ـ الأدب الإسلامي يعبر عن وجدان وفكر الإنسان المسلم، ويقدم التصور الإسلامي للكون والحياة والإنسان
ـ العقيدة السليمة والإيمان الفطري والتصور السليم للكون مقومات الأديب المسلم
لهذا تراجع الأدب عامة والأدب الإسلامي خاصةsize=3>
…………..
لم يعد الأدب بأجناسه المختلفة يحتل المكانة التي كان يشغلها من قبل، كما ظهرت على الساحة بعض المصطلحات، ومنها مصطلح الأدب الإسلامي، الذي ينطبق على كثير من الأعمال التي لم يصفها أصحابها بأنها إسلامية، ولكنها كذلك.
فما سر تراجع الأدب عن مكانته؟ وما هو مفهوم الأدب الإسلامي ومكان المرأة في هذا الأدب؟
هذه القضايا، وقضايا أخرى تناولها حوارنا مع الدكتورة مديحة السايح – المدرسة المساعدة بكلية دار العلوم جامعة القاهرة على هامش المؤتمر الأخير لرابطة الأدب الإسلامي.
مشاركة المرأة في المجتمع
– أتاح الإسلام للمرأة أن تشارك في بناء مجتمعها من خلال بناء أسرتها ورعايتها، وأيضا من خلال مجالات العمل المختلفة خارج البيت.. فهل استطاعت المرأة المسلمة أن تؤدي دورها كما يجب؟size=3>
– بفضل الله تعالى، النماذج كثيرة جدًا، وموجودة ومؤثرة، لكن التأثيرات السلبية التي نراها ونحسها مازالت أوسع انتشارا بحكم أنها أقوى نفوذًا، وتملك التمويل الذي يمكنها من الانتشار القوي، لكن إذا ترك المجال للتأثيرات الفردية وحدها، فسيظهر أن المرأة المسلمة مؤثرة جدًا، وقوية جدًا، ومثقفة، وهناك نماذج عديدة ـ لا يمكن أن نحصيها ـ على مستوى عال من الفكر والثقافة، والعلم، لكنها لا تملك الظهور الكافي في ظل الأوضاع التي نعيشها، والتي يتضاءل في ظلها حتى الجهود الطيبة، لكنها بالتأكيد موجودة، وستستمر لأن هذا هي سنة الحياة.
الأصالة والمعاصرةsize=3>
– دكتورة مديحة: شاركت في مؤتمر رابطة الأدب الإسلامي ببحث قي م، نود أن توجزيه لنا؟size=3>
– البحث عنوانه “الأصالة العربية المعاصرة نحو مفهوم بديل للأصالة والمعاصرة في النقد الأدبي” فالنقاد العرب ينطلقون من مفهوم التجديد، ويريدون التجديد، ولكن نتيجة لحالة الانهزام الكامل التي نحن فيها يرون أن المعاصرة هي أن نأخذ من الغربي وليس الحديث، لكن الطرح البديل الذي أطرحه أن الأصالة العربية المعاصرة تتجاوز الفجوة بين الأصالة والمعاصرة من ناحية، ومن ناحية أخرى تحقق وجودي أنا كعربي وكمسلم؛ لأنني لو اعتبرت المعاصرة هي الغربي، فأنا ألغي وجودي كعربي، والعربي له حاجات وقضايا ومشكلات معينة، إضافة إلى أن العربي؛ لذا يجب أن نعتمد مفهوم الأصالة العربية المعاصرة التي تعتبر التراث مفهوما أساسا، ومنطلقا أساسا، نريد أن يتحول التراث العلمي للنقد إلى مفهوم عميق وشامل، ثم ينطلق الناقد بعد ذلك، ويأخذ أدواته من الغرب أو الشرق ليس مهما، وذلك كما قال البعض: إن هذا التراث هو أرضنا التي نقف عليها، وليس هذا التراث في وضع اختيار بيننا وبين الغرب.
مفهوم الأدب الإسلامي
– تطلق الرابطة على نفسها اسم “رابطة الأدب الإسلامي” هل لنا أن نعرف ماذا يعني مفهوم الأدب الإسلامي؟size=3>
– الأدب الإسلامي هو الأدب الذي عبر عن الوجدان والفكر والإنسان المؤمن بالله، الذي يقدم التصور الإسلامي للكون والحياة والإنسان، ومقومات هذا الأدب أديب مسلم له عقيدة سليمة، وإيمان فطري يؤمن بأن الله واحد والكون مخلوق، وهناك نظام يحكم هذا الكون، ويحكم الأفراد، والمجتمع، والنفس، والعالم، والعقل، هذا التصور السليم إذا عبر عنه الأديب يكون أدبا إسلاميا، ومن صفات هذا الأدب أيضا أنه يقاوم، ويرفض كل فكر يدعو إلى الرذيلة الخلقية أو الفكر الإلحادي، والنيل من المقدسات حتى لو وصل هذا الفكر إلى درجة عالية من الحبكة الفنية، وجمال الأسلوب، فهو أدب ساقط في نظر الأدب الإسلامي.
– على ضوء هذا المفهوم للأدب الإسلامي، كيف ينظر هذا الأدب للمرأة؟size=3>
– المرأة موضوع مهم من مواضيع الأدب، وهي كذلك بالنسبة للأدب الإسلامي، وهو يعبر عن كل جوانبها، وكل قضاياها، وقد يصف جمالها الحسي بشكل ظاهر وعفيف، لكنه يتجنب بكل حزم الجانب الحسي الفج والعورات واللحظات الخاصة.
– هل بلغ الأدب الإسلامي إلى ما يطمح إليه من سعة وانتشار؟size=3>
– لم يبلغ بعد الأدب الإسلامي إلى ما نطمح إليه من الانتشار، ومازال أمام الرابطة عمل طويل، لكي تنشر فكرة الأدب الإسلامي، ويتبناها الأدباء والنقاد والمبدعون، وهذا راجع إلى التخوف السائد من كل ما يتصف بأنه إسلامي، وذلك نتيجة للأوضاع التي نعيشها، وأفكار العداء للإسلام الذي يعتبره الكثيرون مرادفا للجمود والإرهاب، لكن فكرة الأدب الإسلامي لو فهمت بالشكل السليم سوف تنتشر في العالم كله، وليس في العالم العربي فقط.
– دكتورة مديحة: اختيارك لمجال النقد الأدبي وهو مجال من المجالات الصعبة في الدراسة العربية، وقد تحجم عنه الكثيرات، ونرى أن أكثر من لمعت أسماؤهم في هذا المجال كانوا رجالا ، فما تعليقك؟size=3>
– أولا أود أن أؤكد أن هذا المجال ليس جديدًا على المرأة، وإنما خاضت المرأة مجال النقد الأدبي منذ زمن، ومن رواده من النساء د. ألفت الروبي، ود.هدى وصفي، ود. سهير القلماوي، ود. عائشة عبد الرحمن، وغيرهن كثيرات، والنقد الأدبي يسهم في توسيع الأفق، والإلمام بالقضايا المتشابكة، ويخلق نوعا من الوعي يمتد حتى لمشكلات الواقع، ولكن يجب أن نؤكد على أن الإنسان هو الذي يجعل من العلم – أي علم مفيد وخير – طريقا للوعي؛ لأن الإنسان هو الأساس.
تراجع الأجناس الأدبيةsize=3>
– نرى دائما أن متابعة الإسهامات الأدبية وقراءة النصوص النثرية والشعرية قاصر على الأدباء أو من عندهم شغف بهذا المجال، كيف تكون المتابعة المثمرة التي يجب أن يتحلى بها الشخص العادي، ولماذا هذا التراجع الشديد في مكانة الأدب نثرا أو شعرا في حياة الناس ، مع أننا نعرف أن متابعة الأدب تعكس على النفس فوائد عديدة كما روي عن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) قوله:(محاسن الشعر تدل على مكارم الأخلاق وتنهى عن مساويها)؟.
– منذ زمن ليس بعيدا كان للأدباء مكانتهم، وكان لأخبارهم أصداء قوية في حياة الناس، وكان الشخص العادي على علم بأخبار الأدباء كالعقاد وطه حسين والرافعي وغيرهم، أما الآن فقد تراجع الأدب عن موقعه في الصدارة في حياة الناس، ولم يعد له الأولوية كما كان، وأذكر أن الأستاذ فاروق شوشة سأل مرة الأستاذ محمود الربيعي: لماذا تراجع الشعر في حياتنا عن الصدارة ؟ فرد الأستاذ محمود: لأننا لم نعد نحيا حياة شعرية، والمقصود بالحياة الشعرية الحياة المليئة بالقيم والخلق والمعاني، لكن حياتنا الآن حياة مادية بشكل كبير، حتى الشعر أصبح ماديا، ويتضح ذلك من سلوكيات كثير من الشعراء حيث نرى أنهم أنفسهم يغلب عليهم المادية، وتراجع الشعراء، وأصبح في مراتب متأخرة بعد السينما والمسرح، وحتى الرواية.. والحق أن الإبداعات الأدبية الشعرية ذاتها لم تعد تلك التي تغذي القلب، والعقل معا، وأصبحت خليطا من أشياء صعبة الفهم، وبالتالي بعدت كثيرًا عن تقبل المتلقي العادي، لكن الاستثناء واجب؛ لأن هناك العديد من المبدعين الذين ما زالوا على درجة عالية من القيم الأدبية، والفنية، والخلقية العالية.
– ما الحل في نظرك لهذه الظاهرة؟size=3>
– في رأيي أن المفتاح الأساس للحل هو في يد الشعراء والنقاد فقط، الشعراء عليهم أن يحترموا الشعر فيما يكتبونه، ويعودوا به إلى قيمته الإنسانية، وعليهم أن يعلموا أن المتلقي يجب أن تصل إليه ثقافة عالية؛ لأن الأدب يسهم في تشكيل الإنسان، وبذلك إن لم يكن للشاعر المخزون العالي من الثقافة والشاعرية فلن يتقبله أحد.
أما النقاد فعليهم أيضا احترام وظيفتهم الرائدة في قيادة المجتمع، بحيث يصبحوا واجهة مضيئة للمجتمع، والآن فقد تخلي الناقد عن دوره الريادي، وأصبح غاية الكثيرين أن يكتبوا دراسة تنشر، أو كتابا، أو أي أمر من أمور المصلحة، إلا القليل الذي تحرر من قيد الوظيفة البحتة، ولكن إسهاماتهم مازالت غير كافي