مما لا شك فيه أن الأحفاد هم امتداد طبيعي للأجداد يأخذون منهم الحب والرعاية والحنان والتدليل والمعرفة، ويسعدون بقصصهم التراثية وحكاياتهم وحزاياهم، وهو ما يحدث التوازن المطلوب، في مقابل شدة وعنف الآباء الذين يعانون من الضغوط النفسية والاقتصادية والاجتماعية، بعكس الأجداد الذين زالت عنهم هذه الضغوط، ولذا فهم يتصرفون بهدوء وروية أكثر من الآباء، وقد يصل هذا الهدوء إلى حد التدليل الزائد وعدم مصارحة الأبوين بما يفعل الأحفاد من أخطاء، كما أن الأجداد يشعرون بسعادة وجود الأبناء معهم، لأنهم يقتلون عزلتهم ويشعرونهم بأهميتهم، ولكن بعض الآباء والأمهات يرفضون هذا الدور من الأجداد والجدات بحجة إفساد الأبناء بالتدخل السلبي في طريقة تربيتهم لأبنائهم.
ما هو رأي المختصين في ذلك ؟size=3>
يقول الأستاذ الدكتور محمد رفقي عضو هيئة التدريس بكلية التربية ـ جامعة الكويت: إن بعض الآباء والأمهات يرفضون منح سلطاتهم ومسؤولياتهم لأحد مهما كان، ولكن من الممكن في حالة السماح النفسي الاستفادة من الأجداد لتحقيق بعض الأغراض، فمن منظرو الجد أنه ربى ابنه حتى رضي عن نفسه وفجأة وجده يستقل بذاته، وبالتالي فإنه يجد متعته في تربية أبناء الأبناء في الغالب، ويكون غير واثق من قيام ابنه أو زوجته بهذه المهمة، ويصعب عليه أيضًا أن يكون ذا سلطة في موقعه وينتهي به الأمر أن يفقد هذه السلطة فجأة، وهذا المحور النفسي هو القضية الأساسية لدى المسنين، فإذا كان التقاعد الوظيفي مدعاة للاضطرابات النفسية فإن التقاعد الأسري يؤدي إلى النتيجة نفسها تقريبًا.
ويضيف الدكتور رفقي : بالنسبة للزوج والزوجة مشكلتها أنهما يريان أن ذلك تدخلا في صلاحيتهما مما يعني :
أ ـ عجزهما
ب ـ استمرار الولاية عليهما من قبل الكبار.
جـ ـ الحاجة إلى دعم خارجي.
وقد تكون بالفعل هذه الأمور بعضها موجودة، لكنه لا يريد أن يذكره أحد بها، وتدخل الأب والأم سواء من ناحية الزوج أو الزوجة يذكره بذلك وهذا أمر مرفوض نفسيًا، لذلك حين يقال للزوج أو الزوجة أرسل الولد إلى الجد أو الجدة أو العكس فإنه يرفض، أما بالنسبة للأبناء فإننا نعتقد أنهم لا يفهمون هذه الصراعات لكنهم يفهمون أكثر منا لأنها تتعلق بهم ويستثمرون هذه الصراعات لصالحهم باللجوء إلى المصدر الذي ينافس الآخر في الاهتمام بهم فيزيدون من إشعال النار دون قصد لكنهم يتعاملون مع المحيط الاجتماعي بما يشبع رغباتهم.
ومن الضروري أن يفهم الأبناء (الزوج والزوجة) أن هذه العلاقة تشبه ثلاثة رؤوس فإن تفاهموا سارت الأمور بشكل جيد، أما إن اختلفوا فسيلتف كل منهم حول ذاته، ليقويها كحالة من الدفاع عن النفس.
إننا إذا أردنا أن تستقيم الأمور فعلينا أن يبدأ كل منا بنفسه أولاً: ولا يطلب ما يفعله الآخرون على مبدأ (إذا علمت فاستقم)، فلا أقول إن الأب عليه أن يفعل كذا أو الأم عليها أن تفعل كذا أو الزوجة عليها أن تفعل كذا، بل أبدأ أنا بفعل ما هو مطلوب مني أولاً.
الأمر الثاني : أن أفهم كل سلوكيات الآخر من منظرو إيجابي ولا أؤول الأمور تأويلاً سلبيًا.
الأمر الثالث : هو القيام بالأدوار المخالفة، وذلك بأن أضع نفسي مكان أبي أو أمي لأفهم ظروفهما وخير الناس أعذرهم للناس.
الأمر الرابع: السلوك الإيجابي أي أن يضع الإنسان في رأسه أن أبويه لهما حق عليه، ولابد أن يجلس معهما ويناقشهما ويخصص لهما الوقت الكافي.
الأمر الخامس : احترام الكبير ولا يمنع الإحساس بالمساواة أو الرغبة في تحقيقها أن يكون عادلاً عدالة شرعية، وأن تشعر من أمامك أن لكل إنسان قدره وقيمته، فقد لا تساوي بين أولادك وأن احترام السن واجب وبالتالي تنتقل هذه السلوكيات للأحفاد.
الأمر السادس: هو الدعم بمعنى تعزيز السلوكيات الإيجابية فلو قامت زوجتك بموقف إيجابي تجاه والديك فلا تتجاهل هذا السلوك بل أمدحها من أجله، ولا تتحرج أيضًا من مدح نفسك إذا قمت بعمل مماثل.
الدكتور عبد اللطيف خليفة عضو هيئة التدريس بقسم علم النفس ـ جامعة الكويت ـ يقول:
إن الاختلاف بين الآباء والأجداد حول تربية الأحفاد أمر ليس له حل نهائي، ولكن من الممكن التفاهم حوله، وأن يكون هذا التفاهم بعيدًا عن الأحفاد. ويجب أن يُفهم أن دور الأجداد هو الرعاية النفسية والمشورة والتدليل المقنن، أما دور الآباء فهو التربية .
1 ـ أن تدرك الزوجة أن زوجها الذي اختارته من بين كل الرجال قد ربته هذه الأسرة التي ترفض نصيحتها في تربية أبنائها وكذا الزوج.
2 ـ معالجة الأمور مع الأبناء سواء بالثواب أو العقاب بعيدًا عن الأجداد.
3 ـ إدراك أن ما يقوم به الأجداد مع الأبناء من تدليل يرجع إلى حبهم لهم كما يقول المثل الشعبي (ما أعز من الولد إلا ولد الولد).
4 ـ قرب الأحفاد من الأجداد أمر طبيعي ومن المفروض ألا يغضب الأبناء.
5 ـ في حال حدوث تعارض بين الأبناء والأجداد حول تربية الأحفاد لا يجوز أن يكون النقاش أمام الأبناء، ويجب أن يتم التفاهم مع الأجداد بالحسنى وأن ذلك في مصلحة الأحفاد والاتفاق على صيغة ثابتة حتى لا يتشتت الأحفاد.
6 ـ لابد أن تحاول الأم الاستفادة من الجدة أو الجد الموجود في البيت في رعاية الأطفال، لأنهما أكثر حرصًا عليهم من الخدم، وسوف يتعلمون منهم أصول دينهم وعاداتهم وتقاليدهم وسلوكهم الحسن على العكس من تركهم مع الخادمة .