بسام ابو شريف
لم يحصل بينيت على كل ما يريد كما ادعى ، لكن بالمقابل لم تحصل المقاطعة على شيء مما راهنت للحصول عليه، بين هذا وذاك ، ماذا تحمل لنا الأيام القادمة .
تأجيل اللقاء بين رئيس وزراء اسرائيل والرئيس الأمريكي بايدن بسبب الأحداث في افغانستان وفي مطار كابول تحديداً، يعد نكسة لما كان يريده رئيس وزراء اسرائيل وربما ما كان يريده الرئيس جو بايدن.
والأمر ليس سراً خطيراً بل واضحاً كل الوضوح ماذا أراد بايدن من دعوته رئيس وزراء اسرائيل لزيارة واشنطن في هذا التوقيت بالذات وماذا أراد بينيت رئيس وزراء اسرائيل تحقيقه في هذه الزيارة في هذا الوقت بالذات ، هذان سؤلان هامان ، لأن الإجابة عليهما تتضمن تقديرات لما سيتم ويجري في المستقبل القريب.
ماذا أراد بينيت؟
حمل بينيت معه ملف ايران بكل تشعاباته وكل تفاصيله، ابتداء من موضوع الأتفاق النووي وعودة الولايات المتحدة اليه، الأمر الذي كان يعارضه بينيت والحكومة الاسرائيلية معارضة كاملة وكلية وعلنية، ولذلك حمل معه البديل أي مشروع بينيت والحكومة الإسرائيلية للتصدي لإيران والتصدي لمشروعها النووي الذي حسب ادعاء وزير الدفاع الاسرائيلي يحتاج فقط الى شهرين من الزمن حتى تستطيع إيران من امتلاك العوامل اللازمة لأنتاج سلاح نووي.
والمشروع البديل هو مشروع عسكري الطابع ارهابي الجوهر بكل وضوح، وقد ضم هذا الملف ، اي البديل الاستراتيجي، ضم عمليات عسكرية نوعية ضد ايران ومؤسساتها النووية وضم اقامة تحالف عسكري جديد ، اي حلف عسكري بين اسرائيل ودول عربية طبعت العلاقة معه ولها حدود تمس الحدود الايرانية او قريبة منها.
كما يضم هذا الملف، الملف الاستراتيجي التصدي العسكري المدمر لمحور المقاومة بفصائله المتعددة كون هذه الفصائل حسب التعريف الاسرائيلي ادوات ايرانية للأعتداء على اسرائيل.
حمل بينيت هذا الملف ، واعتبره الملف الرئيسي والأساسي وربما الوحيد الذي قد يتفرع عنه ملف او ملفين اخرين بالضرورة ، ويتعلق هذين الملفين المرفقين بالملف الاساسي الاستراتيجي بالوضع الفلسطيني من حيث أخذ موافقة الإدارة الامريكية على التمدد والتوسع الأستيطاني دون انتقادات او تلميحات من قبل الأدارة الامريكية والثاني هو توجيه ضربات للمقاومة الفلسطينية لا تثير القلق او رفض الأدارة الامريكية التي أصرت في وقت سابق على وقف إطلاق النار بين اسرائيل وقطاع غزة مقابل عدم السير قدماً في اجراءات مستفزة في القدس تجاه أهالي القدس في الشيخ جراح والأقصى المبارك وسلوان.
بطبيعة الحال كون بينيت حمل هذا الملف الأساسي والملفات التي تتبعه بالضرورة كخلاصات للسياسة الاستراتيجية ، حمل معه بالضرورة الملف الفلسطيني أذ ان للمقاطعة مطالبها حددتها للإدارة الامريكية والتي جعلتها تعلن الولاء للإدارة الامريكية مرة اخرى بعد فشل ترامب في الانتخابات وان تراهن مراهنة كلية على ما قاله بايدن عندما شرح سياسته الخارجية بقوله ان يفضل اتباع الوسائل الدبلوماسية وانه يؤيد حل الدولتين كحل للصراع الاسرائيلي الفلسطيني.
راهنت المقاطعة رهاناً كلياً وكأنها لم تستخرج أي درس من التجربة السابقة ، ليس مع ادارة ترامب فقط، بل مع كل الإدارات الامريكية منذ ان بدأت عملية السلام ومنذ ان انفردت الولايات المتحدة بالاشراف كوسيط لإحلال السلام حسب ادعاء واشنطن.
كل الإدارات الامريكية التي سبقت ترامب وأتت بعد ترامب وعدت الفلسطينيين ولكن كل دروس الماضي تشير بوضوح الى ان لا نية لدى أي من الإدارات السابقة واللاحقة في الولايات المتحدة ان تفرض حلاً اسمه حل الدولتين يستند الى الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن 242 و 338 .
لم تستخرج المقاطعة هذه الدروس ، رغم التصريحات التي سمعناها جميعاً اثر موقف ترامب واعلانه صفقة القرن عندما هوجم ورفضت رفضاً قاطعاً من قبل المقاطعة وإدعت المقاطعة للتصدي والمواجهة الشعبية لهذه الصفقة.
بدلاً من ذلك قامت المقاطعة بالمراهنة على صفقة ترامب التي اتخذت اسم اخر في ادارة بايدن ، فبايدن شطب اسم صفقة القرن لأنها تسمية ترامب ولكنه في جوهر ما يعرض يعتمد على المبادىء الاساسية التي وردت في الحل الذي اقترحه ترامب ، ليس هذا فقط بل نقول ان كل الادارات الامريكية كانت تتحرك جوهريا حول السماح لإسرائيل ببسط سيادتها على المستوطنات التي بنتها وهي غير شرعية ومخالفة للقانون الدولي و الى حد ضم الضفة الغربية وفرض السيادة الاسرائيلية الكاملة عليها واعطاء الفلسطينيين حقوقاً مدنية محصورة محدودة في اطار جغرافي محدود ومحدد وهذا يسمى ادارة مدنية ذاتية في بعض المناطق من الضفة تحت السيادة الاسرائيلية.
مراهنة المقاطعة مرة اخرى على موقف الادارة الامريكية ووضع كل بيضاتها في سلة بايدن يعني انها لم تستفد من اي درس من الدروس التي افرزتها تجربة الفلسطينيين وتجربة اوسلو وتجربة كل الاتفاقات التي تعهدت من خلالها الولايات المتحدة بإحلال السلام ، استناداً لإقامة دولتين ، كل هذه الدروس لم تستفد منها المقاطعة وخضعت مرة اخرى لإملاءات التحالف الامريكي اذا جاز التعبير نقول خضعت لإملاءات أمريكا وهذا يعني انها خضعت لإملاءات أمريكا وكل ما يؤثر ومن يؤثر في إملاءات أمريكا.
ولا شك أبداً ان قسماً كبيراً من الإملاءات الامريكية على الاطراف العربية والطرف الفلسطيني بشكل خاص متأثرة بعمق بالموقف الاسرائيلي والافكار الاسرائيلية والخطط الاسرائيلية.
وهذا يعني ان المقاطعة خضعت لإملاءات إسرائيل وهذا ما نراه ونلمسه على أرض الواقع وهذا يترجم كما يلي :
لأول مرة تقوم المقاطعة بدور الشريك الكامل لقوات العدوان والاحتلال الاسرائيلي في مهاجمة المخيمات والقرى والتفتيش الليلي والبحث عن مطلوبين واعتقالها هؤلاء لأنهم ناشطون سياسيون وشعبيون ضد الإحتلال.
ليس هذا فقط ، بل ولأول مرة نرى الأجهزة تعتدي على قيادات الفصائل وتعتقلهم لأسباب مختلفة ، أهمها التحريض والتعبئة ضد السلطة لأنها تمنع مقاومة الشعب للإحتلال.
المعتقلون بالمئات، لأنهم ناشطون سياسيون ، هذا أمر جديد على المقاطعة.
الاعتقالات عن “جنب وطرف” نالت القيادات والكوادر السياسية لأنها عبرت عن رأيها، وبالتظاهر ورغبتها في دفع مقاومة شعبية واسعة للأمام اسوة بما يجري في جبل صبيح وبيتا وكفر قدوم وجنين وشمال الضفة إجمالاً.
وينظر الكثيرون بتعجب شديد واستهجان شديد الى ما يحصل لأنه متناقض تماما مع ما قاله الرئيس محمود عباس علناً وفي خطابه امام الجماهير بأنه مسموح للتظاهرات والتعبير عن الرأي ومسموح ان يهتف الناس يسقط يسقط يعيش يعيش ولكن ممنوع استخدام العنف.
هذه هي السياسية التي رسمها الرئيس محمود عباس للتظاهرات الشعبية، وماذا فعلت التظاهرات الشعبية في هذه الايام بالذات ، لم تفعل أكثر مما سمح الرئيس محمود عباس ، فقد تظاهرت ورفعت صوتها ، يسقط يسقط، يعيش يعيش،، يسقط من يخضع لإملاءات الاحتلال ويعيش من يقاوم الاحتلال هذا ما قالته الناس وهذا ما هو مسموح به ، لأنه لا يوجد متظاهر واحد حمل سلاحاً ليعتدي بالعنف على قوات الامن ، بل العكس حصل، قوات الأمن هي التي هاجمت التظاهرات الشعبية السلمية لأنها تطالب بمقاومة الاحتلال ورفض املاءاته ووقف التنسيق معه.
اذن عودة الى بينيت ، فما حمله بينيت من ملف في الاستراتيجيات والتكيكات الاسرائيلية التي تركز على ضرب ايران ومنعها من الحصول على السلاح النووي، وضرب ما سماه بينيت سلوكها في المنطقة ، وارهابها في المنطقة اي يقصد بذلك مساعدة ايران في سوريا في مواجهة اسرائيل ومساعدة ايران لحزب الله في مواجهة اسرائيل ومساعدة ايران للحشد الشعبي لمواجهة اسرائيل وأمريكا ومساعدة الثورة الفلسطينية وتطوير سلاحها وكذلك الثورة اليمنية وتطوير سلاحها.
كل هذا بنود في ملف بينيت تحت عنوان المسلكية الارهابية لايران التي لابد من التركيز على عمليات عسكرية مضادة لها لمنعها من الاستمرار في سياسة ما سماه بينيت الارهاب في الشرق الاوسط.
هذا الملف ، ضمناً حمل مطالبة اسرائيلية للادارة الامريكية بعدم الاعتراض على سياساتها العنصرية الدموية التي تمارسها على الارض الفلسطينية الواقعة تحت الاحتلال.
اي بينيت حمل معه ضمناً، ولم يناقش كثيراً لأنه يعتقد جازماً ان الادارة الامريكية توافق على ما تفعله اسرائيل بمصادرة الاراضي وبناء مستوطنات جديدة وتوسيع القديمة منها والاعتداء على الاماكن المقدسة وترحيل العائلات وهدم البيوت وقتل الاطفال واستخدام الرصاص الحي ضد المظاهرات السلمية ، كل هذا لم تفه الادارة الامريكية التي تراهن المقاطعة عليها ، لم تفه بكلمة واحدة تنتقد فيها اسرائيل لقيامها وارتكابها كل هذه الجرائم.
عاد بينيت ليقول لقد حصلنا من الادارة الامريكية على كل ما نريد، ولكن، نسي ان يقول، انه رغم تقييمنا السلبي لموقف الادارة الامريكية وعدم توقعنا من ان تتخذ هذه الادارة اي خطوة مساندة للشعب الفلسطينية، سمعنا ، ما رشح عن البيت الأبيض حول ما قاله بايدن ولم نسمع ذلك من بينيت وهو :
التوقف عن أي اجراءات قد تزيد التوتر مع الفلسطينيين واتخاذ قرارات تتيح لهم مزيداً من الحرية الاقتصادية لتطوير اقتصادهم.
لم نسمع من الادارة الامريكية اي ادانة للجرائم العنصرية التي ارتكبت في فترة حكم بينيت وفترة حكم بايدن، اكثر من ذلك لم نسمع تكراراً لما قالته الادارة الامريكية اثناء حرب سيف القدس من أجل التوصل لوقف اطلاق النار ، لم نسمعها مكررة مرة اخرى، سمعناها فقط اثناء مطالبتها بوقف اطلاق النار لانقاذ اسرائيل ، هذا الوقف الذي للأسف وقعت في كمينه فصائل المقاومة بدفع وتشجيع وضغط من مصر التي لعبت دوراً امريكياً واضحاً وما زالت تلعب دوراً امريكياً واضحاً لسوء الحظ.
عندما شنت المقاومة حرب سيف القدس، قالت بوضوح ان هذا السيف اشرع دفاعاً عن القدس وحماية لأهلها وللأقصى وجاء وقف اطلاق النار ليبرهن انه لا حماية لأهل القدس ولا دفاعاً عن الأقصى ولم يحصل أي شيء مما وعد به وفد المخابرات المصرية ، لإقناع اخوتنا في غزة بوقف إطلاق النار دون شروط، واعتبر وفد المخابرات المصرية الشروط غير مبثوثة وغير معلنة ولكنها تتضمن حماية للأقصى وحماية لأهلنا في القدس ، واذا بأهل الشيخ جراح مهددون كل يوم بالترحيل من بيوتهم وأهل سلوان وأهل واد الجوز واهل واد الهول ، واهل جبل المكبر، وكل الأحياء العربية تحت سياسة التهويد القسري التي تمارسها حكومة بينيت الصهيونية.
هذه هي الادارة الامريكية، بينيت يقول حصل على كل شيء وكل ما يريد ، ولم تفه بكلمة نقدية واحدة ضد الجرائم الدموية التي ارتكبها بينيت ويرتكبها وزراءه ضد الشعب الفلسطيني ولم نسمع كلمة نقدية واحدة حول اغتصاب الأراضي وتوسيع المستوطنات والحرب على أهل القدس وتدنيس الأقصى يومياً ، لم نسمع كلمة انتقاد بل سمعنا تأكيداً من وزير الدفاع الأمريكي على التعهد بحماية اسرائيل وتطوير القبة الصاروخية بحيث تصبح قادرة على التصدي بصواريخ ايران التي تطلقها فصائل المقاومة الفلسطينية.
كل هذا قد يكون معلناً وواضحاً للجميع لكنه علينا القول هنا ان حديث الأمس لا يمكن ان يكون مطابقاً لحديث اليوم لأن بين الامس واليوم حصلت تغيرات.
الزمن دائماً يحمل متغيرات سواء سلبية او ايجابية لكن ما حصل بين الامس واليوم متغيرات الحقت بوضوح هزيمة لا مثيل لها للادارة الامريكية في افغانستان وستلحق بها في الايام القادمة مزيداً من الهزائم النابعة من افغانستان وما بعد افغانستان.
ماذا تفعل الولايات المتحدة الان في مستنقع اليمن ، ماذا تعمل الان الولايات المتحدة في العراق ، ماذا تعمل الولايات المتحدة الان في سوريا ، هل تتجرأ الادارة الامريكية على اعادة سيناريو افغانستان في سوريا .
لا اعتقد انها تتجرأ على ذلك ، بل ستحاول اللجوء الى ادواتها، ولا ادوات لها قادرة على الفعل سوى اسرائيل المجرمة العنصرية.
من هنا نقول ان الخطر القادم من اسرائيل نستطيع التصدي له وقلب المعادلة بحيث يصبح هذا الخطر داخل المعسكر الاسرائيلي وليس خارجه.
اعتماد الولايات المتحدة على اسرائيل هو اعتماد جهة على جهة فقدت الثقة بوعود الولايات المتحدة بحمايتها وتزويدها بالاسلحة التي تمكنها من البقاء كقوة سائدة كبرى في الشرق الأوسط.
دروس افغانستان لا يستفيد منها العرب كثيراً، تعلم ان خروج الولايات المتحدة وتخليها الفوري والفوضوي عن بلد استثمرت فيه على مدى عشرين عام كل أسلحتها واسلحة اسرائيل واستخدمتها كحقل تجارب واستخدمت فيها كل الذخائر بما فيها المحرمة دولياً وقاتلت فيها وارسلت عشرات الالاف من الجنود هي والناتو وهزمت على يد مقاتلين شجعان ارادوا الحرية والاستقلال لوطنهم.
اذن ما قامت به الولايات المتحدة والناتو في افغانستان اكبر او اقل ما قد تفعله الولايات المتحدة وحليفها اسرائيل في الشرق الاوسط واذا كان ما فعلته في افغانستان ادى بها الى الهزيمة ولا شك ان ما ستفعله في الشرق الاوسط سيؤدي بها الى هزيمة أكبر.
وهذا يتطلب مرة اخرى شجاعة وجرأة واقداماً وثقة بالنفس بمحور المقاومة الذي عليه ان لا يبعد المواعيد ضمن احتياطات مبالغ فيها ، لأن لحظة الانتصار تأتي في لحظتها ولحظة توجيه الضربات للعدو تأتي في لحظتها وتأتي بلحظات من اختيارنا نحن فقط.
بينيت يعتقد انه اقوى قوة على وجه ارض الشرق الاوسط ونحن نعتقد ونؤمن جازمين بأن اقوى قوة في الشرق الاوسط هي قوة الشعوب القادرة على انتزاع انتصارها وحريتها واستقلالها وتحرير ثرواتها من النهب واستخدامها من أجل الغذاء والدواء والتعليم والبحث العلمي والصناعة والزارعة في بلدانا الغنية والتي تنهب ثرواتها يومياً من قبل هذا الاستعمار الذي يتصرف حتى الان تجاه افغانستان والشرق الاوسط وكل الدول الاخرى وكأنه السيد بينما كل الدول الاخرى هي الرعية التي يجب ان تخضع لرغباته واملاءاته وان تدفع له الجزية من ثرواتها ليعيش هو في احسن حال ويقطر لاحقاً لقاحات فيروس الكورونا على الشعوب الاخرى قطرة قطر.
قد يقول البعض نكرر ، نعم نكرر.
نكرر بالقول ان الابتعاد عن الاشتباك اليومي مع العدو هو السكوت على عدوانه المستمر.
نعيد ونكرر عدم الاشتباك اليومي في كل مكان مع العدو هو السكوت على عدوانه المستمر في كل زمان ومكان فالاحتلال عدوان ، احتلال فلسطين عدوان، واحتلال الجولان عدوان واحتلال شبعا عدوان .
اذن يجب لا نقول انه اذا اعتدى نرد عليه ، العدوان قائم ، ونحن ننتظر من يرد عليه باشتباك مستمر لا يتوقف بل يتصاعد ليصل الى قلب العدو.
عاد بينيت ليقول انه حصل على كل شيء من الادارة الامريكية ، حصل على كل ما يريد .
لكنه يكذب حتى يظهر امام الاسرائيليين كرئيس وزراء ناجح كأمريكي حصل على الجنسية الاسرائيلية بالامس وهو مواطن من نيوجيرسي رأى نفسه فجأة في لقاء رسمي مع رئيسه رئيس الولايات المتحدة بينما هو رئيس وزراء اسرائيل.
بينيت سعيد جداً بهذا الموقع لأنه ان من بينهم خرج شاب اصبح رئيس وزراء اسرائيل ويلتقي مع رئيس الولايات المتحدة الامريكية اي رئيسه .
وفي خضام سعادته المفرطة بهذا اللقاء نسي ان يفهم ان وضع بايدن يختلف عن وضعه هو او عن وضع اي رئيس للولايات المتحدة غيره من الرؤساء لم يتعرضوا لما كان يتعرض له بايدن في تلك اللحظة بسبب هزيمة افغانستان وبسبب عدد الضحايا من الجنود الامريكيين الذين سقطوا بارهاب داعش .
وعندما نكرر كلمة ارهاب داعش نعني التنظيم الذي خلقته الولايات المتحدة ودربته ومولته هي والعائلة السعودية ودول خليجية من أجل قتل العرب وتقسيم العراق وتقسيم سوريا واشاعة الحروب الاهلية في المنطقة الان داعش هذا الوحش الذي صنعته الولايات المتحدة يضرب بالولايات المتحدة التي صنعته.
وبايدن في كلامه ان تعمقنا قليلاً كان حذراً ورسم على وجه قبل اللقاء وخلال اللقاء ومباشرة بعد اللقاء ابتسامة واحدة لا معنى لها سوى التغطية على العصبية والاحباط والنرفزة والحيرة المسيطرة على بايدن في هذه الايام .
ابقى على نفس الابتسامة امام كل طلبات بينيت ، لكن الطلب الوحيد الذي اخذ عليه جواباً ليس من الرئيس بايدن بل من وزير الدفاع كان الموافقة على تطوير القبة الصاروخية.
كذلك تلك الابتسامة لم يرشح عنها ما صدر عن البيت الابيض لاحقاً من ان بايدن أكد على النقاط التي تطالب بعدم القيام بعمل يثير توتراً مع الفلسطينيين في الاماكن الحساسة ، وان الادارة طلبت من بينيت اتاحة الفرصة عبرة قرارات تمس انفتاحاً اقتصادياً للفلسطينيين ان يطوروا اقتصادهم ، هذا هو فقط ما صدر عن البيت الأبيض وليس عن بايدن ، كذلك ما صدر عن وزير الدفاع الامريكي وليس الرئيس بايدن لم يصدر عن بايدن سوى تلك الابتسامة التي قد يسميها البعض بلهاء وقد يسميها البعض غطاء.
بالنسبة لنا انها غطاء لحالته المحبطة وللتوتر الشديد الذي يعاني منه لأنه يبحث في ما بعد مطار كابول وليس مطار كابول فقط ولذلك صدرت تصريحات حتى اثناء وجود بينيت تقول بأن داعش في افغانستان لا تمتلك وسائل وقدرات على شن عمليات ارهابية خارج افغانستان ، اي ان احدى القضايا المقلقة لبايدن هي حماية الولايات المتحدة ، اكرر حماية الولايات المتحدة من داعش او الارهاب كما يسميه الامريكيون وهم الذين خلقوا داعش.
فإذا كانوا قلقين على أمن الولايات المتحدة وغير متأكدين من امكانية حماية الولايات المتحدة، ماذا يعني القول انهم يتعهدون بحماية اسرائيل ويدافعون عن اسرائيل ، هذا سؤال لم يطرحه بينيت على نفسه او يطرحه على الجمهور الاسرائيلي لكن عدم الثقة بقدرة الولايات المتحدة على الوفاء بتعهداتها تهيمن وتخيم ليس فقط على سماء السياسيين والحكومة الاسرائيلية بل على كل الإسرائيليين.
كاتب وسياسي فلسطيني
Source: Raialyoum.com