انزل الله سبحانه وتعالى سورة الحجرات على رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة وهي سورة مدنية. وقد نزلت سورة الحجرات على الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة مباشرة من مكة المكرمة الى المدينة المنورة. ويبلغ عدد ايات سورة الحجرات ثمانية عشر أية وتقع في الترتيب التاسع والاربعون من ترتيب ايات القران الكريم.
معلومات عن سورة الحجرات
• هذا وقد نزلت سورة الحجرات بعد سورة المجادلة وهي تقع في الجزء السادس والعشرين كما تقع في الحزب الثاني والخمسين. وتقع سورة الحجرات بين الربع السادس والريع السابع. وتدور سورة الحجرات حول دعوة الله سبحانه وتعالى للمسلمين بالالتزام بالاخلاق الحميدة والاحترام خاصة عند معاملتهم للنبي صلى الله عليه وسلم.
• فقد امر الله سبحانه وتعالى الصحابة بان لا يقوموا برفع اصواتهم على صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أمر الله تعالى بحسن معاملته والطريقة الصحيحة للقيام بذلك. هذا وقد امر الله تعالى عباده بان يقوموا باحترام حرمات الحجاج وامرهم الله تعالى ان يقوموا بمراعاة حرمة امهات المسلمين. كما قد أكر الله سبحانه وتعالى المسلمين باطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وتنفيذ كل ما يقول لضمان حسن الجزاء والثواب.
اسباب نزول سورة الحجرات
• اما عن سبب نزول سورة الحجرات فقد نزلت السورة عند وقوع الخلاف الذي حدث بين الصحابي ابو بكر الصديق رضي الله عنه والصحابي عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد ارتفع صوتيهما. فنزلت الاية الكريمة والتى تمنع ارتفاع الصوت في حضور النبي صلى الله عليه وسلم والتى فيها قال تعالى قوله تعالى (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ).
• كما جاء في الحديث الذي يوضح الموقف والذي يرويه عبد الله بن الزبير: (أنه قَدِمَ ركب من بني تَميمٍ على النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال أبو بكرٍ: أمِّرِ القَعْقاعَ بْنَ مَعْبَدِ بْنِ زُرارَةَ، قال عُمرُ: بل أمِّرِ الأقْرَعَ بْنَ حابِسٍ، قال أبو بكرٍ: ما أردتَ إلا خلافي، قال عُمرُ: ما أردتُ خلافكَ، فتَمارَيا حتى ارتفعت أصواتُهما، فنزل في ذلك: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا) حتى انْقَضَتْ).
• ومن اسباب نزول سورة الحجرات هو قدوم بعض العرب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسمعوا منه فان اصاب اعتبروه نبيا وان لم يصب وكان ملكا استفادوا منه فنزلت الاية الكريمة من سورة الحجرات (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ).
• كما جاء ايضا في الحديث الشريف ما يوضح هذا الموقف ورد هذا الحديث عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قَالَ: (اجْتَمَعَ أُنَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ فَقَالُوا: انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَإِنْ يَكُ نَبِيًّا فَنَحْنُ أَسْعَدُ النَّاسِ بِهِ، وَإِنْ يَكُ مَلِكًا نَعِشْ بِجَنَاحِهِ. قَالَ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبرته بما قالوا فجاؤوا إلى حجرة النبي صلى الله عليه وسلم فَجَعَلُوا يُنَادُونَهُ وَهُوَ فِي حُجْرَتِهِ: يَا مُحَمَّدُ يا محمد، فأنزل الله تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ قَالَ: فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُذُنِي، فَمَدَّهَا فَجَعَلَ يَقُولُ «لقد صدق الله تعالى قَوْلَكَ يَا زَيْدُ، لِقَدْ صَدَّقَ اللَّهُ قَوْلَكَ يَا زَيْدُ).
• هذا ومن اسباب نزول سورة الحجرات ان والد زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم الحارث بن ضرار من بني المصطلق قد اتي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد اعلن اسلامه والتزم بالصلاة والصيام والزكاة وقد اقترح على النبي صلى الله عليه وسلم ان يذهب الى قومه ليقوم بجمع الزكاة منهم فوافق رسول الله صلى الله عليه وسلم واتفق مع الحارث انه سوف يبعث برسول اليه ليتسلم من الحارث مبلغ الزكاة.
• وبعد ان قام الحارث بجمع الزكاة أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد بن عقبة رسولا للحارث لاحضار الزكاة وفور وصول الرجل الى مكان بني المصطلق خاف الوليد بن عقبة وعاد مخبرا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الحارث قد رفض دفع الزكاة وكاد ان يقتله. وقرر الرسول صلى الله عليه وسلم ان يرسل بعثة الى بني المصطلق لتأديبهم.
• وكان الحارث عند تأخر رسول النبي الذي كان قادما لأخذ الزكاة قد استشار كبار قومه وقرر الذهاب الى الرسول صلى الله عليه وسلم حتي يسلم اموال الزكاة بنفسه فوجد الرجال يحضرون للحرب ضد بني المصطلق فدخل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم مخبره ان الرجل كاذب وانه لم يلتقيه فنزلت الايات الكريمة من سورة الحجرات قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ).
التناسب بين بداية سورة الحجرات ونهايتها
• جاء في بداية سورة الحجرات قول الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ). وجاءت في نهاية السورة قوله تعالى: (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ). وهناك ربط عجيب بين بداية السورة ونهايتها حيث امر الله تعالى المؤمنين في بداية السورة بان لا يتحدثوا بما لا يعلمون في دين الله وان يلتزموا بكتاب الله تعالى وسنة رسوله الشريفة. وقد اختتمت الاية بقوله تعالى ان الله هو من يعلم الغيب في السماوات والارض وهو مطلع على افعال العباد.