‘);
}

الفرق بين الحمد والتسبيح

يُعرف التسبيح؛ بأنه تقديس الله -تعالى- وتنزيهه عن كل عيب، وبُعده -سبحانه وتعالى- عن كلّ نقص وسوء،[١] ويقول الإمام ابن كثير -رحمه الله تعالى- مفسّراً لقوله -تعالى- في آخر سورة الصافات: (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)،[٢] قرن الله -تعالى- في كتابه الكريم بين التسبيح والحمد في مواضع كثيرة؛ لأنّ كلّ منهما يعدّ مكمّلاً؛ فالتسبيح يتضمّن معنى التنزيه والتقديس لله -تعالى- عن كلّ عيب أو نقص، وهذا المعنى يستلزم إثبات الحمد، وصفات الكمال لله -تعالى-، وكذلك الحمد فإنّه يشتمل على إثبات كلّ صفات الكمال المطلق لله -تعالى-، وهذا المعنى يستلزم نفي جميع صفات النقص والعيب عن الله -تبارك وتعالى-؛ فإثبات الكمال يستلزم نفي النقص والسوء، وانتفاء النقص يستلزم إثبات الكمال.[٣]

ويعرف الحمد بأنّه الثناء بالجميل على الجميل على وجه المحبّة والتعظيم، ويكون الحمد بذكر الصفات الحسنة في الغير لما تفضّل به من نعمة أو فضل أو غير ذلك، ويستحقّ الغير الثناء على ما يمتلك من جميل الصفات الذاتية؛ كصفة العلم، والشجاعة، والإقدام، والصبر، والحلم، والرحمة، كما ويستحق الغير الثناء على معونته التي تفضّل بها، وتكرّم على غيره من الناس، ولا يتوجّه الحمد إلّا للحيِّ العاقل.[٤]

والتسبيح مقدّم رتبة على التحميد، وذلك لأنّ التسبيح يدلّ على تقديس الله -تعالى- وتنزيهه عن كل ما لا يليق، وأمّا التحميد فيدلّ على أنّ الله -تعالى- هو المعطي لكلّ الخيرات، والواهب لكلّ الحسنات، وتنزيه الله -تعالى- في ذاته مقدّم على وصفه بالإعطاء، والإسعاد؛ فوجود الشيء بذاته مقدّم رتبة على إيجاد غيره، ووقوعه في ذاته مقدّم على تأثيره في وقوع غيره،[٥] وتسبيح الله -تعالى- يعمّق في قلب العبد المسلم تقديس الله -تعالى-، وترفيعه عن كلّ سوء، وقد دعا جميع الأنبياء والمرسلين أقوامهم إلى تسبيح الله -تعالى-؛ وذلك لما يطغى على قلب الإنسان من تأثير الحواس التي تثير معاني التشبيه فيه، وأمّا الحمد فإنّه يزيد في إيمان القلب وشعوره بأنّ المنعم الوحيد هو الله جلّ في عُلاه، وقد حثّ الله -تعالى- على حمده، وذلك لأنّ القلب يطغى عليه شعور بوجود منعم سوى الله -تعالى-.[٦][٧]