أنزل الله سبحانه وتعالى الدين الاسلامي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكون رحمة وهداية للبشرية اجمعين. وعلي الرغم من معرفة المسلمين بطريق الهدى وطريق الحق الا ان الشيطان دائما يحاول اغواء المسلمين بالباطل. كما يحاول الشيطان ان يخرج المسلمين عن طريق الحق ويودي بهم الى نار جهنم على الرغم من ضعف الشيطان وضعف كيده وامكانية مواجهته وهزيمته بالايمان الحق. ومن الأمراض التي تتسلل بطيئا الى نفس المسلم ويتسبب بها الشيطان هو مرض الفتور.
الفتور الروحي
• ويعتبر مرض الفتور مرض بطئ يحاول الشيطان بكل قوته ان يصيب المسلمين به. فيبذل الشيطان كل ما لديه من حيل لاضعاف النفس البشرية كما ان له نفس طويل وصبر شديد في الايقاع بالمسلمين في الفتور الروحي. ويقوم الشيطان بتهيئة المسلم الى الظن بانه كان من قبل متطرفا او متشددا وان حاله في هذا الوقت انه على حق بعد تسلل الفتور الى قلبه والى عقله. وللفتور عدة صور قد يعلم المسلم باصابته بها أو قد يشعر فقط بتأثير هذه الصور عليه. وقد تكون الصور المتعددة للفتور التي يشعر بها المسلم مثل الشعور بالاكتئاب او الشعور بالحيرة او الشعور بالخوف او الانطواء عن الاخرين.
ما هو الفتور
• ويعرف الفتور بأنه حالة تصيب الانسان والتي يتصف فيها بالانكسار بعد فترة من القوة والشدة. ومن المعروف ان مرض الفتور هو مرض يصيب كل من كان قويا ومن كان يريد أن يكون قويا في الدين قريبا من الله. ولذلك يسعي الشيطان الى استهداف طاقات هؤلاء المسلمين الأقوياء والتأثير عليهم حتي يصيبهم بالضعف والانكسار. ويستهدف الشيطان هؤلاء المؤمنين نظرا لانهم هم من تقوم عليهم الأمة الاسلامية التي يريد هدمها والتخلص منها.
• اما عن الفتور فان كل انسان معرض لان يصاب بمرض الفتور وارتكاب الاخطاء والمعاصي الا من عصم الله سبحانه وتعالى وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ ) وقد امر الله سبحانه وتعالى بان يتوبوا اليه ويتركوا الاعمال التي يدعو اليها الشيطان كما قال تعالى : { إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا }. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا ، لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ ، فَيَغْفِرُ لَهُمْ ).
• كما ان من اسس الفتور ان قلب الانسان حتي وان كان في اشد حالات الايمان فهو معرض لأن يتغير نظرا لتقلب القلوب فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّمَا سُمِّيَ الْقَلْبُ مِنْ تَقَلُّبِهِ ؛ إِنَّمَا مَثَلُ الْقَلْبِ كَمَثَلِ رِيشَةٍ مُعَلَّقَةٍ فِي أَصْلِ شَجَرَةٍ يُقَلِّبُهَا الرِّيحُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ). وقال صلى الله عليه وسلم ( إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ ، كَقَلْبٍ وَاحِدٍ ، يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ )
• كما ان من الصعب على قلب المسلم ان يظل على درجة عالية من الايمان حيث ان قلب الانسان متعلق بامور الدنيا وقد روي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عَنْ حَنْظَلَةَ الْأُسَيِّدِيِّ رضي الله عنه ، قَالَ : لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه ، فَقَالَ : كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ ؟ قَالَ قُلْتُ : نَافَقَ حَنْظَلَةُ ، قَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، مَا تَقُولُ ؟ قَالَ قُلْتُ : نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ ، فَنَسِينَا كَثِيرًا ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : فَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، قُلْتُ : نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : وَمَا ذَاكَ ؟ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ ، عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ نَسِينَا كَثِيرًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي وَفِي الذِّكْرِ ، لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ ، سَاعَةً وَسَاعَةً ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ) .
ما هي أسباب الفتور :
• اما عن اسباب الفتور فمنها عدم محاسبة المسلم لنفسه بعد ارتكاب المعاصي فتتجمع عليه اسباب الفتور ولذلك يجب على المسلم التزود بالايمان كما جاء في الحديث الشريف يقول أبو الدرداء رضي الله عنه : ( من فقه العبد أن يتعاهد إيمانه وما نقص منه ، ومن فقه العبد أن يعلم : أيزداد هو أم ينتقِص ؟ ) . وكان عمر رضي الله عنه يقول لأصحابه : ( هلموا نزدد إيمانًا ، فيذكرون الله عز وجل ) .
• ومن اسباب الفتور عدم العلم او تخيل ما قد اعد الله للمتقين من عباده في الجنة كما قال تعالى { هذا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ(49)جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمْ الْأَبْوَابُ(50)مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ(51)وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ(52)هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ(53)إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ } . ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( قَالَ اللَّهُ : أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ، فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ ( فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ )
• كما ان من اسباب الفتور الجهل بعقاب الله لمن عصوا وارتكبوا الذنوب ولم يتوبوا الى الله تعالى. فان الغفلة عن عذاب الله تعالى من مسببات الفتور كما قال في كتابه العزيز : { إن الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا }.
• ومن مسببات الفتور ايضا الانبهار بالدنيا وما فيها والانشغال بفتن الدنيا على الرغم من تحديز الله سبحانه وتعالى للمسلمين من الامسياق خلف متاع الدنيا وقال تعالى في كتابه العزيز : { يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ } .
• اما من اكثر مسببات الفتور هو طول الامل والتأجيل والتسويف وهذا ما يضعف الهمم ويصيب بالفتور وقد قال الله تعالى في كتابه العزيز : ( ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) . ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم واصفًا تعلق الإنسان بالدنيا وطول الأمل فيها 🙁 لَا يَزَالُ قَلْبُ الْكَبِيرِ شَابًّا فِي اثْنَتَيْنِ : فِي حُبِّ الدُّنْيَا ، وَطُولِ الْأَمَلِ )