
كشف المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان أن الموقف الضبابي للإدارة الأميركية الجديدة بشأن ملف الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، يشجع حكومة بنيامين نتانياهو على مواصلة سياستها الاستيطانية وتنفيذ ما كان قيد البحث على هذا الصعيد بينها وبين الإدارة الأميركية الراحلة.
فبعد أن كان السطو على المنطقة المسماة ( E1 ) وتحويلها الى مشروع استيطاني يثير ردود فعل أميركية في سنوات سابقة، فإن وضع الادارة الاميركية الجديدة ملف الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي في أدنى سلم اهتماماتها يعطي إشارات لحكومة اسرائيل بأن الوقت مناسب للشروع في السطو على منطقة ( E1) وتحويلها الى مجال حيوي للنشاطات الاستيطانية، فبدأت بشق الطريق الالتفافي الذي يربط بلدة عناتا ببلدتي العيزرية وأبو ديس شرق مدينة القدس مرورا بالزعيم، بعد ازالة الحاجز العسكري ودفعه شرقا في عمق الضفة الغربية.
وتمثل هذه الخطوة مقدمة لغلق المدخل الشمالي لبلدة العيزرية وتحويل الشارع الذي يستخدمه الآن الفلسطينيون في اتجاه اريحا مرورا بالخان الأحمر، الى شارع للمستوطنين فقط يمنع على الفلسطينيين سلوكه. وهذا يؤدي الى مصادرة مساحات واسعة من الاراضي الخاصة لأهالي حزما وعناتا وجبل المكبر وسيطرة كاملة على المنطقة التي كانت تخطط اسرائيل للسطو عليها وتحويلها الى امتداد لـ«معاليه أدوميم» كبرى المستوطنات في الضفة الغربية من حيث المساحة، والبدء ببناء تجمع استيطاني جديد في المنطقة الممتدة، خاصة وأن بنيتها التحتية جاهزة لبناء أكثر من 12 الف وحدة استيطانية.
وقال المكتب في تقريره الاسبوعي أن اغلاق البوابة الشرقية لمدينة القدس وعزلها بدائرة استيطانية كاملة تحتل فيها المستوطنة الجديدة منطقة (E1) الواسعة مع شبكة طرق تربط مستوطنات غلاف القدس بالأغوار والقدس الغربية، يعني ببساطة الفصل التام لشمال الضفة عن جنوبها.
ومن المعروف أنه جرى العام الماضي قنوات اتصال خلفية داخل الائتلاف الحكومي الإسرائيلي مع البيت الأبيض لبدء البناء في المنطقة المذكورة في سياق التخطيط لضم كتل استيطانية في محيط القدس إلى المدينة لتوسيع حدودها وصولا لما تسميه اسرائيل «القدس الكبرى» وكخطوة يمكن ان تكون مقبولة ونقطة بداية في عملية الضم وتطبيق رؤية الرئيس الأميركي دونالد ترامب وبحيث تشمل «القدس الكبرى» وفق تلك المداولات التي كانت تجري بين الجانبين الكتل الاستيطانية الثلاث: «معاليه أدوميم» و»غوش عتصيون» و«جفعات زئيف» وربما كتلة رابعة إضافية هي «آدم – كوخاف يعقوب»، الأمر الذي من شأنه أن يمزق الضفة الغربية ويعزل شمال ووسط الضفة عن جنوبها ويمنع قيام دولة فلسطينية متصلة وقابلة للحياة.
كما أن من شأن البناء الاستيطاني في مشروع (E1) أن يؤدي إلى تدمير التجمعات البدوية التي تعيش في المنطقة الشرقية من مدينة القدس، وعلى طول المنطقة الممتدة حتى مشارف الغور، حيث يخضع عدد كبير من التجمعات الفلسطينية في هذه المناطق لجهود إسرائيلية متواصلة لتهجيرهم وحرمانهم من أراضيهم ومنازلهم.
الصندوق القومي اليهودي.. من الظل الى العلن
وأوضح المكتب الوطني أن إدارة الصندوق القومي اليهودي تعتزم توسيع أنشطتها لتعزيز المشروع الاستيطاني ونهب الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، حيث تدرس في جلسة تعقد الأسبوع المقبل اقتراحاً ينظم أنشطتها بما يسمح لها بـشراء الأراضي (بملكية فلسطينية خاصة) وتوسيع المستعمرات وتطويرها.
وينص المقترح المطروح على جدول أعمال الهيئة الإدارية للصندوق على ان تعمل المؤسسة رسميًا على شراء أراض فلسطينية خاصة في المنطقة «ج» في الضفة الغربية المحتلة، لغرض توسيع محتمل للمستعمرات القائمة.
وبهذا القرار سيجعل من الممكن فتح منطقة جديدة لأنشطة الصندوق القومي اليهودي «كيرن كييمت» واستثمار ميزانيات بمئات الملايين من الشواقل، بعضها تبرعات من يهود في الولايات المتحدة ودول أخرى، مخصصة لتطوير وتوسيع المستعمرات، حيث يعمل الرئيس الجديد للصندوق أفراهام دوفدفاني، على تغيير سياسة الصندوق من العمل بالخفاء الى العلن في إشارة إلى أن الأنشطة الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة، حيث انه وعلى مدى سنوات سعى الصندوق القومي اليهودي إلى إخفاء أنشطة اقتناء الأراضي في الضفة الغربية المحتلة، إذ كان يعمل عبر شركة استيطانية تابعة له تدعى «هيمنوتا» التي تم إنشاؤها عام 1938 بغرض شراء الأراضي.
ووفقا للمقترح، سيعمل الصندوق على تطوير وتعزيز الاستيطان في الضفة الغربية على جميع الأصعدة، بما في ذلك من خلال تطوير المشاريع والمبادرات ومن خلال الأنشطة التعليمية والمجتمعية وغيرها من الإجراءات للتشجير وحماية البيئة والحفاظ على المساحات المفتوحة بالعمل مع المجالس الاستيطانية والإدارة المدنية للحكومة الإسرائيلية في منطقة القدس وغور الأردن ومستوطنات «غوش عتصيون» والخليل وفي محيط المستوطنات القائمة وسط وشمال الضفة.
مخططات استيطانية جديدة في القدس
كما تم الكشف عن وجود مخطط لبلدية الاحتلال في القدس المحتلة لإقامة مشاريع توسعة في مستوطنة «بسغات زئيف» شمال المدينة، وتشرف عليه البلدية، وتبلغ كلفته 350 مليون شيقل، ويشمل بناء 900 وحدة استيطانية جديدة قرب مجمع المالحة التجاري وسط القدس، ومجمعات تجارية، وسكة حديد لربط «بسجات زئيف» بالقطار الإسرائيلي غرب القدس المحتلة. وفي تفاصيل هذا الحي الاستيطاني، تسعى سلطة أراضي إسرائيل لإقرار مخطط هيكلي بمساحة 205 دونمات، يشمل منشآت رياضية، ووحدات سكنية موزعة على عمارات مكونة من 24 طابقا، بالإضافة إلى 250 وحدة سكنية محمية، ومكاتب بمساحة 330 مترا مربعا بارتفاع حتى 30 طابقا، ومناطق تجارية بمساحة 20 ألف متر مربع، وستقدم الخُطة هذا الأسبوع للجنة القطرية للتخطيط والبناء في القدس بعد استيفائها الشروط.
كما كشف النقاب عن مخطط لإقامة متنزه كبير في المستوطنة المذكورة يمتد على مساحة 17 دونما، وتقدر تكلفته بحوالي 14 مليون شيكل، تقدمها وزارة الإسكان الإسرائيلية وبلدية الاحتلال بالقدس.
«الولجة» تواجه العنصرية الاسرائيلية
وفي مشهد يؤشر على السلوك العنصري، رفضت اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء التابعة لسلطات الاحتلال في القدس خريطة هيكلية لتطوير وتوسيع قرية الولجة، بزعم الحفاظ على المشهد الطبيعي والزراعة التقليدية في القرية، وذلك في الوقت الذي صادقت فيه اللجنة نفسها على مخططات بناء كبيرة في المستوطنات في المنطقة نفسها، وفي أعقاب رفض خطة التطوير، يتهدد الهدم 38 بيتا في الولجة تم إصدار أوامر هدم ضدها، إلى جانب عشرات البيوت الأخرى التي تواجه خطر الهدم في القرية.
ويُمنع سكان الولجة من بناء بيوت لهم بادعاء عدم وجود خارطة هيكلية للقرية، وقد سعى سكان القرية إلى وضع خريطة هيكلية منذ 15 عاما، بمساعدة المنظمة الحقوقية الإسرائيلية «بمكوم»، إلا أن اللجنة اللوائية رفضت النظر في هذه الخريطة طوال سنين.
ورغم أن الخريطة الهيكلية التي أعدها سكان الولجة متواضعة جدا، تدفع اللجنة اللوائية والإدارة المدنية مخططات بناء استيطاني عملاقة في جميع التلال المحيطة بالقرية، فإلى الشرق جرى توسيع مستوطنة «غيلو»، وإلى الشمال يجري العمل على بناء مستوطنة «ريخس لافان» بالرغم من الأضرار الهائلة التي ستلحق بالبيئة هناك من جراء البناء الاستيطاني.
وتخطط الإدارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال مضاعفة مساحة مستوطنة «هار غيلو» الملاصقة للولجة وعلى حساب مناطق خضراء، وهذه الأضرار تضاف إلى الضرر البيئي الهائل الذي تسبب به بناء جدار الفصل العنصري الذي يحيط بالولجة من ثلاث جهات.
حرب على سكان الاغوار
وفي سياق سياسة التضييق على المواطنين في الاغوار الفلسطينية ودفعهم لهجرة اراضيهم، يقوم جيش الاحتلال بطرد الرعاة الفلسطينيين من «مناطق إطلاق نار» في غور الأردن، ويسمح في الوقت نفسه لمستوطنين بالمكوث في المكان نفسه والبناء فيه من دون أن يحصلوا على إذن بذلك.
ويتضح ذلك من رد الجيش الاسرائيلي على طلب حرية المعلومات، قدمه ناشط حقوق الإنسان الإسرائيلي المحامي إيتاي ماك في اعقاب تكرار الحوادث التي يحظر بها الجيش دخول الفلسطينيين المراعي في مناطق اطلاق النار ويسمح بذلك للمستوطنين.
ومعروف أن جيش الاحتلال أعلن عن حوالي 45% من مساحة غور الأردن أنها «مناطق إطلاق نار» يسمح فيها للمستوطنين بإقامة بؤر استيطانية عشوائية، وبين هذه البؤرة الاستيطانية العشوائية «مزرعة أوري» في شمال غور الأردن، وكذلك البؤرة الاستيطانية العشوائية «شيرات هعسافيم» التي أقيمت في العام 2016 تحت غطاء مزرعة.
وكان تقرير صادر عن منظمة «كيرم نيفوت» عام 2015 أكد أن الجيش الإسرائيلي لا يطبق أوامره حول «مناطق إطلاق نار» في الضفة الغربية على المستوطنين، كما يقوم جيش الاحتلال بتدمير مناطق سكنية للفلسطينيين في الاغوار لنفس الهدف. وفي السياق تم تدمير خربة حمصة في الأغوار الشمالية للمرة الخامسة خلال أسبوع حيث هدمت 31 منشأة منها 9 خيام سكنية، و22 خيمة وحظيرة للماشية، إضافة لتمزيق وتخريب 8 شوادر وبئر مياه أقيمت اخيراً في خربة حمصة الفوقا بالأغوار الشمالية بمساعدات محلية ودولية، كما استولت على خزان مياه، وجرار زراعي، ومركبتين للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان.
