قصه سيدنا نوح عليه السلام

ولُقب نبي الله نوح عليه السلام بأبي البشر الثاني، ويعتبر أول رسول أرسله رب العالمين إلى الناس من أجل دعوتهم لدعوة التوحيد بالله، فكان نبي الله نوح صادقاً نقياً أرسل ليهدي قومه وكي ينذرهم من العذاب بالدار الآخرة، وعلى الرغم من أنهم كذبوه وعصوه إلا أنه استمر في دعوتهم إلى دين الله الحنيف .

فاتبعه عدد قليل من الناس إلا أن الكفار تمادوا في طغيانهم، فمنع الله المطر عنهم وحينها دعاهم نبي الله نوح أن يؤمنوا بالله كي يرفع العذاب عنهم فآمنوا حتى رُفع العذاب عنهم وبعدها رجعوا لضلالهم، وظل نوح يدعوا قومه 950 عام، ثم أمره الله أن يقوم ببناء سفينة ويأخذ معه من كل زوجين أثنين، وكان القوم يسخرون منه إلا أن جاءهم الطوفان فغرقوا جميعاً إلا من آمنوا منه.

نوح عليه السلام

نسبه ومولده

نبي الله نوح عليه السلام هو الحفيد السادس أو السابع لسيدنا أدم أبو البشر، وهو نوح بن لامك بن متوشلخ بن إدريس وينتهي نسبه إلى شيت بن آدم، ويُرجح الكثير من المؤرخين أنه من أحفاد نبي الله إدريس، وقد لُقب بأبو الأنبياء الثاني بعد نبي الله آدم، وذلك لأنه قام بإنقاذ المؤمنين من الغرق بالطوفان الذي حل بقومه بسبب كفرهم وطغيانهم، وذلك من خلال بنائه لأول سفينة بتاريخ البشرية بعدما أوحى الله بذلك

عُرف بصلاحه واستقامته وذُكر نوح بالقرآن في 43 موضع، كما ذُكر في القرآن سورة نوح، وذلك لتحمله الكثير من الأذى من قبل قومه، وقد قال الله عنه أنه من أولي العزم من الرسل.

يرجح أغلب المفسرون والباحثون أن نبي الله نوح وُلد بمدينة نهاوند التي يوجد موقعها الحالي في محافظة همدان التابعة لإيران، ويرجع أصل تسمية هذه المدينة باسم نهاوند كنوع من الاختصار لـ نوح ولد، إلا أنها في العصر الفارسي تم تغيير اللفظة إلى نهاوند حيث بُدل حرف الحاء بالهاء، وهناك بعض آخر من المفسرون يرجحون أنه ولد في بلاد ما بين الرافدين أي في العراق، وذلك لأنه في كتبهم القديمة ذكروا شخصية مشابهة له، والتي في الغالب يُرجح أنها تعود لزمن الأسباط.

حال قوم نوح عليه السلام قبل بعثته

بُعث نبي الله نوح عليه السلام لقوم يدعون باسم قوم بني راسب، وقبل ولادة نبي الله نوح كان يعيش بين هؤلاء القوم خمسة رجال صالحين من أجداد هؤلاء القوم، حيث عاشوا عمراً من الزمن وماتوا، وكان أسماء هؤلاء الرجال “ود وسواع ويغوث ويعوق ونسرا” .

وبعدما مات هؤلاء الصالحين قام الناس بصنع تماثيل لهم كنوع من التكريم والذكرى، وبعد مضي حين من الدهر وموت من قاموا بنحت التماثيل ومجيء أبنائهم وأحفادهم تم نسج الكثير من الحكايات والقصص حول هذه التماثيل، حيث عزوا إليها أنها ذات قوة خاصة فاستغل إبليس هذا الأمر وأوهم الناس بأن هذه التماثيل الخمسة هي تماثيل آلهة تمتلك النفع والضرر، ومن ثم بدأ الناس في تقديسها وعبادتها، فكان يسجدون لها ويخضعون أمامها، حتى ضل الكثير من القوم.

بعثة نوح عليه السلام

كان نبي الله نوح عليه السلام على فطرته التي فطر الله عليها الإنسان، حيث كان يؤمن بالناس من قبل بعثته للناس بزمن طويل، فبعثه الله لقومه كي يرشدهم لطريق الله، وكي ينهاهم عن الشرك بالله وعبادة الأصنام، فجاء نبي الله نوح ودعاهم لعبادة الله الذي لا إله غيره إلا أن قومه كذبوه وتحركوا باتجاهين فمنهم من لمست الدعوة قلبه وانحنت على أوجاعهم وآلامهم بكل عطف ورحمة، وهناك البعض الأخر الذين تمادوا في كبريائهم وضلالهم وبدوا يتأملوا في الدعوة بعين من الريبة والشك وبدوا في مهاجمتهم وحربهم ضد النبي نوح.

كيف بدأ نوح عليه السلام دعوته للقوم

في البداية دعاهم إلى الله وأكد لهم أنه بشر منهم إلا أن الله أرسله كي يدعوهم، إلا أنه في بداية الأمر خُيل لقومه أن هذه الدعوة سرعان ما ستنطفئ وحدها، ولكن عندما وجدوا أن دعوته بدأت في جذب بعض الناس والبعض آمن به، فشنوا الهجوم عليه، ثم بعد ذلك بدوا يهاجمون أتباعه .

ومن هنا كان بداية اندلاع الصراع بين النبي نوح وقومه، ثم بعدها لجأ إليه الكفار لمساومته بأن يقوم بطرد أتباعه حينها أدرك نوح أن قومه بدوا في العناد والسخرية منهم، إلا أنه كان رده عليهم طيباً ليناً حيث أخبرهم بأنه لن يقم بطرد أتباعه وقال لهم أنهم من أهل البلدة وليسوا ضيوف عليها.

وبدأن نوح في مناوشات عدة مع الكفار حيث كان يناقش كل حججهم بكل حكمة وبصيرة وبمنطق متجرد تماماً عن الكبرياء الشخصي أو هوى لصالحه الشخصي، وأخبرهم أن الله لا يجبر أحد منهم على الإيمان برسالته، واستمرت المعركة بينهم وطالت المناقشات بين نوح والكافرين إلا أن انهارت كل حججهم، وأصبحوا ليس لديهم ما يستطيعون قوله .

فبدأوا يخرجون عما هو مألوف حيث بدوا بالسخرية من النبي وسبه، ورغم هذا استمر نبي الله في دعوته ساعة تلو ساعة ويوم بعد الأخر، بينما يزيد الكفار في عددهم مما دعي نوح للحزن، رغم ذلك لم يفقد الأمل بل في جدال مع قومه يدعوهم إلى الله، وظل قومه على كفرهم وكبريائهم متبج حيم، وظل نوح محتفظاً بالأكل طيلة 950 عام، حتى جاء اليوم الذي أوحى الله إليه أنه لن يؤمن معه إلا من آمنوا وطلب منه ألا يحزن على قومه، ثم أمره بصنع سفينة.

سفينة نوح

أوحى الله إلى نوح أن يصنع سفينة بعلم الله وتعليمه، وأن يقوم موسى بتطبيق توجيهات الله وسيساعده في صنعها الملائكة، فبدأ نبي الله يغرس في الأشجار ويقوم بزراعتها، ثم ظل عدد من السنوات وقطع ما قام بزرعه من أشجار وبدأ في نجار الأخشاب وقام ببناء سفينة عظيمة من حيث طولها ومتانتها وارتفاعها، وكان كلما يمر عليه الكفار أثنه انهماكه وصنعه السفينة فيبادرون بالسخرية منه، لأنه يقوم بصنعها في الصحراء وسط الجفاف ولا يوجد أي بحار أو أنهار قريبة، وبعدما انتهى نوح من صنع السفينة جلس منتظراً لأمر وقضاء الله.

وأوحى الله إلى نبيه أنه إذا فار التنور فإن هذا الأمر يدل على بدء الطوفان، وقال بعض المفسرين أن التنور هو بركان بالمنطقة والبعض الأمر قالوا أنه الفرن الكائن ببيت نوح عليه السلام، وجاء هذا اليوم الموعود وفار التنور، فتحرك نوح سريعاً وفتح السفينة ودعا من آمنوا به أن يركبوها وأخذ من كل زوجين أثنين من الحيوانات والطيور والنباتات وكافة المخلوقات .

وكانت زوجة نوح لا تؤمن به هي وأحد أبنائه إلا أنهما كانا يخفيا كفرهما ويبديا الإيمان أمام نبي الله، وحينما دعاهما لركوب السفينة فرفضا، وانهمرت السماء بالأمطار الغزيرة وارتفعت المياه من فتحات الأرض، والتقت مياه الأرض مع مياه السماء وصارت ترتفع وترتفع وحينها فقدت بحار الأرض هدوئها وبدأت أمواج البحر تنفجر على اليابسة، وارتفع مستوى المياه حتى تجاوز قمم الجبال وغطت المياه سطح الأرض كله، وهلك كل من على الأرض ماعدا سفينة نوح ومن فيها.

واستمر الطوفان حيناً من الدهر غير معروف مقداره إلى أن جاء الأمر الإلهي للأرض بأن تبلع مائها وللسماء أن تكف عن أمطارها، ولأخشاب السفينة أن ترسوا على جبل الجودي، الذي دار عن تحديد مكانه الكثير من الآراء فالبعض من الرحالة والمؤرخين أشاروا إلى أنه موجود في تركيا، والبعض يقول أنه يقع قريبا من مدينة الموصل بالعراق وآخرين قالوا أنه في اليمن.

وبعدها أوحى الله إلى نبيه نوح أن يهبط بسلام الله وبركاته عليه وعلى من معه، فنزل نوح ومن كانوا معه من السفينة، وبدوا في بناء المدينة وقاموا بغرس الأشجار وبناء مساكن لهم وقاموا بإطلاق الحيوانات، ومن ثم بدأ العمارة على سطح الأرض، حيث أخذ الناس يتزاوجون ويتناسلون، وعاشوا في سلام إلى أن عمروا الأرض وملؤوها لذا سُمي نبي الله نوح باسم أبو البشرية الثاني.

المراجع :

• http://bit.ly/2Nhmw4B