تتميزُ أمةُ الإسلامِ بتعدادِها الضخمِ وكثرةِ الشبَّان والأطفالِ خلافاً للأممِ الكافرةِ الهرمة؛ كما تختصُ الأمةُ المحمدية بتعدُّدِ مجالاتِ خدمةِ الشريعةِ الإسلاميةِ وكثرةِ ميادينِ البذل والعطاء والجهادِ إضافةً إلى رغبةِ السوادِ الأعظمِ من جماهيرِ المسلمين تقديمَ شيءٍ لصالحِ دينهم ومجتمعاتهم، وهي رغبةٌ ملحةٌ لدى الكثيرين أيَّاً كان مستوى تدينِهم لعظمِ أثرِ العاطفةِ الدينيةِ على أغلبِ المسلمين ، وما أكثرَ ما يترددُ سؤالِ الملهوفين بصيغٍ مختلفةٍ عن كيفيةِ خدمةِ هذا الدين . وإنَّ هذا الشلالَ المتدفقَ من الطاقاتِ والقدراتِ لجديرٌ بالاستغلال ضمنَ مشاريعِ الأمةِ الإسلامية حتى لا يضيعَ هباءً أو نهبَ قُطَّاعِ الطرقِ من أهلِ الشبهِ والشهوات.
لقدْ قامَ الإمامُ العبقري البخاري بخدمةٍ عظمى حينَ جمعَ الصحيحَ من حديثَ رسولِ الله- صلى الله عليه وسلم-بعدَ كلمةٍ سمعها من إسحاق بن راهويه؛ وحملَ الشهيدُ نور الدين رايةَ الدفاعِ عن بلدان المسلمين حين دهمها المدُّ الصليبي الحاقد دون أنْ يلتفتَ لكثرةِ الخونة والمرجفين؛ وجمعَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ الجهادَ من أطرافه بالعلمِ والعمل والصبر والاحتساب حتى غدتْ مؤلفاتُه ومواقفه مورداً عذباً ومنهلاً مزدحماً من طلابِ العلمِ والعمل.
وفي هذه العصورِ المتأخرة نهضَ الإمامُ محمد بن عبد الوهاب بدعوةٍ سلفيةٍ إصلاحيةٍ بعدما رأى الضلالاتِ والشركياتِ والبدعَ في العالمِ الإسلامي فكانتْ دعوتُه نبراساً لغيرها وصارتْ شوكةً في حلوقِ الأعداءِ من الكافرين وأتباعهم المنافقين، كما استفرغَ الإمامُ الألباني جهدَه لتنقيةِ السنَّة النبويةِ المشرَّفةِ مما علقَ بها من الأخبارِ الضعيفة والموضوعة في مشروعٍ علمي حديثي ضخم ، وللإمامِ عبدِ العزيز بنِ بازٍ أثرٌ لا ينكرُ في استنقاذِ الفتوى من التعصب المذهبي وردِّها للكتابِ والسنةِ وإجماعِ الأمة .
وإنَّ أمةً أنجبتْ هؤلاءِ الأفذاذِ وغيرهم-رحمة الله ورضوانه عليهم-لقادرةٌ على إنجابِ آخرين يحملونَ على عواتقهم همَّ الأمةِ الإسلاميةِ ومشاريعها في مختلف الجوانبِ والتخصصات والاهتمامات؛ وَكمْ تركَ الأولُ للآخرِ إذا صدقتْ العزائمُ واستيقظتْ الهمم؛ وهذه المشروعاتُ تحتاجُ عونَ وبذلَ شرائحِ الأمةِ كلِّها ؛ فمنها على سبيلِ المثالِ لا الحصر:
• مشروع رحمة الشعوب والعدل معها والأمانة في حمل مسؤولياتها.
• مشروع التطبيق العملي الكامل للشريعة الإسلامية.
• مشروع الدفاع عن بلدان المسلمين المحتلة بالنفس من قبل أهلها ابتداءً وبالتأييد من كل مسلم.
• مشروع مقاومة الاعتداء على نبي الرحمة والملحمة صلى الله عليه وسلم.
• مشروع تخريج طلاب علم متميزين وحفاظٍ للقرآن والسنَّة متقنين.
• مشروع الحفاظ على الهوية الإسلامية من المسخ والطمس والتشويه.
• مشروع تربية الجيل على الكتاب والسنة وفق فهم سلف الأمة.
• مشاريع الأوقاف والحبوس لصالح العمل الإسلامي والخيري.
• مشروع إرشاد وتوجيه الصحوة الإسلامية.
• مشروع إشاعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
• مشاريع الإصلاح المتخصصة ( التعليم-الإعلام-الاقتصاد-التربية-الطب-…).
• المشاريع الإعلامية بمختلف أشكالها.
• مشاريع المرأة المسلمة .
• مشاريع الدفاع عن المرأة المسلمة.
• مشروعات الترفيه التربوي والتعليمي.
• مشروعات الارتقاء السلوكي والفكري لأفراد المجتمع المسلم.
• مشروعات القراءة والتفكير.
• المشاريع التقنية والصناعية.
• مشاريع رعاية الإبداع والتفوق.
• مشاريع تعزيز القيم والآداب.
• مشاريع الحفاظ على العقيدة الإسلامية.
• مشاريع الدعوة.
• مشاريع القوة البدنية والاستعداد العسكري.
• مشاريع تأهيل الفقراء والأيتام .
• مشاريع إطعام المساكين وكسوتهم.
• مشاريع غوث المنكوبين والمحتاجين.
• المشاريع الاجتماعية.
• مشاريع ا لحفاظ على اللغة العربية وآدابها.
• مشاريع القضاء على العنوسة.
• مشاريع تخفيض معدلات البطالة.
• مشروعات فضح أعداء الأمة من داخلها وخارجها.
• مشاريع مراكز الأبحاث والدراسات والرصد.
• مشاريع مراكز دراسات المستقبل.
وأجزمُ أنَّ في عقولِ المسلمين المزيدَ من الأفكارِ والمشروعاتِ الناجحة؛ كما أنَّ بعضَ ما ذُكرَ أعلاه قدْ يكونُ قائماً ويحتاجُ منَّا الدعمَ المعنويَّ أو المادي، وأكثرُ هذه المشروعات تحتاجُ إلى جهدٍ جماعيٍّ مؤسسي؛ ولا بدَّ فيها من جهودٍ مشتركةٍ بينَ العلماءِ والحكامِ والأثرياءِ والمفكرين والمؤسساتِ إضافةً إلى أفرادِ المشروعِ والقائمين عليه، ويجبُ أنْ تكونَ هذه المشروعاتُ مخططةً بإحكامٍ وتوقيتٍ مناسبٍ وفريقِ عملٍ متكاملٍ مع أهميةِ التأكيدِ على الصبرِ والمجاهدةِ والتأنَّي في بلوغِ الغايةِ ورؤيةِ الثمرةِ فما لا يدركُ في دنيا الناسِ لا يضيعُ عندَ ربِّ الجنِّةِ والنِّاس.