قبل أن نتطرق إلي درجات الظلم دعونا نتعرف عن قرب علي المقصود من كلمة الظلم، لقد اجمع العلماء والفقهاء علي أن الظلم هو البعد عن إقامة العدل والانحراف عنه والابتعاد عن وضع الشيء في موضعه، والظلم هو أحد الصفات المشينة والبغيضة التي حرمها المولى عز وجل عن نفسه، حيث قال جلا وعلا ( أني حرمت علي نفسي الظلم وجعلته بينكم محرماً) وهو حديث قدسي تم روايته عن سيدنا رسول الله صل الله عليه وسلم.
أما عن درجات الظلم، فدعونا نلقي الضوء عليها من خلال السطور القادمة من هذا المقال المقدم من موقع الموسوعة، هيا بنا نتابع سوياً.
درجات الظلم :
أكد العلماء في ما بينهم علي أن الظلم له درجات كما أن له أنواع، ولكل درجة من درجات الظلم حساب عند الله عز وجل، ولقد حرم الظلم عن الأنبياء والمرسلين، كما حرم الظلم علي كل مؤمن أن يظلم أخ له، وقد أكد بعض العلماء أن أعظم درجات الظلم هي تلك التي تكون بين الإنسان وربه ويقصد بها هنا أن الإنسان يكفر ويشرك بالله عز وجل ومن هنا يكون قد ظلم نفسه وحق عليه قول المولى عز وجل ( ألا لعنه الله علي الظالمين) صدق الله العظيم.
أما عن الدرجة التالية للظلم فإن الفقهاء يؤكدون أنها تلك الدرجة التي تظهر في ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، وهنا يؤكد الفقهاء والعلماء علي أن الذنوب التي تكون في ما بين العبد وربه أهون بكثير عن تلك الذنوب التي تكون بين الإنسان وبين باقي الناس، حيث يؤكد سفيان الثوري رحمه الله عليه، أنه روي عنه أنه قال ( إن لقيت الله بسبعين ذنباً فيما بينك وبين الله تعالى أهون عليك من أن تلقاه بذنب واحد فيما بينك وبين العباد)
عاقبة الظلم في الدنيا :
ولكن السؤال الذي نجده دوماً تتم إثارته هو ما هي عاقبة الظلم في الدنيا؟ لا شك أن عاقبة الظلم في الدنيا لا مفر منها فقد توعد الله سبحانه وتعالى كافة الظالمين بعذاب عظيم في الدنيا هذا بخلاف عذاب الأخرة فهو أكبر وأعظم، فإن الله عز وجل يخزي الذين ظلموا في الدنيا ويعاقبهم بظلمهم وإن كان يمهلهم بعض الوقت من أجل أن يرجعوا عما كانوا فيه ومن أجل أن يتوبوا عما اقترفوه من ذنوب.
ولقد أخبرنا سيدنا رسول الله صل الله عليه وسلم بأن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب فاتقوا دعوة المظلوم، وأن الظلم ظلمات في الدنيا وعذاب شديد في الأخرة، ولقد تعهد الله بأن ينصر المظلوم ولو بعد حين، من خلال استجابته جلا وعلا لدعوته.
ظلم الإنسان لأخيه الإنسان :
وهنا يكون الظلم في صور كثيرة، ربما يكون بأكل الأموال بالباطل أو الادعاء علي الغير بشيء لم يقوله ولم يحدث منه بغرض الوقيعة بينه وبين غيره، أو ربما يكون الظلم في صورة ضرب أو شتم أو تعدي سواء علي رجل أو امرأة فالظلم هنا لا يفرق بين ذكر وأنثى، ولعل أكثر صور الظلم شدة تلك التي يستخبر فيها أحدهم علي الضعيف ويريق دمه وهنا تكون أشد درجات الظلم من الإنسان لأخيه الإنسان، وفي هذه الحالة يكون الظالم متوهم بأنه قوي وذو نفوذ وجاه وسلطان ولا يقدر عليه أحد، ولكن الله سبحانه وتعالى مطلع علي ظلم الظالمين من فوق سبع سموات ويتوعدهم بمزيد من الخزي والعذاب في الدنيا والأخرة، ويتعهد بأن ينصر المظلوم عاجلاً ليس آجلاً سواء في الدنيا أو في الأخرة.