تفجيرات دمشق الإرهابية.. وبصمة التنسيق التركي الأمريكي الصهيوني.. إدلب والجولان المحتل في الأهداف؟

 

الدكتورة حسناء نصر الحسين

في الوقت الذي تستعد فيه دمشق لخوض معركة الربع ساعة الأخيرة من سلسلة معارك خاضتها لعقد من الزمن مع قوى دولية واقليمية ، استطاعت من خلالها ان ترسم استراتيجية مغايرة لما ارادته هذه القوى التي شنت عدوانها على الدولة السورية من خلال إعادة رسم الخرائط وهندستها بما يخدم مصالح القوى المعادية للدولة السورية وعلى رأسهم واشنطن وتل ابيب وانقرة التي التقت مصالحهم بتفتيت الجغرافية السورية وتقسيمها من خلال استهداف احد أهم عوامل الصمود والتصدي لمشاريع الهيمنة الامريكية والصهيونية المتمثل بالجيش العربي السوري الذي استطاع ان يحرر مساحات شاسعة من الجغرافية السورية من دنس الارهاب الدولي بإفشال مشاريع مهندسيه .

لتكون خيارات دمشق مفتوحة باتجاه تحرير ما تبقى من جيوب في الشمال السوري الذي كثر فيه اللاعبين الدوليين والاقليميين لناحية الحفاظ على حياة المجاميع الإرهابية التي تشكل الورقة الوحيدة الآن ضمن لعبة مشاريع مشغليها المتمثلة باجتزاء هذه الجغرافية وسلخها عن الجغرافية السورية الكبرى .

ومما يجب لحظه في هذا السياق هو ما حملته الأيام القليلة الماضية من تصعيد أمريكي صهيوني تركي وما لاحظناه من تنسيق في الغرف المظلمة لهذه القوى المستميتة لتعطيل بل إيقاف قرار الدولة السورية بتحرير الشمال السوري الذي كثرت وتكاثرت فيه جماعات الارهاب الدولي .

ليأتي اللقاء المرتقب بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس حكومة الكيان الصهيوني نفتالي بينت الذي استبق هذا اللقاء بجملة من التصريحات التصعيدية المخالفة للشرعية الدولية والقرارات الصادرة عن مجلس الامن الدولي عندما قال بأن اسرائيل ستحتفظ بمرتفعات الجولان السوري المحتل ، ليضيف الصهيوني بينيت بأن الصراع في سورية اقنع كثيرين في العالم بأنه من الافضل ان تكون هذه المرتفعات  الاستراتيجية بيد اسرائيل ، ليذهب قادة الكيان وبتوجيه من وزيرة خارجيته لقرار بناء مستوطنات في قرى الجولان ، والذهاب لتنفيذ اغتيال بحق المناضل والمقاوم الاسير المحرر مدحت صالح الذي اسماه الصهاينة بمهندس التموضع الايراني في جنوب سورية .

من خلال هذا التصعيد الاسرائيلي نستطيع ان نستقرأ ماذا يريد رئيس حكومة الكيان الصهيوني نفتالي بنيت من الحليف الروسي فلاديمير بوتين .

اسرائيل التي تعد نفسها أكبر الخاسرين من انتصارات الدولة السورية على الارهاب الذي دعمته ورعته بكل ما لديها من قوة وعودة الجيش العربي السوري للانتشار على الحدود السورية – مع فلسطين المحتلة وهي التي استماتت لجعل هذه الحدود بيد المجاميع الارهابية لتكسب مساحات جغرافية أبعد من الجولان يحميها في أي مواجهة مستقبلية مع الجيش العربي السوري لتكون هذه المجاميع الارهابية بما تحتله من جغرافية صمام امان اضافي لمرتفعات الجولان يساهم في تعزيز الجبهة الشمالية التي تشكل الخطر الاكبر على مستقبل وجوده، وهذا القلق بدى جليا بعد استعادة الدولة السورية لسيادتها في ما تبقى من مناطق في الجنوب .

تصاعد القلق الاسرائيلي من المقاومة الشعبية في الجولان السوري وتوسع جبهة المقاومة المدعومة من حلفاء النصر وهذا القلق سيكون احد اكبر الملفات التي سيطرحها رئيس حكومة الكيان مع الرئيس الروسي بوتين الذي كان قد صرح ومسؤوليه بعدم القبول لتحويل سورية لساحة لتصفية الصراعات الاقليمية وابدى استيائه من الاعتداءات الاسراىيلية المتكررة على سورية والتي تشكل تهديدا للأمن والسلم في منطقة الشرق الاوسط .

وهذا ما تسعى اليه دولة الكيان من خلال استمرار عدوانها على الاراضي السورية مستخدمة اجواء دول الجوار والقواعد الامريكية غير الشرعية في منطقة التنف ، لتكون هذه الاعتداءات بتنسيق مع واشنطن .

يحاول رئيس حكومة الكيان من خلال هذا الاجتماع انتزاع وعود من القيادة الروسية بإبعاد القوات الايرانية الشرعية من الجغرافية السورية وبحدها الأدنى من مرتفعات الجولان المحتل ، وتعطيل المساعي السورية – الروسية الهادفة لاستكمال تحرير ما تبقى من الجغرافية السورية من الارهاب الدولي .

لتنسجم هذه المطالب الصهيونية مع ما تسعى اليه انقرة التي بدأت تشعر بالخطر من استكمال الدولة السورية مدعومة من الحليف الروسي  لعملية تحرير ادلب ومناطق الشمال السوري بعد افشال انقرة لكل المسارات السياسية وتنصلها من الايفاء بتعهداتها .

تريد انقرة ترحيل هذه الاتفاقيات المتمثلة بسوتشي واستانة ، ولعل تصاعد لهجة التصريحات للرئيس التركي اردوغان وما رافقها من دخول المزيد من التعزيزات العسكرية للقوات التركية المحتلة للشمال السوري بهدف حماية الفصائل الارهابية ومنع اي عملية تحرير للدولة السورية وما جاء على لسان الرئيس التركي بان صبر انقرة قد نفذ وتوعد بعملية عسكرية في الشمال السوري بذريعة الرد على استهداف جنود اتراك والانقلاب على كل التفاهمات المتعلقة بملف ادلب ، والتي تخللها تهديد واضح للجيش العربي السوري  ليترجم هذا التهديد بتحريك الخلايا النائمة للقيام بعمليات ارهابية في دمشق واستهداف مبيت عسكري في منطقة جسر الرئيس في قلب العاصمة دمشق وقتل اكبر عدد من المدنيين .

يحاول اردوغان عبر تحريك الخلايا النائمة زعزعة  الامن والاستقرار الذي فرضته تضحيات الجيش العربي السوري والحلفاء لثني القيادة السورية عن ما كانت عقدت عزمها عليه بتحرير كامل التراب السوري وعرقلة مساعي الدولة السورية والمساعي الروسية لانهاء ملف الارهاب وحسمه عسكريا، هذا بجانب نقطة في غاية الأهمية متمثلة في انزعاج أردوغان من الانفتاح الاقليمي والدولي تجاه الدولة السورية وانزعاجه من هذا الانفتاح .

تدرك تماما قوى العدوان على سورية ان ملف تحرير الشمال السوري ، الذي يشكل الامل الوحيد لمشاريعهم الاحتلالية والتوسعية في حال استمرت فيه دمشق وما سينتج عن هذا التحرير من خسارة لهذه القوى على الصعيد الاقليمي والدولي بما يعزز نفوذ الاقطاب الصاعدة في النظام الدولي ويقوض الهيمنة الامريكية في منطقة الشرق الاوسط والعالم .

بالرغم من كل ما نراه ونسمعه من تصعيد وكل المحاولات الامريكية الصهيونية التركية ، تمضي الحكومة السورية وحلفائها بخطى ثابتة تجاه مشروع التحرير العسكري الكامل للاراضي السورية ، غير آبهة بالغيوم السوداء التي يحاول الاعداء من خلالها تعكير صفاء الرؤية وصوابية الهدف .

فلا زيارة رئيس حكومة الكيان لروسيا المسبوق بجملة من الاعتداءات ولا تصريحات وتهديدات  وتعزيزات قوات اردوغان المحتلة ومن خلفهما احلام واشنطن تستطيع ان تغير في الثوابت الوطنية للقيادة السورية بأن المناطق التي يسيطر عليها الارهاب في الشمال السوري ، لا تختلف عن احتلال الكيان للجولان السوري المحتل والتراب السوري لا يخضع للمساومة  لا في جنيف ولا استانة ولا في اجتماع روما المزمع عقده في نهاية الشهر الجاري فالخطوط الحمر ترسمها دمشق ومفاتيح الحلول بيد الدولة السورية نقطة انتهى .

باحثة في العلاقات الدولية – دمشق

Source: Raialyoum.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *