرية، لتصبح سُلطته فوق رقاب نسوة هاذيات، وجثث رجال حاولوا اختيار حبيباتهم.

العرض المسرحي

هذه الفكرة التي دار حولها العرض المسرحي نجت من فكرة الفيلم، وتخلصت تماماً من سيطرتها، نظراً لنجاح الفيلم، خاصة في أوساط المثقفين ومدّعي الثقافة. ومن الممكن تأويلها/فكرة العرض، وتقديمها في مناخات ثقافية أخرى تختلف عن مصر، لما تناقشة من موضوع لا يلتزم بمكان محدد، فقط ملامح بيئة الجنوب والتشابه في بعض الأعراف والتقاليد.
ولكن… رغم الديكور البسيط للبيت، وجلسة الجد رمز السُلطة، وإضاءة المكان واللعب في تحديد المشهد، مثل اللقطات، من خلال الضوء، وإن كان الإعداد الدرامي تخلص من سلبيات العمل السينمائي، إلا في العديد من العبارات التي تحمل قدراً من البلاغة لا يُحتمَل، نجد أن الإخراج المسرحي لم يكن على المستوى نفسه، فأداء الممثلين جاء كلاسيكياً بدرجة كبيرة، من مبالغة في الحركة والأداء الصوتي، خاصة الممثل الذي قام بدور الجد، مبالغة شديدة تثير الضحك، وهو ما يتنافى تماماً والحالة العامة للعرض المسرحي.
من ناحية أخرى جاء تنفيذ الموسيقى من خلال بعض العازفين، الذين يجلسون أسفل خشبة المسرح، فكرة جيدة عن الشريط الصوتي المُعد مُسبقاً، الموسيقى والآهات الإنشادية الحيّة، جعلت هناك حالة من حالات التفاعل والتماهي مع المُتلقي، كما أن الأمر يقترب من الحكاية الشعبية، التي كان يُلقيها عازف الربابة القديم، لكنه الآن ــ رغم ملابس العازفين المُنتمية لبيئة العرض/الجلباب والشال الصعيدي ــ يعزف من خلال العود والناي والدف. وهو توظيف مُبتَكَر لموسيقى العرض، وأكثر تأثيراً على المشاهد. فالتمهيد إلى العرض جاء من خلال موسيقى هؤلاء، كرسم حالة الحكاية والاقتراب أكثر من واقعها.

محمد عبد الرحيم

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *