‘);
}

شروط زكاة بهيمة الأنعام

أوجب الله -عزّ وجلّ- الزكاة في أنواعٍ معيّنةٍ من الأموال، وهي: الذهب والفضة، وعروض التجارة، والخارج من الأرض؛ أي: الزروع والثمار، والمعادن، والسائمة من بهيمة الأنعام التي تشمل البقر، والغنم، والإبل، ويُشترط في زكاة بهيمة الأنعام توفّرأمورٍ معيّنة منها ما يأتي:[١][٢]

  • الدرّ والنّسل والتسمين: اشترط جمهور الفقهاء في الأنعام التي تجب فيها الزكاة أن تكون مُعَدَّة للتناسل واللبن والحليب والتسمين، أمَّا المُعَدَّة للعمل والسّقي والحرث والرُّكوب فلا زكاة فيها.
  • السَّوْم أكثر العام: اشترط جمهور الفقهاء في الأنعام التي تجب فيها الزكاة أن تكون سائمةً أكثر العام؛ أي: راعية، أمَّا المعلوفة التي يعلفها صاحبها ويُنفق عليها، ولا ترعى في معظم أوقات السنة؛ فلا زكاة فيها؛ لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (وفي البقَرِ في كلِّ ثلاثينَ تَبيعٌ وفي الأربعينَ مُسِنَّةٌ وليسَ علَى العوامِلِ شيءٌ)،[٣] وأمَّا السائمة التي ترعى معظم الوقت من السنة فتجب فيها الزكاة؛ لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (وفي صدَقةِ الغَنمِ في سائمتِها إذا كانَت أربعينَ ففيها شاةٌ إلى عشرينَ ومائةٍ)،[٤] وقوله: (في كلِّ إبلٍ سائمةٍ في كلِّ أربعينَ ابنةُ لبونٍ)،[٥] أمّا السائمة التي يُعدُّها صاحبها للتجارة؛ تكون زكاتها كزكاة عروض التجارة.
  • حولان الحول: يُشترط في زكاة بهيمة الأنعام أن يمرّ عليها سنةً كاملةً وهي في ملك صاحبها؛ لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (لا زَكاةَ في مالٍ حتَّى يَحولَ عليهِ الحَولُ).[٦] ويُستثنى من هذا الشرط نتاج السائمة لأنّها تتبع الأصل، بمعنى أنَّ النّتاج تُزكّى مع أمّهاتها إذا كانت الأمهات تبلغ النصاب، أمَّا إذا لم تكن تبلغ النصاب فيبدأ الحول عندما يكتمل النصاب بالنّتاج، ومثال ذلك: شخصٌ يملك أربعين شاة، وولدت كل شاة ثلاثة إلا واحدة ولدت أربعة؛ فأصبح لديه مئة وإحدى وعشرين شاة، فيجب فيها شاتان زكاة مع أنَّ النتاج لم يَحُل عليه الحول.
  • بلوغ النصاب: يُشترط في زكاة بهيمة الأنعام أن تبلغ النِّصاب الشرعي، فلا زكاة في الأعداد القليلة، وسيتم بيان أقلّ نصابٍ لزكاة بهيمة الأنعام فيما يأتي:[١]
    • زكاة الإبل: لا تجب الزكاة في الإبل حتّى تبلغ خمسةً من الإبل، لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (ومَن لَمْ يَكُنْ معهُ إلَّا أرْبَعٌ مِنَ الإبِلِ، فليسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إلَّا أنْ يَشَاءَ رَبُّهَا، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا مِنَ الإبِلِ، فَفِيهَا شَاةٌ).[٧]
    • زكاة الغنم: لا تجب الزكاة في الغنم حتّى تبلغ أربعين شاة، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (وفي صَدَقَةِ الغَنَمِ في سَائِمَتِهَا إذَا كَانَتْ أرْبَعِينَ إلى عِشْرِينَ ومِئَةٍ شَاةٌ، فَإِذَا زَادَتْ علَى عِشْرِينَ ومِئَةٍ إلى مِئَتَيْنِ شَاتَانِ، فَإِذَا زَادَتْ علَى مِئَتَيْنِ إلى ثَلَاثِ مِئَةٍ، فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ، فَإِذَا زَادَتْ علَى ثَلَاثِ مِئَةٍ، فَفِي كُلِّ مِئَةٍ شَاةٌ، فَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُلِ نَاقِصَةً مِن أرْبَعِينَ شَاةً واحِدَةً، فليسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إلَّا أنْ يَشَاءَ رَبُّهَا).[٧]
    • زكاة البقر: لا تجب الزكاة في البقر حتّى تبلغ ثلاثين بقرة.[٨]
  • الإنسية: يُشترط في زكاة بهيمة الأنعام أن تكون إنسيّة لا وحشيّة، وهذا متّفق عليه؛ لكنّهم اختلفوا في البهائم التي تكون مختلطة؛ أي مولودة بين إنسيّ ووحشي؛ كالمتولّد من البقر الأهلي والوحشي، والمتولّد من الشاة والظبي، على النحو الآتي:[٩]
    • الشافعية والمشهور عند المالكية: ذهب الشافعية والمالكية إلى أنَّ المتولّد بين إنسيٍّ ووحشيٍّ لا تجب فيه الزكاة، وعلّلوا ذلك بأنَّه لم يرد نصٌ ولا إجماعٌ في ذلك، ولأنَّ أحد والديه وحشي فهو كالمتولّد من وحشيين.
    • الحنابلة: ذهب الحنابلة إلى أنَّ المتولّد بين إنسيٍّ ووحشيٍّ تجب فيه الزكاة كالمتولّد بين السائمة والمعلوفة.
    • الحنفية: ذهب الحنفية إلى أنَّ المتولد بين إنسيٍّ ووحشيٍّ تجب فيه الزكاة إذا كانت أُمّه أهليّة لأنَّه يتبع أمه.
  • السوم من قِبَل المالك نفسه: وهو شرط عند الشافعية، بمعنى لو أسامها غير المالك، أو سامت بنفسها فليس عليها زكاة عندهم، أمَّا المالكية: فقد أوجبوا الزكاة في جميع أنواع البهائم سواء كانت سائمة، أم معلوفة، أم عوامل، وتعدّد آرائهم راجعٌ إلى عدّة اعتبارات منها:[٩]
    • معارضة المطلق للمقيد: فالمُطلق هو قوله -صلى الله عليه وسلم-: (في كلِّ أربعينَ شاةً شاةٌ)،[١٠] والمقيّد هو قوله -صلى الله عليه وسلم-: (في سائمةِ الغنمِ الزَّكاةُ)،[١١] وقد غلَّب المالكية المطلق على المقيد، فقالوا بوجوب الزكاة في السائمة وغير السائمة، وأمَّا الجمهور فقد غلَّبوا المقيّد على المطلق -وهو الأَشْهَر عادةً- فقالوا بوجوب الزكاة في السائمة فقط.
    • معارضة دليل الخطاب للعموم: يُفهم من قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (في سائمةِ الغنمِ الزَّكاةُ)،[١١] بدليل الخطاب أو ما سمّاه الحنفية مفهوم المخالفة أنّ غير السائمة ليس فيها زكاة، أمَّا عموم لفظ الحديث: (في كلِّ أربعينَ شاةً شاةٌ)،[١٠] لم يُفرِّق بين السائمة وغير السائمة في وجوب الزكاة فيها، وهذا ما أخذ به المالكية بأنَّ عموم اللفظ أقوى من دليل الخطاب.
    • معارضة القياس لعموم اللفظ: القياس المعارض لعموم لفظ الحديث: (في كلِّ أربعينَ شاةً شاةٌ)،[١٠] هو أنَّ السائمة هي التي يتحقّق المقصود من الزكاة فيها؛ وهو الربح والنماء، ولذلك اشترط فيها الحول، فالجمهور خصّصوا بهذا القياس ذلك العموم، فلم يوجبوا الزكاة في غير السائمة، أمَّا المالكية فلم يخصّصوا ذلك، ورأوا أنّ العموم أقوى، فأوجبوا الزكاة في السائمة وغير السائمة.