كانت بعض الديانات والمذاهب تعتبر المرأة رجساً من عمل الشيطان، يجب الفرار منه واللجوء إلى حياة التبتل والرهبنة.
وجعل الإسلام الزوجة الصالحة للرجل أفضل ثروة يكتنـزها من دنياه – بعد الإيمان بالله وتقواه – وعدها أحد أسباب السعادة، وفي الحديث: [ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عز وجل خيراً من زوجة صالحة، إن أمرها أطاعته، وإن نظر اليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله] . (رواه ابن ماجه) .
size=3>size=3>وقال عليه الصلاة والسلام: [الدنيا متاعٌ وخيرُ متاعها المرأة الصالحة]. (رواه مسلم).
وقال: [من سعادة ابن آدم المرأة الصالحة، والمسكن الصالح، والمركب الصالح] . (رواه أحمد) . size=3>size=3>
ورفع الإسلام من قيمة المرأة باعتبارها زوجة، وجعل قيامها بحقوق الزوجية جهاداً في سبيل الله ، جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله، إني رسول النساء إليك، وما منهن امرأة – علمت أو لم تعلم – إلا وهي تهوى مخرجي إليك، ثم عرضت قضيتها فقالت: الله رب الرجال والنساء وإلههم ، وأنت رسول الله إلى الرجال والنساء ، كتب الله الجهاد على الرجال، فإن أصابوا أجروا، وإن استشهدوا كانوا أحياءً عند ربهم يرزقون، فما يعدل ذلك من أعمالهم من الطاعة ؟ قال: [ طاعة أزواجهن والقيام بحقوقهم ، وقليل منكن من يفعله]. رواه الطبراني). size=3>
من حقوق الزوجة
size=3>وقرر الإسلام للزوجة حقوقاً على زوجها، ولم يجعلها مجرد حبر على ورق، بل جعل عليها أكثر من حافظ ورقيب: من إيمان المسلم وتقواه أولاً، ومن ضمير المجتمع ويقظته ثانياً، ومن حكم الشرع وإلزامه ثالثاً.
size=3>وأول هذه الحقوق هو “الصَّدَاق” الذي أوجبه الإسلام للمرأة على الرجل إشعاراً منه برغبته فيها وإرادته لها. قال تعالى: (وآتُوا النساءَ صَدقاتهنَّ نحلة ، فإن طِبْنَ لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئا).
size=3>size=3>فأين هذا من المرأة التي نجدها في مدنيات أخرى : تدفع هي للرجل بعض مالها مع أن فطرة الله جعلت المرأة مطلوبة لا مطالبة ؟! size=3>
وثاني هذه الحقوق، هو “النفقة” فالرجل مكلف بتوفير المأكل والملبس والمسكن والعلاج لامرأته ، قال عليه الصلاة والسلام في بيان حقوق النساء: (ولهنَّ عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف) والمعروف هو ما يتعارف عليه أهل الدين والفضل من الناس بلا إسراف ولا تقتير ، قال تعالى: (لينفق ذو سعة من سعته ، ومن قُدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله ، لا يكلف الله نفسها إلا ما آتاها) . (الطلاق:7).
size=3>
وثالث الحقوق، هو “المعاشرة بالمعروف”. قال تعالى: (وعاشروهن بالمعروف) . (النساء:19 ).
وهو حق جامع يتضمن إحسان المعاملة في كل علاقة بين المرء وزوجه، من حسن الخلق، ولين الجانب، وطيب الكلام، وبشاشة الوجه ، وتطيب نفسها بالممازحة والترفيه عنها ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: [أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً والطفهم بأهله] . رواه الترمذي.
وروى ابن حبان عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم قال: [خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي] وقد أثبتت السيرة النبوية العملية لطفه عليه الصلاة والسلام – بأهله ، وحسن خلقه مع أزواجه ، حتى أنه كان يساعدهن في أعمال البيت أحياناً، وبلغ من ملاطفته لهن أن سابق عائشة مرتين، فسبقته مرة وسبقها أخرى، فقال لها: [هذه بتلك] . (رواه أبو داود وأحمد). size=3>
وفي مقابل هذه الحقوق أوجب عليها طاعة الزوج – في غير معصية طبعاً – والمحافظة على ماله ، فلا تنفق منه إلا بإذنه، وعلى بيته ، فلا تُدخل فيه أحداً إلا برضاه ولو كان من أهلها.
وهذه الواجبات ليست كثيرة ، ولا ظالمة في مقابل ما على الرجل من حقوق ، فمن المقرر أن كل حق يقابله واجب ، ومن عدل الإسلام أنه لم يجعل الواجبات على المرأة وحدها ، ولا على الرجل وحده ، بل قال تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) (البقرة:228). فللنساء من الحقوق مثل ما عليهن من الواجبات.
ومن جميل ما يروى أن ابن عباس وقف أمام المرآة يصلح من هيئته ، ويعدل من زينته، فلما سئل في ذلك قال: أتزين لامرأتي كما تتزين لي امرأتي ، ثم تلا الآية الكريمة: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) . وهذا من أظهر الأدلة على عميق فهم الصحابة رضي الله عنهم للقرآن الكريم. size=3>
استقلال الزوجةsize=3>
size=3>لم يهدر الإسلام شخصية المرأة بزواجها ، ولم يُذِبْها في شخصية زوجها ، كما هو الشأن في التقاليد الغربية ، التي تجعل المرأة تابعة لرجلها ، فلا تُعرف باسمها ونسبها ولقبها العائلي ، بل بأنها زوجة فلان.
أما الإسلام فقد أبقى للمرأة شخصيتها المستقلة المتميزة ، ولهذا عرفنا زوجات الرسول بأسمائهن وأنسابهن، فخديجة بنت خويلد ، وعائشة بنت أبي بكر، وحفصة بنت عمر ، وميمونة بنت الحارث ، وصفية بنت حيي ، وكان أبوها يهودياً محارباً للرسول صلى الله عليه وسلم.
كما أن شخصيتها المدنية لا تنقص بالزواج ، ولا تفقد أهليتها للعقود والمعاملات وسائر التصرفات ، فلها أن تبيع وتشتري ، وتؤجر أملاكها وتستأجر ، وتهب من مالها وتتصدق وتوكل وتخاصم.
وهذا أمر لم تصل إليه المرأة الغربية إلا حديثا ً، ولا زالت في بعض البلاد مقيدة إلى حد ما بإرادة الزوج. size=3>
من كتاب (ملامح المجتمع المسلم)size=3>