يتوارد سؤال ما هو الفرق بين ورش وحفص ؟ حينما يسمع العديد من الأشخاص القرآن بأي قراءة أخري غير التي يكون قد اعتاد علي سماعها، فقد أنزل الله عز وج القرآن الكريم، وكان هو بنص قوله تعالي في كتابه الكريم هو الحافظ له، فقد قال في سورة الحجر في الأية رقم 9 قوله ” إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ “، كما أن نبي الله صلي الله عليه وسلم قد حرص أشد الحرص علي حفظ القرآن الكريم أيضا، فقد نقل رسول الله صلي الله عليه وسلم إلينا سبع أحرف للقرآن، أي سبع أوجه للقراءة.
ولكن الجديد بالذكر هو أن هؤلاء السبع هم من وحي الله عز وجل، فقد أجتمع فقهاء الأمة علي أن هذه القراءات المتواترة عن نبي الله كلها وحي من عنده، ولعل السبب في الاختلافات المتواجدة فيما بينهم في كون أنه كان التلقي كان مصدره رسول الله، وقد كان قائما علي المشافهة لم يكتب القرآن حينها وقد كان مازال خاليا من النقط والحركات التي تساعد علي القراءة الصحيحة، أما سطونا القادمة في مقالنا عبر موسوعة، فنبذل قصاري جهدنا كي تحمل طياتها كافة المعلومات الممكنة عن الفرق بين القراءتين.
الفرق بين ورش وحفص
تتواجد العديد من الاختلافات بين قرأتي ورش وحفص عن عاصم، ولكن وجب التنويه عن كون تلك الاختلافات ليست بالاختلافات الجوهرية، أو التي من شأنها أن تحدث أي تغيرات في المعني أو السياق، ولعل أهم تلك المختلفات هي ما ستحمله الأسطر القادمة في طياتها :
- يتواجد الاختلاف بين روايتي حفص وورش في نطق الكلمات أو التجويد أو وجود زيادة في الأحرف أو نقصانها.
- فعلي سبيل المثال للبرهان علي النقطة السابقة، نجد قوله تعالي في سورة البقرة في الأية التاسعة، أتباع قراءة ورش يقرؤن ” يُخَادِعُون “، بينما في قراءة حفص عن عصام تُقرأ ” يَخْدَعُون “.
- كما ذكر أيضا في سورة الحديد في الأية رقم 24 في قراءة حفص عن عاصم ” وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ “، بينما جاءت نفس الأية في رواية ورش ” وَمَنْ يَّتَوَلَّ فَإِنَّ اللهَ الغَنِيُّ الحَمِيد “.
- فبناءا علي هذا وإذا أستفضنا في البحث بين المصحفين، سنجد العديد من الاختلافات فيما بينهم، سواء في الحركات أو زيادة الكلمات ونقصانها، ولكن الجديد بالذكر والذي قد سبق وقد أشارنا إليه، هو أن هذه الاختلافات لا تؤثر في المعني ولا تفيد أي معاني أخري، فكما ذكرنا كلمة يخدعون الله، لا تفيد أي معاني مختلفة عما تفيده يخادعون الله.
- ولعل السبب في ذلك يعود إلى أن السبع روايات أو الأحرف هم وحي من عند الله، فحاش لله أن ينتاب حديثه أي تناقض أو أخطاء.
ماهي القراءات العشر
عرف علم القراءات علي أنه العلم المسئول عن القراءة الصحيحة للقرآن الكريم، بالإضافة إلى تبيين الطريقة المثلي لأداء تلك القراءة، سواء كانت متفقة مع بعضها البعض أم لا، مع ضرورة نسب كل رواية لصاحبها، أما يخص القراءات العشر فهو ما ستتضمنه السطور الأتية :
- جاء الاختلاف بين الفقهاء في عدد القراءات علي أنه أجتمع الكثير من العلماء علي أن القراءات المتواترة عن النبي صلي الله عليه وسم هم سبع قراءات.
- إلا أن هذا المذهب كان مخالفا لما أجتمع عليه جموع الفقهاء وجمهورهم، فقد أجتمع جمهور العلماء علي إضافة ثلاثة قراءات أخري للقراءات السبع ليصل عدده إلى عشر رويات.
- كما أن الإمام الراحل ابن الجزري رحمه الله قد أثبت تواترها عن النبي صلي الله عليه وسلم، وقد وافقه عليها أغلب الفقهاء، فقد نُسبت الروايات الثلاثة للإمام يزيد المدني ويعقوب الحضرمي وخلف البغدادي رحمهم الله.
- علاوة علي إجماع جمهور العلماء علي أن أي قراءة غير العشر، هي رواية شاذة، كما أن الروايات العشر قد نُقلت لنا عبر السلف الصلح وأجمع علي الفقهاء وتقبلها الناس، يقول الراحل الزرقاني صاحب كتب ” مناهل العرفان ” فهو المؤكد إلى أن القراءات العشر كلها متواترة، كما أنه قد اتفق معه المحققين من الأصوليين والقراء أمثال بن السبكي وبن الجزري والنويري.
- كما أن القراءات العشر قد تمثلت في الروايات الأتية :
- نافع بن أبي نعيم.
- حمزة بن حبيب الزّيات الكوفي.
- إبن كثير المكي.
- علي بن حمزة الكسائي.
- يعقوب بن إسحاق.
- أبو عمرو.
- عبد الله بن عامر.
- عاصم بن أبي النجوم الأسدي.
- أبو جعفر المدني.
- خلف بن هشام.
ونظرا لكون الروايتين اللواتي بين يدينا اليوم هم حفص وورش فقد وجب التعريف بالقارئين.
من هو الإمام حفص
- هو الإمام حفص بن سليمان بن المغيرة الكوفي، ولد في السنة التسعين هجريا، وقد توفي في السنة الـ180 هجريا، وقد كان أحد تلاميذ الشيخ عاصم بن أبي نجد أسكنه الله فسيح جناته.
- كما أن قراءة حفص هي الرواية السائدة في الوطن العربي أجمع، والأكثر استخداما.
من هو الإمام ورش
- هو الإمام عثمان بن سعيد المصري، والذي قد ولد في سنو 110 هجريا، وقد توفاه الله في سنة 197.
- كما أنه كان أحد تلاميذ الشيخ نافع رحمة الله عليه، وكان هو أول من يطلق عليه لقب الورشان فهو اسم طائر، إلا أنه تم تخفيف اسمه ليلقب بورش، كما أن رواية ورش قد انتشرت بكثرة في مناطق شمال أفريقيا، وغربها في بلاد الأندلس.
- بالإضافة إلى أن رواية ورش هي أكث القراءات شيوعا في العالم الإسلامي بعد رواية حفص.
أوجه الاختلاف بين رواية حفص وورش
قد سبق وأشرنا أن الاختلافات بين الروايتين تتمثل في زيادة بعض الكلمات ونقصانها، أو في الحركات أي التجويد، أو نطق الكلمات ذاتها، ولعل سطورنا القادمة ستحمل التوضيح لكيفية حدوث التباين بين قواعد التجويد :
- تظهر المفارقات البينة بين الروايتين في نطق الهمزة، وهذا نظرا لكونها أكبر اختلاف ظاهر فيما بينهم، فهي أكثر صوت بارز في قراءة ورش، وهذا بسبب أنه كان يلجأ في الكثير من الحالات إلى تسييليها أو حذفها أو حتي تواجدها من خلال قلب حرف الياء لهمزة.
- كما عملت ورش علي نقل حركة الهمزة إلى الحرف الساكن الذي يسبقها، حتي صارت رواية ورش هي القراءة السائدة في دولة المغرب، فلا تقتصر علي قراءة القرآن فقط، بل في فراءتهم الأدبية ولغتهم الخاص.
- كذلك ظهر التباين فيما بينهم من خلال، قيام رواية ورش بفتح حرف الياء السابق للهمزة المفتوحة، وهذا علي عكس ما يحدث في حفص، حيث أنه لا يتم فتح حرف الياء بل يتم تسكينه، ولعل أبسط الشواهد علي تلك الحالة هي الأتية :
- يقرأ قول الله تعالي في سورة النمل في الأية رقم 19 ” وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ “، وهذه هي الهيئة التي تقرأ عليها في رواية حفص، أما في ورش فتكون ” وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِيَ أَنَ اَشْكُرَ نِعْمَتَكَ “، فالشاهد هنا هو كلمة أوزعني ففي رواية حفص تم تسكين حرف الياء، بينما تم فتحه في ورش.
- بالإضافة إلى أن حرف الياء الذي يليه همز مكسور فيعمل ورش علي فتحه في القراءة بينما رواية حفص تقوم بتسكينه، والشاد علي ذلك هو ما يلي :
- ففي رواية حفص تكون القراءة ” أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ” بينما في رواية ورش ” أَن نَّزَغَ اَ۬لشَّيْطَٰنُ بَيْنِے وَبَيْنَ إِخْوَتِيَۖ ” فالشاهد هنا هو أن قراءة ورش تعمل علي فتح الهمزة بينما تسكنها حفص.
- أما في حالة المد، وهو إمتداد الحرف الزائد، فلا يعترف قرء ورش به، بينما أقرت رواية حفص بثبات المد، ولعل الشهاد علي هذا هو قوله تعالي في فاتحة الكتاب في الأية رقم 4 ” مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ” ففي حفص فيتم مد حرف الألف حركتين بينما لا يمد في قراءة ورش.
- كما انه في حالة مجيء همز القطع بعد ميم الجمع، فيقوم ورش بضمها مع وصلها بواو المد، بينما يقوم حفص بتسكينها، ولعل من أبرز الشواهد علي ذلك هو الأتي :
- ففي قوله تعالي في سورة التوبة في الأية رقم 124 ” أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا “ ففي فراءة حفص يتم تسيكن الهمز بينما في ورش تضم الهمزة.
- بالإضافة إلى التباين في قراءة النون في ورش عن حفص، ففي حفص في حالة قارئتها بالوصل، فيتم إدغامها، أما في ورش فتكون ظاهرة في حالة الوصل، وتنوين النون هو الفارق بين حرف النون الزائد و والنون العادية، مثل قوله تعالي في مفتح سورة القلم ” ن ۚ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ” .
من الأصح ورش أم حفص
- في البدء وجب التنبيه عن كون أن صياغة السؤال في الأصل خاطئة، ولعل السبب في ذلك هو أنه من الصحيح القول رواية حفص ورواية ورش، لإن كلاهما أصحاب رواية وليس قراءة، فهما أحدا رواة القراءة وليس مبتدعيها أو أصحابها، فنسب القراءة لهما خاطئ.
- بالإضافة إلى انه لا يتواجد أي تناقضات بين القراءتين حتي نسأل أيهما أصح أو أفضل، فاختلاف القراءات ليس بإجهادات الفقهاء أو المقرئين، وإنما هي من سنن رسول الله، كما أن القرآن ثابت في جميع القراءات دون اختلاف ولا خلاف علي ذلك.
- كما أنه حتي مع وصول عدد الروايات إلى العشر فلم يتواجد اختلاف أو تضاد في لمعاني حاش لله، بل جميع القراءات تتنوع لتكشف عن الإعجاز اللغوي المتواجد في اللغة العربية والقرآن قبلها، بالإضافة إلى أن تنوع القراءات يساعد علي تيسير عملية التلاوة، ولهذا فلاختلافات ليس لها علاقة أو تواجد مخالفات في المعني أو السياق.
في النهاية ومع وصولنا لنقطة الختام في مقالنا الذي أجاب عن الفرق بين ورش وحفص نكون قد أشارنا إلى أن الفروقات تظهر في الحروف والتجويد والنطق، مع عدم تواجد أي تغيرات في المعني.
كما يمكنك عزيزي القارئ الاطلاع علي المواضيع الأتية :
- اشهر علماء القراءات في عصر الصحابة
- بحث كامل عن انواع القراءات