محمد النوباني
يقول احد الشعراء العرب الذي لم اعد اذكر اسمه:
من لان للخطب الشديد
توقع الخطب الأشدا.
وبترجمة هذا البيت من الشعر على ما يحدق بالمسجد الاقصى المبارك اليوم من اخطار تهدد وجوده كرمز ديني، فلسطيني، وعربي، وإسلامي، نقول بأن سكوتنا عن حرق منبر صلاح الدين
عام ١٩٦٩ وعن حفر الانفاق اسفل المسجد على مدار السنوات الطويلة الماضية، مما ادى إلى خلخلة اساساته ورفع من منسوب مخاطر إنهياره حتى لو حلقت فوقه طائرة حربية إسرائيلية وهي تخترق حاجز الصوت.
ومن دون ان ننسى طبعاً بأننا فقدنا مقدرتنا على التأثير في قضية القدس وبالتالي الاقصى، عندما وافقنا على تأجيل موضوع القدس إلى ما يسمى بمفاوضات الحل النهائي، حسب آوسلو المشؤوم، وعندما صمتنا عن إقتحامة وتدنيسه بشكل يومي.
بكلمات اخرى فآن ضعفنا وهواننا هو الذي شجع إحدى محاكم الإحتلال قبل يومين على إستصدار قرارها المسيس الاخير بإقامة الصلاة الصامتة في المسجد الاقصى.
ومن المرعب والمخيف، ان غلاة الصهاينة ممثلين بحكومة بينيت-لابيد على قناعة بأن مخطط الصلاة الصامتة لليهود في المسجد الاقصى سيمر الامر الذي سيفتح شهيتهم للخطوة التي تليها وهي السماح لليهود بعد ذلك بالصلاة الناطقة وصولاً إلى التقسيم الزماني والمكاني، للمسجد الذي عرج منه نبي الإسلام محمد عليه افضل الصلاة و السلام إلى السماء.
ولا يحتاج المرء لكبير عناء او ذكاء لكي يدرك بان الهدف الذي يرمي إليه الصهاينة هو تقسيم الاقصى بين المسلمين واليهود اسوة بما حدث للحرم الابراهيمي الشريف في الخليل الذي بات عبارة عن مسجد وكنيس في آن.
ومن نافلة القول بأن هذه العملية ، حسب ما هو مخطط لها صهيونياً لن تنتهي إلا بهدم المسجد الاقصى وبناء الهيكل الثالث المزعوم على انقاضه.
وهذا الهدف الذي يسعى إليه الصهاينة اليهود هو في نفس الوقت، الهدف الذي يسعى إليه الصهاينة المسيحيون الذين يؤمنون، بعصمة التوراة، وبألعودة الثانية للسيد المسيح.
ولكن ما لا يريد الصهاينة إستيعابه بسبب غرورهم وغطرستهم والناجمة عن الإنبطاح الرسمي الفلسطيني والعربي أمامهم ان العبث بالأقصى هو لعب خطير بالنار.
ومن يستعرض تاريخ الصراع الفلسطيني-الاسرائيلي أن الإعتداء على الاقصى كان سبباً في اكثر من هبة وانتفاضة شعبية ابتداء من ثورة البراق ضد الانتداب البريطاني والغزوة الصهيونية عام ١٩٢٩ مروراً بهبة النفق عام ١٩٩٦ ؛انتفاضة الاقصى عام ٢٠٠٠ وصولاً الى هبات متفرقة اصغر حجماً على مدار السنوات الواحدة والعشرين الاخيرة.
مع فارق مهم ان هذا العبث الجديد بالمسجد الاقصى تحت مسمى الصلاة الصامتة ياتي في ظل تراجع وزن الولايات المتحدة الامريكية على المستوى الكوني وصعود نجم الصين وروسيا وبعد هروب الامريكيين من افغانستان وظهور مؤشرات على قرب هروبهم من سوريا والعراق، مما سيضع إسرائيل هذه المرة في مواجهة ليس مع الجماهير الفلسطينية والعربية فحسب بل مع مليار ونصف المليار مسلم يعتبرون ان الإعتداء على الاقصى هو اعتداء على دينهم و عقيدتهم.
Source: Raialyoum.com