‘);
}
شعرُ أبي العتاهية في رثاء أمِّه
طرق (أبو العتاهية) عدة مواضيع في شعره ، من (غزل ورثاء ومديح وزهد ووصف، وحكمة،) ومن أروع قصائده في المديح قصيدته في رثاءِ أمِّهِ المتوفاه،حيث يمدح مآثرها وأخلاقها بعاطفة جياشة، تنبع منها مشاعرالخزن على فقد والدته، حيث تنساب الألفاظ على لسانه سلسلة وتتدفق المعاني كمخرج النفس قوة، بحسن ديباجة، دون تكلف أوغموض، يقول[١]:
عليكِ سلامُ الله يا اميَ التي
-
-
- بكتكِ رجالٌ والنساءُ العواطفُ
-
رحلتِ وفي صدري أزيزُ مراجلٍ
-
-
- وبركانُ أوجاعٍ من البيْنِ جارفُ
-
رحلتِ فَحَلَّ الحزنُ بالبيتِ غِرةً
-
-
- وفَجَّعنا ريحٌ من الخطبِ قاصفُ
-
‘);
}
رحلتِ فظلَ الحزن بعدك سامراً
-
-
- وارقنّي جَفنٌ عن النومِ عازفُ
-
رحلتِ وفي الإحسان منكِ شواهدٌ
-
-
- وفزتِ بسبقٍ لم يَنَلهُ الخوالفُ
-
رحلتِ وطاعاتُ الرّحيمِ شفيعةٌ
-
-
- ستشهد يوماً حين تطوى الصحائفُ
-
رحلتِ وقد أرسيْتِ بيْتاً واسرةً
-
-
- وفي كنفِ الأعوامِ غُرٌ سوالفُ
-
رحلتِ وقد أذْكيتِ فينا كرامةً
-
-
- وقلبكِ في وجهِ المذلةِ واكِفُ
-
رحلتِ وعندَ اللهِ عفوٌ وجنةٌ
-
-
- وروْحٌ وريحانٌ بها الظَّلُ وارِفُ
-
غيورةُ اخلاقٍ الى الدينِ تنتمي
-
-
- عزيزٌ عليها أنْ تحَّلَ السفاسفُ
-
سليلةُ احرارٍ على هديِّ أحمدٍ
-
-
- ونورٌ لأنْجالٍ على الطودِ نائفُ
-
لقد عشتِ عمراً بالفضائلِ زاخراً
-
-
- فلله عمرٌ بالمكارمِ زاحفُ
-
لاجبرَ اللهُ المصابَ فإنه أليمٌ
-
-
- فما يبْرى وفي الصدرِ راجفُ
-
أما والذي أبكى واضحك عِبرةً
-
-
- فلا القولُ فيها ولا الفعلُ ناصفُ
-
وحسبي أنْ سطرتُ بالشعرِ أدمعاً
-
-
- وكلُّ قصيدٍ في رثا الأمِ راصفُ
-
ألا ليْتَ شِعري هل ابيتَّنَ ليلةً
-
-
- وأطيافُها وسطَ المنامِ ترادفُ
-
ليطفئ شوقا لا يطاق ولوعةً
-
-
- ولكن بعض الحلم بالنوم حائفُ
-
جزاكِ إلهُ الكونِ بالخلدِ منزلاً
-
-
- به سندسٌ خضرٌ وفيه الرفارفُ
-
على أملٍ باللهِ أنّا سنلتقي
-
-
- على سررِ الفردوسِ فالله رائفُ
-
سنذكرُ وعداً من مليكٍ مهيمنٍ
-
-
- بجنةِ عدنٍ حين يهتفُ هاتفُ
-
سلام عليكم فادخلوها برحمةٍ
-
-
- ويمتازُ في جناتِ عدنٍ تعارفُ
-
إلا ربِّي فاغفر لي قصوراً جهِلتهُ
-
-
- وأيَّ عقوقٍ دونَ قصدٍ يقارفُ
-
اسمه وكنيته
هو أبو اسحاق بن اسماعيل بن أبي القاسم اسماعيل،ولد بعين تمر(١٣٠هجري)،قرب الأنبار، جدّه من موالي بني عنزه، وأمه من موالي بني زهرة،توفي قرب بغداد ودفن فيها.
لُقب بأبي العتاهية، وغلبت كنيته على اسمه، لإنشغالة بشبابه بحياة اللهو والمجون وقيل :إن الخليفة المهدي نعته بأنه" إنسان متحذلقٌ ومعتِهٌ"، وكلاهماقولان صحيحان لأنهّ بدأ شبابه بالمجون واللهو ثم اتجه أخرحياته إلى التنسك والزهد والحكمة والموعظة.
نبوغ أبي العتاهية في الشعر
بدأ حياته يبيع الجرار في الكوفه، لكن نفسه كانت تميل للشعر، فكان يجري على لسانه بانسياب، هجر حرفة الجرار، ووطأ بلاط الخليفة المهدي وأسمعه شعرأ، فأثنى عليه وأغدقه بالجوائز، وقد أشاد أئِمَّةُ عصره له من أدباء وأئمة النحو ببراعته في صناعة الشعر[٢]،ومنهم(أبونواس)،والمبرّد أيضاً فذكرأنَّ في شعره ديباجة، وفي ألفاظه سهولة وطلاوة، من غير غموض ولاتعقيد.
المراجع
- ↑أبو العتاهية (2006)، “معلومات عن أبي العتاهية”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 17/1/2022. بتصرّف.
- ↑شكري فيصل، أبو العتاهية حياته وأشعار وأخباره، صفحة 33. بتصرّف.