والحقيقة هي أن التحول إلى إعلام الإنترنت لم يحصل حتى الآن، بل إن العكس هو الذي يحصل في الوقت الحاضر، إذ أن الأكثرية الساحقة من وسائط إعلام الإنترنت فشلت في تحقيق أية أرباح للآن، والحقيقة هي أن عدد المستهلكين الذي يتابعون إعلام الإنترنت آخذ في النمو على نحو يتجاوز ما هو حاصل مع وسائط الإعلام التقليدية. إلا أن هذا النمو يتم وفق نسب معتدلة وليس بنسب ارتفاع عالية. كما أن معظم المستهلكين الذين يقدمون على مطالعة وسائل إعلام الإنترنت يفعلون ذلك إذا كان الإطلاع على هذه الوسيلة مجاناً.
وهم يرفضون تسديد اشتراكات مالية مقابل حصولهم على ذلك. كما أن معظم المقبلين على إعلام الإنترنت لا ينقطعون عن متابعة وسائل الإعلام التقليدية، تماماً كما أن مشاهدي النشرات الإخبارية التلفزيونية في السابق لم يتوقفوا عن الاستماع الى الإذاعات عبر الراديو، وكما أن المستمعين للنشرات الإذاعية لم ينقطعوا عن قراءة الصحف والمجلات المطبوعة.
باختصار، فإن ما تحتاج إليه وسائل إعلام الإنترنت في الوقت الحاضر هو التوصل إلى صيغة تضمن لها استيفاء مداخيل كافية لتأمين ازدهارها واستمراريتها.
وهذه الصيغة لا يمكن أن تأتي في الوقت الحاضر إلا بواسطة الإعلانات، وذلك بعد أن ثبت رفض المستهلكين لتسديد بدلات الاشتراك. والمشكلة على هذا الصعيد هي أن الإعلانات التقليدية على الإنترنت، والمقصود بها (اللوحات الإعلانية) على أسفل أو على أعلى صفحات مواقع الشبكة، لم تعد تلقى قبولاً كبيراً لدى المشتركين. والأبحاث جارية لتطوير أساليب دعائية أكثر رواجاً عند المستهلكين، فضلاً عن أن تباطؤ النمو الاقتصادي في معظم الدول الصناعية الغربية، وفي طليعتها الولايات المتحدة، قد انعكس سلباً على حجم الإعلانات بصورة عامة. يذكر أن القيمة الإجمالية لإعلانات الإنترنت بلغت 10 مليارات دولار في الولايات المتحدة السنة الماضية، مقابل 223 مليار دولار لقيمة الإعلانات على وسائط الإعلام التقليدية.