ففي ألمانيا، توجه وزير الاقتصاد، روبرت هابيك، لمواطني بلاده بالبدء في ترشيد الاستهلاك؛ ليصبحوا أكثر استقلالية عن الوقود الأحفوري الروسي.
وقال هابيك: “كل كيلومتر لا يُقَاد هو مساهمة في تسهيل الابتعاد عن إمدادات الطاقة الروسية.. نحن نحمي المناخ أيضًا”، معتبرًا أن خفض 10% من استهلاك الطاقة الفردي أمر ممكن، وأصحاب العمل يمكن أن يسهموا في ذلك بمنح العاملين خيار العمل من المنزل.
وفي مدريد، أعلنت الحكومة الإسبانية موافقتها على خطة تشمل ضوابط درجة الحرارة في المكاتب العامة، وتركيب الألواح الشمسية على أسطح المباني العامة، وتشجيع الموظفين على العمل من المنازل.
كما ستشجع خطة ترشيد الاستهلاك العاملين في القطاع العام على استخدام وسائل النقل العام والدراجات، وستطفئ الأنوار في وقت مبكر في المباني العامة.
ووفق وزيرة الميزانية، ماريا جيسوس مونتيرو، فإنه “على الرغم من أن إسبانيا من دول الاتحاد الأوروبي الأقل تعرضًا للطاقة الروسية، فمن الواضح أننا لسنا محصنين ضد ارتفاع أسعار الطاقة”.
وفي أثينا، صرح رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، بأن الحكومة ستعلن خطة شاملة لتوفير الطاقة، وأضاف: “في قمة الاتحاد الأوروبي الاستثنائية المقبلة في بروكسل، سأكرر مدى أهمية إنهاء اعتمادنا على الوقود الروسي”.
وسبق أن أعلنت روما أنه سيتم ضبط أنظمة تكييف الهواء على درجة حرارة لا تقل عن 25-27 درجة مئوية خلال الأشهر الأكثر دفئًا في العام، وفقًا لتعديل مرسوم حكومي بشأن استخدام الطاقة، وأما في الشتاء، فلن يتم تسخين الغرف لأكثر من 19-21 درجة مئوية.
نجاح نسبي
الخبير الاقتصادي المقيم في لندن، أحمد القاروط، يقول لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن الهدف من دعوات الترشيد هو منح أوروبا الوقت للتعامل مع الأزمات التي ستحدث أثناء تقليل الاعتماد على الطاقة الروسية.
غير أنه يلفت إلى أن هذه الخطة ستقلل كميات استهلاك الطاقة، لكن الأمر لن يحل الأزمة بشكل جذري، فمصادر الطاقة الروسية تصل إلى الدول الأوروبية بتكلفة أقل من استيرادها من أي مكان، وارتفاع تكاليف الإنتاج يقلل الميزة التنافسية للدول الأوروبية.
ويتوقع القاروط أنه بنهاية العام ستتمكن بعض الدول الأوروبية من وقف استيراد النفط الروسي، لكن لا يمكن لكثير من الدول أن تقدم على هذه الخطوة في ظل استمرار الحاجة لمصادر الطاقة الروسية.
غير كافٍ
الخبير المقيم في برلين، زاهي علاوي، يقول إن “مطالبة أعضاء الحكومة الألمانية، خاصة حزب الخضر، بترشيد الطاقة ليس جديدًا، لكن الآن هناك حاجة ملحة مع حديث الاستغناء عن استيراد الفحم والغاز والبترول من روسيا، فالمخزون الاحتياطي من الغاز في ألمانيا لا يكفي لفترة طويلة، ومن هنا أتت الحاجة لترشيد الاستهلاك، يضاف إلى ذلك أن تحسن الطقس نحو الدفء يخفف استهلاك الطاقة، لكن هذا لن يكون كافيًا دون وجود بدائل”.
وأضاف علاوي في حديث لـ”سكاي نيوز عربية”، أنه على المدى القريب والمتوسط لا يمكن لألمانيا الاستغناء عن الطاقة الروسية، لأنها تعتمد على الغاز الروسي بنسبة كبيرة، ولا توجد بدائل تغطي الحاجة؛ فهي تُستخدم في الصناعة وتدفئة المنازل، وحتى لو متاح استيراد الغاز من قطر وأميركا، إلا أن نقل هذه الكميات يحتاج إلى بنية تحتية غير متوفرة في ألمانيا الآن.