‘);
}

أساليب الحوار في القرآن الكريم والسنة النبوية

توجد العديد من أساليب الحوار الواردة في القُرآن الكريم والسُّنة النبويّة الشريفة، ومنها ما يأتي مع الأمثلة عليها:[١][٢]

  • التشويق وجذب الانتباه: وذلك من خلال بدء الحوار بأسلوبٍ يُمكن من خلاله جذب انتباه السامع والقارئ؛ كالسؤال أو النِقاش، ثُمّ البدء بالحوار في أجواءٍ هادئة، كقول الله -تعالى- للملائكة: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ).[٣]
  • التوبيخ: ويُستعمل هذا الأُسلوب في حالة كثرة الأخطاء، وعدم الانتفاع من أُسلوب الرّفق واللّين، كتوبيخ الله -تعالى- لإبليس عندما عصاه ورفص السُجود لآدم، فقال -تعالى-: (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ* قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ* قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ).[٤]
  • العِتاب: ويُستخدم بعد تنبيه الشخص لأكثر من مرّة، ثُم وُقوعه في الخطأ نفسه، وقد يُستخدم معه أُسلوب التوبيخ، كعِتاب الله -تعالى- لآدم بعد أكله من الشجرة، وقد نبّه على عدم طاعة الشيطان والأكل منها قبل ذلك، ولكنّه عصى أوامر ربه فأكل منها بعد وسوسة الشيطان له، فقال -تعالى-: (فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ).[٥]
  • الإقناع: وذلك من خلال استخدام الأدلة الواضحة والقاطعة؛ للوصول إلى الحقيقة، وإقناع الأطراف الأُخرى، كقول الله -تعالى- لنبيّه إبراهيم -عليه السلام-: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).[٦]
  • ضرب الأمثال: وذلك من خلال الإتيان بأمثِلَةٍ من الواقع المُعاصر؛ لتكون أقوى في الحُجّة، كقول النبي -عليه الصلاة والسلام- للأعرابي الذي وَلدت له زوجته ولداً أسوداً: (هلْ لكَ مِن إبِلٍ قالَ: نَعَمْ، قالَ: ما ألْوانُها قالَ: حُمْرٌ، قالَ: هلْ فيها مِن أوْرَقَ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فأنَّى كانَ ذلكَ قالَ: أُراهُ عِرْقٌ نَزَعَهُ، قالَ: فَلَعَلَّ ابْنَكَ هذا نَزَعَهُ عِرْقٌ).[٧]
  • الاستفهام: وذلك لإشعار الطرف الآخر بأهمّية الأمر، واستخراج القرارات السليمة منه، فيرجع الإنسان إلى فطرته وحُبّه للخير من خلال أُسلوب الاستفهام، كسؤال النبي -عليه الصلاة والسلام- للرجل الذي جاء يستأذنه بالزنا إن كان يرضى ذلك الأمر لأمّه أو ابنته أو خالته أو عمّته، وكان الرجل يجيبه عن كلّ مرّة: لا، فأقنعه النبي -عليه الصلاة والسلام- بالبُعد عن الزنا باستخدام أُسلوب الاستفهام.
  • المُداراة: وذلك للأخذ بأقلّ المصالح ضرراً، كموقف علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ورفضه محو كلمة رسول الله أثناء كتابة صلح الحديبية، فسأله النبي -عليه الصلاة والسلام- عن مكان وجودها، ومحاها بنفسه.
  • الطريق المسدود: وهو الحوار الذي يبدأ بإعلان النتيجة، ولا يُهتمُّ فيه بالرأي الآخر، كقصّة ابني آدم في قوله -تعالى-: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ).[٨]
  • التسفيه: وذلك من خلال التوجّه إلى حصر الحق والصواب في جِهةٍ واحدة، وتسفيه الأطراف الأُخرى، كقوله -تعالى- عن فرعون: (قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ).[٩]
  • التعجيز: وذلك من خلال النّظر إلى سلبيات الآخرين وإظهارها، وينتهي ذلك بإحباط الأطراف المُتحاورة وبالتالي عدم الوصول إلى نتائج، كقوله -تعالى- على لسان كُفار مكة للنبي -عليه الصلاة والسلام-: (وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاء أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيم).[١٠]
  • التسلُّط: وذلك من خلال استخدام الطرف الأقوى لسُلطته في تهديد الطرف الآخر، وإلغائه لآرائه وكيانه، كقول أبي إبراهيم لابنه إبراهيم -عليه السلام- في قوله -تعالى-: (قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا).[١١]
  • التبطين أو المُبطن: من خلال استخدام بعض الألفاظ الخفيّة؛ للسُّخرية من الطّرف الآخر، وعادة ما يُستخدم بهذا الأسلوب ما يُسمّى بالتّوْرِية، كقول إبراهيم -عليه السلام- لقومه: (قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ).[١٢]
  • السّطحية أو المُناورة: وهو الحوار الذي يتمسّك به أحد الأطراف بِحُجَجٍ ضعيفةٍ وسطحية، كقوله -تعالى- على لسان الرجل الذي حاجّ إبراهيم -عليه السلام-: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ).[١٣]
  • القصص: وتنوّع هذا الأُسلوب في القُرآن الكريم حسب الأشخاص، ومن الأساليب القصصيّة في القُرآن ما يأتي:[١٤]
    • المُناجاة: كقوله -تعالى- على لسان إبراهيم -عليه السلام- لقومه: (قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ* أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ* فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ* الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ* وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ).[١٥]
    • الاستدراج: من خلال استدراج الطّرف الآخر للحقّ بألطف الألفاظ، كقول إبراهيم لأبيه: (إِذ قالَ لِأَبيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعبُدُ ما لا يَسمَعُ وَلا يُبصِرُ وَلا يُغني عَنكَ شَيئًا* يا أَبَتِ إِنّي قَد جاءَني مِنَ العِلمِ ما لَم يَأتِكَ فَاتَّبِعني أَهدِكَ صِراطًا سَوِيًّا).[١٦]
    • الاستفهام: كقوله -تعالى- على لسان نبيّه مُحمد -عليه الصلاة والسلام- عند مُحاورته لِكُفار قُريش: (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّـهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَـذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّـهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لَّا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ).[١٧]
    • الاستطراد: من خلال الخُروج عن الهويّة الحواريّة إلى التعبير للطرف الآخر وإجباره على الإصغاء، كقول الله -تعالى- على لسان موسى -عليه السلام-: (قالَ عِلمُها عِندَ رَبّي في كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبّي وَلا يَنسَى* الَّذي جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ مَهدًا وَسَلَكَ لَكُم فيها سُبُلًا وَأَنزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخرَجنا بِهِ أَزواجًا مِن نَباتٍ شَتّى* كُلوا وَارعَوا أَنعامَكُم إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى* مِنها خَلَقناكُم وَفيها نُعيدُكُم وَمِنها نُخرِجُكُم تارَةً أُخرى).[١٨]
    • الالتفات: من خلال التنقّل بين الغيب والشهادة؛ لجذب الانتباه والذِهِن، كقوله -تعالى-: (قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَٰلِكِ اللَّـهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ* وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ* وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّـهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللَّـهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ).[١٩]
  • التقرير: وذلك من خلال عرض الحقائق بصيغة المُسلّمات البديهيّة، وبطريقةٍ غير قابِلِةٍ للإنكار، كقوله -تعالى-: (وَإِلى ثَمودَ أَخاهُم صالِحًا قالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللَّـهَ ما لَكُم مِن إِلـهٍ غَيرُهُ قَد جاءَتكُم بَيِّنَةٌ مِن رَبِّكُم هـذِهِ ناقَةُ اللَّـهِ لَكُم آيَةً).[٢٠][٢١]
  • التلقين: من خلال توجيه الدُعاة إلى ما يُمكن به ردّ الشُبُهات، والردّ على أصحابِهِا، وتنوّع الأساليب في ذلك؛ كالترغيب، والتهديد، والتحذير، كقوله -تعالى-: (فَأتِياهُ فَقولا إِنّا رَسولا رَبِّكَ فَأَرسِل مَعَنا بَني إِسرائيلَ وَلا تُعَذِّبهُم قَد جِئناكَ بِآيَةٍ مِن رَبِّكَ وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الهُدى).[٢٢][٢١]
  • المُحاجّة: من خلال إقامة الحُجّة على المُشركين بالأدلة والتّحاكُم إلى الأشياء التي يُمكن إدراكُها بِالعقل أو التجرُبة، كقوله -تعالى-: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ* إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ* قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ* قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ* أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ).[٢٣][٢١]
  • التذكير بِالنِعَم والتخويف من العَذاب: وذلك بِمُراعاة الطبيعة البشريّة؛ بخوفها من العذاب، ورغبتها فيما تُحب من النعيم، كقوله -تعالى-: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاءَ وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ* يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّـهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ).[٢٤][٢١]