‘);
}

أول ليلة في القبر

ضمَّةُ القَبر

ثَبَتَ في العديد من الأحاديث الصَّحيحة أنَّ القَبر يَضُمُّ المَيِّتَ ضَمَّةً وقَبضَةً تتحرَّكُ منها أضلاعُهُ،[١] ومن ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ للقبرِ ضغطةً لو كان أحدٌ ناجيًا منها نجا سعدُ بنُ معاذٍ)،[٢][٣] وتجدر الإشارة إلى توضيح أربعة أمور كما يأتي:[٣][٤]

  • أوّلها: ضمَّة القَبر لا يُستثنى ولا ينجو منها أحدٌ؛ فسيتعرَّضُ لها الكبيرُ والصغيرُ، والصَّالح والطَّالح، والمؤمِن والكافِر، وقد دلَّ على ذلك قولُ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لو أفْلَتَ أحدٌ من ضمَّةِ القبرِ، لأفْلَتَ هذا الصبيُّ)،[٥] وقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عند وفاة سعد بن معاذ -رضي الله عنه-: (هذا الذي تحركَ له العرشُ، وفُتحتْ له أبوابُ السماءِ، وشهِدَه سبعونَ ألفًا من الملائكةِ، لقد ضُمَّ ضمةً، ثمَّ فُرِّجَ عنه)،[٦] فقد ضمَّ القَبر سعد بن معاذ -رضي الله عنه- رغم فضله العظيم في الإسلام، حيث اهتزَّ عرشُ الرَّحمن لموته وشَيَّع جنازته سبعون ألفاً من الملائكة.
  • ثانيها: ضمَّةُ القبر ليست كضمَّة الأمِّ الحنون كما قال بعض العلماء، إذ لو كانت كذلك لما أشفَقَ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على سعد بن معاذ -رضي الله عنه- مِنها، ولكنّها تكون خفيفةً على المؤمن.
  • ثالثها: قوَّة ضمَّة القبر ليست سواءً بين النَّاس، إذ إنَّها متفاوتةٌ بين المؤمنِ والمنافقِ، وبين المؤمنِ والكافرِ.[٤]
  • رابعها: حَفْر القبر له طريقتين: أوّلهما الشقُّ، وثانيهما الَّلحد؛ ويكون بحفر جانب القبر حال كون الأرض صلبةً، ويوضَعُ الميِّت فيه وتعدُّ أفضل الطريقتين لِأنّ الله -تعالى- اختارها لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وقد دلّ على ذلك ما ثبت عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- قال: (كان بالمدينةِ رجُلانِ يحفِرانِ القبورَ؛ أبو عُبَيدةَ بنُ الجَرَّاحِ يحفِرُ لأهلِ مكةَ، وأبو طَلْحةَ يحفِرُ للأنصارِ ويُلحِدُ لهم، قال: فلمَّا قُبِض رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، بعَث العبَّاسُ رجُلينِ إليهما، فقال: اللَّهُمَّ خِرْ لنبِيِّكَ. فوجَدوا أبا طَلْحةَ، ولم يجِدوا أبا عُبَيدةَ، فحفَر له ولحَدَ).[٧][١]