عبد السلام المساتي
كما كان متوقعا، وكما أظهرت عمليات الفرز الأولية، استطاع حزب التجمع الوطني للأحرار أن يتصدر نتائج الانتخابات التشريعية ب 96 مقعدا، في حين جاء ثانيا حزب الأصالة والمعاصرة، وثالثا حزب الاستقلال، أما حزب العدالة والتنمية فقد سقط بشكل مدوي بحصوله على 12 مقعدا فقط.. طبعا أغلب النتائج كانت عادية ومتوقعة من منطلق التراكمات السياسية خلال السنوات الأخيرة، والتي كانت كافية لنفهم أن الناخب المغربي سيغير تشكيل وتوطين القوى الكبرى على الخريطة السياسية المغربية خلال الإنتخابات الحالية. أقصد أن تراجع حزب العدالة والتنمية هو نتيجة طبيعية لفشله في تدبير مرحلة ما بعد الربيع العربي، وأيضا فشله الذريع في تدبير أزمة كورونا باختياره إقرار إصلاحات تضر بمصلحة المواطن البسيط بدل أن يكون هو المستفيد. أما عن تقدم حزب التجمع الوطني للأحرار وتصدره للإنتخابات التشريعية فهو مجرد تحصيل حاصل لبرنامج انتخابي قوي، وحملة إعلامية ضخمة، وأيضا خطاب واعد موجه بذكاء للفئات الأكثر تسجيلا باللوائح الإنتخابية…
الآن، ننتظر أن يقوم الملك محمد السادس باستقبال السيد عزيز أخنوش ليكلفه بتشكيل الحكومة المقبلة، وهو الأمر الذي لن يفشل فيه السيد أخنوش بحكم علاقاته الجيدة مع باقي الأحزاب وزعمائها، بل ومن بينها حزب العدالة والتنمية رغم كل الإتهامات التي كالها السيد بن كيران، الذي فشل قبل خمس سنوات في تشكيل حكومته، لليسد رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار. إلا أننا نرى أن التحالف الحكومي يجب أن يتم مع الشركاء الحزبيين التقليديين لحزب التجمع، لذلك فالطبيعي أن يتم إقصاء كل الأحزاب الإيديولوجية إسلامية كانت أم اشتراكية وأن يتم الإقتصار على الأحزاب الليبرالية وأحزاب الوسط حتى لا نجد أنفسنا مرة أخرى أمام حكومة عرجاء غايتها الكبرى هي تصحيح الطريقة التي تمشي بها بدل أن تعمل على تصحيح الطريقة التي يمشي بها الوطن ككل. فأمام السيد أخنوش وحكومته الكثير من الملفات الكبرى والمستعجلة التي تحتاج لتوافق حكومي مطلق:
-
التعليم: أؤمن كما يؤمن كثيرون أن إصلاح منظومة التعليم هو المنطلق الحقيقي لإصلاحي باقي القطاعات، فالتعليم هو الأس الذي ينبني عليه الوطن. وللأسف منظومة التعليم هنا مخرومة، وتعتريها الكثير من المشاكل والصراعات التي نقول أن مسببها هو السيد أمزازي أو من قبله ولكنها نتاج لسياسات متعاقبة فاشلة. لكننا نحمل السيد بن كيران المسؤولية الكاملة عن أحد أهم المشاكل في هذه المنظومة ألا وهو ملف التعاقد الذي كان نقطة تحول نحو الأسوء في قطاع التعليم. لذلك فأمام السيد أخنوش الفرصة لتصحيح هذا العطب من خلال تحقيق المساواة التامة بين الأساتذة النظاميين والأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد خاصة وأن هؤلاء يشكلون أغلبية أساتذة القطاع، أي أن تسوية وضعيتهم هو تسوية للقطاع ككل وإعادة التوازن والقيمة له.
-
الصحة: لقد أبانت كورونا عن عمق الأزمة التي يعانيها القطاع الصحي في المغرب فالنقص مهول في الموارد المالية والموارد البشرية، هذا فضلا عن غياب البنيات التحتية الكافية واللازمة خاصة في المناطق والمدن الهامشية والبعيدة عن مركز الدار البيضاء، الرباط، فاس، طنجة… لذلك فعلى الحكومة المقبلة أن تعمل على الشروع في مشروع الإستثمار في القطاع الصحي بدل إعتباره قطاعا منهكا لميزانية الدولة.
-
الشغل: حسب المندوبية السامية للتخطيط ارتفعت نسبة البطالة في المغرب خلال 2021 لتصل إلى 12.8 بالمائة في مقابل 12.3 سنة 2020. مع احتمالية أن تكون هذه الأرقام الرسمية مضاعفة بالواقع. الأمر الذي يضع الحكومة المقبلة أمام إلزامية تنزيل برنامج مستعجل يهم إحداث مناصب شغل قارة ودائمة تستهدف الشباب بالدرجة الأولى، مع العلم أن حزب التجمع الوطني للأحرار وعد في برنامجه تشغيل 250 ألف مغربي ومغربية بشكل طارئ على أن يصل هذا الرقم إلى مليون لاحقا. وقد تكون هذه هي النقطة الرئيسة التي جعلت الحزب يتصدر الإنتخابات، فوعود التشغيل هي أكثر ما يجذب الشاب المغربي.
هذه مجرد إشارة لأهم القطاعات أو القطاعات التي تحتاج لتدخل مستعجل حتى لا يتفاقم الوضع أكثر، دون أن ننسى باقي القطاعات التي تحتاج إلى نفس القدر من العناية والإهتمام حتى يحقق المغرب الإقلاع المنتظر الذي بمقدوره أن يدعم ويزكي القضايا الوطنية الكبرى.
كاتب مغربي
Source: Raialyoum.com