أجرى الله _تعالى_ الكون على سنن يسير عليها رحمة بالعباد، لتستقيم حياتهم، وتنتظم معيشتهم، وتكون صالحة لعبادة الله _تعالى_ في مدة الدنيا، حتى إذا جاء موعد الحساب والجزاء على الإيمان والأعمال، أذن الله _تعالى_ بهلاك الكون وسننه، لينتهي الناس إلى الجنة إن كانوا من المؤمنين، أو النار إن كانوا من الكافرين.
وعلى الرغم من وضوح العقيدة الإسلامية في هذا الشأن وجلاء النصوص الشرعية؛ فقد ظهرت في بعض أوساط الكتاب والمثقفين عدد من المفهومات والتعبيرات الخاطئة نتيجة التأثر بالمفهومات الغربية الملحدة الموجودة في الكتب والمقالات العلمية المتخصصة في علوم الفلك والطبيعة وغيرها، وخصوصاً التي تترجم إلى اللغة العربية، ومن تلك المفهومات والتعبيرات غير الصحيحة:
أولاً: حينما يتحدث بعض الناس عن ظاهرة من ظواهر الكون يقولون مثلاً: تسببت الطبيعة في حدوث فيضانات، أو كفلت الطبيعة وجود الغذاء لهذا الحيوان، وغضبت الطبيعة فوقع زلزال مدمر، وغير ذلك مما نسمعه من عدد من الصحافيين والإعلاميين أو نقرؤه في كتاباتهم أو في كتب علوم الطبيعة في بعض المناهج الدراسية في بعض الدول الإسلامية.
ثانياً: ينكر بعض الناس على العلماء والدعاة تذكير الناس بالحكمة من وراء الكوارث الطبيعية، ويكره موعظة الناس بذلك، أو تذكيرهم بما أنزله الله _تعالى_ بعدوّ من أعداء المسلمين، ويحاول بعض هؤلاء أن يدعي ويزعم أن تلك الكوارث الطبيعية لا علاقة لها بعقوبة قدرية أو عقائد دينية.
وهنا ينبغي لنا أن نستحضر بعض الأوليات التي لا يليق بهؤلاء أن يجهلولها في عقيدتهم الإسلامية، فالله _تعالى_ هو الذي خلق هذا الكون وخصائصه وسننه التي يسير عليها، أو ما يطلق عليه الطبيعة، وجعل الكون يسير عليها لا يتخلف عنها ولا يخرج عليها، “لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ” [يس: 40]، ومن ثم لا يصح أن ننسب حركة الكون إلى الطبيعة، وإنما ننسبها إلى الله _تعالى_ الذي خلقها وأوجدها، قال _تعالى_: “إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ” [الأعراف: 54]، وقال _تعالى_: “أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ” [الحج: 65]، أفيصح إذن أن ننسب الخلق والظواهر الكونية إلى فعل الطبيعة وعملها، كما هو حال عدد من علماء الطبيعة الملحدين في الغرب أو الشرق!
وأقول: ليس من المنهجية في شيء ولا العلمية ولا الموضوعية أن ننكر أو نتجاهل عن عمد ذكر الخالق _سبحانه_ في هذه المجالات، وننسبها إلى الطبيعة المخلوقة التي ليست بفاعل ولا خالق، وتجاهل نسبة الظواهر الكونية إلى الخالق _سبحانه_ هو عين الخروج عن الموضوعية والمنهجية العلمية، وكما لا يصح مثلاً أن نتجاهل ذكر أينشتاين حينما نذكر “النسبية” كنظرية تحاول تفسير ظاهرة في الكون والاستفادة منها أو ننسبها إلى غيره، فلا يصح من باب أولى أن نتجاهل ذكر الخالق _سبحانه_ حينما نتكلم عن الظواهر الكونية متى اقتضى سياق العبارة العلمية ذلك ولا ننسبها إلى الطبيعة.
أما الملاحظة الثانية؛ فلا أدري لماذا يغضب بعض الصحافيين وغيرهم على العلماء حينما يعظون الناس، ويذكرونهم بالحكمة من وراء ما يحدث من ظواهر أو كوارث كونية، ويذكرونهم بعقوبات الله _تعالى_ التي ينزلها بالكافرين أو العاصين! أيريد هؤلاء أن يكتم العلماء ذلك عن الناس حتى لا يعكر على العاصين منهم صفو تمتعهم بالمعاصي وغرقهم في السيئات، أو كيلا ينغص على المنحرفين والفاسدين حياتهم ويحرك فيهم ضمائرهم!
ولماذا يتعدى بعض هؤلاء على العلماء بألسنة حداد أشحة على الخير، ولا يغضبون لو أهان أعداؤهم كتاب الله _تعالى_، ولا تهتز أقلامهم لتقول: لا لإهانة مقدسات المسلمين، ولا لتدمير مساجدهم، ولا لسفك دمائهم، ويغضـبون فقط حينما يقوم بعض العلماء والدعاة بتذكير الناس بالله _تعالى_، وبما أنزله بعدوّهم من عقوبة!
ولم لا يكلف بعض هؤلاء نفسه قبل التطاول على أهل العلم أن يفتح كتاب الله _تعالى_ ليعلم ويتعلم أن الله _تعالى_ ذكر في كتابه ذلك، وذكّر المسلمين بالحكمة من وراء ما يحدث من كوارث في الأرض تصيب الناس، وبيّن _سبحانه_ في كتابه وسنّة رسوله _صلى الله عليه وسلم_ أن تلك الكوارث؛ إما أن تكون ابتلاء للمؤمنين لامتحانهم في إيمانهم وصبرهم أو لتكفير سيئاتهم أو لرفع درجاتهم، وإما أنها عقوبة للكافرين والعاصين، اقرأ معي النصوص الآتية:
قال _تعالى_: “وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ” [الرعد: 13]، وقال: “وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ” [الشورى: 30]، وقال: “كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ” [الأنبياء: 35].
وهذه بعض الآيات التي تحكي لنا كيف حدثت أعظم كارثة على الأرض في تاريخ البشر، ولماذا حدثت وما الحكمة من وقوعها، قال _تعالى_: “كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (9) فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ (10) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاء لِّمَن كَانَ كُفِرَ (14) وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ” [القمر: 9 – 15]، فهذه الكارثة التي حدثت بين الله _تعالى_ لنا الحكمة منها، وذكّرنا بها ووعظنا، فقال _سبحانه_ بعدها: “جَزَاء لِّمَن كَانَ كُفِرَ”.
وجعل الله _تعالى_ الريح العاصفة، وهي ظاهرة كونية طبيعية، نصراً للمؤمنين وعذاباً للكافرين، وجعلها الله _تعالى_ نعمة أنعم بها على المسلمين يوم الأحزاب يذكّرهم بها ليشكروه عليها، فقال _تعالى_: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً” [الأحزاب: 9]. وقال _سبحانه_ عن الكارثة الطبيعية التي أنزلها بقوم عـاد لمّـا كفروا: “وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ [41] مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ” [الذاريات: 41- 42]. وذكر _سبحانه_ أنه أنزل كارثة طبيعية بقوم سبأ لـمّا أعرضوا عن طريق الهداية: “لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ [15] فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ” [سبأ: 15 – 16].
وقد حذّر الله _تعالى_ الناس من أن ينزل بهم كارثة كونية عقوبة لهم إن أعرضوا عن الإيمان والطاعة: “أَفَأَمِنتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلاً [ 68] أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفا مِّنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً” [الإسراء: 69]. فلماذا لا نذكّر الناس عند غفلتهم حتى يتعظوا ولا تقع بهم كارثة؟
ولا تفتش عن حال أهل بلد من البلاد التي وقع بها كارثة في الماضي أو الحاضر إلا وتجد معصية من المعاصي كانت منتشرة في تلك البلد، وسواء كان فيهم صالحون أو لا، فالعقوبة تعم الجميع متى أراد الله “عز وجل”، لكنهم يحاسبون يوم القيامة على نياتهم. ولا يخفى ما كان يجري قبل كارثة تسونامي مثلاً ولا يزال في كثير من دول شرق آسيا من معاص وتجارة للرذيلة وفواحش كثيرة، وقد طيرت لنا الأنباء أخباراً عن استعدادات كانت توشك أن تنتهي لبدء مهرجان للرذيلة في المدينة المنكوبة قبل يومين من إعصار كاترينا كان من المتوقع أن يشهده نحو 125 ألفاً من الزائرين.
وما المانع من أن يتذكر الإنسان الحكمة من الظواهر الكونية أو الكوارث ليتذكر قدرة الله _تعالى_ لتستقيم نفسه ويزداد إيمانه! والتأثر بذلك علامة على قوة الإيمان، قالت عائشة _رضي الله عنها_ أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ “كان إذا رأى غيماً أو ريحاً عُرف في وجهه. قالت: يا رسول الله، إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عُرف في وجهك الكراهية؟! فقال: يا عائشة، ما يُؤمنِّي أن يكون فيه عذاب! عُذب قوم بالريح، وقد رأى قوم العذاب، فقالوا: هذا عارض ممطرنا” رواه البخاري ومسلم.
ولم لا نفرح بكارثة ينزلها الله _تعالى_ بعدوّنا الذي يسفك دماء المسلمين وينهب أموالهم لنشفي غيظ قلوبنا، ولنتذكر أن عدوّنا مهما أوتي من قوة وجبروت فإنه ضعيف عاجز أمام قدرة الله _تعالى_، لكنه _سبحانه_ يختبرنا بمجاهدته، قال _سبحانه_: “أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً” [فاطر: 44]، وقال _عز وجل_: “أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ” [غافر: 21].
وكما يجعل الله _تعالى_ الظواهر الطبيعية عقوبة لمن كفر أو عصى؛ فإنه _سبحانه_ سخر الكون كله بما فيه من ظواهر طبيعية لنا نستفيد منه لنشكره _سبحانه_ بالإيمان به والطاعة، فقال _تعالى_: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” [الروم: 46]. وحثنا _سبحانه_ على التفكر في الكون لما في ذلك من زيادة في الإيمان واليقين: “الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ” [آل عمران: 191].
وأرشدنا _سبحانه_ كيف نحتاط لأنفسنا ونتجنب الكوارث والأضرار في الدنيا والآخرة عموماً، وذلك أولاً بالإيمان والطاعة والتقوى، فقال _سبحانه_: “وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُّكْراً [8] أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُوْلِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً” [الطلاق: 10]. وثانياً بالأخذ بالأسباب المادية كما في قصة ذي القرنين “قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً”[الكهف: 94].
والله _تعالى_ رحيم يمهل عباده، ويرزق الكافر كما يرزق المؤمن في الدنيا؛ لأن الدنيا دار اختبار لا دار جزاء، لكنه _سبحانه_ قد يعاقب من يشاء في الدنيا قبل الآخرة، قال _عز وجل_: “لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ” [العنكبوت: 66]، وقال: “هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ [22] فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ” [يونس: 22-23].
فلماذا يحاول بعض الكتاب أن يطمس الحقيقة، ويصرف الناس عن دعوة الحق، ويحاول أن يـجمد مشاعر الإيمان لدى الناس بصرفهم عن الحكمة وراء الظواهر الكونية والكوارث الطبيعية! أليست تلك الظواهر والكوارث إذن فرصة عظيمة ليراجع كل منا نفسه، وكما هي فرصة لبحث الطبيعة والكون ودراسته فهي فرصة أعظم لدعوة الناس الله _تعالى_، وتذكيرهم، ووعظهم، ودعوتهم إلى التوبة والرجوع إلى الحق، كما أنها وسيلة أصيلة وأساسية من وسائل القرآن والسنة في الوعظ والتذكير.