ففي يوم 21 أغسطس/ آب 1969 قطعت سلطات الاحتلال الإسرائيلية المياه عن منطقة الحرم ومنعت المواطنين الفلسطينيين من الاقتراب من ساحاته، وذلك في الوقت الذي أضرم فيه يهودي أسترالي يدعى مايكل روهان النار في المسجد الأقصى المبارك.
كادت النيران تأتي على قبة المسجد لولا استماتة المسلمين وساعدهم في ذلك المسيحيون في عمليات الإطفاء التي تمت رغماً عن السلطات الإسرائيلية، ولكن بعد أن أتى الحريق على منبر صلاح الدين واشتعلت النيران في سطح المسجد الجنوبي وسقف ثلاثة أروقة.
وادعت إسرائيل أن الحريق تم بفعل تماس كهربائي، وبعدما أثبت المهندسون العرب أنه تم بفعل فاعل عادت إسرائيل وادعت أن الشاب الأسترالي هو المسؤول عن الحريق وأنها ستقدمه للمحاكمة. ولم يمض وقت طويل حتى أذاعت أن هذا الشاب معتوه ثم أطلقت سراحه.
واستنكرت معظم دول العالم هذا الاعتداء، واجتمع مجلس الأمن وأصدر قراره رقم 271 الذي أدان إسرائيل ودعاها إلى إلغاء جميع التدابير التي من شأنها تغيير وضع القدس.
اعتداءات اليهود على الحرم بدأت من اللحظة التي احتلت فيها القدس بالكامل في الخامس من يونيو/ حزيران 1967. وبعد ستة أيام فقط قامت إسرائيل بهدم حارة المغاربة المجاورة للحائط الغربي للأقصى بعد مهلة 24 ساعة أعطيت للسكان لإخلاء الحي.
وبهدم حارة المغاربة استولى اليهود على الحائط الغربي للمسجد (حائط البراق) وأطلقوا عليه “حائط المبكى” وقاموا بتوسيع الساحة الملاصقة له.
وقامت سلطات الاحتلال بهدم جميع الأبنية الإسلامية والأثرية الواقعة حول المسجد بهدف تغيير وإزالة المعالم الإسلامية التي تتصف بها المدينة. وتضمنت الإجراءات الإسرائيلية شق الطرق داخل مقابر المسلمين الواقعة قرب الحرم القدسي إلى جانب الاستيلاء على مواقع أخرى بالقدس وتحويلها إلى ثكنات عسكرية.
ولم تتوقف محاولات الاعتداء من جانب المتطرفين اليهود على المسجد يوما، فقد تعرض لسلسلة من الاعتداءات كان آخرها وضع حجر الأساس لما يسمى الهيكل الثالث المزعوم.
كما قام 40 يهوديا عام 1979 بمحاولة اقتحام الأقصى والصلاة داخله، ورغم ذلك أصدرت قاضية إسرائيلية حكما ببراءتهم جميعا.
وفي السابع والعشرين من يناير/كانون الثاني 1982 كانت هناك محاولة أخرى لنسف المنطقة المحيطة بالمسجد حتى يتسنى لإسرائيل إقامة الهيكل.
ويوم 14 يناير/ كانون الثاني 1989 قام بعض أعضاء الكنيست بعملية استفزازية عن طريق تلاوة ما يسمى مقدس الترحم من داخل الأقصى تحت حماية شرطة الاحتلال.
ومن أشد الإجراءات خطورة محاولات تهويد المدينة بمصادرة الأراضي والممتلكات الفلسطينية ومحاولات تهجير اليهود من دول العالم وتوطينهم في القدس.
وفي سبتمبر/ أيلول 2000 قام رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون الذي كان وقتها زعيما لليكود بزيارته الاستفزازية للأقصى والتي أطلقت شرارة الانتفاضة الفلسطينية الثانية ضد الاحتلال أو انتفاضة الأقصى.
وفي شهر يوليو/ تموز الماضي كشفت مصادر صحفية إسرائيلية أن الشرطة وجهاز الأمن الداخلي يخشون هجوما لمتطرفين يهود على المسجد ينفذونه بطائرة من دون طيار ومحملة بالمتفجرات، أو ينفذه طيار انتحاري يحطم طائرته في باحة الأقصى على جمع المصلين.
وكان وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي تساحي هانغبي ألمح إلى وجود نوايا لدى متطرفين يهود للاعتداء على المسجد بزعم تقويض خطط سياسية للحكومة ومنها خطة الانسحاب من الأقصى.
يشار إلى أن التسهيلات التي تقدمها الشرطة الإسرائيلية للمتطرفين وسماحها لهم بالوصول إلى الحرم القدسي هي ما يجعل من التهديد الحالي مسألة خطيرة.