وفاة الدكتور العلامة موسى شاهين لاشين 9 محرم 1430هـ (2009م):
قليل من يجمع بين علوم القرآن وعلوم الحديث بفقه عميق، وفهم دقيق، وأقل منه من يعبر عن علمه بهما بأسلوب رشيق، ولفظ رقيق يدخل إلى القلوب بلا استئذان بأسلوبٍ عصري ملتزم بالأصالة الأزهرية، وسهل ممتنع، مشبع بروح الدعوة مستوعب لتطورات المجتمع، مدرك لمؤامرات الأعداء في تزييف الحقائق وإلقاء الشبهات، مبطل لكل شبهة بالبرهان القاطع والدليل الساطع ، وأندر منه من يستمر مع القلم والمحبرة إلى آخر لحظةٍ من عُمُره.
ولقد كان الشيخ العلامة فضيلة الأستاذ الدكتور موسى شاهين لاشين رحمه الله رحمة واسعة رئيس المركز الدولي للسيرة والسنة وعضو مجمع البحوث الإسلامية، وأستاذ الحديث والتفسير بجامعة الأزهر ونائب رئيس الجامعة الأسبق – من هذه الصفوة النادرة –
كما قارع بالحجة الدامغة دعاوى القرآنيين والتكفيريين والشيوعيين، وصحح المفاهيم المغلوطة في أذهان الكثيرين عن طريق الإذاعات المرئية والمسموعة في مئات الحلقات، وله أكثر من ألف فتوى وسبعين مقالة صحفية وطاف في العالم العربي أستاذا في جامعاته المختلفة : في الكويت والسعودية وليبيا والصومال وقطر، كما تولى رئاسة اللجنة العلمية الدائمة لترقية الأساتذة في أقسام الحديث والتفسير والدعوة بجامعة الأزهر، وناقش أكثر من مائتي رسالة جامعية في جامعات الأزهر والإسكندرية وأم القرى بمكة المكرمة ومحمد بن سعود بالرياض وأم درمان بالسودان.
حصل على وسام العلوم والفنون والأدب من الطبقة الأولى في جمهورية مصر العربية سنة 1997م .
مؤلفاته :
لقد ترك الشيخ موسى شاهين لاشين علما ينتفع به الملايين وتلامذة نابهين يعترفون بفضله وعلمه ، ويدعون له ليل نهار
وإذا كان لنا أن نُعَرِّفَ ببعض ما أسداه إلى المكتبة الإسلامية من دراسات موسوعية عميقة فيكفينا التنويه بما يأتي نصيحة لطلاب العلم وشيوخه أيضا، أن ينهلوا مما فيها من علم موثق:
1 – فتح المنعم شرح صحيح مسلم ، قضى فى إعداده حوالي ربع قرن من عمره ، طبع دار الشروق 10 مجلدات من القطع الكبير.
2 – قصص من الحديث النبوي . مجلدان بالاشتراك مع كريمته الدكتورة أماني والدكتور حصة السويدي من قطر.
3 – تيسير البخاري . 3 مجلدات.
4 – صحيح البخاري في نظم جديد 4 مجلدات .
5 – تيسير تفسير النسفي . 15 جزءا ، كان يدُرِّس لطلاب المعاهد الأزهرية لحقبة طويلة من الزمن.
6 – تحقيق وتعليق على صحيح مسلم بالاشتراك مع تلميذه أحمد عمر هاشم . 5 مجلدات
7 – المبسط في مصطلح الحديث.
8 – المنهل الحديث في شرح أحاديث البخاري (أربعة أجزاء).
9 – اللآليء الحسان في علوم القرآن.
10 – السنة والتشريع.
11- تجديد الدين.
12 – الحصون المنيعة في الدفاع عن الشريعة.
13 – تيسير معاني القرآن.
14 – السنة كلها تشريع.
15 – السلسبيل الجاري في شرح صحيح البخاري.
عرض موجز لكتابه ( الحصون المنيعة للدفاع عن الشريعة )
وقد حوى هذا الكتاب المطبوع ردوده على الأفكار المغلوطة فى بعض الصحف اليومية والمجلات الشهرية من ذلك مناقشته لفكر جماعة التكفير والهجرة، وزعماء حزب التجمع حول الفَرق بين الإسلام والشيوعية.
كما ناقش الأديب توفيق الحكيم حول أدب مخاطبة المولى عز وجل كما تناول الردّ على القائلين بتحليل ربا القرض، والساخرين من ثواب ليلة القدر ، والمعترضين على الإفاضة فى تفسير القرآن الكريم ، والمُدَّعين بحق الاجتهاد فى الدِّين من غير المتخصصين فيه ولو خالفوا فى ذلك الكِتاب والسُّنة ، ومن ادعى أن أحاديث المعاملات من اجتهاد النبى محمد صلى الله عليه وسلم وليست للتشريع أو من بابه ، ومن ادعى أن العين والحسد لا حقيقة لهما ، وأن كل ما ورد فيهما من القرآن والسُّنة قابل للتأويل.
– كما كان للشيخ دور بارز وشجاع فى كشف مثالب قانون الأحوال الشخصية لسنة 1979م ؛ لمخالفته للشريعة الإسلامية مما أدى به إلى فقد مناصب رفيعة بالأزهر والحرمان منها، وقد قضت المحكمة الدستورية ببطلانه بناءً على نقده العِلمى والشرعي لمثالب هذا القانون.
– كما كان له دور كبير فى الرد على القرآنيين الذين يأخذون بالقرآن دون السُّنة مع أن السُّنة فى الحقيقة هى المذكرة التفسيرية للقرآن الكريم الموضحة لمبهمه والمفسِرة لمجمله، ومُنكِرها مُنكِر للقرآن الكريم تبعًا لذلك.
مع المحبرة إلى المقبرة :
ظل رحمه الله في عطائه العلمي المتميز حتى آخر لحظة في حياته المباركة؛ فلقد كان في آخر يوم عاشه يكمل كتابه الرائع:{ السلسبيل الجاري في شرح صحيح البخاري }.. إذ كان في هذا اليوم الذي صعدت فيه روحه إلى السماء يكتب الجزء السادس منه … ويختم الله له بهذا العمل الصالح المبارك، وحين أراد أن يستريح من السهر مع هذا الجهد العلمي توضأ وصلى ونام على جنبه الأيمن مستقبلا قبلة الإسلام ويشاء الله أن يمسك روحه وهو نائم على تلك الهيئة التي أوصى بها من كان يخدم سنته صلى الله عليه وسلم .. فياله من ختام ما أحسنه، ندعو الله أن يلحقه بمن أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
هكذا بارك الله في حياة الشيخ التي بدأت في السادس من أبريل 1920م وانتهت في ليلة عاشوراء المحرم 1430هـ الموافق 6 من يناير 2009 م.