“كنت أكاد أطير فرحا وفخرا بأنني أصبحت كبيرة”، حسبما تقول مريم متحدثة لموقع “سكاي نيوز عربية”.
وتضيف: “في خيمة المعلمين شرعت التي ستقوم بضفر الرأس في إعداد بعض المستحضرات الطبيعية مثل المسيد، حيث تطحن بعض أوراق القتاد الخضراء في آنية صغيرة حتى تصبح مثل الجل، وتضع في آنية أخرى زبدة مستخلصة من اللبن الرائب، وفي ثالثة مادة تسمى (أماد) تستخرج من جذور الأشجار الميتة.. ثم ضفرت لي أحلى ظفرة”.
تاريخ وأنواع
ضفر الشعر عادة عربية قديمة، فقد كان العرب رجالا ونساء يطلقون شعورهم حتى تتدلى على المنكبين، تم يضفرونها في جدائل يسمونها قرونا، واشتهر من ملوك العرب المنذر بن ماء السماء جد النعمان بن المنذر، الذي كان يعرف بذي القرنين لأنه كانت له ضفيرتان في جانب رأسه.
وفي إفريقيا كانت الضفائر وسيلة تجميل وطريقة تعبير، وقد تعبر ضفيرة الشخص عن وضعه الاجتماعي أو تدل على قبيلته ومكانته في القبيلة إلى غير ذلك.
ولوقوع موريتانيا بين العالمين العربي والإفريقي فقد كان “الظفير” من أهم وسائل الزينة لدى الموريتانيات، حيث كانت تمتاز كل فئة عمرية من النساء بنوع خاص من الظفير، ولم يكن الرجال الموريتانيون يضفرون شعورهم بل كان ذلك عندهم نوعا من التشبه بالنساء، وهو أمر مذموم.
وتتنوع الضفائر حسب العمر والمناسبة، فحسب آمنة بنت حميدات، وهي مسنة في العقد السابع كانت ظفارة في السابق، فإن البنت الصغيرة تبدأ بـ”التبيب” وهو شعر يترك في مفرق الرأس من الجبهة إلى القفا ويضفر في جدائل صغيرة وقد تكون معه “الخصيلة” أو “العرف” أو القرون”.
وتمضي بنت حميدات متحدثة لموقع سكاي نيوز عربية: “حين تظفر البنت يقال لها فارقة أو ملفوفة، وبعد أن تتجاوز العاشرة نظفر لها سانا مانا”
وماهي سانا مانا؟
تجيب آمنة بنت حميدات: “سانا مانا ظفرة العزب (الفتيات الصغيرات)، نقسم الشعر من المنتصف ونجعل المقدمة جدائل، أما النصف الخلفي فيجعل ضفائر دقيقة من جانبي الرأس في اتجاه مفرق الشعر، وهي من أجمل الضفائر خاصة للشعر الفاحم. وحين تكبر الفتاة تتنوع الظفرات مثل كراع المقص والتدباز وأزور الجبهة ويحلى الشعر بأنواع من الخرز”.
وتعتبر خبيرة التجميل مباركة أحمد كرامة “الضفيرة من أهم أنواع الزينة التقليدية عند المرأة الموريتانية فقد تميزت عبر العصور بجمالها ودقة تفصيلها تماشيا مع كل عصر”.
وتوضح مباركة لموقع سكاي نيوز عربية أن “الظفير في موريتانيا تطور مع الزمن لينسجم مع جمال المرأة في كل حقبة حتى وصل في وقتنا الراهن إلى قمة تطوره مع الاحتفاظ بتفاصيله الأصيلة فمثلا (آزور) لازال أساسا تنطلق منه المرأة لتبدع وتتفنن في أشكال جديدة جميلة بل رائعة تتسابق إليها الفتيات في الأعياد والمناسبات الاجتماعية وكذلك (لخص) صار ركيزة أساسية لعمل خصلات متجعدة للشعر التي تعتبر من أهم تسريحات الموضة المعاصرة”.
ظفرة العرائس
ومع كل هذا السعي للتجديد والتطور تلاحظ خبيرة التجميل مباركة كرامة أن “هناك شيئا مهما لازال يحتفظ بأصالته وجماله وهو ضفيرة العروس، والتي تنقسم فيها السيدات إلى صنفين: صنف يعتمد على الشعر الطبيعي للمرأة ويصنع منه ضفائر مترابطة لتشكل دعامه أساسية لتثبيت الخرز والجواهر لتبدو كالتاج المرصع على رأس المرأة مع ترك ضفائر منسدلة مرصعة هي الأخرى بالخرز الجميل، أما الصنف الثاني وقد صار الأكثر فيعتمد ضفائر جاهزة تثبت فوق الشعر الطبيعي لتتمكن العروس من تنحيتها وقتما شاءت”.