الحرب حول هوية الدولة في إسرائيل 1/2

الحرب حول هوية الدولة في إسرائيل 12 منذ يومها الأول والدولة العبرية تعيش مفارقة عجيبة في علاقتها بالدين فالحركة الصهيونية التي أسستها وعاشت قبلها قرابة نصف القرن ركزت عقيدتها السياسية حول فكرة دينية صرفة في حين أن كل دعاتها الأوائل كانوا من العلمانيين البعيدين كل البعد عن الالتزام بالتعاليم التوراتية..

الحرب حول هوية الدولة في إسرائيل 1/2

منذ يومها الأول والدولة العبرية تعيش مفارقة عجيبة في علاقتها بالدين. فالحركة الصهيونية التي أسستها، وعاشت قبلها قرابة نصف القرن، ركزت عقيدتها السياسية حول فكرة دينية صرفة، في حين أن كل دعاتها الأوائل كانوا من العلمانيين البعيدين كل البعد عن الالتزام بالتعاليم التوراتية أو التلمودية. ولعلها في ذلك تقدم أبرز مثال حديث على توظيف الدين لأغراض سياسية. ولهذا لم يكن غريبا أن تقف المؤسسات الدينية اليهودية التقليدية في أوروبا، حيث مهد الحركة الصهيونية، موقف المتشكك من الحركة وجيلها الأول إلى المعادي لها.size=3>

هذا الموقف العام لم يمنع تيارًا صغيرًا، عرف بالتيار القومي الديني، من الانخراط في صفوف الحركة الصهيونية، ومن المشاركة بالتالي في تأسيس الدولة. هذا التيار لا يزال يعمل في إسرائيل اليوم تحت مسمى الحزب القومي الديني أو “المفدال”. وقد شارك هذا الحزب في كل الحكومات التي تناوبت على حكم إسرائيل منذ تأسيسها إلى اليوم، بغض النظر عن إيديولوجية الحزب الرئيسي الذي شكل هذه الحكومات.size=3>

شكلت حرب 67 منعطفا بارزا في تاريخ الحركة الصهيونية وإسرائيل؛ فالانتصار الباهر الذي حققه الجيش الإسرائيلي على الجيوش العربية أعطى دفعة قوية من الثقة لإسرائيل وفيها. وكان من النتائج التي ترتبت على هذا الانتصار حدوث انقلاب جذري في موقف الكثيرين من المتدينين اليهود الذين صاروا يلمسون الآثار العملية والإيجابية للدولة اليهودية كما تصورتها وأوجدتها الحركة الصهيونية رغم علمانيتها. ولهذا غلّبوا ما يرونه من آثار عملية ملموسة على المعتقد الديني القديم الذي يقول بأن العودة إلى أرض الميعاد وإعادة بناء الهيكل مرهون بتدخل الإرادة الإلهية العليا بعيدًا عن التدخلات البشرية. بل تحول المؤمنون بحرفية هذا المعتقد إلى أقلية هامشية، سواء داخل إسرائيل أم خارجها. ولعل أبرز هؤلاء المجموعة الصغيرة التي تسمى “ناطوري كارتا” التي لا تزال غير مؤمنة بشرعية الدولة العبرية.size=3>

ورغم الطبيعة العلمانية/ الاشتراكية للدولة، كما وضعها بن غوريون والتيار الرئيسي في الحركة الصهيونية، إلا أنه كان حريصًا ليس فقط على تحييد المجموعات المتدينة، بل حاول استمالتها عن طريق بعض المغريات والرموز الدينية التي زرعها في الدولة وفي نظام الحكم. ولهذا تعهد بتقديم دعم الدولة المالي والقانوني للمدارس الدينية وإعفاء المتفرغين للعلم الشرعي من الخدمة الإلزامية في الجيش. وأعطى لمجلس الحاخامات الأعلى الكثير من الصلاحيات فيما يتصل بالشؤون الدينية بعيدًا عن تدخل الدولة المباشر. ومن ذلك حق تقرير من هو اليهودي الذي يسمح له بالهجرة إلى إسرائيل.size=3>

هذا التغير في موقف المتدينين من الدولة، ووجود بعض الامتيازات القانونية والمالية للمتدينين، عجل من تنامي الحركات السياسية المتدينة وزيادة نفوذها في المجتمع الإسرائيلي. واليوم يوجد في إسرائيل مجموعة من الأحزاب السياسية القائمة على أساس ديني، أشهرها: شاس: لليهود الشرقيين، وأغودات إسرائيل: الاشكنازي الطابع، ويهودات ها توراة إضافة طبعًا إلى الحزب القومي الديني (المفدال) المذكور أعلاه. وفي حين أن تأسيس الحزب الأخير يعود إلى الأيام الأولى للدولة إلا أن حزب شاس يعتبر من الأحزاب الجديدة في إسرائيل إذ يعود تأسيسه إلى أوائل الثمانينات من القرن الماضي.size=3>

يشغل ممثلو هذه الأحزاب ربع مقاعد الكنيست الحالي. ولم تخل حكومة إسرائيلية من مشاركة بعضها. وجلها يشارك اليوم في حكومة شارون الحالية. ويعتبر شاس السفاردي الطابع أكبر هذه الأحزاب وأهمها في المرحلة الحالية ويشغل نوابه 17 مقعدا في الكنيست الراهن؛ ما يجعله عمليا ثالث أكبر حزب في إسرائيل وبفارق مقعدين فقط عن حزب الليكود، الحزب الثاني من حيث المقاعد التي يشغلها.size=3>

يطلق المعلقون الإسرائيليون على هذه الأحزاب صفة “المرجحين”. وذلك لأن أيًّا من الحزبين الكبيرين (العمل والليكود) لا يستطيع بمفرده تشكيل حكومة تتمتع بأغلبية برلمانية إلا بالمشاركة مع بعض الأحزاب الدينية. أي أن هذه الأحزاب هي التي ترجح كفة الحزب القوي ليتمكن من تشكيل الحكومة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كاتب وإعلامي
size=3>

Source: islamweb.net

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *