
في هذا المقال نقدم لكم السيرة الذاتية لـ توماس إدوارد لورنس الذي اشتهر بلقب “لورنس العرب” وهو نفس الاسم الذي يحمله الفيلم العالمي الذي تناول قصة حياته كملازم إنجليزي وقد تم إنتاجه في عام 1962م، وقد جسد شخصيته الممثل الإيرلندي بيتر أوتول وشارك في هذا الفيلم الممثل المصري عمر شريف في القيام بدور الشريف علي مؤسس الدولة الحجازية.
وقد حقق هذا الفيلم نجاحاً باهراً وحصل على العديد من الجوائز العالمية من بينهم جائزة أوسكار وقد صنفه معهد الفيلم الأمريكي ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في القرن العشرين، وشهرة هذا الفيلم تدفعنا إلى التعرف على حياة لورنس العرب، فإذا لم تسنح لكم الفرصة لمشاهدته ففي موسوعة نقدم لكم أهم المحطات في حياة هذا الملازم الإنجليزي.
توماس إدوارد لورنس
من هو لورنس العرب ؟
ولد توماس إدوارد لورنس في عام 1888م في إنجلترا وتحديداً في مقاطعة دورست، ولكن قضى فترة قصيرة في طفولته هناك إذ انتقل هو وأسرته إلى فرنسا وتمتع بحياة الترف وظل هناك حتى انتهاء المرحلة الثانوية، فقد عاد إلى موطنه مرة أخرى إلى جامعة أكسفورد من أجل بدء مرحلته الجامعية، وفيها درس الهندسة العسكرية وتعمق في التاريخ العسكري لأجل نابليون بونابرت الذي كان مصدر إلهام له.
برز شغف لورنس بالتاريخ العسكري في عام 1908م عندما كان مكلف بالقيام بكتابة بحث عن هذا المجال وكان يقطع مسافات طويلة من أجل إتمامه، وبجانب شغفه وسعة إطلاعه فقد كان معروف عنه بحبه للاستكشاف فعند دراسته للتاريخ لفت أنظاره تاريخ الشرق الأوسط وحضاراته لذا ففي العام التالي سافر إلى بيروت مما ازداد إعجاباً بها وقد عكف على دراسة اللغة العربية التي أجادها إجادة تامة.
لورنس ظابطاً للمخابرات
تخرج لورنس من الجامعة في عام 1910م، قد استعان به الجيش البريطاني بعد ذلك في قسم الخرائط حيث تمكن من إظهار براعته في العمل لهذا القسم ليتم تعيينه بعد ذلك في قسم المخابرات السرية في القاهرة، وذلك كان في توقيت اندلاع الحرب العالمية الأولى والتي فيها حاربت الدولة العثمانية إنجلترا.
كان للورنس دوراً هاماً في مساعدة جيش بلاده ضد الدولة العثمانية، فقد تميز بمعرفته بكافة المواقع التركية وبالتالي استغل ذلك في إرشاد الجيش إلى المواقع التي يريدون الاتجاه إليها.
لورنس جاسوساً لإنجلترا
عقب انتهاء لورنس من هذه المهمة انتقل إلى مهمة أخرى حيث انتقل إلى الجزيرة العربية التي شهدت قيام الثورة العرابية ضد الأتراك والتي قادها الشريف حسين، وقد كان الغرض من ذهابه تفقد الأوضاع هناك، فقد ارتدى الزي العربي واستغل إجادته للغة العربية وأدعى أنه مواطن سوري من حلب، وقد نالت مجهودات ووطنية الشريف على إعجاب لورنس.
عاد لورنس بعد ذلك إلى القاهرة من أجل إطلاع المخابرات السرية على أحداث الثورة العرابية في الجزيرة العربية وقد اختلف لورنس مع وجهة النظر رئيس البعثة العسكرية الفرنسية في التدخل العسكري في هذه الثورة، إذ رأى لورنس أن التدخل العسكري في هذه الثورة سيؤدي إلى إخفاقها.
أمرت القوات البريطانية بإعادة لورنس مرة أخرى إلى الجزيرة العربية لكي يعمل مستشار لدى الأمير فيصل من أجل معاونته ضد الأتراك الذين لقى منهم هزيمة قاسية بعد فشل محاولاته في فرض السيطرة على المدينة المنورة وحصارها، وقد تمكن بعد ذلك أحد القادة البريطانيين وهو “فيكري” من تحقيق النصر على الأتراك على حساب العرب، وقد اتهمه لورنس بسفك الدماء من أجل تحقيق هذا النصر.
من أجل مصلحة إنجلترا ولمحاربة الأتراك تمكن لورنس من فصل جيش الأمير فيصل عن جيش الشريف علي، وقد انتصر على الأتراك في معركة “الطفيلة” بالأردن عام 1918م بعد احتلال إنجلترا للقدس، وقد ساعد على نجاح الثورة العرابية التي انتهت بتولي الأمير فيصل ملكاً للعراق والأمير عبد الله ملكاً للأردن.
كان لورنس يسعى بشتى الطرق إلى إنجاز المهمة التي أتى من أجلها ألا وهي القضاء على الدولة العثمانية حيث أنه استغل العرب من أجل تحقيق ما يطمح إليه ففي فترة عمله كظابطاً للمخابرات وفي وجوده في الجزيرة العربية كان دائماً يحرص على ارتداء الزي العربي والتحدث باللغة العربية من أجل خداع العرب والتظاهر بأنه عربي.
في عام 1920م عاد لورنس إلى موطنه وفي خلال خمس سنوات أنهى كتابه “أعمدة الحكمة السبعة” والذي يتحدث فيه لورنس عن تجربته في العمل كظابط للمخابرات وما رآه في الفترات التي مكثها في الجزيرة العربية، وقد تم تعينيه بعد ذلك في سلاح الجو الملكي.
وفاة لورنس العرب
توفي لورنس في حادث سير فأثناء قيادته لسيارته اصطدم بدراجة نارية لم يتمكن من تفاديها ليموت في عمر يُناهز 46، وذلك بعد تركه للخدمة العسكرية بنحو شهرين تقريباً، وقد عُثر على آثار لمخيمه السري في صحراء الأردن في عام 2014.
