“تعويضات ضحايا الاستبداد” تلاحق حركة النهضة في زمن الكورونا

أثارت دعوة قيادات من حركة النهضة إلى دفع تعويضات مالية قدرت بنحو ثلاثة مليارات دينار لجبر ضحايا الاستبداد، جدلا واسعا في تونس خاصة وأن البلاد تمر بأقسى أزماتها... 13.07.2021, سبوتنيك عربي

وكان رئيس مجلس شورى حركة النهضة عبد الكريم الهاروني قد توجّه مؤخرا برسالة إلى رئيس الحكومة هشام المشيشي يطالبه فيها بضرورة التسريع في تفعيل “صندوق الكرامة ورد الاعتبار لضحايا الاستبداد”، محددا يوم 25 يوليو/ تموز 2021 كموعد نهائي لصرف التعويضات.

اللقاح سبوتنيك V المضاد لفيروس كورونا في تونس - سبوتنيك عربي, 1920, 13.07.2021[wpcc-script type=”application/ld+json”][wpcc-script type=”application/ld+json”][wpcc-script type=”application/ld+json”]

فرنسا ترسل 800 ألف جرعة من لقاح كورونا إلى تونس

واعتبر الهاروني أنه لا يوجد أي سبب يبرر مواصلة تعطيل العمل بهذا الصندوق وتسويف الضحايا، واصفا عدم تفعيله بالجريمة التي لن يسمح بإعادة ارتكابها، وفقا لقوله.

وأثار هذا التصريح موجة غضب واسعة في الأوساط السياسية والشعبية التي استنكرت مطالبة النهضة بدفع تعويضات باهظة سيتم توجيه جزء مهم منها لفائدة 2950 من أنصارها، بينما تفتقر المؤسسات الصحية للتجهيزات الطبية ويفتك فيروس كورونا بالعشرات من المواطنين يوميا من مختلف الفئات العمرية.

إساءة لضحايا الاستبداد

واعتبر الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي في تصريح لـ “سبوتنيك”، أن “تصريحات رئيس مجلس شورى حركة النهضة عبد الكريم الهاروني هي خطأ سياسي فادح يتضمن إسالة لمسار العدالة الانتقالية ولضحايا الاستبداد”.

وأوضح الشابي أن “الانحراف السياسي الذي ارتكبته النهضة في هذا التوقيت الحساس أظهر أنصار العدالة الانتقالية في صورة المتلهفين على التعويض المالي بينما هم مناضلون ديمقراطيون يعملون منذ خمسة عقود على تحقيق أحد مرتكزات الانتقال الديمقراطي”.

وأضاف: “هذا التصريح أكّد أن اهتمامات الشعب التونسي المنشغل في حرب حياة أو موت مع الوباء ليست مدرجة في جدول أعمال حركة النهضة التي حاولت السطو على نضال تنسيقية مسار العدالة الانتقالية والمناضلين من كل الاتجاهات السياسية الذين يقودون النضال الشرعي من أجل تحقيق العدالة الانتقالية وضمان عدم الإفلات من المساءلة والتعويض للضحايا بعد الاعتذار لهم”.

وقال الشابي إن “حركة النهضة تعمل على الضغط على رئيس الحكومة هشام المشيشي من أجل تسييس القصبة (مقر الحكومة) وتلغيمها بتعيينات من قياداتها لمزيد السيطرة على الحكومة”.

واعتبر أن “حركة النهضة استخدمت جميع السبل من أجل كسر مسار العدالة الانتقالية، بتمريرها سابقا لقانون المصالحة مع المنظومة القديمة في إطار سياسة الإفلات من العقاب، ثم تعيينها لآخر أمين عام لحزب التجمع المنحل مستشارا لرئيس البرلمان راشد الغنوشي وتكليفه بملف المصالحة الوطنية”.

ويرى الشابي أن “مطالبة حركة النهضة بدفع تعويضات لضحايا الاستبداد هي محاولة منها للاستئثار بدعم هذه القضية ولذر الرماد عن العيون من أجل ترضية العديد من الإطارات والقيادات النهضوية الغاضبة والرافضة للسياسة التي تتبعها الحركة”.

سقطة أخلاقية ووقاحة سياسية

ويرى الأمين العام السابق لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي في حديثه لـ “سبوتنيك”، أن “جبر الضرر هو حق يضمنه الدستور في فصله الـ 148 للأشخاص الذين انتهكت حقوقهم وتعرضوا للتعذيب والتشريد والتفقير والتهجير”.

الرئيس التونسي قيس سعيد في قصر قرطاج، تونس 12 ديسمبر 2020 - سبوتنيك عربي, 1920, 12.07.2021[wpcc-script type=”application/ld+json”][wpcc-script type=”application/ld+json”][wpcc-script type=”application/ld+json”]

الرئيس التونسي يتلقى الجرعة الأولى من لقاح كورونا

وتابع: “ولكن هل هذا هو الوقت المناسب لتطالب حركة النهضة بدفع التعويضات وتحاول فرض أجندتها والضغط على الحكومة التونسية والحال أن الدولة في حالة استضعاف وأصبحت تتسول لدى الدول الشقيقة والصديقة لجلب التلاقيح والمعدات الطبية لمجابهة الجائحة الصحية؟”.

واعتبر الشواشي أن “ما أقدمت عليه حركة النهضة هو “سقطة أخلاقية ووقاحة سياسية واستثمار في آلام الناس”، قائلا: “من غير المعقول أن تصرف الدولة تعويضات لأشخاص فيما يصارع الشعب التونسي الموت”.

وشدد على أن الوضع الوبائي الصعب الذي تعيشه البلاد يستوجب تآزر وتضامن الجميع من أجل الخروج من الأزمة المركبة الاقتصادية والصحية والاجتماعية والسياسية، مضيفا أن المعركة الوحيدة التي يجب أن ينصب عليها التركيز هي جائحة كورونا.

ورأى الشواشي أن حركة النهضة أقدمت على هذه الخطوة نتيجة لتفاقم الضغوطات التي تتعرض لها منذ سنوات من قبل قواعدها، وأنها انتهزت فرصة ضعف الحكومة للضغط عليها من أجل أن تفعيل هذا الصندوق وصرف التعويضات لهم.

وشدد المتحدث على أنه لا يمكن اختزال مسار العدالة الانتقالية في صندوق التعويضات، قائلا “هناك مجالات أخرى كانت حركة النهضة من الأطراف المعطلة لها وعلى رأسها مصادقتها على قانون المصالحة الذي هو ضرب للعدالة الانتقالية”.

توريط المشيشي

من جانبه، يرى المتحدث الرسمي باسم التيار الشعبي محسن النابتي أن “ما أتاه رئيس مجلس شورى النهضة عبد الكريم الهاروني أوصل المنظومة السياسية الحاكمة إلى الحضيض”، واصفا تصريحات النهضة على أنها محاولة لابتزاز الحكومة وتهديدها على حساب كرامة التونسيين وسلامتهم.

رئيس بعثة الامم المتحدة إيبولا أنتوني بانبوري (على الشاشة) يتحدث إلى أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة - سبوتنيك عربي, 1920, 08.07.2021[wpcc-script type=”application/ld+json”][wpcc-script type=”application/ld+json”][wpcc-script type=”application/ld+json”]

دبلوماسي إثيوبي: نعمل على إفشال المقترح التونسي بشأن سد النهضة

وأضاف: “لو فرضنا وجود اعتمادات داخل صندوق الكرامة ورد الاعتبار لضحايا الاستبداد فإن الواجب الصحي والأخلاقي والسياسي يفرض توجيه هذه الاعتمادات لإنقاذ الأرواح البشرية ودعم المستشفيات المنهارة”.

وقال النابتي إن “الحديث تجاوز مسألة السقوط السياسي والفشل في تحقيق الانجازات وبلغ مرحلة السقوط الأخلاقي”، معتبرا أن النهضة حاولت الاستثمار في الأزمة من خلال وعد مجموعة من التونسيين بالتعويضات وتحديد موعد 25 يوليو كموعد نهائي لصرفها.

واعتبر أن “النهضة تسعى من خلال تصريح الهاروني إلى توريط رئيس الحكومة هشام المشيشي وإيجاد مبرر للتخلي عنه بالقول إنه لم يستجب لتطلعات الناس المشروعة في حال عجز عن صرف التعويضات في الموعد المحدد”. 

وتساءل النابتي: “من سيعوّض للتونسيين على تخريب اقتصادهم طيلة عشر سنوات من حكم النهضة وعلى رهن بلادهم بالمديونية وعلى مئات الجنود والأمنيين الذين ذهبت دمائهم هدرا في محاربة الجماعات الإرهابية وعلى المآسي الاجتماعية بعد أن أصبحت تونس التي تسجل أعلى نسبة في الإدمان والجريمة والهجرة السرية؟”.

ويذكر أن المجلس التأسيسي التونسي (البرلمان حاليا) قد صادق سنة 2013 على قانون العدالة الانتقالية الذي تم بمقتضاه إحداث “صندوق الكرامة ورد الاعتبار لضحايا الاستبداد” ورصد اعتمادات مالية بقيمة 10 ملايين دولار لتمويله، لم تفعل إلى اليوم.

وتصرف هذه التعويضات لفائدة جرحى الثورة وعائلات الشهداء وضحايا العمليات الإرهابية والمساجين السياسيين وضحايا التعذيب والتهجير  خلال الفترة الممتدة من 1955 إلى 2011.

Source: sputniknews.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *