غزة تتقلب بين مسار التهدئة مسار التصعيد

د. سفيان ابو زايدة

بعد ايام من التوتر والتي تخللها تبادل رسائل التهديد بين اسرائيل والفصائل في غزة، سيما بعد اصابة الجندي الاسرائيلي القناص بطلقات مسدس من شاب فلسطيني ادت الى اصابته اصابات بالغه وما تبع ذلك من قصف للطيران الحربي الاسرائيلي لاهداف فلسطينية>

اضافة الى اغلاق معبر رفح في كلا الاتجاهين والذي تم ربط القرار بعدم ارتياح مصري من تطورات الامور في ظل جهودهم المكثفة لتفكيك الالغام التي تعيق التوصل الى اتفاق يفضي الى تثبيت التهدئة وفك الحصار واعادة الاعمار.

امس كان اختبار ناجح للثلاث اطراف ذات العلاقة، مصر واسرائيل والفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حماس.

مصر نجحت في جهودها بعدم تدهور الاوضاع اكثر مما هي عليه و العودة الى مسار التهدئة، المهرجان الذي تم اقامته في شرق خانيونس انتهى دون احتكاك جدي مع قوات الاحتلال المنتشرة على الحدود وكان هناك حرص ان لا يكون هناك اقتراب اكثر من اللازم للشباب الفلسطيني كما حدث في  شرق غزة قبل ايام.

تخطي يوم امس بسلام ارتبط بشكل مباشر دون ان يكون هناك اي اعلان رسمي او علني بالقرار المصري باعادة فتح معبر رفح اليوم الخميس للقادمين من مصر ويوم الاحد يتم فتحه بالاتجاهين كما اعلنت السفارة الفلسطينية في القاهرة.

العودة الى مسار التهدئة يمنح الاخوة المصريين المزيد من الوقت للنجاح في مهمتهم في تثبيت التهدئة و فك الحصار والاعمار وانجازصفقة تبادل الاسرى التي تعتبر العقبة الرئيسية لجهة انجاز الملفات الاخرى.

الحكومة الاسرائيلية و قوات امنها ايضا تنفست الصعداء بعد تخطي مهرجان يوم امس بسلام على الرغم من كل الاستعدادات الميدانية والتصريحات النارية والجهوزية لخوض جولة جديدة من القتال اذا تطلب الامر.

الرد الاسرائيلي على مرور يوم امس بسلام تمثل في الاعلان عن توسيع قائمة البضائع و المواد المسموح بادخالها لغزة وكذلك زيادة عددتصاريح التجار الى الف تصريح اضافي.

الخطوة هدفها ايصال رسالة مزدوجة وهي انهم لا يريدون الدخول في جولة قتال حديدة رغم جهوزيتهم وفي نفس الوقت اعطاء المجال للجهود المصرية في التوصل الى تفاهمات تبقي غزة على مسار التهدئة وتبعدها عن مسار الحرب والدمار.

الفصائل الفلسطينية و على رأسها حماس والتي عبرت عن موقفها في اكثر من مناسبة بانها لا تخشى التصعيد وجاهزة للمواجهة ولنتقبل ان تستمر المماطلة الاسرائيلية والاستمرار في خنق غزة، على الرغم من ذلك رسالتهم امس بانهم لا يسعون الى ذلك وهم ايصايرغبون في استمرار الدور المصري  ويساعدون في انجاحه لكن استمرار الوضع على ما هو عليه سيعيد الامور الى مسار التوتر مرة اخرى.

على اية حال هناك امران سيحددان ما اذا كان بالامكان الحفاظ على مسار التهدئة او الانزلاق و العودة الى مسار التصعيد.

الاول هو انجاز صفقة تبادل الاسرى بين اسرائيل وحماس. استمرار عدم التوصل الى اتفاق ومعرفة مصير الجنود الاثنين هدار غولدن وشاؤول ارئيل اللذان تم اسرهم خلال عدوان 2014 سيبقي اسباب التوتر والتصعيد قائمة و سيبقي الذريعة الاسرائيلية بعدم الاقدام علىخطوات جوهرية لتغيير الوضع الاقتصادي في غزة قائما.

على الرغم من رفض حماس المطلق الربط بين الاعمار وفك الحصار و بين موضوع الاسرى على اعتبار ان هذا الامر يجب ان يكون مسارمنفصل الا ان الربط موجود من الناحية العملية.

هناك ادراك بان الفارق كبير بين ان يكون الجنود الاثنين او احدهم على قيد الحياة او يكونوا جثث، صفقة تبادل اسرى احياء تختلف عنصفقة تبادل اسرى مع غير احياء.

حماس تصر ان يكون الكشف عن مصيرهم بثمن معلوم ترفض اسرائيل حتى الان دفعه مع تعاملها على الاقل من الناحية الاعلامية والرسمية على ان الاثنين اموات غير معروف مكان دفنهم. وعليه انجز هذا الملف او عدم انجازه يشكل عامل اساسي في الابقاء على مسار التهدئة او الانزلاق بين الحين والاخر الى مسار التوتر والتصعيد.

الاعتبار الثاني الذي يجعل غزة تتقلب على الجمر بين الحين والاخر وتتنقل بين مساري التهدئة والتصعيد هو غياب الاستراتيجية الاسرائيلية في التعامل مع غزة.

مخطئ من يعقد ان هناك استراتيجية اسرائيلية في كيفية التعامل مع غزة. عشرات الاجتماعات والنقاشات وتقديرات المواقف على مستويات مختلفه من دوائر صنع القرا في اسرائيل، اخرها اجتماع الكابينت  الاسرائيلي المصغر بعد العدوان الاخير في شهر مايو الماضي والذي خصص لتقييم الوضع و تقييم العملية العسكرية.

تقريبا كل واحد من الحضور كان له وجهة نظر مختلفة تتراوح ما بين الاستمرار في خنق غزة الى ان تتخلى الفصائل عن سلاحها وانفاقها الى الاقتراح بفتح ابواب غزة على مصراعيها بما في ذلك انشاء ميناء واعادة بناء  المطار كما اقترح وزير المواصلات السابق اسرائيل كاتس.

وكما هي العادة في كل النقاشات التي تتعلق بغزة اختارت القيادات الاسرائيلية الخيار الاسهل وهو ابقاء الوضع على ما هو عليه دون الاقدام على اتخاذ خطوات استراتيجية.

الى ان يتم وضع استراتيجية اسرائيلية تجاه غزة و الى ان يتم انجاز صفقة تبادل الاسرى ستبقى غزة تتقلب بين مسارين، مسار التهدئة ومسار التصعيد.

كاتب فلسطيني

Dr. Sufianz@ gmail.com

Source: Raialyoum.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *