لقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث، أنه قال: (من ترك شيئًا لله عوضه خيرًا منه) ، ويقال أنه حديث ضعيف، لكنه معروف عن الكثيرين، لكن أتى حديث مثل الحديث السابق، أن رجلا قال أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنك لن تدع شيئا لله إلا أبدلك الله به ما هو خير لك منه)، وهذا الحديث جمع:
1- جملة (لن تدع شيئا): وهي جمة تشمل أي شيء يمكن أن يتركه الفرد حتى يبتغي رضا الله تعالى عنه.
2- كلمة (لله): أي أن الإنسان ينبغي أن يترك الشيء حتى يحصل على رضا الله فقط، لا بسبب الخوف من حاكم، أو إنسان.
3- جملة (أبدله خيرا منه): فيها يبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أجر من يترك شيء لأجل رضا الله، أن الله سوف يعوضه ببديل خيرا منه، وأفضل منه، وقد يكون هذا البديل شبيه للشيء الذي تركه الإنسان لأجل الله، أو لا يشبهه.
أمثلة عن من ترك شيئًا لله عوضه خيرًا منه
– سيدنا سليمان –عليه السلام- كان لديه الكثير من الخيول لأنه كان يجاهد في سبيل الله، لكن ذات يوم انشغل بالخيول الكثير من الوقت حتى انتهى وقت صلاة العصر ولم يصلي، ورغم أنه كان يحب هذه الخيول حبًا جمًا إلا أنه قام بضرب أعناقها لأنه يحب الله -سبحانه وتعالى- أكثر من حبه للخيول، وكان عوض الله له أنه سخر له الريح.
– سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عندما هجر هو وأصحابه تاركين أموالهم وديارهم في سبيل الله، فقد عوضهم الله بأن جعلهم حكام وقادة في الارض، ومكنهم من المتجبرين.
– سيدنا يوسف -عليه السلام- كانت أمامه الكثير من المغريات وتركها فقط لله سبحانه وتعالى، حيث أن إخلاصه و حبه لله ، أجبره أن يختار أن يسجن و يصبر على ذلك ابتغاء وجه الله، فعوضه الله بملكه لخزائن الأرض، كما علمه تفسير الرؤيا.
وقد يعتقد الإنسان أنه إذا ترك مثلا فرصة يمكنه أن يكسب بها مالا لكنه مالا مشبوها أنه لن يأتي له فرصة أخرى لكن بمال حلال هذا تفكير البشر، لكن الله يعوض الإنسان عما تركه ابتغاء لمرضاته حتى وإن كان العوض آجلا، سيكون هذا العوض حلالا، والشخص المؤمن يعرف أن الله سيعوضه جزاء تركه الشيء الذي يشوبه الحرام، ويطمئن لذلك ويزداد إيمانه بأن: (من ترك شيئًا لله عوضه خيرًا منه)، فبعض الناس أتتهم الكثير من المغريات منها كسب المال الحرام، أو الزنا، أو ظلم شخص، أو شهادة زورن وغيرها الكثير وأبوا أن يفعلوا ذلك من أجل الله وحبًا فيه، فعوضهم الله بالأفضل من ذلك وبالحلال الذي يدوم وغير مخالف لشريعة الله ولا أوامره.
وقاعدة أن (من ترك شيئًا لله عوضه خيرًا منه) تحث الإنسان على ابتغاء الآخرة وترك مغريات الدنيا ابتغاء لوجه الله ولثوابه العظيم، ولعوضه في الدنيا والآخرة، وهناك حديث (ما نقص مال من صدقة، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله)، أي أن من تصدق من أجل الله ازداد ماله، ومن يعفو عن الناس فيعزه الله، ومن ترك التعالي والتكبر في سبيل الله رفعه الله وعلا من شأنه.
والخلاصة: إن (من ترك شيئًا لله عوضه خيرًا منه)، حيث يكون هذا العوض اطمئنان قلب الإنسان، الرضا عن كل شيء، نيل رضا الله ومحبته، وغيره الكثير، وهذا فقط العوض في الدنيا، لكن عوض الله في الآخرة أكبر من ذلك بكثير.