– أساس الألق والارتباط الشعبي بالحركة الإسلامية سيستمر .
– غياب الإطار القانوني للحركة الإسلامية يحد من إبراز قياداتها وعناصرها إلى المجتمع.
– الإسلاميون حريصون على أن تكون علاقتهم بالنظام الموريتاني علاقة توتر سياسي هادىء .
الدوحة – عبد الحكيم أحمين
السيد $محمد جميل بن منصور$$ هو من أبرز قياديي حزب اتحاد قوى الديمقراطية ، وهو أحد رموز التيار الإسلامي بموريتانيا ، ويعمل حاليًا عمدة لبلدية عرفات بالعاصمة نواكشوط ، وله أبحاث ودراسات متنوعة ، ويحضر دكتوراه في العلوم الشرعية بفاس .
قال السيد محمد جميل بن منصور للشبكة : إن أحداث 11 سبتمبر ، وإن كان لها آثار على العالمين العربي والإسلامي ، إلا أن أثرها على الصحوة الإسلامية انحسر ؛ رغم التصعيد الإعلامي والسياسي الذي مورس ضدها بعد هذا الحدث ، وأكد بأن أساس الألق وأساس الارتباط الشعبي بالحركة الإسلامية سيستمر مستقبلاً .
وأضاف بأن الإسلاميين حريصون على أن تكون علاقتهم بالنظام الموريتاني علاقة توتر سياسي هادئ لا تؤدي إلى مواجهة ، أو أزمة سياسية أو أمنية من شأنها أن تضر المجتمع وتضر المشروع الإسلامي ، وشدد على أن غياب إطار قانوني للحركة الإسلامية كان سببًا في عدم ظهور قيادات نسوية خاصة …
**= في البداية نود أن نتعرف إلى الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي بموريتانيا؟***
== موريتانيا هي كيان من الكيانات التي يتكون منها العالم العربي والإسلامي ، ليست من أقدم هذه الدول نشأة ، بل هي من أحدثها من حيث الكينونة والاستقلال السياسي كدولة ، تتميز عمومًا بالبساطة ؛ نتيجة لعدم التراكم في عمرها السياسي والعمر المتعلق بقيام الدولة . وضعيتها السياسية الحالية فيها شيء من الاستقرار ، وإن ظللته بعض الأزمات والمشاكل ذات الطابع السياسي ، تعيش ( تعددية ) يتاح فيها العمل للأحزاب السياسية ، وتفتح فيها الانتخابات أمام الجميع ، وفيها إعلام حر .. هذا من الناحية النظرية .
أما من الناحية العملية فتحقق شيء من هذا ؛ فقد نشأت بعض الأحزاب ، لكن حرمت بعض المجموعات الفكرية والسياسية من تكوين أحزاب لها ؛ فقد منع الإسلاميون ابتداء من تشكيل أحزاب ، وضُيق على بعض الأحزاب الأخرى إلى أن حُلّت ، كما وقع للطليعة الوطنية البعثي وحزب اتحاد القوى الديمقراطية ، وأخيرًا حزب العمل من أجل التغيير . بعض الأحزاب ل ايزال موجودًا ويمثل المعارضة في الوقت القائم .
النظام بتوجهاته وسياسياته يمثل الحالة الغالبة في العالم العربي والإسلامي . وقد شهدت البلاد مؤخراً انتخابات وقع فيها نسبيًا نوع من الانفراج في العاصمة ، وفتح ذلك المجال لدخول بعض عناصر المعارضة ، كان من ضمنها عناصر إسلامية تصورًا وفكرًا وسلوكًا ، إلى مواقع مهمة في البرلمان وفي البلديات.
إذن الوضع السياسي فيه شيء من الاستقرار ، وتنتابه متغيرات وأزمات كثيرة ، ويتميز بظاهرة عرفت بها موريتانيا – للأسف – في السنوات الأخيرة ، وهي إقامة علاقات مع الكيان الصهيوني والتي تطورت إلى تبادل السفراء ، وهي علاقات تدينها معظم الأحزاب السياسية وتجمعات المجتمع المدني ، ويتحمل الإسلاميون والقوميون وغيرهما مسؤولية كبيرة في رفض هذه العلاقات .
ومن الناحية الاقتصادية تعتبر موريتانيا من أغنى الدول مصادر ، ومن أصعبها ظروفًا على مستوى الحياة الاقتصادية العامة ، وهذه مفارقة يستغربها إخوتنا العرب والمسلمون ، فإذا ما نظرنا إلى عدد السكان الذي لا يتجاوز ثلاثة ملايين ؛ مقارنة بخيرات البلاد الكثيرة ( زراعة ، سمك ، معادن وغيرها ) سنجد أن البلد ينبغي أن يكون في وضع اقتصادي مريح ، لكن سوء التسيير والتدبير وارتباك الخطط الاقتصادية المعتمدة من قبل السلطة ، ثم الارتماء غير الموجه في أحضان المنظمات الاقتصادية الدولية حدت من قيمة هذا الثراء .
في المرحلة الأخيرة استقبلت البلاد كثيرًا من المساعدات والعون الخارجي يربطه البعض بالعلاقات مع الكيان الصهيوني ؛ باعتبار أن البلدان الأوربية تشجع النظام الموريتاني على ذلك ، إلا أن آثار هذا العون على المواطن لا تزال محدودة أو غائبة.
وعلى المستوى الاجتماعي : موريتانيا بلد عربي ومسلم يتكون من غالبية عربية تقارب 80% والبقية أفارقة سود مسلمون دينًا ، وتشكل هذه التشكيلة ظاهرة عرقية معقدة إلى حد ما ، أحيانًا توظف سياسيًا ، سواء داخليًا أو خارجيًا ، كما يتميز الوضع بوجود شريحة اجتماعية تسمى ” الحراطين ” ، وهي فئة الأرقاء سابقًا ، وهي فئة اجتماعية يتعاطى معها النظام وبعض القوى السياسية بشيء من المكيافيللية السياسية ، وبالتالي تحتاج إلى حل على المستوى الاجتماعي والثقافي والتربوي قبل السياسي .
**= وماذا عن الصحوة الإسلامية ؟***
== موريتانيا – كغيرها من بلاد العرب والمسلمين – شهدت ظاهرة الصحوة الإسلامية ، ويعود ذلك إلى منتصف السبعينيات تقريبًا حيث التقى تياران : تيار إسلامي تقليدي ؛ فالبلد معروف بانتشار العلوم الإسلامية وكثرة علمائه ، وبالتالي كانت هناك ثقافة إسلامية تقليدية خام ، وتيار الإسلام الصحوي الذي تأثر به بعض الطلاب الذين درسوا بالمشرق العربي ، وفي أوربا ، فكانت أصالة وعلم الرافد الأول مجموعة مع وعي وفهم وتجديد الرافد الثاني سببًا في انطلاق الصحوة الإسلامية ، ومنذ ذلك الحين أضحت موريتانيا تعرف وجود تيار إسلامي بأسماء مختلفة ، تارة بالجماعة الإسلامية ، وتارة الحركة الإسلامية المعروفة في موريتانيا بـ “حاسم” ، وأخرى بحزب الأمة وغيرها ، المهم أن الحركة الإسلامية الآن ذات وجود بموريتانيا ، والصحوة الإسلامية إطار عام تتحرك في سياقه هذه الحركة ، ولها أثر في الواقع السياسي والاجتماعي ، ولا يمكن نكران ذلك ؛ فهي تسيطر على بعض النقابات في اتحاد الطلبة ، ولها نفوذ قوي في المجتمع الثقافي ، ولها دور سياسي من خلال بعض المنتخبين الذين ينتمون للتيار الإسلامي .
ومن خلال الوجود الانتخابي الذي يظهر من خلال الانتخابات ، شهدت علاقاتها بالسلطة درجات مختلفة من الارتباك والمواجهة أحيانًا والمهادنة أحياناً أخرى ، وهي علاقة تستقر على نوع من القبول الضمني للحركة الإسلامية ، ولكنه الرفض القانوني والرسمي من خلال منعها من الوجود السياسي الصريح . فأغلب الإسلاميين الذين يمارسون السياسة الآن يمارسونها من خلال حزب تكتل القوى الديمقراطية ، وهو حزب وطني يجمع تيارات وأفكارًا مختلفة ، لكنه حزب يهدف إلى بعض الأهداف الوطنية الواضحة بلا لون عقائدي صريح ، وبالتالي يصلح أن يكون إطارًا لمعظم التيارات ، بما فيها التيار الإسلامي وهم الآن يمثلون فيه القوة المعتبرة .
**= إذاً الحركة الإسلامية تعمل – حالياً – بدون لافتة ، خاصة بعد حل الجمعية الثقافية ؟***
== الجمعية الثقافية الإسلامية كانت إطارًا ثقافيًا للعمل الإسلامي حُلّ ، ولكن هناك حاليًا جمعيات أخرى تشتغل في الحقل الإسلامي ، بعضها يهتم بالجانب الاجتماعي ، والآخر بالجانب الثقافي ، لكن الحركة الإسلامية التي نتكلم عنها تيار عريض داخل المجتمع لا يتعلق بالجمعيات فقط ولا بالعمل السياسي ، ولا بالعمل النقابي ، وإنما يتعلق بمختلف هذه الأعمال وغيرها .
**= هل تعتمد وسائل الحركة الإسلامية فقط على ما ذُكر ؟***
== المساجد عندنا مفتوحة فالدعوة بها عمل يمارسه التيار الإسلامي ، والعمل النقابي مفتوح ؛ فالحركة الإسلامية تدخله وهي لها وزنها وتأثيرها ، والعمل السياسي من خلال الأحزاب وليس من خلال حزب إسلامي صريح إلى حد ما مفتوح ، والحركة الإسلامية تلج هذا الباب ، والعمل الإعلامي مفتوح ، وهناك صحيفة إسلامية معروف قربها من الحركة الإسلامية ، وهي جريدة ” الراية ” ؛ فقد أخذنا هذا الاسم عن الإخوة المغاربة ، ونرجو أن تصبح تجديدًا إن شاء الله ، هذه كلها آليات لعمل الحركة الإسلامية في المجتمع الموريتاني تمارسها بدرجة من التنسيق والتعاون بين مختلف أطر وقيادات العمل الإسلامي.
**= بخصوص انضمامكم إلى حزب تكتل القوى الديمقراطية ، هل هو قرار جماعة ، أم قرار فردي ؟***
== الأصل في الحركة الإسلامية أن تمارس العمل السياسي من خلال لافتة تخصها ، ليس ذلك احتكارًا للإسلام ولا رفضًا للتعاون مع الآخرين ، ولكن طبيعي أن ننطلق من أرضنا ، وبعد ذلك نلتقي مع الناس .
ولما منع الإسلاميون من الوجود القانوني من هذا الباب ، بدأ التفكير في أن بعض الإخوة يستطيعون أن يمارسوا العمل السياسي من خلال الأحزاب القائمة لاكتساب التجربة وغيرها من الأمور ، وأعتقد أن أي عمل إسلامي أقدم عليه الإخوة من هذا النوع ومن هذا الوزن سيكون عملاً مرضيًا ومقبولاً من مختلف إخوانهم .
**= من خلال تجربتكم الميدانية في العمل السياسي ماذا حققتم من مكاسب ؟***
== الشعار الإسلامي الآن أصبح موجودًا في الساحة السياسية الموريتانية ، وهذا مكسب لا يستهان به من الناحية الإستراتيجية للحركة الإسلامية ، وهذه أصبحت كذلك جزء من الخارطة السياسية اعترف النظام بها أم لم يعترف لا يمكن التنكر بها ، والحركة الإسلامية أبانت قدرة تعبوية إبان المناسبات والانتخابات حول خطابها ورجالها ، وهي أمور لا يستهان بها ، والحركة الإسلامية قدمت جهدًا دعويًا واجتماعيًا يتوجه إلى جزء كبير من المجتمع ، فصحيفة التيار الإسلامي ” الراية ” لها وجود معتبر في الساحة الإعلامية يكاد يفوق معظم الصحافة الموجودة عندنا ، بل ذلك هو رأي الكثيرين ؛ فهذه كلها مكاسب حققها الإسلاميون رغم صعوبة الظروف ، ورغم منعهم من الإطار القانوني ، وإن كانت هناك نواقص كثيرة وسلبيات كبيرة وهناك معوقات أكثر كذلك .
**= بخصوص علاقتكم بالنظام هل علاقة مهادنة أم علاقة مصادمة ؟***
== لا أخفيك سرًا إن قلت : إن هناك عناصر في النظام معروفة سابقًا بأنها ترتبط بشكل من الأشكال بالتيار الإسلامي ، ومن بين هؤلاء وزراء ، وبالتالي فالنظام يتصور هو نفسه أن لديه تيارًا إسلاميًا معه ، وأن لديه طرفًا من الساحة الإسلامية لا يستهان به ، ودون التشكيك في نوايا هؤلاء أو الطعن في توجههم الإسلامي فإن العلاقة مع النظام بالنسبة للتيار الإسلامي هي علاقة توجس في أحيان كثيرة ، وعلاقة شك متبادل في وسط الأحوال ، وتوتر في معظمها ؛ للعلاقة مع إسرائيل كما ذكرنا ، ولأسباب اقتصادية ، وسياسية بخصوص الحريات وحل الأحزاب ومصادرة الصحف وغير ذلك .
**= في ظل هذا الواقع هل لديكم أطروحات للخروج من هذه الوضعية ؟***
== هو أمر يفكر فيه الإخوة ، وأعتقد بأنهم سيتوصلون إلى بعض الخلاصات التي تفيد في تجاوز هذه الوضعية .
**= هل من إشارات في هذه المسألة ؟***
== هناك بعض الأمور قد تحددت سلفاً ؛ لأن الساحة السياسية فيها نوع من تعقيد الأمور ، أو فيها نوع من الصعوبة في تحديد الخلاصات ؛ بحكم غياب إطار قانوني يجمع الإسلاميين ، ولكن أعتقد أن الناس تضع في الاعتبار أن الصوت الإسلامي أصبح له وزن مقدر ، وأن حاجة الجماهير لبديل إسلامي واضح أصبحت حاجة ملحة ، وأن الإسلاميين أثبتوا أنهم تياريستطيع أن يتقدم إلى الناس برؤية سياسية متكاملة ، كل هذه العوامل لا يمكن تجاهلها ، وبالتالي من الطبيعي أن يكون هناك تفكير في تجاوز الوضعية ، وهو أمر يخضع أيضًا إلى مستوى الانفراج السياسي ومستوى استعداد القائمين على الأمر فيه للتعاطي مع أي تطور في هذا الميدان .
**= بالنسبة للقطاع النسوي للحركة الإسلامية إلى أين وصل ؟***
== القطاع النسوي في التيار الإسلامي الموريتاني هو تيار حاضر بنشاطات الحركة منذ فترة ليست بقصيرة ، بل إن الوضع عندنا – بالقياس إلى كثير من الحركات الإسلامية الأخرى – متقدم جدًا ؛ فالمرأة تشارك في معظم النشاطات ، وتشارك في معظم المناسبات العامة ، ولها أنشطة في الميدان الدعوي والثقافي ، ولها دور سياسي في طور التبلور والنشوء . أخواتنا يحضرن معنا في كثير من الأنشطة ولا حرج في كثير من أنشطتهن ، ولدينا قيادات نسائية تكونت في السنين الأخيرة ، لكن غياب الإطار القانوني دائمًا هو الذي يحد من إبراز مختلف العناصر والقيادات إلى المجتمع ، وبالتالي فإن العمل النسوي يتطور وإن كان من أكثر مناشط العمل تأثرًا بغياب الإطار القانوني الصريح ، وهناك جمعية تحسب على التيار الإسلامي وهي جمعية اجتماعية ذات طابع خيري ، ولكن تقوم أحيانًا بأنشطة أخرى .
**= و هل هناك علاقات تربطكم بجماعات موجودة بالمنطقة المغاربية ؟***
== عمومًا تربطنا علاقات ود وأخوة وتشاور أحيانًا مع عدد من الحركات الإسلامية بالمنطقة ، من بينها جماعة عبد الرحمن الرحمن بسينغال ، وحركة التوحيد والإصلاح بالمغرب ، وحركة حماس بالجزائر ، وغيرها من الحركات التي نلتقي بها في مناسبات ومؤتمرات عامة ، ولكنه التشاور والتنسيق والأخوة أساسًا أكثر من أي شيء آخر .
**= بالنسبة للواقع المغاربي هناك تمايز بين حركاته الإسلامية ، ما هي أهم الخلاصات والاستفادات التي استفدتموها من تجاربها ؟***
== نظرنا بقدر كبير من التقدير والإعجاب لتجربة حركة النهضة التونسية ، واعتبرناها إضافة نوعية للحركة الإسلامية العالمية ، لكن الظروف التي عاشتها ، والآلام التي لاقتها حدت من ألق هذه التجربة وانتشارها ، ونظرنا بنفس نظرة الاعجاب إلى تطور الحركة الإسلامية بالجزائر وإن كان اختلاف أصحابها وتفرقها طرائق شتى ، وإقدام بعضها وإحجام الآخر ، وصراعات الزعامات فيها أثرت على إمكانية الاستفادة منها ، ثم إن التجربة الجزائرية بعد انقلاب الجيش على الديمقراطية أصبحت تعيش وضعًا صعباً تحول الإسلاميون فيها إما إلى ضحايا أو مطاردين أومشاهدين لما يجري على أرض الواقع أيضًا . كنا مهتمين بشكل كبير بالتجربة الإسلامية بالمغرب ، وليس من باب المجاملة أن لدى الموريتانيين قدرًا كبيرًا من الإعجاب والتقدير لتجربة حركة التوحيد والإصلاح ؛ باعتبارها أولاً تجربة وحدوية ، وهو أمر نادر في تاريخ الحركة الإسلامية أن تجتمع بعد أن تفرقت ثانيًا من حيث روح التشاور والتساوي القيادي الموجود بقيادة هذه الحركة والشفافية التي تسير فيها ، ويظل وضوح النظر ووضوح المواقف إلى حد كبير لدى هذه الحركة سمة نقدرها ، والأكثر من ذلك جمعها الناجح بين المطلوب والممكن ، بين أنها حركة إسلامية تريد جملة من الأهداف الإسلامية المعروفة ، وبين ما يتيحه الواقع المغربي المعقد ، فهذا الجمع الذي نجحت فيه حركة التوحيد والإصلاح واستطاعت من خلاله أن تقدم حركة إسلامية تنشط نشاطًا واسعًا في المجتمع وأن تقدم نموذجًا وعملاً سياسيًا من خلال عملية الاندماج في حزب الدكتور عبد الكريم الخطيب والذي أصبح حزبًا إسلاميًا بشهادة ومعرفة الجميع ، وهي تجربة تستحق الدراسة والاعتبار رغم أن كل تجربة لها خصوصيتها المحلية فلا تصلح للتصدير المطلق .
**= بعد أحداث 11 سبتمبر واقتراب موعد الانتخابات في العديد من البلدان الإسلامية ماذا تتوقعون لهذه الانتخابات ؟ وهل سيكون هناك مد أم جزر بخصوص التيار الإسلامي ؟***
== الحقيقة أن أحداث 11 سبتمبر كانت مؤثرة إلى درجة كبيرة في العالم كله ، وفي العالم العربي والإسلامي بصفة خاصة ، ولولا فضل الله سبحانه وتعالى وحمايته لهذه الدعوة ولأهلها لكان الأثر أقوى . حاول الغربيون من خلال الحدث وما نتج عنه أن يعطوا صورة مخيفة عن التيار الإسلامي ، وقد نجحوا في بعض البلدان ، وفشلوا في أخرى ، وقد عمموا هذه الصورة على كل التيارات الإسلامية ، معتدلة كانت أم غير معتدلة ، وهذا الجهد الإعلامي والسياسي باء بالفشل أحيانا كثيرة . أنا لست من الذين يظنون أن أحداث 11 سبتمبر ستؤثر على مد الحركة الإسلامية تأثيرًا كبيرًا ، وإن تركت بعض التأثير ، سواء على المستوى السياسي فيما يتعلق بالانتشار ، أم على المستوى العملي فيما يتعلق بتحقيق الأهداف الاستراتيجية للحركة الإسلامية ، أو فيما يتعلق بالتمكين . أتصور أن ألق الحركة الإسلامية الذي كان سائدًا سيستمر ، قد ينقص قليلاً ، وقد يتأثر قليلاً ، وقد تتكالب عليه قوى معينة ، وقد يجد أعدؤه من الدعم من طرف الغرب ما لم يجدوه في السابق ، لكن أساس الألق وأساس الارتباط الشعبي سيستمر .
**= بخصوص العلاقة بين الأحزاب الإسلامية والأحزاب العلمانية هل تتوقعون أن يشتد التعاون أو يحتدم الصراع بينهما ؟***
== أنا من الذين يظنون أن العلمانية في واقعنا العربي والإسلامي تنتمي إليها تيارات متنوعة ليست بالضرورة طبعة واحدة ؛ ففيها معتدلون يستحقون أن تتعاون معهم الحركة الإسلامية وأن تتحاور معهم في خدمة الوطن وتحقيق الحريات وغيرها ، وفيها تيار اعتاد على النفاق يستهدف الإسلام فكرًا وعقيدة ، ويستهدف الإسلاميين بغض النظر عن طبيعتهم وتوجهاتهم ؛ فأسلوب التعامل معه هو الأسلوب السياسي ما دام ذلك ممكناً وهو قابل له .
وأعتقد أن الأمر يختلف من بلد إلى بلد ، هناك بعض البلدان التي كشرت العلمانية عن أنيابها من الصعب أن نتصور هذا التعاون ، وفي بعض البلدان لا تزال العلمانية متفاهمة يمكن أن يكون هناك نوع من التعاون ، وعموماً فالإسلاميون في العشرية الأخيرة أعربوا وأبدوا استعداداً – بالقياس مع الماضي – للتعامل مع التيارات العلمانية ، وهذه الأخيرة أبدى بعضها تفاهمًا وتعاوناً وإن كان بعض منها توجس خيفة من انفتاح الإسلاميين .
**= تعرف موريتانيا بالتطبيع مع إسرائيل ، ما هي أهم البرامج التي أجرتها الحركة الإسلامية لمواجهة هذا التطبيع ؟***
== أعتقد أن الإسلاميين لعبوا دورًا كبيرًا في مختلف مناشط مقاومة التطبيع ، سواء من خلال الهيئات المتكونة الآن لمقاومة التطبيع ، وهي أربع : ثلاثة منها مساهمة إسلامية مثل المبادرة الطلابية لمقاومة الاختراق الصهيوني ، واللجنة الموريتانية لمقاومة الاستسلام والدفاع عن فلسطين ، ومثل الانضباط الوطني لمقاومة الاختراق الصهيوني ، ولهم تنسيق أيضًا مع الجبهة الديمقراطية المتحدة للتغيير ومقاومة التطبيع .
والمساجد نشط بها الإسلاميون لمقاومة التطبيع ، وتمت هناك تدخلات واعتقالات ، وفي الجامعة : الطلاب الإسلاميون يتولون المسؤولية في مقاومة التطبيع ، وصحيفة الراية وغيرها كذلك ، والإسلاميون لم يكونوا وحدهم ؛ فقد كان بجانبهم القوميون وغيرهم ، لكن الأولين لعبوًا دورًا مقدرًا في هذا الخصوص .