الأفلام العربية المشاركة في منافسات الأوسكار هذا العام تعكس واقعا عربيا داكنا

لوس أنجليس – «القدس العربي» : أرسلت ثلاث وتسعون دولة هذا العام أفلاماً لأكاديمية علوم وفنون الصور المتحركة الأمريكية لكي تشارك في منافسة الأوسكار لأفضل فيلم روائي طويل دولي، من ضمنها تسعة أفلام من دول عربية. تلك الأفلام تختارها لجان رسمية وطنية، ترسلها للأكاديمية وتأخذ على عاتقها الترويج لها باعتبارها أفضل إنتاج فني محلي. ومن […]

الأفلام العربية المشاركة في منافسات الأوسكار هذا العام تعكس واقعا عربيا داكنا

[wpcc-script type=”e9bbd6be37a9cc39cbdabf3c-text/javascript”]

لوس أنجليس – «القدس العربي» : أرسلت ثلاث وتسعون دولة هذا العام أفلاماً لأكاديمية علوم وفنون الصور المتحركة الأمريكية لكي تشارك في منافسة الأوسكار لأفضل فيلم روائي طويل دولي، من ضمنها تسعة أفلام من دول عربية.
تلك الأفلام تختارها لجان رسمية وطنية، ترسلها للأكاديمية وتأخذ على عاتقها الترويج لها باعتبارها أفضل إنتاج فني محلي. ومن أهم معايير اختيار الفيلم هو اشتراكه أو فوزه بجوائز أبرز المهرجانات السينمائية، مثل كان الفرنسي، والبندقية الإيطالي وبرلين الألماني وتورنتو الكندي ولندن البريطاني. لكن في 2020 ألغى بعض هذه المهرجانات دوراته وقدم البعض الآخر دورات مصغرة، لهذا أرسلت بعض اللجان أ فلاماً شاركت في مهرجانات عام 2019. مثل مصر، التي بعثت بفيلم عزت تامر «لما بنتولد» الذي حصل على عرضه الأول في مهرجان الجونة السينمائي عام 2019 وتلاه في عروض في مهرجانات عربية أخرى، حيث نال بعض الجوائز، لكنه لم يشارك في مهرجانات عالمية عريقة كالمذكورة أعلاه، ما دفع بعض أعضاء لجنة الاختيار المصرية للتصويت ضد إرسال أي فيلم للأكاديمية هذا العام لعدم وجود أفلام ذات سيط أو جودة كافية للتأهل لمنافسة الأوسكار.
«لما بنتولد» يطرح قصص ثلاث شخصيات: شاب يسعى للسفر إلى أوروبا وشق مسيرته الفنية كمغن، رغم معارضة والده، وفتاة مسيحية تقع في حب شاب مسلم، ومدرب رياضي يساوم على مبادئه من أجل امتلاك ناد رياضي.

مشاركات سودانية ومغربية مميزة

وللمرة الأولى يشارك السودان في منافسة الأوسكار وذلك عن أول فيلم روائي سوداني طويل منذ تطبيق الحكومة الإسلامية للشريعة في أواخر الثمانينيات، وهو فيلم أمجد ابو العلاء «ستموت في العشرين» الذي انطلق أيضاً عام 2019 في مهرجان فينسيا وفاز بجائزة أسد المستقبل.
«ستموت في العشرين» يتناول الواقع السياسي والاجتماعي والديني في السودان من خلال طرح قصة مزمل، وهو ابن قرية صوفية يتنبأ درويشها الصوفي بموته وهو في العشرين من عمره، فيعيش حياته خائفاً من كابوس الموت ويكرس وقته للعبادة إلى أن يلتقي بعلماني يعرفه على عالم خارج قريته المحافظة ويثير الشكوك في إيمانه.
البدع الدينية يتناولها أيضاً الاختيار المغربي «معجزة القديس المجهول» للمخرج علاء الدين الجيم، الذي شارك في فئة أسبوع النقاد في مهرجان كان عام 2019. الفيلم يحكي قصة لص يدفن غنيمته من الأموال في قبر على تلة نائية ويغطيه بالحجارة، قبل أن يلقى القبض عليه. وبعد خروجه من السجن، يعود إلى القبر لاستعادة أمواله فيجد أن سكان القرية المجاورة حولوه إلى ضريح مقدس، يزورونه ليطلبوا الشفاء من أمراضهم. فيخوض مغامرات غريبة من أجل استرجاع غنيمته دون علم سكان القرية.
أما الاختيار السعودي وهو فيلم شهد أمير «سيدة البحر» فيتمحور حول طقوس من نوع آخر ، وهو أيضاً انطلق عام 2019 في مهرجان فينسيا، حيث فاز بجائزة فيرونا للفيلم الأكثر ابداعاً.
الفيلم، المصور بالأبيض والأسود يدور حول حياة، التي تولد في جزيرة خيالية، سكانها صيادو سمك يقدمون بناتهم فدية لسيدة البحر. لكن حياة لم تغرق وتعود كحورية بحر اصطادتها بنفسها. فيقبلها أهل الجزيرة وتصبح صائدة سمك مثل الرجال. وفي حديث مع شهد، قالت إن الفيلم يعكس واقع النساء في السعودية المعاصرة، إذ أنهن ما زلن موؤدات مجازياً، رغم أن الإسلام حرم وأد البنات.
ومن اختيارات مهرجان كان الفرنسي الذي ألغيت دورته الأخيرة قبل أسبوعين من انعقادها، يمثل لبنان فيلم «مفاتيح مكسورة» ، وهو أول إخراج لجيمي كيروز. لبنان حقق سابقاً ترشيحين للأوسكار لفيلمي زياد دويري «قضية ثلاثة وعشرين» عام 2017 و «كفرناحوم» لنادين لبكي عام 2019.
تدور أحداث «مفاتيح مكسورة» في بلدة سورية تحت سيطرة تنظيم داعش، الذي حرّم الموسيقى، ويحكي قصة عازف بيانو يحاول أن يهرب إلى أوروبا. لكن عندما يعثر التنظيم المتطرف على البيانو الخاص به ويحطمه، يقرر البقاء والمخاطرة بحياته من أجل إصلاحه.
مهرجان فينسيا الايطالي كان أول مهرجان يعقد دورته العام الماضي في دور العرض بعد اندلاع أزمة فيروس كورونا. فحظيت أفلامه باهتمام الإعلام وتقييم النقاد. لهذا تم اختيار غالبيتها لتمثيل دولها في منافسة الأوسكار، من ضمنها ثلاثة أفلام عربية وهي «الرجل الذي باع جلده» و» 200 متر» و»غزة حبي».
«الرجل الذي باع جلده» أصبح فيلم كوثر بن هنية الثاني الذي يمثل تونس في المنافسة بعد «على كف عفريت» عام 2017.
وقد خرج الفيلم من فينسيا بجائزة أفضل ممثل لبطله السوري، يحيى مهايني. وتلاها بجائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان الجونة السينمائي.
يحيى يؤدي دور سام، سوري يهرب من السجن خلال الصراع الدائر هناك الى بيروت، حيث يلتقي بفنان أمريكي، يعرض عليه السفر الى بلجيكا مقابل وشم ظهره وعرضه كلوحة فنية في متحف. فيوافق سام لكي يلتقي بحبيبته هناك. وعند وصوله يدرك أنه فقد نفسه وتحول إلى سلعة للبيع.

أفلام فلسطينية وجزائرية مميزة

أما فيلم الفلسطيني أمين نايفة «200 متر» الذي فاز بجائزة الجمهور في فئة أيامالبندقية، فيمثل الأردن، الذي ساهمت مؤسساته في إنتاجه. ويذكر أن الأردن نال ترشيحاً واحداً عام 2015 عن فيلم ناجي أبو نوار «ذيب».
«200 متر» المستلهم من تجربة نايفة، يطرح قصة شاب من الضفة الغربية يتواصل عبر الهاتف مع زوجته وأطفاله الذين يقطنون على بعد 200 متر عنه، خلف الجدار الفاصل في إسرائيل. وعندما يتعرض ابنه لحادث سير، يستعين بمهربين وينطلق في رحلة مليئة بالمخاطر لكي يزوروه في المستشفى الإسرائيلي.
فيلم فلسطيني آخر وهو «غزة حبي» من إخراج الأخوين طرزان وعرب ناصر، يمثل الأراضي الفلسطينية، التي حققت ترشيحين عن فيلمي هاني أبو أسعد «الجنة الآن» و»عمر» في عامي 2007 و2014 على التوالي. «غزة حبى» شارك أيضاً في مهرجان تورنتو، حيث فاز بجائزة نتباك.
تدور أحداث الفيلم في غزة ويتمحور حول صياد فقير أعزب في الستينيات من العمر يقع في حب أرملة في ظل القصف الاسرائيلي وملاحقة سلطة حماس له، بعد عثوره على تمثال للإله الإغريقي أبولو في البحر.
اما الاختيار الجزائري وهو فيلم جعفر قاسم «هليوبوليس» فلم يعرض إلا في الجزائر بداية شهر نوفمبر/تشرين الثاني الأخير لكي يتأهل لمنافسة الأكاديمية، التي تشترط أن يكون الفيلم المنافس قد عرض لمدة أسبوع على الأقل في البلد المنتج. ويذكر أن الجزائر فازت بجائزة الأوسكار عن فيلم اليوناني كوستا غافراس «زد» عام 1969. ونالت لاحقاً أربعة ترشيحات أخرى. كل تلك الأفلام كانت ناطقة بالفرنسية، لهذا لم تصنفها الأكاديمية بالعربية.
«هليوبوليس» يتناول مجازر دامية ارتكبها الإستعمار الفرنسي في الثامن من مايو/آيار عام 1945 في بلدة «هليوبوليس» الجزائرية من خلال طرح صراع في عائلة ثرية بين أب وابنه حول سبل التعامل مع الفرنسيين.
الأفلام الثلاثة والتسعون لم تدخل المنافسة بعد، إذ لأول مرة تقوم الأكاديمية بفحصها قبل أن تنشر لاحقاً هذا الشهر قائمة الأفلام المؤهلة للتنافس، وتطرحها على موقع إلكتروني، حيث تشاهدها لجنة الأفلام الدولية المكونة من مئات الأعضاء في الأكاديمية، الذين يقيمونها بدرجات من ستة الى عشرة. الأفلام السبعة التي تحصل على أعلى تقييم تتأهل الى القائمة المختصرة، إلى جانب ثلاثة أخرى تختارها اللجنة التنفيذية ويعلن عنها في التاسع من فبراير / شباط المقبل.
ولأول مرة، يشارك كل أعضاء الأكاديمية العشرة آلاف، بدلاً من اللجان الأربع المتواجدة في لوس أنجليس، سان فرانسيسكو ونيويورك ولندن، في اختيار الأفلام الخمسة المرشحة للأوسكار، التي سيعلن عنها في الخامس عشر من مارس/ آذار. وسوف نتعرف على الفيلم الفائز في حفل توزيع جوائز الأوسكار، الذي سيقام في الخامس والعشرين من أبريل/ نيسان المقبل.
وتصب التوقعات في فوز الفيلم الدنماركي «جولة أخرى» الذي يتمحور حول أربعة أصدقاء تتحسن حياتهم عندما يبدأون بالشرب محافظين على نسبة ضئيلة للكحول في دمهم، وذلك بفضل اختياره للمشاركة في مهرجاني كان وتورنتو وفوزه بجوائز سان سيباستيان ولندن، اضافة الى نيله أربعة ترشيحات لجوائز الأفلام الأوروبية.
إذاً يبدو أن السينما العربية ستخفق مرة أخرى باقتناص الأوسكار. رغم أن الأفلام العربية المتنافسة ترتقي إلى أعلى المستويات السينمائية فناً ومضموناً ما يبشر بمستقبل باهر للسينما العربية. لكن من جهة أخرى، تعكس هذه الأفلام واقعاً عربياً داكناً؛ فكل شخصياتها تعيش في صراع مع سلطة مستبدة أو مجتمع تقليدي يحرمها من تحقيق ذاتها. ومعظمها تسعى لنيل حياة أفضل خارج العالم العربي.

كلمات مفتاحية

Source: alghad.com

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *