‘);
}

كيف كان الرسول سبباً لنفع البشرية

بَعث الله -تعالى- نبيّه مُحمداً -صلى الله عليه وسلم- رحمةً للعالمين؛ من خلال دعوته للناس، وهدايتهم لما فيه صلاحهم في الدنيا والآخرة، فدعاهم إلى التوحيد وعدم الشرك، قال -تعالى-: (قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا)،[١] وصبر على أذى قومه، وبقي في مكة ثلاثة عشرَ عاماً وهو يدعو إلى توحيد الله -تعالى-، ثُمّ بعد ذلك هاجر إلى المدينة وأقام فيها دولته القائمة على العدل والمُساواة والمحبّة، وكان يدعو أهل الكتاب إلى التوحيد، فبعث إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام، وقال له قول الله -تعالى-: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ)،[٢][٣] وكانت دعوته لتحقيق السلام في جميع جوانب الحياة من خلال التوحيد، وإقامة العدل، والمساواة، وإزالة الظُلم، فكانت الأُمّة الإسلامية هي الأمة الوسط بين جميع الأُمم، لقوله -تعالى-: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً).[٤][٥]

ولمّا انحرف أهل الجاهلية عن التوحيد، أرسل الله النبي محمداً -صلى الله عليه وسلم- لينقذ البشر من الجهل والشّرك، ويبيّن لهم الحق من الباطل، وليدعو جميع النّاس إلى التوحيد، ويهديهم إلى الطريق المستقيم،[٦] وهناك العديد من الأمور التي تميّزت بها الأمة الإسلامية، وكان لها الدور الأكبر في إصلاح البشر ونهضتهم، ومنها: عقيدة التوحيد، ومبدأ المساواة، وإعلان كرامة الإنسان، ومنح المرأة جميع حقوقها، والجمع بين الدين والدنيا، ومُحاربة اليأس، والدعوة إلى التفاؤل، والحثّ على استخدام العقل، وتعظيم شأن العلم.[٧] وقد ضمنت شريعة الإسلام التي دعا إليها النبيّ العديد من الحقوق للإنسان، ومنها:[٨]

  • حق الكرامة الإنسانيّة: وهي أوّل المبادئ التي قامت عليها حُقوق الإنسان في الإسلام، وهو ما يضمن عيش الإنسان في حياةٍ كريمة راقية، بعيداً عن الانحراف في السُلوك، ومن الأمثلة على ذلك قوله -تعالى-: (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا).[٩]
  • حق التوبة: وهو من الحُقوق التي يتميّز بها الإسلام عن باقي التشريعات الوضعيّة، فقد جاء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- رَجُلٌ يطلب منه إنزال عُقوبة الزنا فيه، فصرف وجهه -صلى الله عليه وسلم- عنه؛ ليجعل له فُرصة في التوبة، وبعد تكراره في الاعتراف وإصراره على طلب العُقوبة أُقيمت عليه، وعندما بدأ بتلقّي العقوبة ندم وهرب، لكن تَبِعه المأمورون بتنفيذ العقوبة، فقال النبي -صلى الله عليه- لهم: (هلَّا تركتموه، لعلَّه يتوبُ، فيتوبُ اللهُ عليه).[١٠]
  • حق الإنسان في حفظ نفسه، والابتعاد عمّا يُهلكُها ويُتلفُها، سواءً من الناحية المادية؛ كسلامة الجسم وأعضائه، أو المعنوية؛ كالكرامة والأفكار والمُعتقدات، فالإنسان مخلوقٌ مُكّرم، لقوله -تعالى-: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ)،[١١] ولا يجوز الاعتداء على الآخرين بالقتل وغيره، لقوله -تعالى-: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا).[١٢]
  • حق حفظ المال وعدم الاعتداء عليه من أي شخص، لقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)،[١٣] وذلك يضمن سلامة المُجتمع وصلاحه.
  • حق حفظ المصالح الحقيقيّة المُعتبرة: وهي حفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال؛ لأنّها الأساس في حياة الإنسان.
  • حق حُريّة الاعتقاد، لقوله -تعالى-: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيّ)،[١٤] وقد قامت جميع الحقوق في الشريعة الإسلامية على العدل، وهو من أسماء الله الحُسنى، لقوله -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ).[١٥]
  • الحُقوق الثقافيّة: فيتفكّر الإنسان في السماوات والأرض؛ ليكون إيمانه عميقاً ومبنياً على أساسٍ علميٍّ ومنطقيٍّ، فيعرف عظمة هذا الخلْق ودقّة صنعه، وينظر لنفسه بأنّه جُزءٌ من هذا الكون، وأنّه خليفةُ الله في أرضه، وهذا يُبيّن أهمية العلم، وأنه أساسٌ للكرامة الإنسانيّة، لقوله -تعالى-: (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)،[١٦] وقد عالج الإسلام مشكلة الأُمّية، وأعلى من شأن العلم في حياة المسلم.
  • الحُقوق الاجتماعيّة: ومنها كرامة الإنسان، وعدم التمييز بين إنسانٍ وآخر، وحُرية الاعتقاد وعدم الإكراه فيها، وحُرمة الاعتداء على بيوت الآخرين؛ فيجب الاستئذان قبل الدُخول إليها، وقد ضمن الإسلام للمرأة حُقوقها؛ بمُساواتها مع الرجل في وِحدة الخلق، لقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً)،[١٧] ومُساواتها معه في الحُقوق والواجبات تجاه بعضهم، وأعاد لها حقوقها التي كانت مسلوبةً منها قبل الإسلام في الحضارات السابقة.