المرأة.. هل هي ناقصة فعلًا حتى تُمنع من تولي الحُكم؟

 

عبد الرحمن الآنسي

مع موجة المقالات التي كُتبت عن المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل بعد خروجها من تولي منصب مستشارة ألمانيا تتقافز إلى عقلي عدة أسئلة حول المرأة العربية “نجحت ميركل في إدارة ألمانيا بشكل غير مسبوق وكسرت خرافة أن المرأة ناقصة ولا يمكنها أن تحكم، فماذا ينقص المرأة العربية حتى لا تحكم؟”.

صديقي يسألني بغضب: “هل ترضى أن تحكمك امرأة؟” الجواب “نعم، ولم لا؟” لا أظنها ستكون أسوأ من القيادات الحالية التي نراهم.

نظرة المجتمعات الذكورية تجاه المرأة.

الرجل العربي للأسف يرى المرأة شعلة من الشهوات ولا تصلح كما يُقال في مجتمعاتنا “إلا للمطبخ والجنس”. إنه أجحاف كبير بحق المرأة التي تشكل نصف المجتمع، إجحاف بحق المواطن الرجل نفسه لأننا نحرمه من خمسين في المائة من طاقة المجتمع، بها يمكن أن نرفع من طاقة إنتاجيات البلد في كل المجالات.

يؤسفني جدًا سماع بعض الفتاوي أنه لا يحق لها الحكم والدليل كما قال بعضهم: “الرجل قيِّم على المرأة، أي: هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجّت”، أريد توجيه سؤالا لصاحب هذه المقولة: “ومن سيحكم الرجال ويؤدبهم إذا اعوجّوا؟ ألا يحق للمرأة أن تعدل الرجل إذا اعوجّ أيضا؟”.

ألمانيا ولّت أمرها امرأة “أنجيلا ميركل” المملكة المتحدة، تلك المملكة التي قيل أنها لا تغيب عنها الشمس، ولّت أمرها إلى امرأة “الملكة إليزابيث” وتولت رئاسة وزراءها في وقت من الأوقات امرأة “مارغاريت تاتشر” وذلك من 1979 حتى 1990، وتعتبر أطول فترة في رئاسة وزراء المملكة المتحدة وحتى أنها اشتهرت بسياستها الحازمة والتي يفتقدها الكثير من القادات الرجال وغيرهن الكثير، كالملكة بلقيس، وأروى بنت أحمد الصليحي التي حكمت اليمن قرابة الأربعين عامًا بحكمة وحنكة، وبعد وفاتها اندثرت الدولة الصليحية.

هل المرأة ناقصة عقل وضعيفة حقًا؟

العالمة اليمنية مناهل عبد الرحمن ثابت أول عربية ترأس جمعية عباقرة العالم وترأس الجمعية العالمية للذكاء، هذه المرأة الحاصلة على أكثر من مائة شهادة في التميز وضمن أذكى ثلاثون شخصا على قيد الحياة، هل نستطيع القول أنه لا يحق لها تولي حكم أو منصب؟ لماذا لم يقل عباقرة العالم أنه لا يحق لها أن تترأسهم ما دامت امرأة؟

سيقول البعض: “المرأة تحمل وتلد، وتأتيها الدورة الشهرية ويكون مزاجها معكرًا في هذه الحالات أو ضعيفة غير مؤهلة لحضور اجتماعات وغير ذلك من أمور الحكم”. أولًا ليس شرطا أن تتزوج المرأة لتصبح امرأة، الأمر الآخر حتى وإن تزوجت فليس شرطًا عليها أن تنجب أطفالًا. أما بالنسبة لأمر تعكّر المزاج فالرجال مزاجهم متعكّر على الدوام، وفي الأغلب نجد المرأة هي التي تدير البيت بحكمة فتصبر عند غضب زوجها وبطرقها الحكيمة تتمكن من إرضاء جميع أفراد العائلة عكس بعض الآباء، أين الحالة النفسية في المرأة التي تتكلمون عنها؟

حسب دراسات علمية، النساء استطعن الصمود أمام الأزمات والمحن فترة أطول من الرجال، ويعتبرها الباحثون الأكثر ترجيحًا في الصمود أمام الأزمات المهددة للحياة. يرى أستاذ علم النفس التطوري بجامعة أكسفورد “روبن دنبار” أن الرجل أكثر هشاشة من المرأة حيث أنه يستسلم أسرع منها في المواقف المصيرية. ولننظر أيضًا إلى متوسط أعمار الرجال والنساء في العالم ستجدون أن المرأة تعيش أطول من الرجل بمعدل سنتين إلى ثلاث سنوات، وهذا دليل قوي على أنها أقوى منه بدنيًا أيضا، فالأقوى ليس من يحمل وزنًا أكثر بل من يصمد أطول.

ماذا ينقص المرأة حتى لا تصلح للحكم؟

ما ينقص المرأة في مجتمعاتنا العربية لتصبح منتجة ومساهمة في بناء المستقبل هو تغيير نظرة المجتمعات الذكورية تجاهها، منحها الثقة، إعطاءها حقوقها الكاملة والتعامل معها كإنسانة لا كجنس ناقص يجب أن يدار من قبل شخص آخر. المرأة ينقصها أن تتعلم لا أن يتم تجهيلها بحكم أنها ستتزوج وستكون في كنف رجل سيلبي لها كل احتياجاتها. المرأة تحتاج إلى من يساندها لتبدع وتحقق ذاتها وتنمي مواهبها وأن لا يزرع في عقلها أن الزواج هو المصير الحتمي لدفن كامل طموحاتها وأحلامها.

كاتب يمني

Source: Raialyoum.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *