‘);
}
تأثير المشكلات الأسرية على الأطفال
إن للبيئة التي ينشأ بها الطفل الأثر الأكبر في تحديد مسار حياته الكامل، فقدرة الشخص على عكس الأقدار مهما كانت قوية، إلا أنها تخضع لبعض المُحدِّدات التي تكن سيطرتها عليه أكبر من قدرته على التحكم بها وتغييرها لما يُراعي رغبته بالنجاح، أياً ما كان يعنيه مفهوم النجاح بالنسبة إليه.
وهنا تكمن أهمية الحديث عن نوع المشكلات والخلافات التي يراها الطفل خاصة في مراحل نموه الأولى، ومدى تأثيرها عليه وعلى صحته النفسية وتحصيله العلمي وقدرته على بناء علاقات اجتماعية ناجحة تدوم طويلاً وغيرها من الأمور الجوهرية لبناء مستقبل واعد.
وبالرغم من أنه ليس من الغريب أن تحصل بعض الخلافات داخل العائلة، وقد يُجادل البعض حتى بأن مشاهدة الطفل لبعض الخلافات جيدة لمصلحته، لِما لذلك مِن أهمية في زيادة وعي وقُدرة الطفل على حل المشكلات الصعبة في المستقبل، وتعزيز المهارات الاجتماعية لديه، بالإضافة لخلق أمان عاطفي ثابت لديه.[١]
‘);
}
إلا أنه ليست كل المشكلات والصِعاب التي تمر بها الأسرة ذات أثر رجعيٍ إيجابي على أفرادها خاصة على الأطفال منهم، بل على العكس تماماً.
متى تصبح المشكلات الأسرية ذات أثر رجعي سلبي على الأطفال؟
قد يظن البعض أن الأسرة السعيدة هي الأسرة التي لا تعاني من المشكلات مطلقاً، إلا أن ذلك من المستحيل فلا بد من حدوث بعض الخلافات من حين إلى آخر، وكما تمّت الإشادة سابقاً أن بعض هذه الخلافات قد يُصاحبها آثار إيجابية.
وعندما يحاول الأبوين أن يحُلا المشكلات مع بعضهما البعض وبطريقة هادئة، فهذا يُوضح للأطفال أن المشكلات مهما كانت صعبة إلا أنه يُمكن حَلُها، وأن الطرق السليمة لِحلها ليس لها أي تأثير سلبيٍ يُذكر على حالة الأطفال النفسية، على العكس تماماً.[٢]
ولكن هنالك بعض الأساليب المُدّمرة التي قد تُرافق المشكلات الأسرية جاعلةً منها موضع خطر وتأثير نفسي وجسدي عظيم على الأطفال، أذكر منها ما يلي:[٣]
- الاعتداء اللفظي مثل استخدام الألقاب الجارحة والاهانات، والتهديد بالهجران الذي قد يتمثل أحياناً بالطلاق.
- الاعتداء البدني مثل الضرب والدفع وحتى رمي الأشياء.
- استخدام الأساليب الصامتة مثل التهرب والانسحاب، أو العبوس دون قول أي كلمة أو التجاهل كُلياً.
- الاستسلام وجعل الأمر يبدو وكأنه قد تم الوصول إلى حل.
الآثار المترتبة على الأطفال بسبب المشكلات الأسرية
الأطفال من جميع الأعمار بدايةً من عمر ال6 أشهر حتى ال19 عاماً، تتواجد لديهم حساسية واضحة تجاه الخلافات التي تحدث بين الأبوين والطُرق التي يستخدمونها لحل تلك الخلافات، ويُؤدي ذلك للتأثير على جوانب مختلفة من حياتهم ويظهر ذلك جلياً في عدة أمور.[٤]
فقدان الإحساس بالأمان العاطفي
هناك علاقة بين إحساس الطفل بالأمان العاطفي وبين سلامة وأمان النظام العائلي داخل الأسرة، فالمشكلات المُدمرة التي تحدث قادرة على جعل الطفل يرى مدى ضعف الروابط العاطفية الأساسية لنجاته.[٥]
وهذا بدوره قد يدفعه إلى محاولة إنهاء المشكلات أو الانسحاب كُلياً، مما يؤثر على صحته النفسية فهذه الأساليب حتى وإن كانت ناجحة في تخطي الحياة العائلية الصعبة، إلا أنها تبقى معه في مختلف الجوانب مؤثرةً بذلك على طريقته في التعامل معها.[٥]
التأثير سلباً على العلاقة بين الأبوين والطفل
المشكلات الأسرية لها أثر على الأبوين أيضاً، فالظروف القلقة تجعل منهم مُنسحبين غير قادرين على إمضاء وقتٍ كافٍ مع الأطفال، وهذا يجعل من نوعية العلاقة بينهم ضعيفة لعدم قدرة الأبوين على إظهار مشاعر دافئة ومُطمئنة للأطفال.[٦]
التأثير سلباً على الصحة
في دراسة أُجريت على مدى 20 عام، تم فيها تحليل عينات من هرمون القلق (الكورتزول) الذي أُخذ من أطفال قرية في الكاريبيان، وُجِد أن الأطفال الذين عاشروا أبوين يتشاجرون باستمرار لديهم مستويات أعلى من الكورتزول على عكس الأطفال الذين يعيشون في بيئات منزلية هادئة، ونتيجة لذلك كان هؤلاء الأطفال يشعرون بالتعب والمرض اكثر، مما يحول دون قدرتهم على اللعب والنوم بشكل جيد.[٧]
أما في دراسات أُجريت حديثاً، وُجد أن مستويات الكورتزول لبعض الأطفال تبقى دون المستوى الطبيعي، وهذا الاختلاف في أنماط مستوى الهرمون يُوضح الفروقات في السلوكيات التي كان يتبعّها الطفل لِمُجاراة المشكلات التي تحدث في منزله.[٧]
إضافة إلى تأثير المشكلات على بعض الأنظمة الفسيولوجية مثل الجهاز العصبي الودي (sympathetic) ونظيره غير الودي (parasympathetic)، الذين يُساعدونا على الاستجابة للتهديدات المحسوسة، فهناك علاقة واضحة بين نشوء الطفل في بيئة قلقة وبين المشكلات الصحية التي سيواجهها في حياته الراشدة التي قد تطال مناعته حتى.[٧]
التأثير سلباً على الصحة النفسية
تتكون لدى الأطفال ردات فعل تجاه المشكلات الأسرية تُؤثر بشكل واضح على صحتهم النفسية والعقلية وتظهر فيما يلي:[٨]
- سيمات خارجية وسلوكية مثل العدوان والتهجم وعدم الامتثال للأوامر، بالإضافة إلى التخريب.
- سيمات داخلية نتيجة مُعالجة المشاعر السلبية داخلياً مثل الاكتئاب، القلق، الانسحاب وحالة عامة من عدم الرضا.
التأثير سلباً على علاقاتهم المستقبلية
المشكلات الأسرية التي تحدث في الطفولة يتكبد أثرها الأطفال حتى في سن الرشد وعند مُغادرتهم للمنزل، فنوعية العلاقة التي كانت بين الأبوين تُبقي سيطرتها على صحتهم النفسية والطريقة التي يتعاملون بها مع أزواجهم في المستقبل فتراهم يحتذون بخطوات أبويهم في التعامل مما يؤدي إلى أذىً مُضاعف على صحتهم العقلية.[٩]
وتعرضهم الدائم للمشكلات الأسرية يزيد من احتمال أن يُعَامِلوا الآخرين بعنف، مما يُصعّب الأمر عليهم في إبقاء العلاقات الصحية، وحتى القدرة على الثقة بالناس إجمالاً.[٤]
التأثير سلباً على أدائهم العلمي
القلق الناتج عن المشكلات الأسرية يُؤثر على قدرة الأطفال في التركيز، مما يجعل التعلّم أصعب ويخلق مشاكل أكاديمية في المدرسة أو الجامعة. فأغلب الأطفال الذين تم تربيتهم في بيئات تكثُر فيها المشكلات يواجهون مشكلة في النجاح أكاديمياً بالإضافة إلى صعوبة تطوير علاقات بين زملائهم.[١٠]
المراجع
- ↑Diana Divecha (26/1/2016), “What Happens to Kids When Parents Fight”, Greater Good Magazine, Retrieved 20/1/2022.
- ↑Anna Sutherland (9/4/2014), “How Parental Conflict Hurts Kids”, Institute of Family Studies, Retrieved 20/1/2022.
- ↑Diana Divecha (26/1/2016), “What Happens to Kids When Parents Fight”, Greater Good Magazine, Retrieved 20/1/2022.
- ^أبAmy Morin, LCSW (11/11/2019), “How Parents Fighting Affects a Child’s Mental Health”, verywell family , Retrieved 20/1/2022.
- ^أبChrystyna D. Kouros (1/10/2020), “Chronic, low-level parental conflict contributes to children’s mental health problems”, Child & Family Blog, Retrieved 20/1/2022.
- ↑Amy Morin (11/11/2019), “How Parents Fighting Affects a Child’s Mental Health”, verywell family , Retrieved 20/1/2022.
- ^أبتDiana Divecha (26/1/2016), “What Happens to Kids When Parents Fight”, Greater Good Magazine, Retrieved 20/1/2022.
- ↑Sameer C, “How Parental Arguments Have Lasting Effects On Children “, theAsianparent, Retrieved 20/1/2022.
- ↑Chrystyna D. Kouros (1/10/2020), “Chronic, low-level parental conflict contributes to children’s mental health problems”, Child & Family Blog, Retrieved 20/1/2022.
- ↑Diana Divecha (26/1/2016), “What Happens to Kids When Parents Fight”, Greater Good Magazine, Retrieved 20/1/2022.