إن القصة الإسلامية المعاصرة لم تقصر دور المرأة على تربية الأبناء والاهتمام بشؤون البيت وإن كانت هذه المهمة من أعظم المهام التي لا تصلح لها إلا المرأة، وهي بحد ذاتها لا يجيدها غيرها، وتتناسب مع ما خصها الله تعالى به، ومع فطرتها التي فطرها عليها، “ونحن بتأثير الفكر الغربي، والفلسفة المادية نستنقص من دور اجتماعي لحساب دور اجتماعي آخر، فالذي يُصلح سيارة أو يقيم بناء نُجِلُّ دوره بالقياس إلى دور الأم التي تعكف على طفل صغير تربيه، وتهبه المشاعر الإنسانية لترفعه من مرحلة الحيوان إلى مرحلة البشرية كياناً بشرياً، متوازن العقل والعواطف والمدارك”. size=3>size=3>
والمرأة في القصة الإسلامية ليست بالطبع هي فتاة الغلاف التي يرى منها الناس مظهر للأنوثة الصارخة، ولا هي أيضاً المرأة التي أنتجوا لها الألوان والأصباغ والأزياء – وحتى القيم – إلى حد يستهلك وقتها، ويقتل عمرها!! ولا هي التي وضعوا لها قواعد تجميل الوجه، وجمال الأنف، وتصفيف الشعر وصبغ الأظافر، وتذجيج الحواجب!! size=3>size=3>
سر الاشتغال المشبوه بقضايا المرأةsize=3> size=3>size=3>
إن الذين وراء الاشتغال المشبوه بقضايا المرأة – كما حدد أستاذنا الأديب الإسلامي إبراهيم عاصي في كتابه “همسة في أذن حواء” – واحد من اثنين:
“الأول: تاجر لا يبتغي إلا الترويج لبضاعته، فيتخذ من المرأة وسيلة للدعاية لها، وهو تاجر متطور يتاجر بها صحفياً على أوراق المجلات والجرائد، أو يتاجر بها أدبياً في القصص والروايات، أو يتجار بها شهوانياً في كثير من الأفلام والمسرحيات، أو يتاجر بها إعلانياً، وفي عروض الأزياء!
والآخر: فاجر يسعى عن سابق تصميم وتصور، وذلك بتحطيم القيم، وقلب المفهومات، وإشاعة الفاحشة، وفضح المستور. size=3>size=3>
والحقيقة أن التجار والفجّار – على حد سواء – ماضون قدماً بعناد ودأب في تنفيذ خططهم، في اتخاذ المرأة أداة للإثراء الفاحش الحرام، أو وسيلة لتمرير الأفكار والآراء الخبيثة إلى عقول الناس! size=3>size=3>
وأن المرأة هي التي تدفع الثمن باهظاً قبل غيرها! عنوسة وبواراً، وهبوطاً في القيمة على مبدأ “العرض والطلب” من الناحية المعنوية – بشكل خاص – وذلك كله نتيجة حتمية لسباحتها مع التيار دون أية مقاومة تُذكر، ودون أي حساب للعواقب. size=3>size=3>
وأن المجتمع برمته – رجالاً ونساء – يدفع الثمن أيضاً: انهياراً أخلاقياً، وقلقاً، وضياعاً، وتفككاً أسرياً، وخواء روحياً”. size=3>size=3>
وما حال المرأة الأوروبية، ومن سارت على نهجها منا ببعيد! وحتى هذه المرأة بدأت تحس بعبء الضياع، وتبحث عن الخلاص، فقد خرجت أعداد كبيرة من الفتيات وطالبات الجامعة في مظاهرة نسائية ضخمة اخترقت شوارع كوبنهاغن عاصمة الدانمارك منذ سنوات هاتفة:
نرفض أن نكون أشياء
نرفض أن نكون سلعاً لتجارة الإباحية
سعادتنا لا تكون إلا في المطبخ
نريد أن تبقى المرأة في البيت
أعيدوا لنا أنوثتنا
إننا نرفض الإباحيةsize=3>size=3>
والمرأة في منظار القاص المسلم ليست تلك التي تجوب الشوارع والطرقات، ولا التي تعرض مفاتنها في المجامع والمهرجانات لانتخابها ملكة لجمال الكون أو لجمال الحي والقرية!!
ولا التي تترك بيتها وزوجها وأولادها لتلتحق بعالم الفن أو الوسط الفني – كما يسمونه – لتؤدي رسالة !! (..)هز البطن، أو محادثة الرجال – ولو على الشاشة وأفلام الفيديو- إنها – وبكلمة واحدة – المرأة الإنسان!
الإنسان بنوازعه وعواطفه، بسموه وتدينه، باستعلائه وهبوطه…
ليست مَلَكاً، إنها صنو الرجل، يشتركان أحياناً في كثير من القضايا! أو أحياناً يفترقان كل حسب خصائصه؟! وبذلك تكتمل الحياة. إنه في واقع الحياة من الممكن أن تنحرف المرأة أو تسقط، ولكن القاصّ المسلم لا يتلذذ بهذا الانحراف فيذهب به الخيال ليصورها متنقلة من فراش إلى فراش، ومن حضن إلى حضن، أو يتمادى به التشفي – كما يفعل المعقدون نفسياً وجنسياً من الدخلاء على الأدب والفن والرواية – فيمرغها بوحل الرذيلة، ويلبسها أثواب الدنس. size=3>size=3>
إنها تسقط، ولكن لحظات السقوط ليست هي مجال الحديث للاسترسال في مسارب الجنس والإثارة!! وابتزاز المراهقين، وإنها لتصحو وقد تكون صحوتها أشد من صحوة الرجل، فيتعلم منها الرجل كيف يكون السمو! وصفحات التاريخ والواقع مليئة بهذه النماذج – وفي كل يوم أفواج جديدة من العائدات إلى الله، وقد عرفن أن الحياة قضايا أهم من الزينة واللباس والتبرج بأنواعه. size=3>size=3>
في القصة الإسلامية نجد المرأة مهتدية وداعية ومجاهدة مع الرجل، دمها على كفها، كما دمه.. تعرفها ساحات القتال ودروب الجهاد والهجرة..!!
في القصة الإسلامية تواجهنا المرأة دون خداع أو زيف لنسمع منها حديث الفطرة.. الحنين الدائم.. الأنين الذي يمزق القلوب.. لقد تركت الوظيفة العظيمة التي خلقها الله تعالى لها، فوظّفها شياطين الإنس من أبالسة هذا العصر فيما يعود عليهم بالنفع العاجل، ويحقق شهواتهم – وكانت هي الخاسرة!! size=3>size=3>
تواجهنا المرأة في القصة الإسلامية المعاصرة لتحدثنا عن المعاناة التي مرت بها قبل أن تصل إلى شاطئ الهداية دون أن تجلس على “كرسي الابتذال” كما يريد لها الدخلاء على الأدب فتنشر خطاياها، وتفضح خباياها، أو تسترسل في وصف هدر أنوثتها وكرامتها.
في القصة الإسلامية المعاصرة تلقانا المرأة صاحبة الموقف، الملتزمة بالمبدأ، المدافعة عن عقيدتها، تدعو وهي واثقة مما تدعو إليه، وهي تحس بمسؤولية التبليغ وأداء الأمانة. size=3>size=3>
نلقاها وهي تواجه التنصير، وتتعرض لشراسته فتجوع وتتشرد أو تموت.. ونذكر أن سمية “المرأة” كانت أول من استشهد في الإسلام.
القصة الإسلامية المعاصرة عالجت مشكلة الفقر.. وانعكاسها على حياة المرأة.. ولكنَّ الحرة تموت، ولا تأكل بثدييها.
وأخيراً فإن من القضايا التي تطرقت لها القصة الإسلامية مشكلة العنوسة التي حاول القاص الإسلامي أن يرصدها من خلال انعكاسها على اللواتي فاتهنَّ قطار الزواج لسبب أو لآخر، مبيناً النتائج التي تحصدها المرأة عندما تكون هي السبب، وغالباً ما نجد تشابهاً إلى حد التطابق الكامل بين واقع العوانس كما هو في الحياة، وبين تصوير القصة الإسلامية لهذه الظاهرة، وتُثبت هذه الحقيقة، وغيرها من الحقائق: أن القاص الإسلامي أكثر معرفة بقضايا الحياة التي تختص بها المرأة، وأصدق تصويراً لها، لأنه يتحدث عنها حديث الإنسان الذي يحترم الإنسان، ويعلم أن المخلوق المكرم بتكريم الله تعالى لها، مثلها كمثل الرجل (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر) (الإسراء:70) size=3>size=3>
من كتاب (المرأة وقضايا الحياة في القصة الاسلامية المعاصرة). size=3>size=3>