مُصمم النُصب التذكاري للجندي المجهول وجداريات مترو الأنفاق: المصري سامي رافع… مزج التجريد الغربي بفن الخط العربي

القاهرة ـ «القدس العربي»: أن يصبح الفن علامة من علامات التفاعل مع حياة الناس، وأن يكون تجسيداً للجمال أو الحلم والوعي العام، فهو إذن سيظل فناً حيا، يعيش ويتعايش ويستمد حياته من تواصل الآخرين معه، خاصة إن كانوا ناسا عاديين، غير مرتادي المعارض الفنية القاصرة على الفنانين وأصحابهم، أو المهتمين فقط، هنا يصبح الفن جماهيرياً، وهو ما حققه الفنان (سامي رافع 1931) من خلال أعماله التي تطالعها عيون المصريين كل يوم، من خلال جدارياته في محطات مترو الأنفاق المختلفة، التي لا يعلم الكثيرون مَن هو صاحب هذه اللوحات، التي تعبّر عن روح المكان ومخلوقاته.

مُصمم النُصب التذكاري للجندي المجهول وجداريات مترو الأنفاق: المصري سامي رافع… مزج التجريد الغربي بفن الخط العربي

[wpcc-script type=”6d57477e6b0af2c595325755-text/javascript”]

القاهرة ـ «القدس العربي»: أن يصبح الفن علامة من علامات التفاعل مع حياة الناس، وأن يكون تجسيداً للجمال أو الحلم والوعي العام، فهو إذن سيظل فناً حيا، يعيش ويتعايش ويستمد حياته من تواصل الآخرين معه، خاصة إن كانوا ناسا عاديين، غير مرتادي المعارض الفنية القاصرة على الفنانين وأصحابهم، أو المهتمين فقط، هنا يصبح الفن جماهيرياً، وهو ما حققه الفنان (سامي رافع 1931) من خلال أعماله التي تطالعها عيون المصريين كل يوم، من خلال جدارياته في محطات مترو الأنفاق المختلفة، التي لا يعلم الكثيرون مَن هو صاحب هذه اللوحات، التي تعبّر عن روح المكان ومخلوقاته.
هناك أيضاً بجانب العديد من الأعمال، عمله الأشهر «النُصب التذكاري للجندي المجهول»، الذي أقيم تحية لشهداء الحرب، واستمد فكرته وتصميمه من خلال أقدم الأشكال الفنية وأعمقها في الوعي المصري، وهو الشكل الهرمي. وقد صدر عن الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة مؤخراً، ضمن سلسلة آفاق الفن التشكيلي، مؤلف بعنوان «الفنان سامي رافع والفن الجماهيري» لمها فاروق عبد الرحمن، تحاول من خلاله استعراض عالم سامي رافع، وإنجازاته الفنية، التي جعلت من الفن أحد أشكال الاحتفاء الحضاري والشعبي بالموروث والإنسان المصري.

الفنان سامي رافع

تبدأ المؤلفة باستعراض الأنشطة المختلفة لسامي رافع، فتذكر أنه مُصمم ومثال ورسام ومعماري، تنوعت أعماله بين الديكور المسرحي وتصميم طوابع البريد والعملات التذكارية، والمُلصقات الجدارية والشعارات، وصولاً إلى التصوير الزيتي والنحت وأفلام الرسوم المتحركة. وعبر هذا التنوع استطاع الفنان أن يجعل من الناس العاديين مشاركين في عمليات التلقي لهذه الأعمال، فهو من البداية يشعر بمسؤولية ما يقوم به، فلم تقتصر أعماله على المعارض التي يؤمها المتخصصون، بل هبط بها للشارع وجعلها ضمن المفردات البصرية للناس، وهو ما يُذكّر بالفنان المصري القديم، الذي وظف الفن وجعله حِساً عضوياً بالحياة.

النُصب التذكاري للجندي المجهول

يعتبر هذا العمل من أشهر ما قدّم سامي رافع، محاولاً تجسيد المفهوم الحضاري والجمالي، بما يرمز إليه. فهذا الشكل الهرمي يتضمن فكرة الصمود والصعود إلى الأعلى، حيث الانتصار والهمس في أذن السماء، وكما لمح (بيكار) أن كتلة الهرم تتعارض مع شفافية الرمز ورقّته، فجاء التصميم مُفرّغاً يتخلله الهواء والنور وأصداء الرحمات والصلوات. ويذكر رافع نفسه عن هذا العمل قائلاً .. «قمت بتصميم هذا النُصب بشكل فني يتخذ من الهرم ملامحه فقط، التي توحي بالخلود، وهنا حوّلته إلى تشكيل مُجنّح بمثابة لوحة تذكارية تتحدى الزمن، كُتب عليها أسماء رمزية لشهداء حرب 1973، هذه الكتابات جاءت بالخط الكوفي، كجزء من الفن الإسلامي الخالص».

جداريات مترو الأنفاق

تبلغ مساحة هذه الجداريات 3250 مترا مسطحا، وترمز لموضوعات مأخوذة من منابع تاريخية أو جغرافية تبعاً لكل مكان على حدة. هذه الأعمال التي تحولت إلى جزء من عناصر الحياة اليومية، فارتبطت بالجماهير لأنها تخاطبهم مباشرة. يذكر رافع .. «هل ينزل الفن إلى الناس؟ أم نرفع الناس إلى الفن ليصلوا إلى المرحلة التي يستطيعون معها التعامل والتواصل مع الفنون بشكل حضاري … وحاولت التوصل لإجابة مع نفسي، وتوفرت لي تحديداً عند تصميم رسوم محطات المترو، والصيغة التي توصلت إليها هي أن الفن التشكيلي للناس، وهو حل أظنني راضيا عنه تماماً».

الفنان بين التعبير والرمز

يعتمد رافع على الإيجاز في الشكل، وهي مرحلة توصل إليها بعد عدة مراحل طوال حياته الفنية، تنوعت أساليبه في معالجة الموضوعات، فمنذ الخمسينيات كان الحِس الشعبي هو المُسيطر، وبداية من الستينيات أصبح التجريد هو الأساس، دراسات وتركيبات لونية وتجارب تعتمد الإيحاء أكثر، كما في الديكورات المسرحية والأوبرالية على سبيل المثال، التي قام بتنفيذها… الناي السحري، حياة فنان، مكبث، بستان الكرز، ثم اتجه إلى أقصى أشكال التجريد، الذي تمثل في معالجته لفن الخط العربي، في حالة من التواصل بين رؤية الفنان والقيم الجمالية المحيطة به، من البيئة أو الموروث الشعبي، فمن رصانة التصميمات والأشكال الفرعونية، حتى مزج التجريد الغربي بفن الخط العربي، وأصوله الهندسية، ومحاولة إضفاء روح شعبية لعين المتلقي، وهو الذي يُشاهد ما يشبه هذه الخطوط، سواء في المساجد أو أحياء مصر الإسلامية، تزيّن بوابات القاهرة القديمة، هنا تراث مُمتد حاول الفنان الحفاظ عليه وتطويعه في شكل حداثي، لا ينحو إلى التغريب، بل ليصبح امتداداً لسنوات طويلة ترسخت في وعي المصريين، حتى إن لم يع أحدهم ذلك.

بيبلوغرافيا
ـ الفنان سامي رافع من مواليد القاهرة 8 إبريل/نيسان 1931.
ـ أستاذ متفرغ في كلية الفنون الجميلة في القاهرة، جامعة حلوان.
ـ حصل على دبلوم كلية الفنون الجميلة في القاهرة 195. ودبلوم كلية الفنون الجميلة في فيينا قسم الديكور المسرحي عام 1966.
ـ الأعمال… النُصب التذكاري للجندي المجهول عام 1975 بارتفاع 32 م/40 غلافا لكتب متنوعة/19 طابع بريد تذكاريا/15 مُلصقاً جدارياً.
ـ الجوائز… حصل سامي رافع على عدد من الجوائز منها، الجائزة الأولى لإعلان السلام العالمي من هيئة اليونسكو عام 1962، 14 جائزة أولى لطوابع البريد التذكارية من عام 1973 حتى 1975. الجائزة الأولى عن النصب التذكاري للجندي المجهول عام 1975والجائزة الأولى لشعار الأزهر في عيده الألفي عام 1982، كما رشح 8 مرّات لجائزة النيل، لكنه لم يحصل عليها!

محمد عبد الرحيم

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *