الرأي – رصد

كشف تقرير أممي جديد زيف الرواية الإسرائيلية حول تقييد سلطات الاحتلال سياسة هدم منازل الفلسطينيين المأهولة خلال جائحة كورونا، وذلك بعد أن قدم شرحا وافيا لعملية الهدم الكبيرة التي نفذت في منطقة حمصة بالأغوار الشمالية، ضمن سياسة احتلالية تقوم على “التهجير القسري” للسكان.

واوضح تقرير صادر عن مكتب تنسيق المساعدات الإنسانية “أوتشا”، أنه رغم أن السلطات الإسرائيلية أشارت إلى أنها سوف تقيد السياسة التي تطبقها منذ أمد بعيد في هدم المنازل الفلسطينية المأهولة خلال الجائحة، هدمت هذه السلطات ما لا يقل عن 178 مبنى فلسطينيا أو صادرتها أو أجبرت أصحابها على هدمها منذ مطلع عام 2021، مما أدى إلى تهجير 259 شخصا، بمن فيهم نحو 140 طفلا.

وشرح التقرير الصادر عن إحدى الهيئات التابعة للأمم المتحدة، أنه في يوم 8 فبراير/ شباط الحالي، عادت الإدارة المدنية الإسرائيلية، برفقة الجيش الإسرائيلي، إلى تجمّع حمصة البقيعة البدوي الفلسطيني في منطقة الأغوار، وصادرت وهدمت 16 مبنى سكنيا وحظيرة مواشٍ أخرى، من بينها 13 من هذه المباني والحظائر ممولة من المانحين، حيث قُدمت كمساعدات إنسانية في سياق الاستجابة لحادثتين وقعتا في يوميْ 1 و3 فبراير وهُدم خلالهما او صودر 46 مبنى.

وذكر أنه في هذا الجزء من التجمع، هُجرت تسع أُسر تضم 60 فردا، من بينهم 35 طفلًا، مرة أخرى وهي عرضة لخطر متزايد بـ “التهجير القسري”، لافتا إلى أن معاناتهم تتفاقم بفعل فصل الشتاء واستمرار جائحة “كورونا”.

وأشار إلى أنه خلال عمليات المصادرة التي نُفذت في يوم 8 فبراير، أخبرت الإدارة المدنية سكان التجمع بأن أي مبانٍ جديدة يتم بناؤها أو التبرع بها سوف تُهدم أو تصادَر، ووجهت الأوامر إليهم مرة أخرى بالانتقال إلى موقع قريب من قرية عين شبلي ) «موقع إعادة التوطين المقترح» على الخريطة(، الذي يقع على بعد 15 كيلومترا بالطريق البري عن التجمع.

وحين قدم التقرير نظرة عامة على الوضع، قال إن التجمع في حمصة البقيعة البدوي الفلسطيني، الواقع في المنطقة (ج)، عانى من أربع عمليات هدم ومصادرة كبيرة منذ عام 2014. وشكلت عملية الهدم التي نُفذت في يوم 3 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي أكبر هذه العمليات التي سُجلت منذ عام 2009، حيث تركت 73 شخصا، من بينهم 41 طفلًا، بلا مأوى.

وأشار إلى ان السلطات الإسرائيلية هدمت في العمليات الأخيرة التي نفذتها في مطلع فبراير، أكثر من 46 مبنى مختلفا، بما فيها 17 مبنى مولها المانحون.

ويوضح التقرير أنه جرى على الفور قيام هيئات دولية واجتماعية بتقييم الاحتياجات الإنسانية وتقييم عمليات الهدم، حيث جرى توزيع المأوى الطارئ والمواد الغذائية واللوازم المنزلية الأساسية من قبل المنظمات الشريكة في العمل الإنساني، ومن بينها جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، كذلك السلطة الفلسطينية، لكن القوات الإسرائيلية صادرت جزءا من هذه المساعدات وألحقت الضرر بها يوم الثالث من فبراير، ليجري بعد يوم من ذلك تقييم آخر للاحتياجات الإضافية لدى الأسر التي طالتها أضرار مباشرة بفعل عمليات الهدم والمصادرة الأخيرة. فقد قُدمت مرافق المأوى الطارئة والمواد الغذائية واللوازم المنزلية الأساسية لسكان التجمع، فضلًا عن بعض المساعدات النقدية.

وعقب ذلك، حسب التقرير، قدمت مساعدات أخرى للسكان، كما نظمت زيارة مناصرة شارك فيها دبلوماسيون وأعضاء مجتمع العمل الإنساني، وسُمح للوفد بالوصول إلى الموقع، حيث تمكن من الالتقاء مع سكان التجمع.

لكن التقرير الدولي أوضح أن سلطات الاحتلال قامت مؤخرا وتحديدا يوم الثامن من فبراير، بتفكيك ومصادرة خيمتين من الخيام السكينة التي قُدمت للسكان، وكانت قد نصبت، إلى جانب مرافق مأوى طارئة أخرى قدمتها جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.

ويشير إلى ان غالبية المساعدات الطارئة التي قُدمت لسكان التجمع خلال الأسبوع الماضي باتت مصادرة الآن، لافتا إلى أنه بسبب ذلك وبسبب الافتقار إلى المأوى، يمكث النساء والأطفال في الخيام داخل التجمع، في حين ينام الرجال في العراء ويرعون مواشيهم خلال النهار، وبسبب الوجود العسكري المكثف والخشية من مصادرة أو اعتراض المساعدات، اختار شركاء آخرون تقديم المساعدات في التجمعات السكانية القريبة، التي يستطيع السكان الوصول إليها من حمصة البقيعة.

يشار إلى أن سارة موسكروفت، رئيسة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، وجيمس هينان، رئيس مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، ولوشيا إلمي، الممثلة الخاصة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة )اليونيسف( في دولة فلسطين، أصدروا بيانا عقب زيارة المنطقة، أكدوا فيه تواصل مجتمع العمل الإنساني في تقديم المساعدات للمتضررين من الهدم، وضمان الاعتراف بحقوق الإنسان الواجبة لهم وصون كرامتهم والدعوة إلى احترام القانون الدولي.

وفي السياق، كانت مصادر إسرائيلية مطلعة قد كشفت النقاب عن أن إدارة الصندوق القومي اليهودي، تعتزم توسيع أنشطتها لتعزيز المشروع الاستيطاني ونهب الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، في ما وصف بأنه تغيير جذري في سياسات المؤسسة التي شكلت حجر الأساس في المشروع الاستيطاني الصهيوني منذ تأسيسها عام 1901.

Next Page >