حوار حول مناهج النقد الذاتي والتصحيح

حوار حول مناهج النقد الذاتي والتصحيح د عامر النجار أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة قناة السويس ونائب رئيس جمعية إحياء التراث العلمي شخصية علمية معروفة في أوساط الفكر والثقافة الإسلامية فإلى جانب اهتماماته الفكرية التي احتوتها مؤلفاته في قضايا الفلسفة والثقافة والتصوف والفرق الإسلامية فهو محقق طويل الباع..

حوار حول مناهج النقد الذاتي والتصحيح

د. عامر النجار أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة قناة السويس ونائب رئيس جمعية إحياء التراث العلمي، شخصية علمية معروفة في أوساط الفكر والثقافة الإسلامية. فإلى جانب اهتماماته الفكرية التي احتوتها مؤلفاته في قضايا الفلسفة والثقافة والتصوف والفرق الإسلامية فهو محقق طويل الباع. حقق كتاب “عيون الأبناء في طبقات الأطباء” لمؤلفه ابن أبي أصبيعه والذي يعتبر أحد الأعمال التراثية الكبرى. فالاهتمام بالتراث العلمي عند المسلمين هو جانب أساسي من شخصية د. عامر النجار بالإضافة إلى تخصصه في فضح الفرق الخارجة عن الإسلام مثل البهائية والقاديانية. لذلك فنحن نأمل أن يكون الحوار معه إضافة فكرية وثقافية ذات قيمة.

* بما أنك أستاذ فلسفة إسلامية، هل أنت راض عن أنماط التفكير والرؤى والقضايا المطروحة على الساحة الإسلامية في هذه المرحلة؟size=3>

قبل أن نقول إننا في محل الرضا عن هذه الثقافة أو في محل السخط، ينبغي أن نشير إلى أهم أنماط التفكير الموجودة حاليا، ولعل أبرزها ثلاثة أنماط هي العقليون والنصيون والذوقيون. بمعنى أن هناك أصحاب منهج النص وهم الذين يهتمون بجمع النصوص التي تخدم فكرهم ويحاولون استخدام هذا المنهج الذي يمكننا أن نرتضيه حينما نبحث عن إحدى القضايا حيث نستخدم كل وسائل النص خصوصا إذا كان النص صحيحا. وليس هناك أعلى من النص القرآني العظيم لأنه قطعي الدلالة وقطعي الثبوت، ثم ما ثبت وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ونحن نعلم أن في كتب الحديث بما تحتويه من أحاديث صحيحة ما يخدم قضيتنا النصية طالما أن النص قاطع. كما أن وسائل التقنية الحديثة مثل الكمبيوتر يمكن أن تساعدنا الآن كثيرا في استدعاء الحديث ومعرفة درجة صحته.

وما أحوجنا إلى منهج النص ولكنه يحتاج إلى ملكات كثيرة حتى يؤتي أكله، مثل المعرفة باللغة العربية، وأسباب التنزيل، وعلوم القرآن، وعلوم الحديث. كما لا بد أن يتم التعامل مع النص من خلال عقلية علمية واعية متفتحة تفهم فقه النص وروح النص وليست عقلية جامدة منغلقة يكون ضررها أكثر من نفعها.

أما المنهج الآخر فهو المنهج العقلي، وما أحوجنا إليه إذا استخدم في ضوء الشرع، أي أن يكون العقل محكوما بالشرع ومنضبطا به وليس منغلقا، لأن العقل كثيرا ما يخدع. والعقل لا يستطيع أن يصل إلى الغيب، بل يقف عاجزا أمام معجزات الأنبياء وكرامات الأولياء.. الخ. ثم إن العقل خلق من خلق الله وله حدوده، ومن الخطأ الجسيم أن نجعل العقل حاكما على الشرع ومهيمنا عليه، فمن شأن هذا المنهج أن يدمر ثوابتنا الدينية. ومن الثابت عند علماء الأمة الثقات أن صحيح المنقول لا يتعارض أبدا مع صريح المعقول. إن المقبول أن يكون العقل وسيلة لفهم النص وفقه النص.

ثم هناك منهج الذوقيين (وهم الصوفية) الذين يستخدمون منهج الخواطر والإشارات الإيمانية لبعض النصوص. وهو قد يكون منهجا مقبولا إذا كان محكوما بالشرع ويعمل على ترقيق القلوب والأفئدة، لكن الخطر أن يتحلل هذا المنهج من الضوابط الشرعية.

إن أنماط التفكير هذه يجب ألا نجعلها تصطدم ببعضها فنحن في حاجة إليها جميعا متى قامت على أسس شرعية راسخة. نحن في حاجة إلى تعدد التنوع في المناهج والفكر والرؤى وليس تعدد التشاحن والتضارب والبغضاء. كما يجب أن نخلص كل هذه المناهج من الغلو الذي يؤدي حتما إلى التطرف، فالغلو في العقل أدى إلى التطرف في رفض النص، والغلو في النص يلغي العقل ويؤدي إلى الجمود، والغلو في منهج الذوق قد يؤدي إلى التحلل والانفلات من سلطة النص الصحيح الذي هو الشرع. إنني كي أرضى عن منهج معين لا بد أن يكون منهجا ملتزما بالنص الصحيح ويستخدم العقل المحكوم بالشرع في فهم النص والاستنباط منه.

* بعض المفكرين من خصوم التيار الإسلامي يقولون إن الإسلاميين طالما يحتمون بسلطة النص فلا مجال للحوار معهم، لأنهم يحرجون خصومهم ويضعونهم في مأزق، ويقولون لا بد أن ندخل الحوار فقط ونحن نحتمي بسلطة العقل. ما رأيك في هذه المقولة؟size=3>

هذا فهم خاطئ جدا وغريب عن الفكر الإسلامي الصحيح، لأن صاحب النص هو الله تعالى، ومن يرفض كلام الله تعالى ولا يقبله ويقول إن هذا يختلف مع العقل فهذا اصطدام مع الإسلام الصحيح، لأنك إذا دخلت الإسلام وقبلت النص القرآني فلا مجال للتشكيك فيه.

أما من يقول العقل ثم العقل ثم العقل ويرفض كلام الله تماما فهذا بعد عن الإسلام بل خروج من الإسلام. إن النص القرآني دعوة إلى العقل، فقد هاجم تقليد الآباء والأجداد عن غير دليل وهاجم الإيمان بشيء بدون برهان وبينة. إن القرآن حرر العقل المسلم تماما، والقول بأن العقل يصطدم مع النص إنما هو إفلاس في فهم الشرع. وبالتالي فلا يصح لمسلم تحت أي ظرف من الظروف أن يرفض النص القرآني. فطالما آمن المسلم ابتداءً بالإسلام والقرآن فهو فقط مجتهد في فهم النص والاستنباط منه، أما أن يرفضه ويطرحه جانبا فهذه مصيبة كبرى تصل بالإنسان إلى أمور خطيرة.

* هل تعتقد أن لدى الصحوة الإسلامية المعاصرة مناهج للنقد الذاتي تسهم في ترشيد فكرها وسلوكها؟ أم أنها تعاني من غياب هذه المناهج وبالتالي فلم تستفد من تجاربها السابقة بل وقعت في كثير من الأخطاء؟size=3>

ليست الصحوة الإسلامية فقط هي التي تعاني من ذلك. إن حياتنا الاجتماعية والثقافية والسياسية تعاني من غياب النقد الذاتي. ففي غياب النقد الذاتي حدثت كل مشكلاتنا المعاصرة. فالنقد الذاتي يعني التطور إلى الأفضل. والصحوة الإسلامية هي جزء من المجتمع الذي نعيش فيه وتتأثر بما هو سائد فيه من تقاليد وأفكار. ولو أنه يقع على عاتقها فعلا أن تبدأ بنفسها وتقيم مناهج النقد الذاتي وتطبقها على نفسها ثم يشع ذلك على المجتمع فيأخذ منها هذه المناهج. إن كثيرا من زعماء الحركات الإسلامية يعرفون جيدا عيوب حركاتهم ومع ذلك يتغاضون عنها ويهملون إصلاحها. وكان الأحرى بهم أن يمتلكوا الشجاعة والصدق اللذان يأمرهم الإسلام بهما.

* الأصل في أي مجتمع أن تكون فيه ثقافة غالبة يحدث عليها إجماع وتعمل على رفع التماسك بين فئات المجتمع وإحداث وحدة فكرية. ولكننا في مجتمعاتنا نشاهد خصومات واختلاف حول التوجهات الأساسية للمجتمع ما هو سبب ذلك؟size=3>

نستطيع أن نحكم على الغرب بالثقافة المادية وبالاتجاه العلماني وانعدام الاتجاه الروحي، أما نحن في المجتمعات الإسلامية فنكاد نكون بلا هوية، والأمر مختلط لدينا وغير واضح. إننا نكاد نكون أمتين ولسنا أمة واحدة. فهناك أمة إسلامية بثوابتها المعروفة وأمة علمانية ترفض الالتزام بهذه الثوابت وتصف الإسلام بالرجعية والظلامية والتخلف وعدم التنوير. وهاتان الطائفتان تتقاتلان ولا تلتقيان، وهذا أمر خطير فهذا استنزاف لقوى الأمة. وربما شجع على ذلك تعدد أنماط ومناهج التعليم لدينا حيث لدينا مناهج تعليم دينية وأخرى مدنية علمانية ولدينا مدارس حكومية وأخرى مدارس لغات تحبذ اللغات والثقافات الأجنبية. ولا بد من حل هذه الألغاز. وتوحيد المناهج. ثم إني أريد أن أقول إنه إذا كان العرب قد التقوا مع اليهود أفلا يجتمع أبناء الوطن الواحد في محاولة لأن يفهم كل منهم الآخر فهما صحيحا. إنني أقول إن هناك سوء فهم من العلمانية نحو الفكر الإسلامي ولا بد من تصحيحه.

كما أننا لا بد أن ندرك أن الاختلاف في الثقافات مطلوب بشرط أن تكون هناك ثوابت يجتمع عليها الجميع وأولها أنه لا خلاف على النص المقدس وأن المرجعية للإسلام وتعاليم وأحكام الشرع. وفي إطار ذلك يكون الاختلاف اختلاف تنوع وتعدد وليس اختلاف تضاد. ولو حدث ذلك لأمكننا القضاء على القنابل التي تنفجر بين الحين والآخر في حياتنا الثقافية والفكرية.

* هل يمكن لنا في ظروفنا الحالية أن نجتمع على مشروع فكري يجمع كل هذا الشتات على ثوابت مشتركة؟ وما هي سمات هذا المشروع؟.size=3>

من الصعب أن يكون هناك مشروع فكري ولكن يمكن أن يكون هناك حد أدنى من الاتفاق بين الفرقاء المتناحرين، ولا أقول هنا الفرقاء المختلفين لأن مسألة التعصب لأصحاب القوميات والاتجاهات والمذاهب السياسية ثم العقائد والملل تؤدي إلى أن يعتقد كل واحد أنه على الحق وغيره الباطل. فنتيجة لهذا التعصب وجدنا الآن على الساحة عبادة الأحزاب وعبادة الأفكار من دون الله. فكيف نتفق وكل منا يرى الآخر على الباطل؟.

البداية تكون كالآتي “مستعد أن أسمعك حتى النهاية بشرط إن أقنعتني اقتنع بفكرك وإن أقنعتك تقتنع بفكري”. فالحوار هنا سيكون حوارا عقليا في الأساس، لكنه يتم من خلال النقاش حول الأصول والثوابت الشرعية. ومتى كان هناك نص قطعي أو قاعدة محكمة أو معلوم من الدين بالضرورة فلا يسع أي مسلم أن يرده أو يعترض عليه. فالآية القرآنية تقول [وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم].

وهكذا فإن أساس الاتفاق وأساس المشروع الفكري هو العقيدة والقواعد الثابتة المحكمة من الدين، المستمدة من القرآن والسنة، ومن خلال هذا المشروع يمكن أن يكون أساس توحد الأمة كلها ليس في مجتمع واحد من المجتمعات ولكنه يكون الأساس لتوحد المسلمين ككل. لأن الأساس هو توحد الثقافة والفكر وسوف ينتج عنه بالضرورة توحد في السياسات.

إن البداية صعبة ولكن لا بد منها، ولا يشترط أن نبدأ بالاتفاق الكبير مباشرة وإنما من الممكن أن نجرب الالتقاء على ثوابت قليلة وأمور محددة ثم تتسع هذه الدائرة شيئا فشيئا وبالتدريج حتى يكتمل هذا المشروع ولو في سنوات طويلة.

* كثير من مدارس التفكير ذات التوجه غير الإسلامي تتهم التراث الإسلامي بأنه سبب ضعفنا وتخلفنا وأنه كثقافة لم يعد صالحا للتفاعل مع علوم العصر وابتكاراته ونظرياته العلمية والفلسفية والأدبية. ما رأيك في هذه المقولة؟size=3>

التراث الإسلامي هو إرثنا الثقافي الذي تركه لنا الأجداد وهو عقل الأمة وذاكرتها، وأمة بلا تراث لا حضارة لها. وإذا كانت الأمم تحاول أن تعثر على جذورها الفكرية من خلال تراثها أفلا يكون من باب أولى أن نبحث نحن عن روائع تراثنا الفكري. وأنا كأحد العاملين في هذا المجال، وهو مجال تحقيق التراث أدعو إلى أهمية العناية بتراثنا. إن تراثنا ينقسم إلى قسمين.. الأول علمي والثاني أدبي وفكري. أما التراث العلمي فليس مطلوبا ونحن على أبواب القرن الحادي والعشرين أن أعالج مريضا بما جاء في تذكرة داود أو بالقانون لابن سينا أو بكتاب الحاوي لأبي بكر الرازي. إن هذه الكتب رائعة ولكن يمكن دراستها من خلال فرع يسمى بتاريخ العلوم. أما تراثنا الإسلامي الفكري بفروعه المتعددة من علوم للحديث وعلوم للقرآن وعلوم للفقه وأصوله وعلوم الشريعة ناهيك عن علوم اللغة وعلوم الأدب من شعر ونقد ودراسات أدبية متعددة، فإنه إذا كان المستشرقون قد حرصوا كل الحرص على تحقيق جزء من تراثنا وأساء بعضهم اختيار نوعيات الكتب، أفلا نهتم نحن بتراثنا.

إننا إذا بحثنا في الكتب التي نعتبرها تتكلم في تاريخ العلوم عند العرب نجد كيف كانت هذه الكتب مراجع أساسية يتعلم منها العالم.

إننا نتحدث عن تراثنا باعتزاز وفخر لكننا نقول إنه لا داعي للنزعة النرجسية من أننا كنا وكنا.. بل لا بد أن نسأ أنفسنا عن وضعنا الحالي.

أما الذين يقولون بأن تراثنا الإسلامي هو سبب تخلفنا فأرجو منهم أن يعيدوا النظر في هذا الكلام ويراجعوا أنفسهم. إننا ننادي بتحقيق كتب التراث الجيدة التي تستحق التحقيق. وليس كتب التراث كلها تستحق ذلك. وعلى هؤلاء المتحاملين على تراثنا أن يقرءوا كتاب تاريخ العلم لجورج سارتون حيث أشاد إشادة بالغة بتراثنا العربي وتراثنا الإسلامي.

* بما أنك تنتمي إلى الفلسفة.. فنحن نتهم فلاسفتنا بأنهم يهتمون بقضايا أكاديمية جدلية منفصلة عن الواقع، وأنهم لم يتفاعلوا بقضايا المجتمع مثل قضايا الفقر والبطالة والحرية والإرهاب.. الخ. فبماذا ترد؟size=3>

من المفاهيم التي تحتاج إلى تصحيح أن الفلاسفة ورجالات الفكر يعيشون في برج عادي بعيدا عن المجتمع وقضاياه وأمور الناس الحياتية. إن المفكر والفيلسوف رجل من رجالات المجتمع وإنسان يعيش همومه. إنني أقول أن الفيلسوف والمفكر لا يستطيع أن ينطلق ويكتب ويصلح وينقد إلا في مناخ الحرية. فحينما تكون دائرة الحرية واسعة ينطلق الإنسان ويستطيع أن يعبر عن همومه وهي في الواقع هموم الآخرين. والاهتمام بقضايا الآخرين يأتي في دائرة الضوء حينما يكون هناك مناخ للحرية. أما إذا كان المناخ السائد هو الخوف والترقب وأنك إذا تكلمت مت وإذا سكت مت فمن الصعب أن يقولها الإنسان ويمت. بمعنى أن السلطة التنفيذية تخاف من أصحاب الرؤى وتخشى كلمة الحق من مفكر صادق أو فيلسوف.

إن معنى وجود فيلسوف هو أن الأرض خصبة لنماء أفكار، ومتحررة، ويستطيع الإنسان فيها أن يقول لا. إن العرب والمسلمين لم يأت ولم يظهر فيهم فيلسوف منذ ابن رشد في القرن السابع الهجري، وهذا يقيس نوعية المناخ السائد. إن الفلاسفة الآن لدينا أو المشتغلين بالفلسفة نتيجة للتضييق على أفكارهم يضعون همهم في مشاكلهم الأكاديمية وبالتالي يبتعدون عن مشاكل رجل الشارع.

* أنماط التفكيرالسائدة لدينا متهمة بأنها أنماط عاطفية وليست عقلانية، ولذلك فنحن لا نستفيد من دروس التاريخ ولا نحاسب المقصر. هل توافق على هذا الطرح؟size=3>size=3>

نحن في حاجة إلى مسحة العقل في حياتنا، ولا بد أن يدخل العقل إلى بيتنا العربي وبيتنا الإسلامي، لأن مجتمعاً بلا عقل يسير طبقا لأهواء العاطفة. والذي يكبح جماح العواطف دائما هو نور العقل. إن أمة غاب عنها العقل فقدت أشياء كثيرة، والصراع في القرن الحادي والعشرين هو صراع بين عقل وعقل، بين عقل غربي تحكمه المادة والأمور التقنية وعقل شرقي تحكمه العواطف. وعلى هذا الأساس لابد من إرساء قاعدة هامة في مجتمعاتنا وهي كبح جماح العواطف بعقل إسلامي مستنير.

إن كلمات كبيرة مثل (معلهش – اتركه هذه المرة لأنه غلبان – عشان خاطري) كلمات تعبر عن عمق الأزمة التي نعيشها وهي سبب رئيسي من أسباب تخلفنا، وهي أمور خطرة تعطل مصالح الناس، ولا تحاسب المقصر على تقصيره، وتعطيه المبرر لأن يعود لمثل هذا التقصير مرة أخرى، وتجعل المجتهد ييأس. إن الموظف في عالمنا الإسلامي طبقا لمقاييس الدولية لا يعمل إلا 27 دقيقة في اليوم، بينما المفروض أن يعمل 8 ساعات في اليوم.

إننا نتعاطف بلا عقل مع الإنسان المقصر، ونتعاطف بلا عقل مع تضييع الحقوق وتضييع وقت المسلمين. فكيف نرجو بعد ذلك كله تقدما؟.

* من المناهج السائدة في حياتنا منهج “تبرير الأخطاء”.. فدائما نسارع إلى تبرير أخطائنا، وبالتالي تضيع علينا فرصة الاستفادة والتعلم. ما هو رأيك في هذا المنطق التبريري؟ وكيف يمكننا التغلب عليه؟size=3>

التبريرات غير المنطقية هي تبريرات عاطفية تغلق الطريق أمام أي إصلاح أو استفادة من الخطأ. لكن بدلا من التبرير، لا بد من الاعتراف بالخطأ وتحديد الأسباب التي أدت إلى الوقوع فيه بكل أمانة وصدق مع النفس حتى يمكن وضع علاج علمي للمشكلة وبالتالي نتعلم منها ولا نقع فيها مرة أخرى.

إن العقلية الغربية عقلية علمية لذلك فهم ينتقدون أنفسهم جيدا ويعرفون كيف يستفيدون من أخطائهم ومن تاريخهم، وكلما فسدت لهم سياسة أو ضعفت غيروها، وبالتالي فهم في تقدم مستمر. أما عندنا فالمسئولون لا يريدون أن يسمعوا نقدا، ويصفون من يفعل ذلك بالمتشائم الذي يرتدي النظارة السوداء بل ويصفونه بالمغرض المحرض. وبالتالي يخاف الناس من النقد والكل يقول ليس في الإمكان أبدع مما كان، ثم تكون النتيجة خسائر مستمرة وتخلف مستمر. إن سياسة التبرير إنما هي سياسة تخدير تخدر الإنسان حتى لا يدرك واقعه فالتخدير يشل ملكات الإدراك ويوقفها.. ولك أن تتصور أمة تعيش مخدرة.

ثم هناك ظاهرة يجب أن نشير إليها وهي أن هناك من ينتقدون أنفسهم لدرجة “جلد الذات”، وهذا منهج خاطئ هو الآخر، فنقد الذات مطلوب أما جلد الذات فإنما هو تحطيم للذات.

ـــــــــ

مفكرة الإسلام، بتصرف.size=3>

Source: islamweb.net

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *