حديث الرسول عن الغبار
كان يعتقد في قديم الزمان أن الغبار والرياح الشديدة تضر الإنسان، ولكن وضح لنا رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه، وسلم أن الرياح تأتي بالخير على العباد لذلك يجب على الإنسان أن يشكر الله -عز وجل- على نعمة الغبار وسوف نوضح حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن الغبار في الفقرة التالية.
حوار بين النبي وعائشة حول الغبار
روت لنا أم المؤمنين السيدة عائشة -رضي الله عنها- حديثها مع النبي -صلى الله عليه وسلم- موضحة لنا ما كان يفعله رسولنا الكريم عند هبوب الريح.
- كان -صلى الله عليه وسلم- يستقبل الريح بوجهه الكريم جاثيا على ركبتيه، ويمد يده سائلاً الله -عز وجل- في قوله :
- (اللهم إني أسألُك من خيرِ هذه الريحِ وخيرِ ما أُرسِلتْ به، وأعوذُ بك من شرِّها وشرِّ ما أُرسلتْ به اللهم اجعلْها رحمةً، ولا تجعلها عذابًا اللهم اجعلها رِياحًا، ولا تجعلْها رِيحًا) ثم ردت أم المؤمنين -رضي الله عنها- على حديث الرسول صلى الله عليه وسلم.
- قالت عائشة للنبي -صلى الله عليه وسلم-: وإذَا تَخَيَّلَتِ السَّمَاءُ، تَغَيَّرَ لَوْنُهُ، وَخَرَجَ وَدَخَلَ، وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، فَإِذَا مَطَرَتْ، سُرِّيَ عنْه، فَعَرَفْتُ ذلكَ في وَجْهِهِ حيث تستكمل حديثها مع النبي -صلى الله عليه وسلم-
- تقول أم المؤمنين -رضي الله عنها-: فَسَأَلْتُهُ، فَقالَ: لَعَلَّهُ، يا عَائِشَةُ كما قالَ قَوْمُ عَادٍ: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالوا هذا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} ومن تفسير قول النبي عارضاً بمحني ريحاً يعرض رؤية الإنسان .
شعور النبي عند هبوب الريح
أخبرتنا أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- شعور الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وما كان يبدو على وجهه الكريم عندما يهيج الغبار وتعصف الرياح.
- فكان -صلى الله عليه وسلم- إذا رأى غَيْمًا أي سحاب – أو رِيحًا يظهر على وجهه الخوف الذي تملؤه الكراهية، وذلك خوفاً على أمته أن يصيبها الله -عز وجل- عاقبةً بذنوب العصاة.
- فسألت عائشة -رضي الله عنها- النبي عن سبب ذلك، فقالت «يا رَسولَ اللهِ، إنَّ النَّاسَ إذا رَأَوُا الغَيْمَ فرِحوا؛ رَجاءَ أنْ يكونَ فيه المطَرُ» أي: كانو ينتظرون الغبار والرياح معتقدين أنهما قد يحملان لهم الماء، فيستقون منه وتتعجب قائلة «وأَراكَ إذا رأيْتَهُ» «عُرِفَ في وَجهِكَ الكَراهيةُ؟!».
- فأجابها النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- قائلًا: «يا عائشةُ، ما يُؤْمِنِّي أنْ يكونَ فيه عَذابٌ؟» وهذا يبين مدى خشية الرسول صلى الله عليه وسلم من أن يكون هذا عذاباً من رب العباد حيث ذكر صلى الله عليه، وسلم لأم المؤمنين قصة قوم عاد.
- قال الرسول في حديثه «عُذِّبَ قَوْمٌ بالرِّيحِ» والمقصود هنا قوم عاد الذين أرسل الله -عز وجل- نبيه هوداً -عليه السلام- لهم، وهم اللذين ظنوا أن الريح يأتي بالمطر، وقال تعالى في كتابه العزيز {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} عارض هنا تفسر بمعنى الريح، فأجابَهُمُ اللهُ -عزَّ وجلَّ- بقولِه: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} لذلك كان يخاف الرسول من أن يصيب أمته العذاب الذي تلقاه قوم عاد.
- لكن وسعت رحمة الله -عز وجل- عندما أنزل بالسكينة والاطمئنان في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال في كتابه العزيز في الآية رقم 33 فيما تيسر من سورة الأنفال {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ}
- بناءً على ذلك أمر الرسول العباد بالدوام على طاعة الله خشيةً من عذابه، فقال تعالى في الآية رقم 99 فيما تيسر من سورة الأعراف {فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}، وفي هذه الآية يذكرنا الله سبحانه وتعالى بطاعته ودعائه.
فوائد الغبار في حديث الرسول وآيات القرآن
لا شك أن هبوب الريح والغبار من أعظم آيات الله -سبحانه وتعالى- التي تعكس للإنسان عظمة الله وقدرته ونعرض لكم ذلك من خلال الفقرات التالية.
- فسر الرسول في حديثه الشريف أن الرياح في هبوبها وسكونها ولينها وشدتها واختلاف طبائعها وصفاتها وتصريفها وتنوع منافعها والحاجة إليها قدرة من الله -عز وجل- حتى يظهر عجز الإنسان وضعفه وحاجته إلى الله.
- وضح -صلى الله عليه وسلم- كما ثبت أن الغبار له العديد من الفوائد التي لا يراها بشر بعينه وهي قتل الحشرات التي تضر الإنسان والفيروسات الضارة.
- تعددت فوائد الغبار في كتاب الله -عز وجل-، وترددت في الكثير من سطور آياته.
- قال تعالى “وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ”، تعكس لنا الآية قدرة الله -عز وجل- في هبوب الرياح فهي تدر الماء، وتلقح الأشجار لتكون سبباً في تفتح أوراقها وأكماما .
- قال تعالى (أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون ) وضحت لنا الآية أهمية هبوب الرياح فمنها يروي الله العباد بماء طيب وفي الآية مظاهر رحمه الله -سبحانه وتعالى- ورأفته بعباده فلو شاء تعالى لأغراه وذهب به .
معجزة العلم فيما يتعلق بحديث النبي عن الغبار
لا سيما العلم حديثاً كشف مظاهر قدرة الله وأثبت صحة حديث الرسول صلي الله عليه وسلم في فوائد الغبار فقد تعددت فوائده
- وضح العالم ابن خلدون رحمه الله -عز وجل- في هبوب الرياح حيث اكتشف أن الأرض بعد تعاقب كل فصل من فصول السنة الأربعة تبعث أمراضاً وحشرات لو بقيت على الأرض أهلكت العالم بناءً على ذلك يرسل الله -عز وجل- الغبار المحمل بالأتربة التي تقضي على تلك الأمراض، وتقتل الحشرات المؤذية للإنسان.
- {وَأَرسَلنَا الرِّياحَ لَواقِحَ} عكست تلك الآية فوائد وجود الغبار في الجو، فهو يقوم بتلقيح النباتات، ويساعد على تزاوجها معاً مما أكد أن الغبار من عوامل الإنتاج .
- أثبتت الأبحاث العلمية أن من أهم فوائد الغبار أنه يعمل على تقليل الغازات السامة في الجو وتنقية الهواء من الغازات السامة وتقليل حرارة الجو خصوصاً في المدن الصناعية التي تحتوي على نسب كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يسبب الاحتباس الحراري.
- تتعدد فوائد الغبار حتى تصل إلى أنها عنصر هام تستفيد منه الأرض الزراعية حيث إنه سماد طبيعي للتربة مما يساعد على إنبات النباتات التي تتغذى من التربة.
باب النهي عن سب الريح
نهانا الرسول صلى الله عليه وسلم عن سب الريح فهي من مظاهر قدرة الله عز وجل
- يجب على الإنسان طاعة الله -عز وجل- ودعاؤه أن تحمل هذه الرياح الخير له.
- قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن سب الريح يعكس ضعف الإيمان في قلب الإنسان .
- عن أُبَي بن كعب أن رسول الله ﷺ قال: لا تسبوا الريح، فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا: اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح، وخير ما فيها، وخير ما أُمرت به، ونعوذ بك من شر هذه الريح، وشر ما فيها، وشر ما أمرت به صححه الترمذي.
أدعية الريح والغبار
حث النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين على الدعاء عند هبوب الرياح وإثارة الغبار الشديدة عندما يرسلها الله عز وجل من السماء ومن هذه الأدعية:
- الدعاء بأن تحمل الريح الخير للإنسان، فيستحب أن يقول داعياً الله -عز وجل- “اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح، وخير ما فيها، وخير ما أُمِرت به، ونعوذ بك من شر هذه الريح، وشر ما فيها، وشر ما أُمِرت به” وهنا يدعو الإنسان ربه بأن يهب له الريح بالخير وأن يبعد عنه ما تحمله له من ضرر وأذى.
- ويستحب أن يسأل المسلم ربه المغفرة من الذنوب التي قد يرتكبها عند هبوب الريح، فيرفع يده للسماء داعياً ربه “اللهمّ إني أعوذ بك من كلّ ذنب تذهب النعم عنّا بسببه في تلك الريح العاتية ، وتزيد علينا النقمة لأجله، اللهم لا تجعلنا كالرياح التي تحمل الخراب، اللهم اقسم لي من خشيتك ما يحول بيني وبين المعصية، وأقسم لي من طاعتك من يوصلني إلى رضاك وجنتك، اللهم اذهب عنّي كلّ أمر يعكر حياتي، ووفقنا اللهم لكلّ خير، اللهم امنع عني كلّ شرّ”.