جاء كل من لفظ القرية والمدينة في القرآن الكريم فما الفرق بينهما، لفظ القرية يشتق من القاف والراء والحرف المعتل، وهو من الأصول الصحيحة التي تدل على الجمع أو الاجتماع وقد سميت القرية بهذا الاسم لاجتماع الناس في شكل جماعات مع بعضها وتكويننها وأيضأ من قول قريت الماء في الحوض والذي يعني جمعت المياه في الحوض بالنسبة للقرية فإن من يسكنها يسمى قروي بفتح حرف القاف وجمعها هو قرى عن طريق ضم حرف القاف وذلك تبعاً للغة سكان الحجاز واللغة التي نزل بها القرآن الكريم فقد قال الله تعالى ﴿ وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِداً ﴾(الكهف:59). بالنسبة للغة أهل اليمن فإن قروي تنطق عن طريق كسر حرف القاف ويتم جمعها على هيئة قرى عن طريق كسر القاف أيضاً
أما بالنسبة للفظ المدينة فهو يشتق من الميم والدال والنون ولا يوجد فيه سوى مدينة وذلك على وزن فعيلة ومنهم من يضيف ميم إليها على وزن مفعلة ومن يقول دين والذي يعني ملك حيث يقال مدن الرجل بفتح الميم وهي تعني أتى الرجل إلى المدينة والميم هنا أصلية ويقال أيضاً مدن بالمكان ويعني نزل وأقام في المكان ومن هنا تم تسميتها بالمدينة
ويقال: المدينة هي الحمى والحصن وقد يعني أرض تم بناء حصن في وسطها وجمعها هو مدن عن طريق ضم كل من الميم والدال أو مدن عن طريق تسكين الدال وضم الميم وتجمع كذلك على مدائن أما الأصل هو مداين بدلاً من همزة الياء لأنها تعتبر زائدة وقد قال الله تعالى في كتابه في سورة الشعراء الآية 53: ﴿ فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ﴾
جواز استعمال كل من القرية والمدينة بدلاً من بعضهما البعض
اسم القرية في اللغة فهو يقصد به المدينة كما يمكن استعمال المدينة للدلالة على القرية أيضاً ودلالة على ذلك قول الله تعالى :﴿ فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ ﴾ ومن هنا أتى اسم القرية وقد قال الله تعالى بعد ذلك: ﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ ﴾ وذلك بعدها مباشرة مما يدل على تسميته للقرية مدينة بعد أن سماها المرة الأولى
ومثال على ذلك قول الله تعالى: ﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ ﴾ وذلك في سورة يس الآية 13 ومن ثم قال بعد ذلك ﴿ وَجاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى ﴾ في سورة يس الآية 20 فقد سماها مدينة بعد تسميته لها بالقرية مما يدل على إمكانية استعمال كلا منهما في تسمية الثانية، وقد أطلق اسم أم القرى على مكة المكرمة وكذلك تم تسمية كل من مكة المكرمة والطائف باسم القريتين كما قال الله تعالى ﴿ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا ﴾، وذكر أيضا في كتابه ﴿ لَوْلاَ نُزّلَ هذا القرءان على رَجُلٍ مّنَ القريتين عَظِيمٍ ﴾. ويقال: تم تسمية مدينة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم باسم المدينة خصوصا وقد غلبت عليها تلك التسمية على سبيل التفخيم والرفعة والشرف فقد شرفها الله تعالى بسبب عظمة مكانتها عنده
الفروق بين كل من القرية والمدينة
يوجد عدد من الفروق ما بين كل من المدينة والقرية من بينها ما يلي:
- عدد الأشخاص الذين يسكنون القرية أقل من عدد الأشخاص الذين يسكنون المدينة ومن هنا يقال: إن كان عدد الأشخاص قليلاً يسمى المكان قرية وإن كان عدد السكان كبيرا يسمى المكان مدينة وقد شاع أيضاً أن يتم إطلاق اسم قرية على عدد ثلاثة فما فوق ذلك كما أن المدينة تمتاز بكبر مساحتها واتساعها مقارنة بالقرية مما يجعلها أكبر وأكثر عدداً
- يمكن إطلاق لفظ قرية على كل من الأشخاص الذين يسكنون المكان بالإضافة إلى المكان نفسه وذلك بسبب كثرة استخدام اللفظ في الحديث، قال الراغب: القرية تطلق على المكان الذي يتجمع فيه جماعة من الناس ويطلع أيضاً على الناس المجتمعين في المكان مما يدل على إمكانية استعمال نفس اللفظ لكل من الاثنين والدليل على ذلك قول الله تعالى ﴿ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ ﴾ في سورة يوسف الآية 82، وقد أشار عدد كبير من المفسرين أن ذلك يعني: سكان القرية في حين قال البعض: القرية هنا تعنى السكان نفسهم وقد قال الله تعالى: ﴿ وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً ﴾ كما ورد أيضاً ﴿ وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ ﴾ في سورة محمد الآية 13 وأيضاً قال الله تعالى ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾ في سورة هود الآية 117