ختمَ أحدُ الأطباءِ المتخصصين بالأمراضِ الجنسيةِ حديثَه الهاتفيَّ لإذاعةِ القرآنِ الكريمِ- مفخرةِ الإعلامِ السعودي- بقولهِ: نحنُ ننتظرُ بعدَ نهايةِ موسمِ الصيفِ الحالاتِ الجديدةَ من مرضى “الإيدز” وباقي الأمراضِ الجنسية. وليسَ الأمرُ مقصوراً على فترةٍ دونَ أخرى غيرَ أنَّ “النُّفرة” و”الهجرة” التي يقومُ بها كثيرٌ من النَّاسِ خلالَ الصيفِ جعلتُه زمناً للأيدز وباقةِ العللِ الجنسية التي تُضعفُ إنْ لم تقتل.
والحديثُ عن الأمراضِ الجنسيةِ في المجتمعاتِ الإسلاميةِ صعبٌ لحساسيةِ هذه الأمراضِ والسلوكِ المحرَّمِ المرتبطِ بها ممَّا أثَّرَ على إمكانيِّةِ معرفةِ الوضعِ الحقيقي لحجمِ الإصاباتِ الجنسيةِ حيثُ إنَّ الكثيرَ من المرضى يهربونَ من الحقيقةِ أو يبحثونَ عن العلاجِ بطريقةٍ سريِّةٍ أو شعبيةٍ أو في البلدان الأجنبية.
وتعتقدُ منظمةُ الصحةِ العالميةِ أنَّ معدلَ الإصابةِ بالعدوى الحادةِ مرتفعٌ في كثيرٍ من دولِ العالمِ فيما يخصُّ الأوبئةَ الجنسية؛ حيثُ بلغَ عددُ المصابين بالأيدز فقط أكثرَ من40 مليون إنسان في العالم، بينما أكدَّ وزيرُ الصحةِ السعودي أنَّ أعدادَ مرضى الإيدز في السعودية حتى عام 2006م وصلَ إلى أكثرِ من 11 ألفَ مصابٍ بينهم أكثرُ من 2000 سعودي. وقدْ خلُصتْ دراسةٌ أجريت عام 2005 على مرضى الأيدز في السعوديةِ إلى ما يلي:
• نسبة إصابة الرجال للنساء 1:3
• العلاقات الجنسية سببٌ في 95% من الإصابات وسط السعوديين.
• يقع 80% من المصابين في الفئة العمرية 15-49 سنة.
• سجلت مدينة جدة 57 % من إجمالي الإصابات.
• اكتشفت 30% من حالات الإصابة لغير السعوديين في أثناء الفحص الطبي لإنهاء إجراءات الإقامة النظامية.
والحقيقةُ التي لامناصَ من ذكرها هي أنَّ بلادَ المسلمين جزءٌ من هذا العالم الذي يجتاحُه الجنسُ والعريُّ وبضاعةُ الدعارة التي راجتْ في بعضِ الديارِ حتى غدتْ مقصداً لكلِّ فاجرٍ وفاجرةٍ مما حدا بمنظمةِ الصحةِ العالميةِ إلى وصف بعضِ العواصمِ التجارية الإسلامية بأنَّها “بؤرة الإيدز” في الشرق الإسلامي متناصفةً هذا العارَ مع ” تل أبيب” ويكفي من شرٍ سماعه. وقد نصابُ بالدهشةِ إذا علمنا عن عدد المومساتِ المقيماتِ والمتنقلاتِ في بلدانِ المسلمين إضافةً إلى انتشارِ دورِ البغاءِ والمهنِ القبيحةِ التي تُمهدُ للخنا كالرقصِ والغناءِ وغيرهما.
وأمامَ هذا الواقعِ المؤلمِ الذي لا يسعُ السكوتُ عنه للمصلحةِ الدينيةِ والوطنيةِ والاجتماعيةِ والاقتصاديةِ نعجبُ غايةَ العجبِ من ضعفِ طرقِ هذه الموضوعاتِ في الإعلامِ خاصة مع تباكيهم على المرأةِ وهي من أكبرِ المتضررين بالأمراضِ الجنسية، وأيضاً مع التسربلِ المتكررِ بالوطنيةِ والأوطانُ خاسرةٌ ولا ريبَ من فسادِ دينِ وخلقِ وصحةِ شبابها؛ كما أنَّنا لا نجدُ تفسيراً لاختفاء هذه البليِّةِ شبه التامِ من جداول عملِ الوزراءِ والقممِ الإسلاميةِ والعربيةِ مع أنَّها خطيرةٌ في الحالِ والمآل.
وكمْ من إجراءٍ يسيرٍ أو مُجهدٍ يحمي أجيالاً بفضلِ الله وتوفيقهِ خاصةً مع تضافرِ الجهودِ وتكاتفِها في سبيلِ الإصلاحِ والبناء؛ ومن هذه الإجراءات :
1. تضمينُ العفافِ والاستعفافِ في المناهجِ الدراسية.
2. العنايةُ بهذه النوزالِ في المناشطِ الدعوية والبرامجِ الإصلاحية.
3. الحديثُ عن الوقايةِ من الأمراض الجنسية في الخطب وبرامج الإعلام.
4. فحصُ القادمين للعملِ أو الزيارةِ بلا استثناء.
5. الإلزامُ بالفحصِ عن الأمراضِ الجنسيةِ قبلَ الزواجِ وفي هذا الإجراءِ ردعٌ وحماية.
6. منعُ السفرِ للبلدانِ المشبوهةِ خاصةً من قبلِ الشباب؛ وليسَ المنعُ صعباً فله تطبيقاتٌ قائمة.
7. طردُ كلِّ مقيمٍ أو وافدٍ إذا كانَ مصاباً بهذه الأمراض ومنعُ عودته لأي سبب.
8. البحثُ عن حلٍّ للتعاملِ مع ذوي الإصابات الخطيرة كالحجرِ الصحي مثلا.
9. إشاعةُ الأمر بالمعروفِ والنهيِ عن المنكرِ خصوصاً في البلادِ التي تجيزُ حكوماتُها- لا شعوبُها المؤمنة- البغاءَ تحتَ أيِّ مسمَّى.
10. مقاومةُ دعواتِ الرذيلةِ وتجفيفِ منابعها.
11. تيسيرُ أسباب الزواج والاستعفاف.
12. إنشاءُ مراكزَ رصدٍ وبحثٍ للعنايةِ بهذه الأخطار والأخذُ بتوصياتها.
وعلى الفقهاء والعلماء الاهتمامُ بفقهِ الأمراضِ الجنسيةِ مثل حكم زواج المصاب على اختلاف الأمراض ونوع الإصابة؛ وحكم استمرارِ زواجِ المصابِ أو إنجابه؛ وأحكام المصابين بالخطأ؛ وعقوبات المصابين والناشرين إلى غير ذلك من الأحكام والآداب التي تحتاجها هذه الحالاتُ والنوازل، على أنْ تكونَ الفتوى جماعيةً من مجامعَ أو لجانٍ يُعتدُّ بفتاويها.
والزواجُ أفضلُ سبيلٍ للقضاءِ على هذا الوباء؛ وبعدَ الزواجِ يأتي التعددُ الذي قدْ تأبَاه بعضُ النساءِ وتأذنُ لزوجها بسفرِ المعصيةِ مقابل بقائها بلا شريكةٍ شرعية، ومع الزواجِ وقبله لا ننسى غضَّ البصرِ والصيامَ والتعففَ والدعاءَ بصرفِ الفتنةِ والابتعاد عن مظانها اقتداءً بنبي الله يوسفَ عليه وعلى نبينا أفضلُ الصلاةِ وأتمُ التسليم.
والتعاملُ معَ الواقعِ يفرضُ الصدقَ والصراحةَ ورفعَ الحصانةِ عن بعض المسائلِ الشائكةِ حتى لا نظلَّ أُسارى لوهمِ الخصوصيةِ والنقاءِ-مع وجودِ أصلهِما- وحتى تتدخلَ الجهاتُ المسؤولةُ قبلَ أنْ يضيعَ شبابُ المسلمين وهمُ الكثرةُ الكاثرةُ من الشعوب المسلمة وعليهم بعدَ الله المعوَّلُ والأملُ في رفعِ شأنِ الأمةِ المحمديةِ ونصرةِ الملةِ الإسلامية وردَّ كيدِ الغزاةِ المعتدين.