نائب رئيس الجامعة الإسلامية بهولندا لـ (إسلام ويب) :
– المسلمون أكبر جالية في هولندا ورغم ذلك تأثير الجالية اليهودية يفوقهم بمراحل
– في المستقبل البعيد قد يزيد تعداد المسلمين في دول أوروبية عن المواطنين الأصليين
– مشكلة المسلمين الوافدين إلى أوروبا أنهم لا يقدّرون ظروف مجتمعاتهم الجديدةsize=3>
ـــــــــــ
الدكتور مرزوق أولاد عبد الله نائب رئيس الجامعة الإسلامية في هولندا ، مغربي المولد ، هولندي النشأة ، مصري الثقافة ، جاء إلى هولندا مع أسرته عام 1974.. درس في المدارس الهولندية وحفظ القرآن الكريم في مدينة أمستردام، ثم انتقل للدراسة بالأزهر الشريف حيث التحق بالثانوية الأزهرية ثم التحق بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر ثم حصل على الماجستير في موضوع (عزل الموظف العام في النظام الإسلامي والنظم الإدارية المعاصرة.. دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون)، وأشرف على الرسالة الدكتور نصر فريد واصل مفتى مصر السابق ثم حصل على الدكتوراه في الاقتصاد الإسلامي وكان موضوع الرسالة تحت عنوان (تغير أسعار الصرف وتطبيقاتها المعاصرة).
سألناه عن الإسلام في هولندا فقال:size=3>
بدأت هجرة المسلمين إلى هولندا في بداية الستينيات ، وتحديدًا من بلاد المغرب العربي ، وكانت الحكومة الهولندية في ذلك الوقت تستقبل الأجانب من أجل العمل بعد الحرب العالمية الأولى والثانية ، ثم استقر المسلمون في هولندا بعد أن طالت مدة إقامتهم بها وبعد أن كان كل مسلم يصلي في بيته بدأت ثلة من الشباب المسلم في ذلك الوقت في التفكير بإنشاء المساجد، وأسس أول مسجد بمدينة أمستردام عام 1975 والذي يعد المسجد الأم؛ فمنه تفرعت جميع المساجد في هولندا، والتي وصل عددها الآن إلى 450 مسجدًا في أنحاء هولندا حيث توجد مساجد للمغاربة وأخرى للأتراك وثالثة للباكستانيين، وذلك لأن كل جالية تتحدث بلغتها ؛ فالأتراك مثلا لا يفهمون اللغة العربية فكان لا بد أن يكون لهم مسجد تلقى فيه المحاضرات والخطب باللغة التركية وهكذا باقي الجاليات.
ما هي المشاكل التي يعانى منها المسلمون في هولندا تحديدا ؟size=3>
توجد مشاكل اجتماعية كثيرة الآن طرأت في أوساط الجالية المسلمة في هولندا ومستجدات فقهية ما كنا نعرفها نحن في البلاد العربية أو الإسلامية، وهذه المشاكل تحتاج إلى حلول من العلماء، لكن في الحقيقة لا نجد اهتمامًا ، ومن ضمن هذه المشاكل مثلا نجد مسلما يطلق زوجته المسلمة شكليا – (على الورق) – من أجل أن يحصل على مرتبين في الوقت الذي يعاشرها فيه معاشرة الأزواج، وعندما تسأله يقول : أنا لا أقصد الطلاق ولكني أريد الاستفادة من القانون الهولندي الذي يمنح الزوجة المطلقة مرتبا خاصا بخلاف المرتب الذي يحصل عليه الزوج، كما توجد مشاكل أخرى مثل الزواج من غير المسلمين فقد أصبح شيئا عاديا الآن في هولندا أن تجد مسلمة تتزوج من غير مسلم ، وهذا بسبب الإغراق في الماديات ، لكن هذا لا يمنع أن هناك كثيرًا من المسلمين يحافظون على هويتهم وسمتهم الإسلامي داخل المجتمع الهولندي.
هل تواجهون معوقات من قبل الحكومة الهولندية؟size=3>
بصراحة الحكومة الهولندية تسمح للجميع بمختلف اتجاهاتهم وأفكارهم وأديانهم أن يمارسوا شعائرهم بمنتهى الحرية ، كما تسمح ببناء المدارس والجامعات والمساجد، والدستور الهولندي هو الذي يكفل هذه الحقوق ، لكننا للأسف -كمسلمين- نلقي بالأخطاء على الآخرين ولم نحسن استغلال هذه الحرية بقدر كبير، والمشكلة الحقيقية تكمن في المسلمين أنفسهم الموجودين في هولندا؛ فهم لا يفكرون بشكل سليم في وضع تصور بشأن مستقبل وجودهم بهذه البلاد ، سواء على المدى القريب أم البعيد.
لكن ما حقيقة ما يقال من أن هناك خلافات فكرية تنشب بين المسلمين في هولندا ويصل صداها إلى المنابر؟size=3>
نحن – المسلمين – لا نتغير ؛ فأي عربي يكون في بلده عندما ينتقل إلى أوروبا ينتقل بمشاكله ويحاول أن يفرض تلك المشاكل على المجتمع الأوروبي بمن فيهم المسلمون ، وخاصة الجيل الثالث الذي يعيش في أوروبا الآن، وهذا الجيل ولد ونشأ وتربى في المجتمع الغربي على مبادئ وقيم معينة، والجالية الإسلامية هناك تبذل قصارى جهدها في محاولة الحفاظ على الهوية العربية والقيم والأخلاق الإسلامية لهذا الجيل الجديد.
لكننا نفاجأ ببعض الدعاة الذين يفدون إلينا من خارج الدول الأوربية يأتون بخلافاتهم المذهبية والفكرية ويحاولون فرضها على الناس ، ويجعلونها مثار مناقشة وجدل ، وهنا يحدث خلط في المفاهيم ربما يؤدي في النهاية إلى انصراف هذا الشباب عن الكل ، فللأسف بعض الدعاة لا يحسنون الخطاب ولا يدركون أنهم يعيشون في مجتمع مغاير تماما للمجتمعات العربية والإسلامية.
ماذا عن الجامعة الإسلامية في هولندا ودورها في خلق جيل جديد يدعو إلى الإسلام في الغرب؟size=3>
الجامعة الإسلامية أقيمت في هولندا عام 1998 تحت اسم (جامعة أوروبا الإسلامية) بمدينة شخيدام، وسوف تخرج أول دفعة هذا العام بمشيئة الله كما أن لها فرعًا آخر بمدينة أمستردام أقيم العام الماضي وندرس بالجامعة مواد شرعية تتمثل في القرآن وعلومه، والتفسير وعلومه، والحديث الشريف وعلومه، والقواعد الفقهية، والتاريخ الإسلامي، والسيرة النبوية، ونحن غالبا ما نأخذ المناهج التي تدرس بجامعة الأزهر الشريف بمصر ، والتي نرى أنها الأقرب إلى الواقع وهذا بجانب العلوم الاجتماعية، وتتمثل في دراسة واقع المجتمع الهولندي وتركيباته النفسية والعقلية والاجتماعية ؛ لأن هذا مهم جدا بالنسبة للداعية الذي يعتلي المنبر ، خاصة عندما تتاح له فرصة الاتصال مع وسائل الإعلام المسموعة أو المرئية يستطيع أن يعرف أين يعيش ومع من يتكلم ، ويخاطب القوم بلغتهم.
كما أن الجامعة تدرس اللغة الهولندية للطلاب الذين لا يجيدونها وهذا شرط أساسي للالتحاق بالجامعة كما أن هناك دراسة لتاريخ الأديان ، وهناك مادة تهتم بمهارات التواصل والحوار مع الآخرين، ويقوم بتدريس هذه المواد الاجتماعية أساتذة من الجامعات الهولندية والبلجيكية الذين غالبا ما يغيرون نظرتهم المشوهة عن الإسلام عندما يحتكون بنا عن قرب ويتعاملون مع الطلاب والطالبات في هذه البيئة الإسلامية فيخرجون بتصور آخر عن الإسلام يقومون هم بنشره في المجتمع الغربي ، ويأتي على رأس هؤلاء الأساتذة : الدكتور يوفهان موفمان رئيس مجلس الأمناء بالجامعة وهو هولندي مسلم يدرس في جامعة ليدن وهي من أعرق جامعات الاستشراق في العالم، كما يوجد أيضا الدكتور سليمان اطش رئيس الجامعة وهو مفتي تركيا سابقا.
هل أثرت أحداث 11 سبتمبر على أوضاع المسلمين في هولندا؟size=3>
أحداث سبتمبر أحدثت ما يشبه الزلزال ، فقبلها بدا الوضع يتحسن داخل أوساط الجالية المسلمة حتى في علاقتها مع الحكومة الهولندية ومع المؤسسات الغربية حيث كان هناك تواصل فكانت تعقد الندوات والمؤتمرات وكان هناك حوار بين الإسلام والغرب إلى أن جاءت أحداث سبتمبر وألقت بظلال من الشك والريبة وبدأت بتشويه صورة المسلمين عمدًا لدى الآخر على أنهم عدوانيون وإرهابيون وأصبح الحديث عن الإسلام هو المادة اليومية على صفحات الجرائد دون إنصاف أو موضوعية وأصبح هناك حائل ذهني بين العقلية الغربية والإسلام.
وهذه هي مشكلة الغرب دائمًا أنه يتحدث عن الإسلام دون أن يتعرف أصلا عليه ، أو يحاول فهمه ، بل يعتمد على رواسب الماضي وقراءة بعض الكتب المعادية وإن كان هناك عقلاء في بعض المجتمعات والحكومات الغربية يحاولون أن يفصلوا بين ما حدث وبين المسلمين الموجودين داخل بلادهم وأصبح بعض الساسة يحاول أن يفصل بين الإسلام وبين الإرهاب وأن العداء موجه إلى الإرهاب لا إلى الإسلام.
ما دور المنظمات والهيئات الإسلامية الموجودة بهولندا في تغيير هذه الصورة المشوهة؟size=3>
توجد الآن محاولات شتى من جميع المنظمات والهيئات الإسلامية الموجودة في الساحة الهولندية سواء عبر التليفزيون أو الصحافة والإعلام ومن خلال المؤتمرات والندوات والحوارات للتخفيف إلى حد ما من آثار هذه الضربة ومحاولة توضيح أن ما حدث ليس له علاقة بالإسلام وكانت الحكومة الهولندية أيضا حريصة على تماسك المجتمع بجميع طوائفه وجنسياته وعدم السماح بوجود هوة شاسعة بين المسلمين والهولنديين لأنها تعرف تماما أن محاولة بلورة تصور ضد الإسلام ينعكس بدوره على تعامل المسلم مع غيره ، وعندما لا يكون هناك حوار سيحل محله العداء والكراهية وستعم الفوضى وهو في النهاية لا يصب في مصلحة هولندا كدولة ومجتمع.
على الرغم من صغر تعداد الجالية اليهودية في هولندا إلا أن تأثيرها يفوق تأثير الجالية الإسلامية.. لماذا ؟size=3>
هذا التأثير يعود إلى أنها تملك السياسة والإعلام والمال ، ورغم أن الجالية الإسلامية في هولندا يصل تعدادها إلى 800 ألف مسلم وهي تعد من أكبر الجاليات الموجودة في هولندا إلا أنها غثاء كغثاء السيل كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم.
ورغم أن تعداد الجالية اليهودية اقل كثيرا من المسلمين إلا أنهم أكثر تنظيمًا ، ولهم مصالح داخل المجتمع الهولندي ويتولون المناصب العليا ويوجدون في الصحف ويوجهون الرأي العام في داخل المجتمعات الأوروبية التي يعيشون فيها ؛ فوجودهم وتأثيرهم القوي ليس مبنيا على الخطاب فقط ، وإنما قائم أيضا على العمل الجدي المتواصل في مختلف المؤسسات الحكومية، ولهذا فإنهم يضمنون وجودهم داخل البلد ويملكون أيضا وسائل التأثير على المجتمع الذي يعيشون فيه.
أما المسلمون فهم في حاجة إلى هذا التنظيم ، خاصة وأن الحكومات الغربية تعمل ألف حساب للصوت الانتخابي ، والمسلمون في هذه البلدان ينتمون إلى أحزاب ؛ فمثلاً في هولندا نجد المسلمين منضمين إلى أحزاب ليبرالية ، ومنهم من هو في حزب العمل أو حزب الخضر ومنهم عضو في البرلمان عن الحزب المسيحي.
ومجموع المسلمين الممثلين في البرلمان الهولندي حوالي سبعة ، لكني أرى أنهم لا يمثلون إلا الأحزاب التي أتت بهم إلى البرلمان ؛ فهم لا يتبنون قضايا المسلمين سواء في الداخل أم الخارج لكنهم لو نظموا أنفسهم وبدؤوا يتغلغلون داخل هذا الحزب أو ذاك لاستطاعوا أن يستغلوا هذه الأصوات في توجيه الرأي العام والتعاطف مع قضاياهم الإسلامية داخل وخارج أوروبا وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
مع وصول حزب اليمين المتطرف إلى الحكم في هولندا هل سيكون لذلك تأثير على أوضاع المسلمين هناك ؟size=3>
بالطبع سيكون له تأثير ولا نستطيع أن نقول : إن هذا الحزب كله سيئ ولا كله حسن فهو أعلن أنه سيوقف الهجرة تمامًا إلى هولندا ، ولن يقبل اللاجئين السياسيين في الوقت الذي سيعمل فيه على رفع مستوى المهاجرين داخل المجتمع الهولندي ورغم أن هناك نبرة تشجيع للمد العنصري داخل المجتمع الهولندي في خطاب الحزب بهدف تحجيم الوجود الإسلامي هناك.
إلا أن المسلمين لو أحسنوا تنظيم أنفسهم ومخاطبة الغير داخل المجتمع بأقوالهم وسلوكهم أعتقد أنه لن تكون هناك مشكلة ، خاصة وأن هولندا تتميز عن البلاد الأوروبية الأخرى بالتسامح والحرية الدينية وحرية التعبير وإنشاء المؤسسات ، فهي تعطي قيمة كبيرة للفرد ، سواء كان هولندي الأصل أم أجنبيًا حيث يوجد بها ما يقرب من 185جنسية أي أنها تجمع كل أجناس العالم تقريبا لكن لو حدث هذا المد العنصري لا بد أن نعلم تمامًا أننا أسهمنا -كمسلمين – بجزء كبير فيه.
كيف ترون مستقبل الإسلام في هولندا بشكل خاص والغرب بصفة عامة؟size=3>
لو عمل أهل الإسلام للإسلام كما ينبغي أستطيع القول بأن الإسلام يمكن أن يكون له مستقبل زاهر في أوروبا والغرب ، وخاصة أننا نرى الآن الكثير من الهولنديين يدخلون في الإسلام ، بل حتى الأجانب الذين يسكنون داخل المجتمع الهولندي بدؤوا يقبلون على الإسلام.
حتى بعد أحداث سبتمبر بدأ البعض يتساءل عن سر هذا العداء السافر للإسلام من خصومه وبالتالي بدأ يبحث ويقرأ الكتب ثم يدخل في الإسلام من غير أن تكون هناك دعوة منظمة من المسلمين.
وقبل أن آتي إلى مصر مباشرة كنت أجلس مع بعض الفتيات دون سن العشرين جاؤوا ليتعرفوا على الإسلام بعد أن قرؤوا عنه بعض الكتب باللغة الهولندية وأعجبوا به، وقالوا : إن ما نقرأه في الكتب هو خلاف ما نسمعه عن الإسلام في وسائل الإعلام وخلاف ما نراه من واقع المسلمين أنفسهم داخل المجتمع الهولندي ، وإن كان الأمل الآن معقودًا على الجيل الثالث من المسلمين؛ هذا الجيل يحفظ القرآن الكريم، ويدرس في الجامعات الإسلامية .. هناك ، وينتظر أن يكونوا دعاة إلى الإسلام يعرفون واقعهم وعصرهم وطبيعة مجتمعهم ، وبالتالي يكون لهم تأثير أفضل على العقلية الغربية.
ما تقييمك للخطاب الإسلامي الموجه للغرب؟size=3>
أعتقد أن المسلمين في الغرب لا بد أن ينظموا أنفسهم ويرتبوا أوضاعهم فلا بد أن تكون لهم معاهد ومؤسسات إعلامية ومنظمات خاصة بهم ، كما لا بد أن يكون لديهم علماء قادرون على بلورة الفكر لو فعلوا ذلك بجانب استخدام لغة البلد التي يعيشون فيها .. حينئذ يستطيعون أن يصلوا إلى نفوس أهلها ويؤثروا فيهم خاصة وأن الشعوب في الغرب لديهم قابلية للاستماع إلى الغير.
لكن المشكلة تكمن في أن حكومات بعض البلدان الأوربية لا تعرف من تخاطب من المسلمين فالكل يدعى أنه يمثل الإسلام ، والكل ينشئ مؤسسات بمسميات إسلامية ، والكل يحاول أن يعمل منفردا ، كما أن كثيرا ممن يدعون إلى الإسلام في الغرب يعانون من الجهل بالإسلام ، سواء في فهمه أم تدريسه أو سبل تكييف الإسلام مع الواقع ، ولا أعني بذلك أن نخرج الإسلام عن مضمونه ، ولكن أن نعيش بجوهر الإسلام مع وجود جسر للتواصل مع الآخر في الغرب فنحن مثلا عندما نتحدث عن الإسلام ونحن في هولندا نتحدث باعتبارنا مسلمين هولنديين نحترم قوانين الدولة، ونقدم ما علينا من واجبات ونتمتع بما لنا من حقوق.
وأستطيع القول بأن الإسلام قد وطن بالفعل ورسخ في أوروبا فكرة الرجوع إلى بلد الأصل هذه لم تعد موجودة والجاليات المسلمة تزداد يوما بعد يوم حتى إنه في بعض الدول سيكون عدد المسلمين في وقت من الأوقات أكبر من عدد السكان الأصليين فعلى هذا الأساس يجب على المسلمين أن ينظموا ويهيئوا أنفسهم أنهم سيكونون قيادات داخل هذه البلاد ، وهذا يتطلب من الآن أن نخطط بإحسان لمستقبل الإسلام في ديار الغرب.
ما مدى تأثير الداعية المسلم في المجتمعات الغربية؟size=3>
قد يكون هناك تأثير من بعض الدعاة في بعض البلدان الأوربية ، والمسألة قد تختلف من دولة إلى أخرى ، نأخذ مثلا دولة مثل فرنسا نجد أن بها عددًا لا باس به من الدعاة كما أن بها أكاديميين علميين درسوا في الجامعات الإسلامية ، وبعضهم درس في الجامعات الغربية واستطاعوا أن يجمعوا بين الثقافتين الإسلامية والغربية ، وأن يوصلوا الإسلام حتى إلى غير المسلمين.
لكن هناك بعض الدول مثل بلجيكا مثلا أو هولندا تعاني من عجز وقصور شديد في الدعاة إلى الله ، وحتى بعض الأئمة الذين يعتلون المنابر هناك لا يحسنون الخطابة أو إلقاء الندوات والمحاضرات .
والسبب في ذلك أن هؤلاء الدعاة لم يجيؤوا من بلادهم من أجل أن يكونوا أئمة أو دعاة ، وإنما أتوا للعمل فلما لم يحصلوا على فرصة عمل وكانوا يحفظون شيئًا من القرآن الكريم أصبحوا أئمة ودعاة رغم أن غالبيتهم لم يدرسوا العلوم الشرعية وهذه تمثل مشكلة في كيفية توجيه وإرشاد المجتمع الغربي إلى الإسلام بشكل صحيح ، يضاف إلى ذلك أن هؤلاء الدعاة ليسوا على دراية كافية بالثقافة الهولندية والعقلية الأوربية بشكل عام ، ومعظمهم يأخذ بعض المشاكل التي تكون موجودة في الدول العربية والإسلامية وينقلها معه حرفيا إلى أوروبا ويتحدث فيها في خطب الجمعة على المنابر وفي الندوات والمحاضرات وكأنه ما يزال يخطب في بلاده التي أتى منها.
فنحن نحتاج في الحقيقة إلى دعاة يحسنون ما يقولون ويفهمونه جيدا ويستطيعون أن يستقرئوا الواقع الأوروبي وأن يبحثوا عن مشاكل المسلمين في أوروبا ويحاولوا إيجاد حل لها ، وهذا على ما أعتقد هو واجب الدعاة في ديار الغرب.
هل بالفعل انحسرت حركة الاستشراق في الغرب؟size=3>
هناك مستشرقون معتدلون وآخرون يحملون فكر التهويل والتخويف من الإسلام ، لكن من خلال بعض الحوارات التي أجريت مع بعض هؤلاء المستشرقين وجدنا أنهم بدؤوا يتفهمون العقلية المسلمة ، وبعد أن كانوا يطالبون المسلمين بأن يتفهموا عقلية الغرب بدأ وجود حوار ونقاش متبادل بين الطرفين بهدف التقارب ، ونحن بدورنا لا بد أن نفرق بين الاستشراق كمؤسسات تحمل فكرًا معينًا وبين بعض المستشرقين المعتدلين الذين يحاولون أن يعرضوا الإسلام بموضوعية.
وهذا كله لا ينسينا أن هناك دورًا مهمًّا بالنسبة لدارسي العلوم الشرعية في توضيح بعض المفاهيم الإسلامية التي شوهت في الغرب ، كما أن المسلمين في الغرب عليهم مسؤولية كبيرة تتمثل في فهم الإسلام أولا ، ثم تطبيق هذا الإسلام على أنفسهم ، ومحاولة أن يكونوا نماذج حسنة للإسلام حتى نستطيع أن نغير الصورة المشوهة التي ساهم بعض المستشرقين والقوى المعادية في إلصاقها بالإسلام زورا