حين يخترق بنو علمان مؤسساتنا التعليمية

حين يخترق بنو علمان مؤسساتنا التعليمية

 

أبو أويس بن عبد الكريم البيضاوي

هوية بريس – الأحد 30 يونيو 2013م 

يستنكر الكثير من المغاربة ما صارت تعرفه مؤسسات تعليمية عديدة من خروقات واختلالات يومية، ولا يسعني في هذا المقال أن أتحدث عنها جميعها، ولكن أرى أن موضوع اختراق بني علمان لميدان التعليم من أخطرها.

 

إن سيطرة أذناب الغرب على عدد من المؤسسات ومحاربة دعاة التغريب المنتمين لهذا المجال لكل ما هو إسلامي..، موضوع جدير باهتمام المصلحين، وأمر على من له غيرة على هذا الوطن أن يلتفت إليه.

ففي الوقت الذي يقول فيه أمير المؤمنين وفقه الله تعالى لما يحبه ويرضاه، ورزقه البطانة الصالحة: “وتتمثل الدعامة الأولى، في التشبث بالثوابت الراسخة للأمة المغربية، التي نحن على استمرارها مؤتمنون، وذلك ضمن دولة إسلامية، يتولى فيها الملك، أمير المؤمنين، حماية الملة والدين، وضمان حرية ممارسة الشعائر الدينية” (الخطاب الملكي لـ:17يونيو 2011).

وفي الوقت الذي يؤكد الدستور المغربي على أن: “الإسلام دين الدولة، والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية” (الفصل 3 من الدستور الجديد للمملكة المغربية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم:1.11.91 بتاريخ: 29 يوليوز 2011).

 

وأن: “الملك أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية” (الفصل 41 من الدستور).

لا يهتم عدد من رؤساء المؤسسات التعليمية العلمانيين بصلاة الجمعة، بل يقررون حصصا يوم الجمعة في وقت الصلاة، ولا يكتفون بذلك، بل يعاقبون كل تلميذ تأخر عن الحصص بسبب الصلاة، وقد يمنع من دخول الفصل، والحضور للدرس ويتعرض للتوبيخ من أستاذ المادة الذي لم يحضر هو نفسه لصلاة الجمعة، رغم أن المذكرات تؤكد على أن الحصص المسائية تبدأ يوم الجمعة على الساعة 3 بعد الزوال.

فيصير هذا الحق الذي يكفله الدستور، وتؤكده المذكرات..، خاضعا لقرارات مجلس التدبير في عدد من المؤسسات، فإن قرر هذا المجلس أن تبرمج الحصص مساء الجمعة على الساعة الواحدة والنصف بعد الزوال أي قبل الأذان قليلا، فلا يجرؤ أحد على الاعتراض لأن أغلبية الأساتذة والأطر التربوية على هذا الأمر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وإن قرر مجلس التدبير منع الجلباب أو الحجاب الشرعي، فتجد حارس الأمن والمدير والحارس العام وعددا من الأساتذة كالفرسان الشجعان يتصدون للتلاميذ الذين يخالفون الأوامر، ويستخدمون كل ما يملكون من أسلحة للقضاء على هؤلاء التلاميذ المساكين، فترى حارس الأمن بأنبوبه المطاطي وصوته المرعب يضربهم ويصرخ في وجوههم، أما الحارس العام والمدير فكأنهما في حلبة المصارعة يستعرضان عضلاتهما، ولا ننسى عددا من الأساتذة الذين يستغلون سلطة قلمهم الأحمر لإرهاب هذه الشريحة من المجتمع وإهانتها..

أما من صلى صلاة العصر في وقت الاستراحة وتأخر ثانية عن القسم، فترى الأستاذ المدخن يتلفظ بكلام فاحش أنتن من رائحة الدخان التي تنبعث من فمه، ويوجه هذا التلميذ المسكين إلى الإدارة لتبدأ محنة جديدة حيث يتم عصره واستخراج زيت حمراء من عينيه وقد يزين بألوان عديدة حمراء وخضراء وزرقاء، فيرجع هذا التلميذ إلى القسم من جديد بعد أن يأخذ تأشيرة الدخول إلى الفصل ليبدأ الأستاذ السكير بإلقاء درس في الوعظ والإرشاد وبيان أن الإيمان في القلب، وأن المهم هو أن لا يسرق ويعتدي على الآخرين.. دون أن يفطن إلى أن ما قام به هو الاعتداء عينه..

أما إن كان التلميذ يرتدي جلبابا أو كانت التلميذة ترتدي حجابا شرعيا، فلا تسأل عن الصور الشعرية والبلاغية في تصوير هذا المشهد من قبل الأستاذ الفنان، وسؤال التلميذ هل تم ختانه حديثا؟!

ليجد نفسه أمام حقل لغوي بليغ، وشاعر متمكن، وملاكم عملاق، فيفضل أن يصمت وإلا فالضربة القاضية تنتظره؛ إنها ضربة القلم الأحمر.

وأما إن كان سرواله فوق الكعب مليمترا واحدا، فإن الأستاذ يلقي خطبة لبيان معنى الحياء وأن ما قام به هذا التلميذ ذريعة لأن يرتدي غيره سراويل فوق الركبة، وأن ذلك يتعارض مع النظام الداخلي للمؤسسة..

وفي المقابل إذا انتقد شخص التلميذات اللائي ارتدين ما فوق الركبة بمليمترات عديدة، وقمن بصباغة أجسادهن بألوان حارة وباردة، ودخلن المؤسسة التعليمية بهذا الشكل، فإن هذا الأستاذ يرتدي حينئذ زي المحامي الأسود ليتولى مهمة الدفاع عنهن بكل قوة..

ثم يتقمص شخصية الناشط الحقوقي، ويبدأ في بيان معنى الحرية والحقوق..، وأن التلميذات المذكورات تحررن من القيود ويمثلن الأنموذج الذي يجب الاقتداء به..

وإذا لم يرغب تلميذ في الجلوس بجانب تلميذة معه في الفصل، تجد الأستاذ يصوب سهامه نحوه، ويتدخل في حريته، ثم يتقمص شخصية طبيب مختص في الطب النفسي، ويبدأ في علاج هذا التلميذ بعد أن يخبره بأنه يعاني من اضطرابات نفسية،و يجري فحوصا بدنية له..

هذه هي الحرية؛ التي حرم منها بنو علمان شريحة عريضة من المجتمع المغربي المسلم.

أما عن تدني مستوى التعليم، ففي الغالب لا تتطرق الدراسات التي تقوم بها الجهات المختصة لعامل الاختلاط الذي يشجعه العلمانيون، فبإجراء تتبع واستقراء لجملة مواقف العلمانيين ندرك أنهم لا يعيرون أي اهتمام لموقف الإسلام من هذه الظاهرة التي بدأ الغرب يتصدى لها، لما رأى ما جنى من ثمار مرة بسببها.

إن العلمانيين قد تسللوا إلى المؤسسات التعليمية وغيرها، يسعون إلى تمزيق وحدة البلد، وزعزعة عقيدة المسلمين، ويرفضون الدين من أصله، ويحاربونه على كل الجبهات، ويحولون بين الناس وبينه.

ومن المؤسف أن تجد مؤسسات عديدة من ضمن الأنشطة التي تنظم فيها، معانقة التلاميذ للتلميذات وتقبيلهن أثناء تمثيل مسرحيات، ومحاربة ظاهرة المخدرات عن طريق تمثيل تلميذ وهو يدخن، وتلميذة ترتدي ثيابا مخلة بالحياء لأنها تمثل في مسرحية تحارب ظاهرة الشذوذ..، كل ذلك بإشراف الأستاذ الذي غايته أن يقال له فنان كبير، وفي الحقيقة إنه فنان يحمل أسفارا..، ومن لم يرغب في المشاركة من التلاميذ في فنه فإنه يركله بحافره الأحمر ركلة قاضية، لأنه لا يحب الفن والفنانين..

وهنا يتأسف الكثيرون، ومنهم أساتذة ومربون، حين يرون أن هذا الحقل قد طغت عليه مظاهر العلمانية وصارت تحكمه، وتفرض بالسيف مبادئها على الشعب المغربي المسلم.

إننا وإن كنا بصدد الحديث عن اختراق العلمانية لمجال التعليم، فلا يمكن أن نعزل ذلك عن بقية أبعاد هذا المخطط، الذي بدأ قبل عودة البعوث العلمية من الغرب،واستمر بعد ذلك..

وإن من الأخطار التي لها عواقب وخيمة على بلدنا، تلك الأفكار العلمانية الإلحادية التي اقتحمت عددا من المؤسسات التعليمية، فمن المدرسين من يطعن في الدين صراحة، ويستغل فراغ التلاميذ من المعرفة الدينية الصحيحة، وقلة علمهم ليقوم بتشكيكهم في كتاب ربهم وسنة نبيهم، والطعن في حضارة الإسلام وتاريخ المسلمين.

ومن ثم فلا استغراب للحصاد المر لما يقوم به بنو علمان من إبعاد لتعاليم الدين، وتشجيع الاختلاط، ونشر الرذيلة وفرض مبادئهم بالحديد والنار، وتقليص دور مادة التربية الإسلامية..

وبدل ضبط المدارس بالضوابط الإسلامية، يوزع بنو علمان على أبناء المسلمين العوازل الطبية حتى يمارسوا اتصالات جنسية مسؤولة حسب تعبيرهم.

قال الله تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ” (سورة النساء26-28).

إن هذا الوضع يحتاج إلى تصحيح حتى تسترجع المؤسسة التعليمية وظيفتها التربوية الأخلاقية، وتخرج العلماء والقادة والمفكرين والخبراء الذين يدفعون بالأمة إلى الأمام.

ورغم أن أول مرتكز من المرتكزات الثابتة، ينص على أن نظام التربية والتكوين للمملكة المغربية يهتدي بمبادئ العقيدة الإسلامية وقيمها. ومن بين أهداف التعليم أن يصير المتعلم مكتسبا للقدر الكافي من مفاهيم العقيدة الإسلامية، ومتحليا بالأخلاق والآداب الإسلامية في حياته اليومية، فإن بني علمان يحاربون هذه المرتكزات والأهداف، ويسعون لتقليص حصص ودور مادة التربية الإسلامية التي لها دور كبير في تحصين النظام التعليمي ضد جملة من الانحرافات والانزلاقات..

وعلى جميع الأطر التربوية أن يسهموا في مناهضة الانحلال والرذائل، وأن يربوا ويعلموا ويكونوا قدوة صالحة لتلامذتهم، كما عليهم أن يحرصوا على مقاومة الانزلاقات الفكرية والسلوكية التي تبعد المنظومة التعليمية عن وظيفتها التربوية، وهذا يقتضي التصدي للأفكار العلمانية الدخيلة على مجتمعنا المسلم التي تقدم خدمات مجانية لأعداء الأمة لذبحها وسلخها وإبعادها عن هويتها الأصيلة.

إنه من المؤسف أن يتحول تعليمنا إلى تعليم علماني، يخرج أمساخا يدافعون عن الغرب بكل ما أوتوا من قوة، ولكن لا يغارون إذا انتهكت حرمات الله، بل إنهم أول من ينتهكها.

إن ما نشاهده اليوم من اختلالات وخروقات في مؤسساتنا ما هي إلا نتيجة سيئة لدعوة بني علمان منذ عقود، وتنفير أبناء المسلمين من دينهم وتاريخهم العظيم.

إن خطر الاختراق العلماني من أخطر أنواع الاختراقات التي تهدد مؤسساتنا التعليمية، فالعلمانيون يقومون صباح مساء بزعزعة عقيدة المغاربة المسلمين، ويشككونهم في دينهم، وديدنهم الاستهزاء بمقدساتهم.

لقد لعب المستعمر دورا كبيرا في تكوين نخبة من المثقفين وتمكينهم من أهم المؤسسات الحيوية، ومن أهمها المؤسسات التعليمية، وذلك قصد الحيلولة دون استمرار التأطيرالديني لسلوك المغاربة المسلمين.

هذه النخبة التي تحارب مادة التربية الإسلامية وتسعى لإقصائها أوعلى الأقل لكي تصير مادة اختيارية، ولا ننسى التذكير بأن حصصها قليلة جدا بالمقارنة مع الفرنسية مثلا، ومعاملها لا يتعدى 2.

ومن المؤسف أن تجد ممن يدرسها أساتذة غير مؤهلين لذلك، بل منهم من يدخن ويشرب الخمر..،ومن ثم فإنها لا تؤدي مفعولها الحقيقي، والله المستعان.

ويأبى بنو علمان في بلدنا المسلم إلا أن يضربوا عرض الحائط بثوابتنا، ويهينوا كرامتنا، ويستفزوا مشاعرنا.

إن ما ينتشر في مؤسساتنا من رقص وغناء وانحلال وفساد…، وفي المقابل الحيلولة بين المتعلمين وبين دينهم، ليس مجرد حالات نادرة هنا وهناك، بل إنه مشروع مدروس بعناية من أجل تخدير أبناء المسلمين وإشغالهم بالشهوات لتمرير المشاريع والأفكار الهدامة، وضرب عقيدة الأمة الإسلامية.

الحق شمس والعيون نواظر لكنها تخفى على العميان

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

Source: howiyapress.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *